تقاريرسلايدلقطات

سرقة المفتاح وإعدام السارق.. حكايات مفتاح الكعبة

 

مفتاح الكعبة

نعيش هذه الأيام مع روحانيات شعيرة الحج، الركن الخامس من أركان الإسلام الذي جعله الله لمن استطاع إليه سبيلا تيسيرا على عباده، حيث يزور المسلمين من كافة بقاع الأرض بيت الله لكي يكبروه ويرفعوا أكف الضراعة إليه داعينه ليغفر لهم.

وفي كل عام نري مشهد فتح الكعبة، عندما يدخل الدكتور صالح بن زين العابدين الشيبي من رجال الأسرة الشيبية، والسادن الحالي للكعبة المشرفة  لفتحها والقيام على خدمتها، في شرف ما بعده شرف.

وقد أعطى الرسول صلى الله عليه وسلم مفتاح الكعبة  لعُثْمَانَ بْنِ طَلْحَةَ، والقصة يحكيها ابن سعد في كتابه الطبقات عن عثمان بن طلحة، حيث قَالَ: كُنّا نَفْتَحُ الْكَعْبَةَ فِي الْجَاهِلِيّةِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ، فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَوْمًا يُرِيدُ أَنْ يَدْخُلَ الْكَعْبَةَ مَعَ النّاسِ، فَأَغْلَظْتُ لَهُ وَنِلْتُ مِنْهُ فَحَلُمَ عَنّي ثُمّ قَالَ الرسول:«يَا عُثْمَانُ لَعَلّك سَتَرَى هَذَا الْمِفْتَاحَ يَوْمًا بِيَدِي أَضَعُهُ حَيْثُ شِئْت» فَقُلْتُ لَقَدْ هَلَكَتْ قُرَيْشٌ يَوْمَئِذٍ وَذَلّتْ. فَقَالَ الرسول صلى الله عليه وسلم: «بَلْ عَمَرَتْ وَعَزّتْ يَوْمَئِذٍ» وَدَخَلَ النبي الْكَعْبَةَ فَوَقَعَتْ كَلِمَتُهُ مِنّي مَوْقِعًا ظَنَنْتُ يَوْمَئِذٍ أَنّ الْأَمْرَ سَيَصِيرُ إلَى مَا قَالَ.

فَلَمّا كَانَ يَوْمُ الْفَتْحِ قَالَ النبي صلى الله عليه وسلم:«يَا عُثْمَانُ ائْتِنِي بِالْمِفْتَاحِ» فَأَتَيْتُهُ بِهِ فَأَخَذَهُ مِنّي ثُمّ دَفَعَهُ إلَيّ وَقَالَ:«خُذُوهَا خَالِدَةً تَالِدَةً لَا يَنْزِعُهَا مِنْكُمْ إلّا ظَالِمٌ..يَا عُثْمَانُ إنّ اللّهَ اسْتَأْمَنَكُمْ عَلَى بَيْتِهِ فَكُلُوا مِمّا يَصِلُ إلَيْكُمْ مِنْ هَذَا الْبَيْتِ بِالْمَعْرُوفِ» قَالَ فَلَمّا وَلّيْت نَادَانِي فَرَجَعْتُ إلَيْهِ فَقَالَ:«أَلَمْ يَكُنْ الّذِي قُلْتُ لَكَ؟» قَالَ فَذَكَرْت قَوْلَهُ لِي بِمَكّةَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ لَعَلّك سَتَرَى هَذَا الْمِفْتَاحَ بِيَدِي أَضَعُهُ حَيْثُ شِئْت فَقُلْتُ بَلَى أَشْهَدُ أَنّكَ رَسُولُ اللّهِ.

وتوارث آل طلحة المفتاح، لكن مفتاح الكعبة المشرفة تمت سرقته في عهد السادن عبد الواحد الشيبي، والقصة لها رواية نوردها في السطور التالية.

سرقة مفتاح الكعبة

كان عبد الواحد الشيبي السادن الخامس والسبعين للكعبة، ومعه مفتاحها، وفي أواخر شهر رمضان عام 976هـجريا، قام الشيخ (عبد الواحد الشيبي) بفتح باب الكعبة لدخول النساء كما جرت العادة في ذلك العصر، وكانت الأمور تسير على ما يُرام ثم اكتشف اختفاء المفتاح من موضعه.

وكان المفتاح يزدان بصحائف ذهبية، فوقعت الضجة في أرجاء الحرم وأغلقت أبوابه، لكي يتم تفتيش الزائرين. وتم تفتيش الجميع، لكن لم يظفروا به، وكان الأمر بمثابة الصدمة للعالم الإسلامي كله، ونما إلى علم (سنان باشا) في بلاد اليمن بوجود المفتاح مع رجل أعجمي.

فتم القُبض عليه فأقر بسرقة المفتاح وبعض الهدايا الأخرى، فعرض على السيف (أي تم قتله)، وأعيد المفتاح إلى الشيخ الشيبي سادن الكعبة.

وفي عهد محمد بن قاسم بن أبي السعود الشيبي السادن الثامن والسبعين للكعبة هدم السيل الكعبة. فبنيت من جديد، لكن بقى المفتاح والقفل على ما هو عليه.

أما عبد الواحد بن محمد بن قاسم بن أبي السعود السادن التاسع والسبعين. ففي عهده صاغ أحد المحتالين مفتاحاً يحاكي مفتاح الكعبة، فاتهم الحاجب بخيانة ولايته وعزل.

وفي سنة 2008، أعلنت دار سوثبيز للمزادات في لندن عن بيع مفتاح للكعبة من القرن الثاني عشر. وقد بيع المفتاح مقابل 9.2 ملايين استرليني (18.1 مليون دولار)، ووقتها طالب د. صالح الشيبي أثرياء المسلمين بالتكاتف لإعادة المفتاح.

وقال الشيبي في تصريحات صحفية وقتها: “باب الكعبة لم يتم تغييره في العهد السعودي إلا مرتين. أما قفل الباب فلم يغير.

لكن بعد ذلك  اعلنت دار سوثبيز للمزادات في لندن عن  الغاء عملية بيع المفتاح. بسبب شكوك في صحة اصل المفتاح. حيث خلص تقرير لخبيرة المتحف البريطاني فينيسيا بورتر وخبراء أخرين في المتحف. إلى أن المفتاح الحديدي البالغ طوله 37 سنتم هو على الارجح نسخة ترجع الى القرن التاسع عشر.

مواصفات المفتاح

يقول السادن الحالي للكعبة في حوار لصحيفة عكاظ: “يرتفع باب الكعبة المشرفة عن أرض المطاف 2.5م. وارتفاع الباب 3.06م وعرضه 1.68مترا. والباب الموجود اليوم هدية من الملك خالد بن عبد العزيز رحمه الله. وتم صنعه من الذهب الخالص. حيث يقدر ما فيه من الذهب بـ280 كيلو عيار 99.99 بتكلفة إجمالية 13.420.000 ريال عدا كمية الذهب. وصنعه أحمد إبراهيم بدر، وتم تركيبه في 22 ذي القعدة 1399هـ.

وأما مفتاحه فهو من الحديد بطول 35سم، أما عن قفل الباب فهو من الحديد أيضا وبطول 38سم. وفيه ستة أضلاع ومحيط أضلاعه 18سم. وعلى كل ضلع من أضلاعه قطعة رقيقة من النحاس طولها 8 سم وعرضها 2 سم.

مفتاح ذهبي جديد

وفي سنة 2013، تم تغيير مفتاح الكعبة، ونشرت الصحف السعودية والعالمية تفاصيل المفتاح الجديد، حيث سلـم أمير مكـة المكرمة، الأمير خالد الفيصل. مفتاح الكعبة الجديد وقفلـها لسادن بيت الله الشيخ عبدالقادر الشيبي، وذلك في مناسبة غسل الكعبة المشرفة.

وتم صنعه بالكامل من الذهب الخالص، وكُتب على أوجه مفتاح الكعبة ما يلي:

الأول: لا إله إلا الله محمد رسول الله

الثاني: إهداء من خادم الحرمين الشريفين

الثالث: الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود

الرابع: سنة ألف وأربع مئة وأربع وثلاثين 1434هـ

الخامس: قوله تعالى: (جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِّلنَّاسِ) الآية 97 من سورة المائدة.

السادس: قوله تعالى: (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ) الآية 96 من سورة آل عمران.

وقد قامت الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي بالإشراف على إعداده ومراحل تصنيعه التي تمت في مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، وقد وجه السديس بأن يكون القفل والمفتاح القديم ضمن مقتنيات معرض عمارة الحرمين الشريفين التابع للرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، وقد قامت الرئاسة العامة بإنفاذ توجيه.

 

أقرا أيضا

 

قرون حيوانات وأعمال سحر.. “بالصور” هذا ما وجدوه داخل بئر زمزم

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!