كتب – أحمد المرسي
يقولون أن زكريا أحمد كان يتمتع بحس فكاهي شديد، للدرجة التي أنه من الممكن أنه قد يلقي ذات النكتة ذاتها على أذن مستمعه للمرة الأربعين ولا يتمالك نفسه من الضحك. ولكن ورغم ذلك كان يعيش حياة تعيسة.
يعتبر زكريا أحمد هو شيخ الملحنين، فقد اكتشف سيد درويش نفسه، والذي يعتبر مؤسس الموسيقى المصرية، وكذلك هو مكتشف أم كلثوم كوكب الشرق.
أب متسلط وأم حنونة
ولد زكريا أحمد في عام 1896 لأب مصري قاسِ وأم تركية. أنجب منها 21 طفل ماتوا جميعًا لم يبق منهم سواه. كان والده حافظًا للقرآن، ومحبًا للتواشيح. فأرسله إلى الآزهر لتلقي العلم. ولكن عندما ابنه لذلك غضب عليه. فصار الشاب يشتري كتب الموسيقى ويقوم بتخبئتها بين الكتب العلمية. فاكتشف الوالد القصة، وقام بتهديده. فهرب من المنزل.
ضاع زكريا بين الدروب. ولكن هذا لم ينسه حبه للموسيقى فصار يتتبع الفرق الموسيقية الشعبية من مولد لمولد ومن حفل لحفل. حتى أقنع الناس والده برده.
لم يرفض الأب أحمد صقر حب ابنه للموسيقى والغناء. ولكنه اعتبر أنها مهنة لا “تؤكل عيش”. لأن عبده الحامولي والذي كان من أكبر المعجبين به في شبابه مات فقيرًا. ولكن زكريا كان يرى أن عبد الحامولي كان يستطيع أن يقف في وجه الخديوي إسماعيل نفسه.
ماتت والدة زكريا، وتزوج أحمد صقر بدلًا منها امراة أخرى، كادت له المكائد، وجعلته في هذه المرة يترك البيت بالفعل.
رافق زكريا الملحنين وتتبعهم من مقهى إلى مقهى. حتى رآه زملاءه الأزهريين جالسًا على أحد مقاهي شارع محمد علي. فقاموا بالإبلاغ عنه لأنه يفعل ذلك مرتديًا زي الأزهر. فتقرر فصله.
اللي يشتمني عندي تمام زي اللي يديني فلوس.. لا الشتيمة لازقة ولا الفلوس قاعدة.. كله ضايع يا استاذ..
إلى السلطان العثماني
لم يوقف رفد زكريا من الأزهر حبه للموسيقى. أو يجعله يتراجع عن شغفه. بل سار وراءه ضمن بطانة الشيخ درويش. والبطانة في ذلك العصر توازي “الكورال” في عصرنا الحالي. ثم انتقل من فرقة الشيخ درويش لعلي محمود. والذي أجازه ليؤذن للفجر.
تنقل زكريا مع الفرق الموسيقية في الحفلات التي تقام في مدن وقرى مصر من شمالها لجنوبها وشرقها وغربها؛ أفراح وموالد وطهور وسبوع. فدخل قصور البشاوات والنبلاءه. للدرجة التي استدعاه فيها السلطان العثمانء “محمد رشاد” إلى اسطنبول من أجل أحياء حفلة. ومنحه النيشان المجيدي.
الحرب العالمية الأولى
بعد الحرب العالمية راجت الفرق المسرحية في القاهرة وخارجها. ولم يترك الشيخ زكريا مسرحًا من تلك المسارح إلا وزاره. فعرف الشيخ سلامة حجازي، وفرح انطوان.
خلع زكريا أحمد زيه الأزهري وأرتدى البدلة. ورأى الدنيا من منظور مختلف، بل إنه كان يضع على باب غرفته عبارة تقول:
لا يهمني من يضع للناس شرائعهم، ما دمت أنا الذي أضع لهم أغانيهم
فيما بعد سيضع زكريا أحمد أكثر من 1800 لحن لأكبر المغنيين المصريين، وسيشكل الموسيقى المصرية كما نعرفها الآن.
سيد درويش والشيخ
الشيخ والست
خلاف بين القطبين
انتحار ابنه يعقوب
الصلح بين زكريا والست
“لا الفلوس بتدوم، ولا الشتيمة بتلزق.. وأنا مقدرش على زعل وخصام فنانة أحبها وأعتز بها”
بكت أم كلثوم عندما سمعت ذلك، ثم إلتهبت أكف كل من في القاعة بالتصفيق. ووقف القاضي. وأعلن بعد ذلك الصلح بينهما.
سيلحن بعد ذلك زكريا أحمد لأم كلثوم آخر أغانيه لها في عام 1960، وهي “هوى صحيح الهوى غلاب”. وهو يعرف جيدًا أن هواه لأم كلثوم قد غلبه. وقبل أن يموت مفارقًا الحياة في 1961 سيسأله صحفي:
- ما رأيك في أم كلثوم؟
سيبتسم ثم يتنهد وهو يقول:
- أم كلثوم خربت بيتي، ولكن الحق حق، هي أستاذة تسوى رقبة اللي بيغنوا كلهم.
أقرأ أيضا
“زليخة عدي”.. المرأة التي قالت “لا” في وجه من قالوا “نعم”
عندما أشتكى رئيس وزراء إسرائيل للسادات من الشعراوي
نفسي أبقى مضيفة .. صورة نادرة لسوزان مبارك عمرها 67 سنة