تقاريرسلايد

محمد أفندي ناشد.. قصة الرجل الذي علم المصريين لعب كرة القدم

أول من كون التيم المصري

كتب – أحمد المرسي

في عام 1882 وقعت مصر تحت الإحتلال الإنجليزي، وهزم الجنرال ولسلي وزير الجهادية المصري أحمد عرابي وتم نفيه خارج الوطن.

كانت العباسية مقر الثكنات العسكرية للجيش المصري في عهد الخديوية المصرية، بالإضافة إلى ثكنات قصر النيل، ولكن قام الجيش الإنجليزي باحتلال تلك القشلاقات، وأحلوا جنودًا إنجليز بدلًا من الجنود المصريين.

ووضع الإنجليز قواعد الإدارة في مصر، ونقلوا الكثير من ثقافتهم عن طريق الجنود في الجيش الإنجليزي، والموظفين الذين تولوا شؤون الدولة. ولكن مع نظمهم الإدارة للبلاد نقل الإنجليز جزءًا من ثقافتهم إلى المصريين.. نقلوا كرة القدم!.

تاريخ كرة القدم

ظهرت كرة القدم كلعبة في عام 1863 في بريطانيا، وتم وضع قواعدها، وتم إنشاء اتحاد كرة القدم لها. وكانت اللعبة تختلف قواعدها من مكان لآخر داخل بريطانيا، وقد نظر في البداية للعبة أنها لعبة بريطانية خالصة.

بعد 8 سنوات من تأسيس اتحاد الكره، تم إنشاء 50 نادي، وفي 1872 تشكل كأس الإتحاد الإنجليزي، وبدأت الكرة تظهر في عدد من البلدان الأخرى.

كرة القدم في مصر

في أحد تلك القشلاقات، بالعباسية، وفي ورش الجيش الإنجليزي كان هناك شابًا يعرف باسم محمد أفندي ناشد. هذا الشاب تأثر بالإنجليز وطريقة معيشتهم، ورآهم يلعبون يلعبون بكرة من المطاط لعبة يسمونها (فوتوبول)!

لعب ناشد مع الإنجليز الفوتبول، وعرف قواعد اللعبة، وفنون دحرجة الكرة بين قدميه، والمراوغة والتسديد. ولكن أول ما فكر فيه أنه يريد أن يكوّن فريقًا مصريًا خالصًا من أجل أن يلاعب الإنجليز (ماتش)، ويهزمهم فيه، بعد أن هزموا هم المصريين في معارك عرابي.

لم يكن محمد ناشد معاديًا للإنجليز، أو كارهًا لهم، بمصطلحات عصرنا ولكنه كان رافض لوجودهم في بلاده، وعلى هذا الأساس رفض الكفاح المسلح، ووجد أن كرة القدم هي الطريقة التي من الممكن خلالها أن يهزم الإنجليز نفسيا، ولهذا بدأ أولى خطواته لتحقيق حلمه.

التيم المصري

دار محمد ناشد في الحواري يجمع الشباب، وقام بتكوين فريق منهم، سماه “التيم المصري”، أو فريق مصر، وكان هو المسؤول عن تدريب هؤلاء الشباب، وضم هذا الفريق اسماء عرفها التاريخ فيما بعد بأسماء: أحمد رفعت، محمد خيري، إخوان جبريل.. وكان محمد أفندي هو كابتن القريق ومدربه في الوقت نفسه.

بعد طول تدريب شاق قام ناشد بإرسال “باص” وهو المصطلح الخاص بدعوة في كرة القدم إلى فريق “الأورانوس” أشهر فريق في المعسكرات الإنجليزية من أجل لعب مباراة، وكانت المباريات لا يتم لعبها إلا بطريقة الدعوات.

لبى فريق الأورانوس الدعوة، في 1895 وتقرر أن يكون “الماتش” في ميدان قراميدان أسفل القلعة، وهو المعروف اليوم باسم ميدان صلاح الدين، وكان الحكم أو ما يطلق عليه وقتها “الرفري” هو موظف إنجليزي في هيئة سكك حديد مصر.

مع بداية المبارة أحرز أحمد رفعت الهدف الأول، ثم تلاه محمد ناشد بهدف آخر وانتهت المباراة بفوز الفريق المصري، في ذلك الميدان حيث اجتمع المصريون لمشاهدة المشهد. والحقيقة أن ما حدث كان أكبر من مجرد فوز في مباراة لكرة القدم.

وكان المصريون وكأنهم قد انتظروا هذا الفوز، فهزيمة الإنجليز أصبحت في عيونهم ممكنة، إن الأمر قابل للتحقيق كما حدث في مباراة الفوتبول تلك، ضد أقوى فريق إنجليزي في ذلك الوقت.. وكتبت الصحف عن ذلك الحدث:

“يحق للمصريين أن يفخروا بالفريق المصرى الذى هزم منتخبات القوات البريطانية فى لعبة كرة القدم لعبة الانجليز المفضلة، ومن واجب كل مصرى أن يفخر برئيس الفريق محمد أفندى ناشد الشاب القوى مفتول العضلات متناسق الأعضاء الفنان سريع الحركة قوى التصويب الذى يجيد أكثر من مركز ويستطيع أن يستخلص الكرة بمهارة عجيبة من بين أربعة من الخصوم ويمررها لإخوانه المصريين فى مكان حساس للغاية، كما أنه يسجل الأهداف من مسافة 30 ياردة”.

بذلك المشهد بدأ جنون المصريين بكرة القدم، تحولت اللعبة إلى حمى تنتقل من الشوارع إلى الحارات، وفي نفس العام سمح وزير المعارف محمد زكي باشا بإدخال كرة القدم كلعبة في المدارس، فلم تعد تلك اللعبة خاصة بالمصريين من الفئة الأقل غنى ولكن للطبقات الغنية حيث لم يكن التعليم مجانيًا. وبدأت الكرة تحظى بشعبية هائلة.

وسمع اللورد كرومر بإقامة تلك المباريات في المدارس، وكتب أحمد شوقي أمير الشعراء للورد كرومر:

هل من نداك على المدارس أنها.. تذر العلوم وتأخذ الفوتبولا. 

ولم يكن أحد يعلم أن محمد أفندي ناشد الذي لم يعد يذكر في التاريخ ولا يعرف أين ذهب وماذا حدث له بعد ذلك قد أنشأ ولأول مرة على أرض مصر “الفريق المصري”، أو ما يسمى الآن “منتخب مصر”.

اقرا أيضًا: 

الأمير التائهة.. قصة كمال الدين حسين الذي رفض ملك مصر ومات مع الدراويش

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!