الفنتقاريرسلايد

“كلنا فدائيين”.. الفيلم الذي تحول لكارثة والفاعل مجهول

هي واحدة من القصص الحزينة التي ستسمعها عن العاملين في قطاع السينما، قصة عن صناع عمل فني ماتوا عن بكرة أبيهم، لأنهم أرادوا تخليد ماسأة فلسطين، اليوم سأحكي لكم عن قصة القنبلة التي أنهت حياة صناع فيلم “كلنا فدائيين”.

فهي المرة الأولى في تاريخ السينما التي استشهد فيها طاقم عمل الفيلم بالكامل خلال التصوير بمن فيهم المنتج والمخرج وعدد كبير من الممثلين، ففي أواخر الستينات وبعد نكسة 67 التي هزمت فيها الجيوش العربية من الكيان المحتلف.

سافر معظم العاملين في القطاع الفني في مصر إلى الدول العربية ومنها بالطبع لبنان والكويت، وغيرها، وتحولت بيروت على وجه التحديد لمسرح للتعاطف مع القضية الفلسطينية، فظهرت أفلام  مثل “الفلسطيني الثائر” إنتاج سنة 1969 تأليف غسان مطر وفتحي زكي وإخراج   رضا ميسر ، ومن بطولة غسان مطر أيضا وجمال سركيس.

غسان مطر - ﺗﻤﺜﻴﻞ - معرض الصور

ولعل واحد من أبرز هذه الأفلام، فيلم اسمه “كلنا فدائيون” الذي انتج عام 1968 ويحكي الفيلم عن مجموعة من الشبان الفدائيين الفلسطينيين ينفذون عمليات في الأراضي التي تحتلها إسرائيل. يطلب الفدائيون من الشاب فادي مساعدتهم وتقرر شقيقته هيام مساندته في المهمة. لكن فادي يفشي اسم المكان الذي يتواجد فيه الفدائيون إلى القائد الإسرائيلي بعد تعرضه للضرب، ويشعر فادي بالذنب ويقرر أن ينتقم.

لكن خلال تصوير المشهد الأخير من الفيلم ليلة السبت، الخامس من أكتوبر 1968 في استريو “البورغاتوار” بمنطقة الحازمية ببيروت، وكان المشهد عبارة عن تفجير يقوم به فدائي فلسطيني انتقاماً لرفاقه الذين قتلتهم قوات الاحتلال، وكان المكان الذي سيتم تفجيره هو بار في تل أبيب يدعى “بار استير”.

أمر المخرج  كاري كربيتيان بتفجير المفرقعات وبدء التصوير، لكن الانفجار الذي وقع كان حقيقياً، لم يكن انفجارا لاغراض السينما، وإنما تم تبديل القنابل السينمائية بقنابل حقيقية، فأدت لتدمير موقع التصوير واستشهاد عشرين شخصاً من بينهم المنتج الكبير أدمون نحاس (مؤسس استديو (نحّاس) في مصر، عام 1946، رفقة شقيقيه (جبرائيل نحّاس) و(شارل نحّاس).

وكذلك مات مخرج العمل كاري كربيتيان، وللأمانة كان كاري من الناجين، لكنه رفض مغادة المكان قبل الاطمئنان على ممثليه فمات معهم، وكذلك مات الممثل الشاب سامي عطار (ممثل لبناني شارك العديد من الأعمال الفنية، مثل فيلم (كلنا فدائيون) وفيلم (اللص الظريف ) وفيلم (شباب تحت الشمس)، واجمالا شارك في 6 أعمال فنية، وعُرض له بعد وفاته فيلم اللص الظريف”.

وكذلك قضت نحبها الفنانة الشابة منى سليم المعروفة باسمها الفني “تغريد”، ففي في العام 1964 فازت منى سليم بلقب ملكة جمال لبنان لتكون الملكة الرابعة في تاريخ لبنان الجمالي، بعد نشوء هذه المسابقة في العام 1960، لكنها تعرضت للحرق والتشويه قبل الموت، ومات أيضا المصور سركيس غوغونيان، وصاحب الاستريو جورج غصن وابنة أخته كوليت ناصيف عبد الساتر (16 عاماً)… وغيرهم..

كان فريق العمل تعاقد مع فريق إيطالي لإجراء الخدع السينمائية وأعمال الانفجارات والمفرقعات، حيث بينت التحقيقات أنهم كانوا ينوون بيع نسخة من الفيلم إلى إسرائيل، وأن انفجاراً آخر كان قد وقع سابقاً خلال تصوير الفيلم لكن الممثلين نجوا منه بأعجوبة.

لكن في النهاية لم تشر تحقيقات النيابة العامة لأي متهم في القضية، وفي العدد رقم 664 ، نقلت مجلة “الشبكة” اللبنانية عن الفنانة الشابة منى سليم التي كانت تصارع الموت على فراشها في مشفى الجامعة الأمريكية ببيروت وقد تشوه جسدها الذي تحول إلى كتلة من الجروح والحروق، تساؤلها بكل مرارة : “هل أصبحنا كلنا فدائيين !”.

أما المخرج كاري كربيتيان وهو أرمني الأصل عراقي المولد، يُحضر قبل وفاته لفيلم آخر عن العمل الفدائي، كان يحمل عنوان “ياشا مصطفى”، وياشا كلمة أرمنية معانا عاش في حين أن مصطفى هو إسم الفدائي الذي تدور حوله قصة الفيلم.

 

تم عرض الفيلم بعد الانتهاء من المشاهد الناقصة منه،ولسوء الحظ ضاعت نسخ الفيلم، لكن في سنة 1912، عُرضت نسخة من الفيلم، قدمتها السيدة عدلا منصور وزوجها أحمد بن حريز من مخيم عين الحلوة لافتقاد أية نسخة منه عند الممثل غسان مطر نفسه وهو منتج ومؤلف وبطل الفيلم، ثم قدمت طفلة فلسطينية باللباس العسكري خارطة فلسطين للفنان غسان مطر”.

 غسان مطر.. القصة مستمرة

رحل الفنان غسان مطرب سنة 2015، لكن قبل رحيله كان له لقاء شهير مع الإعلامية منى الشاذلي حكى عن استهداف الاحتلال الاسرائيل له، حيث استقبل خبر اغتيال عائلته من إذاعة مونت كارلو في الساعة السابعة صباحا، يقول: “اعتدت سماع الراديو وكنت أقوم بحلاقة ذقني، وفجأة سمعت خبر اغتيال ابني جيفارا وبناتي وزوجتي وأمي، لم أصدق الخبر بداية، رغم سماعي لتفاصيله، وكان الذي استهدفني وقتها نظام الرئيس السوري حافظ الاسد، بسبب الخلاف بين أبو عمار وحافظ الأسد، وكان دوري المعلق السياسي في الحرب وتم استهدافي بشكل مباشر”.

وأضاف: “تمكنت من السيطرة على نفسي بالرغم من هول الخبر، واستكملت حلاقة ذقني، حتى بدأت التليفونات تنهال عليّ للتأكد من صحة الخبر، وقبل الظهر كان الخبر أن عائلتي بأسرها قد ماتت، وأبلغوني من بيروت مساءً أن بناتي الثلاث لازلن على قيد الحياة وأنهن موجودات عند نبيه بري (رئيس مجلس النواب فيما بعد)، والسفارة المصرية التي أخذت البنات وسفرتهن على أول طائرة إلى القاهرة.

وبكى غسان مطر، وهو يقول: “أبنائي وأنا فدا فلسطين”.

ولد غسان مطر في الثامن من ديسمبر عام 1938، واسمه الحقيقي عرفات داوود حسن المطري، وكان من الفدائيين الفلسطينيين وعمل في الفن بلبنان ومصر، وكان عضوا بالهيئة الإدارية في اتحاد الكتاب الفلسطينيين بالقاهرة، وهو الأمين العام لاتحاد الفنانين الفلسطينيين، وعضو المجلس المركزي الفسلطيني.

 

أقرا أيضا

تزوجت أشهر مطرب وأصيبت بالعمي في المنحوس.. حكاية عقيلة راتب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!