تقاريرسلايد

ببيضة ودجاجة.. قصة “صالح عطية” أصغر جاسوس مصري في الصراع العربي الإسرائيلي

طفل خدع إسرائيل طوال فترة النكسة

كتب – أحمد المرسي

انتهت حرب الأيام الستة في عام 1967، وألقت بتلك الظلال الكئيبة على مصر كاملة، وعلى العالم العربي كذلك، واجتاحت القوات الإسرائيلية شبة جزيرة سيناء، وقتلت الآلاف من الشبان المصريين.

مع حلول عام 1968، وبعد الحرب بعام كانت حرب الاستنزاف قد بدأت، من أجل إنهاك العدو، حتى يحين وقت الضربة القاضية والتي ستخرجه من مصر بشكل كامل.

ولكي تتم تلك العمليات السريعة الخاطفة كان على المخابرات المصرية أن تجند أكبر قد من العملاء ليكونوا عيونها بين اليهود في سيناء، وتبعًا للمثل القائل “أهل مكة أدرى بشعابها”، فلم يكن أفضل من بدو سيناء ليقوموا بتلك المهمة.

الضابط كيلاني

نعرف أحد الضباط الذين تولوا تلك العملية، وهو ضابط استخبارات يدعى “كيلاني”، تنكر كيلاني في صورة رجل أعرابي، يتاجر في المخدرات، وتجول في سيناء، تحت أعين الأمن.

واستقر أمره على تجنيد رجل يدعى الشيخ عطية، من أجل أن يمده بتلك المعلومات، وبالفعل، استطاع أن يكون صداقة معه، عندما قرر أن يمثل دور رجل أنهكته الصحراء، ويريد ماء، وألقى بنفسه عند بيت الشيخ “عطية” ليحمله الرجل إلى داخل بيته، ويقوم بسقايته من البئر الذي بجوار منزله، وليخبره أنه كاد يموت عطشًا وأنه أنقذه من الموت.

يبقى كيلاني في بيت الشيخ عطية عدة أيام، ويعرف أنه متزوج من “مبروكة علم الدين”، وأن له ولد يدعى “صالح”، يعمل مع أبيه، في رعي الغنم، ومع أمه في بيع البيض الخاص بدجاجاتها.

بدأت علاقة صداقة تتكون بين صالح وضابط المخابرات الذي قرر أنه لن يقوم بتجنيد الأب، ولكنه سيقوم بتجنيد الطفل، في فكرة لم تخطر على بال أحد من قبل، وفكر أنه رغم غرابة الفكرة، ولكن هذا بذاته ما سيجعل الأمر مستحيلًا للإكتشاف بين القوات الإسرائيلية المتمركزة في نطاقه.

تجنيد صالح عطية

استطاع كيلاني أن يجند صالح، وأخبره أنه يريد منه أن يبيع البيض داخل المعسكرات الإسرائيلية، وأن ينقل له كل ما يراه داخل تلك المعسكرات.

وافق الطفل الصغير على ذلك، فقد كان يكره وجود اليهود في سيناء، بفطرة نقية، وقد تحمس للعمل مع الضابط، وعلى الرغم من أن كيلاني كان يعرف أن في ذلك مخاطرة على حياة الطفل إلا أن هذا لم يمنعه من أن يخوض تلك المخاطرة للنهاية.

اللقاء الأول

اتفق كيلاني على لقاء صالح بعيدًا عند البئر قبل أول عملية تجسس له، ولكن الطفل لم يظهر، كان هذا يعني أنه كيلاني فشل في مهمته بالاعتماد على الطفل، فمن الممكن أنه قص على أمه ما طلب منه ضابط المخابرات، ورفضت ذلك، أو أن والده عرف، أو أنه وبكل بساطة لم يجد نفسه مهتمًا.

مضى وقت الانتظار ثقيلًا على ضابط المخابرات، ولكن من عند خط الأفق وخلف خط الشمس الغاربة ظهر الولد الصغير، وهو يحمل دجاجة، وسأله كيلاني عن سبب تأخره فأخبره أنه كان يريد عمل تمويه لكي لا يعرف أي من أهل مضاربه بوجهته. هنا أيقن كيلاني أنه أمام جاسوس صغير بالفطرة.

العلاقات داخل المعسكر

دخل كيلاني المعسكر الإسرائيلي بدون أن يشعر أحد بتجنيده، فما كان أحد يشك في أنه مجرد طفل صغير، يبيع الثلاثة بيضات بمقابلة علبة لحم مجفف. كون الصغير صداقات مع عدد من الجنود والضباط داخل المعسكر، وخاصة ضابط يهودي يمني يدعى “جعفر درويش” من مواليد جيحانة باليمن وكان قائدا للنقطة 158 المسماة بموقع الجباسات.

كان الطفل يتعرض للضرب والشتم من قبل بعض الجنود اليهود، ولكن كان يتم الدفاع عنه أيضًا من أصدقاءه الجنود والضباط، واستطاع أن يوصل إلى المخابرات المصرية رسوم كاملة للمعسكرات اليهودية، وأماكن تخزين السلاح، ونوعية الأسلحة، بعد أن علمه كيلاني التفريق بينها.

نهاية المهمة المستحيلة

في شهر سبتمبر 1973 كان أمام صالح عطية مهمة واحدة فقط، هو تركيب أجهزة تسجيل دقيقة داخل المعسكرات العبرية، فأعطاه كيلاني تلك الأجهزة الدقيقة وطلب منه تركيبها في أرجل سرائر الجنود الإسرائيليين في عنابرهم. وقد أتم صالح المهمة بنجاح، لتقرر المخابرات المصرية أن هذه نهاية عملية صالح عطية، وتقول في عملية سرية بنقله هو وأهله من سيناء إلى مصر.

نقل صالح وأهله إلى القناة وتم عبورها ثم توجه إلى “ميت أبو الكوم” بلدة الرئيس أنور السادات، وتم استقبالهم بعد أيام من نصر أكتوبر في القاهرة وتكريمهم.

المصدر:

موسوعة أشهر الجواسيس فى العالم

من تأليف د. الحسينى معدى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!