تقاريرسلايد

جريمة طفل كرداسة.. الجريمة التي يجب أن تفزعنا جميعا

بهاء حجازي

هي واحدة من الجرائم التي يجب أن نتوقف عندها، جريمة كل ما بها قبيح، وكل ما بها يستحق التوقف وكل ما بها يجب أن نوليه رعاية خاصة، لأنها ناقوس يخطر يهدد بأن الواقع سيء والقادم للأسف سيكون أسوأ.

القصة بدأت في نوفمبر 2020، عند اختفاء طفل في الثانية عشر من عمره، الطفل يعمل في ورشة في كرداسة، الطفل تغيب عن المنزل لمدة يوم، ولم يذهب للورشة، وهنا نقف عند القصة الأولى، عمالة الاطفال، الطفل في هذا العمر يجب أن يتم إلحاقه بنادي ليتعلم رياضة تساعده على تكوين بنيان جسماني قوي ورياضي، لكن في مصر يعمل الاطفال في سن مبكرة مما يسبب أمراض عديدة منها التقزم، ووفقا لإحصائية رسمية لليونيسف ومنظمة الصحة العالمية ووزارة الصحة المصرية فإن 21% من أطفال مصر يعانون من التقزم، ويعاني هؤلاء الأطفال من قصر القامة وضعف العضلات والتأثر ذهنيا مقارنة بأقرانهم، وذلك بسبب سوء التغذية من ناحية والتعرض لاعمال عنف وأعمال شاقة في الطفولة.

نعود للقصة

كثفت الشرطة جهودها للعثور على الطفل، فراجعت كاميرات المراقبة في الأماكن المؤدية من وإلى منزل الطفل، لتجد الطفل بصحبة صديق له يعمل معه في نفس الورشة، وبسؤال المتواجدين في المنطقة قال سائق توك توك للضابط: “أنا شفت الولد دا شايل شوال ومعدي بيه”، فوجدت الشرطة الجثة تأكلها الكلاب أمام صندوق الزبالة، وتبين من خلال التحريات والفحص أن جثة الطفل أوشكت على الدخول في حالة تعفن رمي، وتبين من خلال المناظرة أن هناك آثار جرح عرضي بمؤخرة الرأس، واحمرارًا حول الرقبة.

القبض على القاتل

نجحت قوات الأمن في القبض على القاتل، لكن اعترافاته كانت صادمة للغاية، واعتذر عن إيراداها لكني مؤمن أن المشاكل تحل بالمواجهة، وأن دفن النعام لرأسه في الصحراء لن يجعلها ديكا روميا.

القاتل قال في اعترافاته التي أنقلها نصا: “والدي متوفى من سنة، وبعد وفاته فوجئت بحبس أمي في قضية دعارة، وأقيم بمفردي في الشقة (أسرة مفككة، لا يوجد توجيه أسري، لا يوجد رعاية من الدولة).

(مكان الجريمة: شقة بالطابق الأرضي مكونة من غرفتين وصالة وحمام في عقار سكني مكون من 3 طوابق بمنطقة كرداسة). 

وأضاف: “الطفل الضحية ابن صديقي ويعمل معي في ورشة صيانة السيارات بمنطقة كرداسة، وزين لي الشيطان اغتصابه (بيدوفيليا وشذوذ)، واستدرجته إلى الشقة التي أعيش فيها، وحاولت معه إلا أن الطفل رفض وحاول الاستغاثة بالجيران مما دفعني للتخلص مني”.

وكان آخر ما قاله الطفل القتيل ما نقله القاتل أمام النيابة: “هو السبب، قال لي هافضحك وهقول لأبويا على كل حاجة، فمكنتش حاسس بنفسي ومسكت راسه فضلت أضربها في الحيطة لحد ما اتقسمت نصين.. وبعدين سبت الجثة شوية”.

عملية اختلال نفسي واضحة 

ما الذي يمكنك فعله بعدما تكون موجودا مع جثة طفل في الثانية عشر من عمره في مكان واحد، الخوف أو الذعر شعور طبيعي لكل إنسان، لكن القاتل لم يكن خائفا أو مذعورا، لكن أخرج سيجارة وشربها بجوار الجثة.

بعدها تذكر القاتل إنه جائعا، فخرج للشارع وأغلق باب الشقة على الجثة وأحضر علبة كشري، وجلس يأكل بجوار ضحيته، تخيل المشهد، وحاول ألا تشعر بالاشمئزاز.

وأضاف أمام النيابة: “قعدت شوية وشربت سيجارة، وبعد شوية نزلت جبت كشري وأكلت.. وفضلت الجثة عندي يومين لحد ما فكرت وحطيتها في شوال وشيلتها.. المجني عليه كان جسده نحيف شوية ورميتها جنب صندوق زبالة، بس ده كل اللي حصل، ماكنتش عارف إن المباحث هتيجي تقبض عليا وتكشف الجريمة”.

لقاء خلف القضبان

حضرت أم القاتل من محبسها لعرضها على قاضي المعارضات لنظر قرار تجديد حبسها في قضية ممارستها الرزيلة، وعندما كانت الأم تتحدث مع المحامي الذي يتولى الدفاع عنها لمعرفة إمكانية إخلاء سبيلها من عدمه، ففوجئت بـ”ابنها” في طرقات المحكمة، وفي يده كلبش.

لم يستغرق الأمر لحظات، وطلبت من الحرس الحديث مع ابنها لثوان، وبالفعل تم اللقاء الذي لم يستغرق سوى دقائق معدودة وأسفر عن صدمة للأم، حيث عرفت أنه متهم بهتك عرض طفل وقتله، فأعطى القاضي لكلا منهما 15 يوم على ذمة التحقيقات.

بسبب هذا المجتمع المتعفن والمتفسخ، قابلت أم في كرداسة ابنها في المحكمة والكلابشات تشين أياديهم، وقابلت أم ثانية جثة ابنها في الثانية عشر وهي في حالة ترمم..

انتهت الجريمة، وانتهت معها الأخبار حول القاتل والعقوبة التي نالها، وحاولت البحث كثيرا ولم أصل لشيء، وجرب أن تزور منطقة كرداسة وستجد بها كل شيء غير صالح للحياة، حتى قسم كرداسة المحترق منذ عشر سنوات، نقلت الشرطة القسم، وتركت القسم بحروقه كما هي، كمنظر قبيح لا أعرف لماذا تركته هكذا.

وجرب أن تكتب على جوجل “جريمة في كرداسة”، سيظهر لك الآف النتائج، وهنا يظهر لنا دور المجتمع في تكوين الشخص المجرم، أسرة مفككة بنسبة كبيرة ستخرج شخص غير سوى، مجتمع ملوث سيخرج لك أشخاص غير أسوياء، علينا أن نواجه مشاكلنا ونبحث لها عن حلول، علنا ننجو.

ويحضرني هنا ما قاله نجيب محفوظ: “إن خرجنا سالمين فهي الرحمة وإن خرجنا هالكين فهو العدل”.

 

أقرا أيضا

كيف كان شكله؟.. العلم يعيد إحياء مصري قديم بعد آلاف السنين من وفاته

بعيدا عن المسلسل.. هكذا رحل خليل حسن خليل بطل “الوسية”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!