هي واقعة غير مشهورة بالمرة، ربما لأنها حصلت قبل ربع قرن من الآن، ربمالأنها لم تلقى تغطية إعلامية كافية، لكنها واقعة مهمة وكاشفة، هي واقعة الصلح بين عادل إمام وقبيلة العجارمة.
والسؤال لماذا يتصالح عادل إمام مع قبيلة العجارمة؟، الإجابة لأن رامي قتل سيدة من قبيلة العجارمة بالخطأ.
والقصة أن رامي إمام النجل الأكبر للفنان عادل إمام، في شهر أبريل سنة 1999، كان عائدا بسيارته لفيلا والده، وعند ميدان ابو تلات صدم سيدة من قبيلة العجارمة عمرها يتجاوز الخامسة والخمسين، كان الطريق مظلما، وكان بإمكان رامي الهرب كما يفعل الكثيرون، لكنه قرر نقل السيدة إلى اقرب مستشفى وهناك لفظت انفاسها الأخيرة، ثم ذهب رامي إلى قسم الشرطة التابع ايضا للمنطقة وابلغ عن الحادث ووجهت له تهمة القتل الخطأ.
لكن الموضوع لم ينته عند حد القتل الخطأ او اجراء محاكمة تكون نتيجتها الحكم بالحبس مع ايقاف التنفيذ.
لأن القبائل البدوية العربية لها قوانينهاالخاصة, فتهمة القتل لديهم هي القتل ايضا وإذا كان القتل خطأ يتم فيه عقد اجتماع عاجل لمجلس شيوخ القبيلة وحكمائها، ويقدم القاتل كفنه بنفسه ويضعه أسفل أرجل والد القتيل أو من ينوب عنه أو ولي الدم، ويدفع الدية المقررة بـ150 ألف جنيه للرجل ونصفها 75 ألف جنيه إذا كانت القتيلة انثى حسب الحكم الشرعي للذكر مثل حظ الانثيين (وفقا لما هو سائد وقتها).
أرسل عادل إمام مندوبا عنه لشيخ القبيلة ومعه شيك بمبلغ 150 ألف جنيه لكن شيخ القبيلة رفض وقال يجب إتباع عاداتنا وتقاليدنا ويحضر عادل امام ومعه ابنه لاتمام الاجراءات، لكن عادل امام رفض في البداية خوفا على حياة ابنه رامي، خوفا من أن يتم القصاص منه، وأرسل مندوب من رجال المباحث لشيوخ قبيلة العجارمة للوساطة ولكنهم رفضوا بشدة، ورفضوا أيضا اقامة العزاء الواجب على القتيلة وطلبوا حضور عادل امام وابنه وإذا رفض سيقومون هم بالقصاص على طريقتهم الخاصة، أي قتل رامي إمام.
ورغم التحذيرات الشديدة التي تلقاها عادل إمام وأسرته والحراسة الخاصة لعادل إلا انه طلب من اصدقائه المقربين إليه المشورة فنصحوه بالذهاب إليهم إذا وضعوا الاشياء الكفيلة بأمنه وحياة ابنه رامي.
فطلب عادل إمام منهم أن يذهبوا معه جميعا وكان رد شيخ قبيلة العجارمة بالموافقة وأعطاهم كلمة شرف بضمان حياة عادل ومن معه، واشترطوا في مقابل ذلك عدم حضور أي شخص من أفراد الشرطة المصرية أو الحرس الخاص لعادل امام وعدم حمل أي منهم لأي سلاح لأنهم في زيارة سلام وتقديم واجب العزاء والصلح.
وسعد عادل إمام بالرد واتصل على الفور بأصدقائه، ومنهم المنتج الفني سمير خفاجة مؤسس فرقة الفنانين المتحدين ومنتج مسرحيات عادل إمام، وشقيقه عصام إمام وزوج شقيقته الفنان مصطفى متولي ورجل الاعمال شامل الغزالي والد زوجة رامي امام، وعدد من اقاربه وأصدقائه وكون وفدا وصل إلى (20) شخصا من بينهم خمسة من افراد الحراسة الخاصة لعادل امام، وكانوا غير مسلحين بالفعل ظاهريا وإنما اسلحتهم كانت موضوعة في اماكن غير ظاهرة.
وتم اخطار مديرية امن الاسكندرية ومباحث وزارة الداخلية لاتخاذ احتياطاتها الامنية بعد تحديد الموعد الذي وافقت عليه قبيلة العجارمة الذين اقاموا (صوان – مكان للعزاء في خيمة ضخمة)، بمقر اقامتهم في ابو تلات بالساحل الشمالي .
وفي الموعد المحدد قامت قوات الشرطة باغلاق مداخل ومخارج المنطقة المقام بها العزاء ووصل عادل إمام وابنه رامي في موكب ضم اكثر من 10 سيارات مرسيدس وشيروكي ونزلوا إلى المكان وصافحوا أهالي القبيلة الذين اقاموا واجب العزاء دلالة على نهاية المشكلة وعدم القصاص وبالفعل تقبلوا العزاء من اسرة عادل إمام وأصدقائه وابنه رامي الذي ابدى اسفه,, وطلب من عائلة القتيلة تنفيذ عاداتهم في مثل هذه الامور ولكنهم رفضوا حتى قبول الدية وقيمتها 75 ألف جنيه، ا قالوا بأنه يكفي حضور عادل إمام وأسرته وابنه.
وتم استدعاء شيوخ القبائل في المنطقة لحضور مراسم الصلح والعزاء والتعهد بالسلام، وشكر عادل إمام حسن موقفهم وشهامتهم في حل المشكلة, وأكدوا أنهم يعرفونه جيدا ويعرفون جماهيريته العريضة سواء في مصر أو في الدول العربية ولهذه المكانة تنازلوا عن المراسم الخاصة وعن الدية.
ووعدهم عادل إمام بتكرار الزيارة لان حياتهم افضل بكثير من المدينة، وهو الأمر الذي لم يحدث بالطبع.
قبل الحادث بعام، تزوج رامي إمام، وفي حفل الزفاف، أمسك عادل إمام الميكرفون في فرحه وأخذ في الغناء «وهجوز إبني ..هجوز إبني» وسط تصفيق النجوم أحمد زكي ومصطفى متولي الذين تواجدوا في الفرح برفقة صديقهم عادل إمام.
المصدر
قصة قتل خطأ بين رامي إمام وقبياة العجارمة – جريدة الجزيرة السعودية.
