تقاريرسلايد

الجزء الخفي من التاريخ.. كيف مات “مينا” موحد القطرين

قصة حروب الشمال والجنوب

كتب – أحمد المرسي

في اللغة العبرية تعرف مصر باسم “مصريم”، وحرفين الـ “يم” في اللغة العبرية هما حرفين المثنى، فإذا أردنا أن نعرب الكلمة تعريبًا صحيحًا، فإن مصر في العبرية تسمى “مصرين” وليس مصر واحدة، حيث أنه كان يقصد بذلك المسمى “مصر العليا” و”مصر السفلى”، وهما المملكتان اللتان وحدهما مينا “موحد القطرين”.

هكذا نعرف أول ملك تولى ملك مصر، وكان المؤرخون المصريون يعتقدوا أن “مينا” أخذ ملك مصر من الإله حورس مباشرة، أي أنه أول حاكم بشري لأرض مصر.

ولكن في الحقيقة لا يعرف الكثير منا من هو “مينا” موحد القطرين، وكيف وحد هذان القطرين؟ ثم كيف مات تلك الموتة الغريبة؟

في ذلك التقرير نستعرض لكم لمحات غير معروفة عن أشهر ملوك الفراعنة.. مينا “موحد القطرين”.

اسم “مينا”

ينتشر اسم مينا في اللغة القبطية، وهو اسم له مرادفات عديدة مثل “ثابت، دائم، راسخ، مؤسس”، وعلى هذا الأساس، فالاسم مأخوذ عن اللغة المصرية القديمة، ومشتق من لفظة “ميني”، والتي تعني في اللغة القديمة فعل هو “تأسيس” أو “تشييد” أو “بناء”، ليصبح بعد ذلك اسم مينا هو اسم فاعل من ذلك الفعل، فـ “مينا” هو اسم فاعل من فعل “ميني”، بمعنى “المؤسس” أو “المشيد” أو “الباقي” أو “الراسخ”. وهو لقب يعتقد أن الملك تلقب به بعد توحيده للقطرين.

الحرب بين مملكة الشمال والجنوب

لم يكن المصريون شعبًا واحدًا بل كانوا شعبين، بملامح مختلفة، ومواصفات شكلية مختلفة، وكذلك لغة متشابهة ولكنها مختلفة. وقد امتدت الحرب سنوات طويلة. وتصور لوحة “نعرمر” انتصارات مينات على مملة الشمال في الحروب الطويلة التي امتدت أكثر من 100 سنوات.

فإذا نظرنا إلى الوجه الأول للوحة، فإننا سنجد أن مينا واقفًا، وأمامه ملك الشمال، جاثيًا على ركبته، وهو يمسك شعره، ويقوم بضرب رأسه بالفأس من أجل قتله. وخلفه سنجد حامل صندل الملك. وأمامه نرى الإله حورس على هيئة نسر، يقدم له رأس أحد أعداءه معلقة من أنفها بخطاف. وجسده على هيئة أرض الدلتا.

الواضح كذلك أن حروب الشمال والجنوب كانت حروب طاحنة، حيث يظهر مينا في أكثر من صورة منحوتة على أنه يتم تقديم الأسرى له، وقد قطعت رؤوسهم ووضعت بين أرجلهم دليل على الإذلال والإهانة. وهذا يعني أن تلك الحرب الأهلية بين المصريين لم تكن حربًا هادئة، بل قتل فيها الأسرى بعد استسلامهم، لمجرد الإذلال لا غير. وهو ما غير شكل مصر إلى الأبد.

موت مينا الغامض

بعد أن استولى مينا على مملكة الشمال، قام بإنشاء عاصمة له اسماها “إنب حج”، أو قلعة الجدران البيضاء، والتي سميت بعد ذلك “من نفر” أي ثابت وجميل، وهي ما عرفها العرب بعد ذلك باسم “منف”، وهي الآن قرية ميت رهينة بالبدرشين التي تتبع محافظة الجيزة حاليًا.

لم يهنأ مينا بمدينته الجديدة طويلًا، حيث خرج في الدلتا في أحد رحلات الصيد، مع عدد من حراسه، وكانت الدلتا في تلك الفترة منطقة غابات وأحراش. وذلك بسبب وجود 7 فروع للنيل في ذلك الوقت كان عند الفيضان يحولون الأرض إلى أحراش.

وتوغل مينا في الأحراش تاركًا حرسه، ممسكًا رمحه خلف أحد أفراس النهر، وقد نزل وراءه المياة، وقام بضربه بالرمح، فأخطأه، وعندها هجم فرس النهر عليه، وقام بافتراسه، فصرخ مينا بقوة، وسمعه حراسه فتكالبوا على فرس النهر وقتلوه. ولكن مات الملك على إثر جراحه.

تم حمل جثة الملك إلى منف، وقام الكهنة بتحنيطة لمدة 70 يومًا، وتم توديعه باحتفال مهيب إلى أحد السفن الراسية على نهر النيل، بين تراتيل الكهنة وعويل النساء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!