تقاريرسلايد

أول مذيع مصري وانتهى به الأمر بالسرايا الصفرا.. مأساة أحمد كمال سرور

على يد المخابرات البريطانية

كتب – أحمد المرسي

 

في عام 1938 بدأت الإذاعة البريطانية “بي بي سي” في بث أول إرسال لها باللغة العربية عن طريق المذيع المثري أحمد كمال سرور أفندي، ووجهته باتجاه الشرق الأدنى.

تأستت هيئة الإذاعة البريطانية في عام 1927 على يد مجموعة من الشركات الخاصة، وكان أحمد كمال سرور هو واحد من ثلاثة هم؛ أحمد سالم ومحمد فتحي، رشحتهم الإذاعة المصرية ليكونوا نواة القسم العربي في الإذاعة.

وبدأ أحمد كامل سرور أول بث عربي من البي بي سي بعبارة :”هنا لندن، سيداتي سادتي، نحن نذيع اليوم من لندن باللغة العربية للمرة الأولى في التاريخ”. وهو ذلك البث الذي استمر حتى سنة 2022 تحت اسم “بي بي سي عربية”. ليصمت بعد 80 عامًا، ارتبط به المصريون.

ولكن هل استمرت حياة أحمد كامل سرور على هذا المنوال؟ الحقيقة أنه لا، فحياته تحولت إلى دراما مأساوية.

مشكلة بسبب اللغة

عند بداية تدشين الإذاعة الناطقة بالعربية ثارت مشكلة كبيرة، وهي اختيار اللهجة المناسبة للتحدث مع العرب بشكل عام وجميع الناطقين بالعربية.

واستقر القائمون على الإذاعة، ومنهم الوكيل السياسي لبريطانيا في الكويت جيرالد دي جوري على استخدام اللغة العربية باللهجة النجدية، حيث أن مفرداتها مقبولة، وتشكل قاسم مشترك بين المتحدثين باللغة العربية. ولكن صعدت أصوات معترضة على ذلك، ليتم الاستعانة في النهاية بروبن فورنيس أستاذ اللغة الإنجليزية في جامعة الملك فؤاد بالقاهرة، الذي قال أن اصدقائه الفلسطينيون كانوا يسخرون من صوت المذيع الذي يتحدث بلهجة أهل نجد في راديو “باري” الإيطالية.

وأشا فورنيش أن اللغة التي يجب أن يستخدمها البث هي اللغة التي يستخدمها المصري المتعلم عندما يقرأ النثر، وأن يبتعدوا عن اللغة الكلاسيكية. واستخدام لهجة بقدر ما يستطيع “مصرية”. فمصر أكبر البلدان العربية تقدمًا، ومركز التربية الإسلامية في المنطقة، ويمكن بسهولة فهم المذيع، وسيكون ذلك أقل انتقادًا.

الحرب العالمية الثانية

مع انطلاق البث الإذاعي العربي أصبحت إذاعة البي بي سي واحدة من أشهر الإذاعات في مصر، وتعلق الجمهور بصوت أحمد كمال.

تولى أحمد سالم ومحمد فتحي البرامج باللغة العربية والإنجليزية فقط، ولكن أحمد كمال أذاع بثلاثة لغات. بعدما تم إنشاء البرنامج الأوروبي. وتقدم في عمله حتى وصل إلى رئيس قسم المذيعين. ثم عرضت الإذاعة عليه العمل كمخرج ومؤلف بالقطعة، فرفض ذلك العرض.

ومع اشتعال الحرب العالمية الثانية في عام 1939، انتقل كمال للعمل كمراسل حربي، وسافر إلى فرنسا عام 1940، حتى دخلت القوات النازية باريس، ففر من هناك، بعد أن ظل ينقل أخبار المعارك فترات طويلة، ثم عاد إلى انجلترا مرة أخرى، وبعد ذلك عاد إلى القاهرة من جديد.

أحمد كمال في القاهرة

عاد أحمد كمال إلى القاهرة، وشعر أن المخابرات البريطانية تقوم بمراقبته، وتلاحقه من مكان إلى آخر عيون الإنجليز، فقام بتقديم شكوى للأمن العام، قال فيها أن الإنجليز يراقبونه على إثر خلاف بينه وبينهم خلال إقامته في لندن، وبعد عودته من القاهرة.

في اليوم التالي طرق أحد ضباط القلم السياسي باب أحمد كمال سرور، وأخبره أن مسؤولًا مصريًا يريد أن يتحدث معه بشأن الشكوى المقدمة، فإرتدى ملابسه وذهب معه، ليفاجأ في النهاية أنه أمام طبيب يقوم بكتابة تقرير طبي عنه، ومن ثم وجد أنهم تحفظوا عليه وأرسلوه إلى السرايا الصفراء، وهو مسمى مستشفى المجانين وقتها كما سماها المصريون.

مراسل مجلة الكواكب

ظل أحمد كمال سرور في مستشفى المجاذيب ثلاثة سنوات ونصف. حتى عام 1953. عندما زاره مراسل مجلة الكواكب هناك، ليفاجأ بأنه بكامل أناقته وأنه هاديء وبعقله الكامل.

وأخبره كمال انه ألف أكثر من 350 تمثيلية إذاعية، وأنه كان رئيس تحرير مجلة الإذاعة. ووجد الصحافي لديه مسودة لـ 23 مسرحية وتمثيلية إذاعية. مكتوبة بحرفة وبلغة أدبية كبيرة. كتبها خلال بقاءه في المستشفى.

وطلب كمال سرور من حكومة الثورة إطلاق سراحه.

أقرأ ايضًا: 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!