تقاريرسلايد

موت في الوقت بدل الضائع.. قصة آخر قتيل في الحرب العالمية الأولى

قبل النهاية بـ 3 ثواني

كتب – أحمد المرسي

تعتبر الحرب العالمية الأولى مأساة بشرية حقيقية، وقد انتهت تلك المأساة في 11 نوفمبر 1918 بتوقيع قرار وقف إطلاق النار بين جميع الأطراف المتصارعة، لتصمت أصوات الطلقات على جميع الجبهات.

وقد تم  التوقيع على الهدنة مع ألمانيا بحلول يوم 11 نوفمبر، في الساعة 5:00 صباحًا بالتوقيت المحلي، لكنها كانت ستدخل حيز التنفيذ في الساعة 11:00 صباحًا. أي بعد 6 ساعات من توقيعها، ولكن الحقيقة أنه في الساعة 10:58 قتل هنري غونثر آخر قتيل في الحرب العالمية الأولى، وهذه قصته..

ولد هنري جون غونثر في الولايات المتحدة الأمريكية لعائلة من أصول ألمانية، ولذلك فقد تأخر في دخوله الجيش، بسبب أن والديه مهاجران ألمانيان، وهو ما منعه من الالتحاق تلقائيًا بحسب نظام التجنيد بالقوات سافرت من أجل الحرب في أوروبا.

في آخر الحرب، وتحديدًا في سبتمبر عام 1917 تم تجنيده في الجيش في فوج مشاة 313، وقد تمت ترقيته كرقيب، وكان مسؤولاً عن الملابس في وحدته العسكرية ، ووصل إلى فرنسا في يوليو 1918 كجزء من قوات المشاة الأمريكية.

في تلك الأثناء أرسل غونثر رسالة إلى منزله، كانت تحتوي على شكوى من الظروف البائسة التي يعيش فيها مع بقية الجنود، ونصح صديق له بتجنب التجنيد، وقد اعترض هيئة الرقابة على البريد في الجيش الرسالة، وتم معاقبته بأن تم تخفيض رتبته من رقيب إلى جندي.

آلم ذلك غونثر كثيرًا، وشعر بالإهانة لأنه فقد رتبته العسكرية لهذا الأمر التافة، ووضع في رأسه أن عليه استعادة رتبته العسكرية أيًا كانت التضحيات.

موت في الوقت الضائع

في 12 سبتمبر 1918، وقبل نهاية الحرب بشهرين كان مع وحدته ضمن قوات الحلفاء التي تقدمت هجوم “ميوز أرغون”، وحتى في صباح 11 نوفبمر كانت الوحدة متورطة في القتال.

الحقيقة أن قادة العالم كانوا يوقعون الهدنة في فجر ذلك اليوم، وقد اقتربت فرقة غونثر من حاجز لرشاشات ألمانية في قرية بمدينة لورين، وقد عرف الجنود أن الهدنة سوف يتم توقيعها بعد دقائق، فنهض غونثر رغم أوامر صديقه المقرب الرقيب إرنست باول، وقام بهجوم فردي على القوات الألمانية، وأطلق رصاصتين، وعندما اقترب من الدافع الألمانية أصيب برصاصة من مدفع رشاش وقتل على الفور.

أجرى  الكاتب جيمس إم كاين ، الذي كان وقتها مراسلاً لصحيفة The Sun مقابلة مع رفاق غونثر بعد ذلك، وكتب أن “غونثر كان شديد القلق بشأن تخفيض رتبته مؤخرًا، وأصبح مهووسًا برد اعتباره مرة أخرى، وإثبات أنهم كانوا خطأ في تخفيض رتبته!”. وشرح أن هذا كان دافعه للهجوم الأخير والذي كان حرفيًا في الوقت بدل الضائع، وقبل وقف إطلاق النار بثلاثة ثواني تقريبًا.

تكريم متأخر

بعد وفاة غونثر أعاد الجيش الأمريكي رتبته كرقيب، ومنحه وسامًا من أجل شجاعته المتميزة بعد عدة سنوات، وتم تسمية إحدى الأفواج المقاتلة بإسمه.

أعيدت رفات غونثر إلى الولايات المتحدة في عام 1923 بعد إخراجها من مقبرة عسكرية في فرنسا ، ودفن في مقبرة الفادي المقدس في بالتيمور.

كشفت التحقيقات اللاحقة أنه في اليوم الأخير من الحرب العالمية الأولى ، وفي الساعات التي وقعت بين التوقيع على وثيقة وقف إطلاق النار ودخول تلك الوثيقة حيز التنفيذ قتل 11 ألف جندي مقاتل، كان من المفترض أن لا يموتوا.

في 11 نوفمبر 2010 في يوم المحاربين القدامى، تم تشييد نصب تذكاري بالقرن من المكان الذي مات فيه جونثر، وبعد ذلك بعامين تم وضع لوحة تذكارية على موضع قبره في الولايات المتحدة الأمريكية.

اقرأ أيضًا: 

أول قضية تفرقة بين زوجين.. قصة الشيخ علي يوسف وصفية السادات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!