تقاريرسلايد

الحاج طارق والخواجة “دبوس”.. نازيون هربوا من العدالة وعاشوا وماتو بين المصريين

دون أن يشعر بهم أحد

كتب – أحمد المرسي

ينضم اسم أدولف هتلر بجوار جنكيز خان وغيره من مجرمي التاريخ بسبب ما تسببوا فيه من سفك الدماء، وبالتأكيد كان لهؤلاء الجبابرة والدكتاتوريين معاونين ومساعدين، وصمهم التاريخ، وفي حالة ادولف هتلر فقد تم مطاردتهم بعد سقوط الرايخ الثالث، ولكن ما لا يعرفه الكثيرون أن الكثير من هؤلاء قد هربوا بالفعل إلى مصر.

ظروف سياسية خاصة

بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، وبعد انهيار ألمانيا النازية، هرب العديد من رجال هتلر وتفرقوا في العديد من أماكن العالم وبلدانها، وكان التركز الكبير في أمريكا اللاتينية، وخاصة الأرجنتين، ولكن كان هناك مكان آخر هرب إليه النازيون، وبسبب ظروف سياسية خاصة، كان هذا المكان هو مصر.

تقول الوثائق التاريخية، أن القنصلية المصرية في ألمانية منذ عام 1940 قد تلقت أكثر من 400 طلب من عسكريين نازيين يريدون الانضمام للجيش المصري، والعمل فيه، وهو ما كان يتوافق مع نوايا الملك فاروق الذي كان يكره وجود الإنجليز في البلاد، وكان يتخذ موقفًا موالي لأدولف هتلر ضد تشرشل. وقد كان مرحبًا بزحف روميل القادم من ليبيا نحو مصر. وكان مخططه أن يستبدل الضباط الإنجليز المسؤولين عن تدريب الجيش المصري آنذاك بضباط ألمان.

بعد انتهاء الحرب العالمية، ثم ثورة يوليو 1952 فإن الاعتماد على الألمان النازيين قد زاد، حيث يخبرنا بذلك الرئيس محمد نجيب في مذكراته، خاصة مع بداية تكوين جهاز المخابرات المصري، على يد زكريا محي الدين. الذي استخدم العديد من الخبراء النازيين السابقين – والهاربين من المحاكمات التي كان الحلفاء يقومون بها ضدهم – من أجل انشاء الجهاز الاستخبراتي الأول من نوعه في مصر. وذلك بسبب خبرته الكبيرة. وكان من ضمن هؤلاء يوهان فون ليرس.

عمر أمين

كان الضابط يوهان فون ليرس أحد مساعدي جوبلز رأس الآلة الدعائية الرهيبة التي اعتمد عليها أدولف هتلر للترويج للنازية، وقد أتى لمصر بعد الثورة ومع انشاء محمد نجيب لوزارة الدعاية والإرشاد سنة 1952. استعان به من اجل تنظيمها، وخلال العدوان الثلاثي سنة 1956 بعهد الرئيس جمال عبد الناصر. عمل يوهان في الدعاية المصرية ضد إسرائيل  ولأن يوهان فون كان مطاردًا من محاكمات الحلفاء فقد تنكر في شخصية مصرية تحمل اسم عمر أمين، وبدأ في تدريس اللغة الألمانية، حيث ذاب في المجتمع المصري تمامًا باعتباره خواجة يعمل مدرسًا ويختص في تدريس اللغة الألمانية.

وقد بدأت رحلة عمر أمين بعد أن قال رجل متخصص في تهريب النازيين من أوروبا يدعى إنغدال بتهريبه مع 4000 نازي إلى الأرجنين، ومن هناك استغل علاقته بالحاج أمين الحسيني مفتى القدس والذي على علاقة جيدة بالنازية، وقدم الحسيني يوهان إلى جمال عبد الناصر، فاقتنع به، وشغل منصب مستشاره، وكذلك رئيس معهد الدراسات الصهيونية. ومات في مارس 1965.

الخواجة طارق

“كنت اعرف ان الدكتور طارق الذي كنت اراه يوميا الماني مصري”. ان “يجري تدريبات رياضية في الصباح ثم يؤدي الصلاة في الجامع الازهر ويمضي اوقاتا طويلة في القراءة والكتابة”.

بهذه الكلمات وصف الحاج جمال أبو أحمد من سكان باب الخلق الخواجة طارق، أو الحاج طارق، ذلك الخواجة الألماني الذي عرفه عندما كان بعمر 17 سنة.

كان جميع أهل المنطقة يعرفون أن الخواجة طارق رجل نصفه مصري ونصفه ألماني، مسلم وموحد بالله، وحبذ العيش في القاهرة، ورفض العودة إلى ألمانيا مرة أخرى. وأن اسمه الكامل طارق حسين فريد.

ولكن الحقيقة أن الحاج طارق فريد لم يكن سوى الضابط الألماني اريبرت هايم الملقب بـ”طبيب الموت”، والذي كان مطاردًا من قوى الحلفاء باعتباره مجرم حرب. وكانت نهايته في فندق قصر المدينة بالموسكي.

اشتهر هايم بإسم طبيب الموت لأنه كان يقوم بإجراء تجارب التعذيب على المعتقلين، وكان مسؤولا عن ما سمي في التاريخ بعد ذلك بالهولوكوست، وكان يقوم بإجراء عمليات بتر الأعضاء بدون تخدير، ليختبر إلى أي مدى يمكن أن يصل الألم لدى ضحاياه.

والغريب أن الحاج جمال أبو أحمد يقول عنه:”كان رجلًا وحيدًا ومتدينًا للغاية، مكنلوش دقن، بس كان بيصوم كل أيام شهر رمضان، ومفيش مرة صلاة إلا وكان بيصليها في الجامع، مكنش بيفوت فرض”.

لم يكن هايم هو الطبيب الوحيد الموجود في مصر من النازيينن، حيث عرف المصريون الخواجة دبوس، والذي كان يعمل طبيبًا، ولكن في حقيقة الأمر كان هو الضابط الألماني كارل ديبوش، والذي اتهم بقتل 300 يهودي، من خلال العديد من التجارب التي أقامها عليهم في معسكرات الاعتقال.

أوتو إرنست ريمر

كان أوتو ريمر واحد من أخلص الضباط لأدولف هتلر، وهو من قام بإفشال عملية الاغتيال “فالكيري” 1944، والتي كادت أن تودي بحياة هتلر في ذروة الحرب العالمية الثانية. بعد الحرب أفرج عنه الحلفاء، فانخرط في حركات استقلالية تدعو إلى عودة النازية مرة أخرى في ألمانيا الغربية، وقد انتقد أوتو الدعايا التي قادتها امريكا، وأنكر وجود المحارق وغرف الغاز، وقال أنها كانت مجرد اوهام نشرها الأمريكيون من أجل الدعايا المضادة. وأن غرف الغاز ومقاطع الفيديو كانت مزيفة.
واجه ريمر تهديد جنائي جديد فاضطر الى الهرب، إلى مصر، وعمل مستشارًا للرئيس جمال عبد الناصر، مع عدد من الألمان الآخرين، مثل عمر أمين، ثم عمل في تجارة الأسلحة وكانت جبهة التحرير الوطني الجزائرية من زبائنه. كان كذلك صديقًا لياسر عرفات. وقد كان أي شخص عدو لإسرائيل صديقًا له، خاصة إذا تمكن من تحقيق ربح من وراءه. حيث قام بالتوسط في العديد من صفقات السلام بين الشركان الألمانية الغربية ومنظمة التحرير الفلسطينة في صفقات السلاح.
Der Grossmufti von Palästina vom Führer empfangen.
Der Führer empfing in Gegenwart des Reichsministers des Auswärtigen von Ribbentrop den Grossmufti von Palästina, Sayid Amin al Husseini, zu einer herzlichen und für die Zukunft der arabischen Länder bedeutungsvollen Unterredung.
9.12.41 Presse Hoffmann

عاد ريمر إلى ألمانيا في الثمانينات، وأسس حركة “حركة الحرية الألمانية”، والتي دعت لتوحيد ألمانيا الشرقية والغربية وإخراج قوات الناتو من هناك. وقام بتأليف كتاب وضح فيه ان الهولوكوست كانت مجرد أسطورة. فحكم عليه بالسجن، ففر إلى إسبانيا، وظل هناك حتى مات في 1997.

الطرود المخففة

لم يستمر وجود النازيين في مصر بشكل كبير، فصحيح أن هايم كمثال مات في مصر، ولم يتم اكتشافه، إلا أن العديد منهم كانوا قد بدأوا بالهروب، حيث استخدمهم الرئيس جمال عبد الناصر، في برنامج الصواريخ القاهر والظاهر، من أجل تطويره خلال الحرب مع إسرائيل.

وعملت المخابرات الإسرائيلية في ذلك الوقت على ترهيب هؤلاء الألمان النازيون، فكانت تقوم بعمليات الاغتيال عن طريق الطرود المفخخة، حيث كان يتم تعقبهم داخل مصر. ثم اغتيالهم عن طريق إرسال طرود مفخخة، فور أن يقوموا بفتحها تنفجر في وجوههم، فهلع أغلب الضابط الألمان من ذلك وقرر عدد كبير منهم إعادة رحلة الهرب.

اقرأ أيضًا:

الهولوكوست.. لماذا أحرق هتلر اليهود؟

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!