تقاريرسلايد

دورثي لويز إيدي: أم سيتي التي جاءت من زمن الفراعنة وعرفتنا بهم

قصة أم سيتي

كتب – أحمد المرسي

كانت “دورثي لويز إيدي” طفلة طبيعية، ولدت في لندن سنة 1904، ولكن عندما تعرضت لحادث سقوط من فوق السلم، بدأت تظهر عليها بعض الأعراض الغريبة، أحد تلك الأعراض أنها بدأت تتحدث بلغة غير لغتها. وبعد قليل عرفوا أنها اللغة المصرية القديمة!.

تسببت تلك الحادثة في الكثير من المشاكل لدورثي منذ صغرها. حيث في البداية قارنت الديانة المسيحية بالديانة المصرية القديمة. ثم رفضت أن تغني ترنيمة تحتوي على لعنة على المصريين. مما تسبب في طرد المعلمة لها من المدرسة.

لم يفهم الوالدين كيف تغير حياة طفلتهما. فأخذوهما إلى المتحف البريطاني والذي كان يحتوي في ذلك الوقت على الكثير من الآثار المصرية. وهناك وعند مشاهدتها لأحد الصور صرخت دورثي “هذا بيتي!، ولكن أين الأشجار، أين الحدائق”.

كان المنزل الذي أشارت له دورثي هو “معبد سيتي الأول”. والد رمسيس، في ذات اللحظة انهارت دورثي، وأخذت تقبل أقدام التماثيل المصرية القديمة.

دراسة علم المصريات

بعد ذلك بدأت دورثي في محاولة كشف الحقيقة. ودرست علم المصريات، وبسبب رؤى غريبة كانت قد بدأت تراها. وسيرها أثناء النوم، اضطر أهلها لوضعها في مصحة نفسية بعمر 16 عامًا.

عندما خرجت دورثي من المصحة، وفي سن 27 عامًا تعرفت على الطالب المصري إمام عبد المجيد. والذي وقع في غرامها، وطلب منها أن تتزوجه. فسافرا إلى القاهرة. واسمتها العائلة “بلبل”. وعندما أنجبت، سمت ابنها “سيتي”. فصارت تعرف لدى المصريين “أم سيتي”.

بينتريشيت وأم سيتي

تروي دورثي في مذكراتها أن الإله “حور رع” جاء لها في أحلامها وقال لها أن اسمها الحقيقي “بنترشيت”. وأنها فتاة مصرية ووالدها كان يعمل جنديًا لدى الملك، وأمها بائعة خضراوات، وأنها بعد وفاة وهبها والدها لمعبد أبيدوس، حيث عملت كاهنة هناك. وأن الملك سيتي رآها وأعجب بها وافتتن بجمالها، فأصبحت عشيقته. وأنها حملت منه، وكان هذا خارجًا عن القانون. ويعني أنه سيتم محاكمتها. ولخوفها من الفضيحة السياسية، وأن يكون الموت أمام العوام هو عقابها، قررت أن تنتحر خوفًا على الملك. وعلى سمعتها الشخصية.

الانفصال والعمل الأكاديمي

في عام 1935 انفصلت دورثي عن زوجها بعد أن قرر السفر للعراق من أجل العمل في التدريس. وأخذت ابنها سيتي، فذهبت لتعيش بجوار الأهرمات، وهناك إلتقت بسليم حسن، عالم الآثار المصري الشهير. وعندما تعرف عليها قرر تعيينها مساعدة له.

سليم حسن 

عرفت دورثي العديد من علماء المصريات، وقدمت اسهامات كبيرة في أعمال سليم جسن، وقد استفاد من لغتها المصرية القديمة. وقدرتها على قراءة الهيروغليفية بسهولة.

في تلك الفترة كانت دورثي تصلي لآلهة مصر القديمة. وتقيم في الهرم الأكبر. وأصبحت موضع القيل والقال. وعلى الرغم من ذلك كان القرويين يحترمونها في تلك المنطقة. وكانت بدورها تقدر وتحترم طقوس المسلمين والمسيحيين.

إلى أبيدوس “البيت الأول”

بعد أن أنهت دورثي مع سليم حسن مشروع هرم دهشور في عام 1956. اقترح عليها العالم المصري أحمد فخري أن تسافر، وبعمر 52 عامًا قررت أم سيتي أن تعود لبيتها الأول، وعاشت في مهد جبل بيجا ذي غاب.

كانت دورثي تعيش في أبيدوس معتقدة أنها تعيش في بيتها الأول. وهو المكان الذي خدمت في بانترشيت في معبد سيتي الأول.

احمد فخري

حاول كبير المفتشين هناك والذي كان يعرف مزاعمها أن يختبرها. فطلب منها أن تحدد بعض اللوحات على أساس معرفتها السابقة ككاهنة في المعبد. فقامت بالمهمة على أكمل وجه. وجعلته واقفًا لا يصدق ما يحدث أمامه.

أمضت دورثي أول سنتين تترجم المكتوب على جدران المعبد. وفي عام 1957 جدولا طقوسيا لأيام العيد استنادا إلى النصوص المصرية القديمة.

كانت دورثي تعتقد أن ابيدوس هو مكان السلام والأمان الحقيقي لها. وزعمت أن خياتها السابقة كانت اغلبها في حديقة هذا المعبد. فكانت في كل صباح ومساء تزور المعبد لقراءة الصلوات.

دورثي والتقاليد المصرية القديمة

لاحظت دورثي العديد من التشابهات بين التقاليد المصرية الحالية والتقاليد المصرية القديمة. رغم أنها لا تمت للإسلام بصلة. وعلى سبيل المثال طريقة الحداد المصرية كما رأتها والتي لا علاقة لها بالدين الإسلامي، مثل تعطير الجثامين، وإشعال الضوء للموتى، ووضع الخبز، وغسل ملابس الميت، وعدم قصر الشعر أو الحلاقة علامة على الحداد.

وكان الفلاحين في عصرها يعتقدون أن النجوم في السماء هي أرواح الموتى، والحقيقة أن هذا كان معتقدًا مصريًا قديمًا بالفعل.

وقارنت أم سيتي العديد من الممارسات في الطب الشعبي، بالممارسات الطبيبة المصرية القديمة والتي كانت تستخدم بالفعل في المعابد.

التقاعد والهدوء

في عام 1964 كان على دورثي أن تتقاعد بسبب سنها. ولكن الحكومة مددت لها مدة العمل كاستثناء حتى عام 1969، وقد استكمل معاشها 30 دولار في الشهر. وأصبح الناس والسياح يزورونها ويجلبون لها الخدايا.

في عام 1972 بدأت في العمل كمستارة بدوام جزئي لدى إدارة الآثار، ولكن في نفس السنة أصيبت بنوبة قلبية، وقررت في أعقابها بيع منزلها القديم، والانتقال إلى غرفة صغيرة بجوار أحمد سليمان، حارس المعبد القديم فعاشت كجزء من عائلة سليمان.

لأنها كانت تعلم أن المسلمين والمسيحين لم يكونوا يسمحون بدفن الوثنيين في مقابرهم، فقد قررت أم سيتي بناء قبرها الخاص، تحت الأرض، بباب خفي مثل مقابر المصريين القدماء، وفي 10 أبريل في 1981 تدهورت حالتها الصحية، وتوفيت، ورفضت السلطات السماح بدفنها في المقبرة التي شيدتها. فتم وضعها في قبر بلا علامة، في مواجهة الغرب، خارج مقبرة قبطية.

أما عن الموت، فقد كتبت دورثي “أم سيتي” في مذكراتها:” الموت لا يحمل لي أي رعب.. سأبذل قصاري جهدي من أجل الحصول على الخلاص، أوزوريس ربما يعطيني بعض القوة، لقد ارتكبت بعض الأشياء التي لا يجب أن تكون، ولكن ربما أحصل على الغفران”.

أقرأ أيضًا:

حب من أول نظرة.. عن قصة بيليه وزبيدة ثروت

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!