تقاريرسلايد

ألكسندر بيرس.. الرجل الذي أكل رفاقه من أجل الحياة

لص لم يتوقف عن أكل لحوم البشر إلى عند حبل المشنقة

كتب – أحمد المرسي

إلى أي مدى يمكن أن يصبح الإنسان متوحشًا من أجل بقاءه؟ الحقيقة أن وحشية الإنسان قد تصل إلى حدود غير متوقعة، وهذا ما أثبته ألكسندر بيرس، الرجل الذي أكل رفاقه!

اللص الإيرلندي

ولد ألكسندر بيرس في عام 1790 في أيرلندا، في مقاطعة موناغان، وعمل كمزارع في مزرعة رجل كاثوليكي روماني، ثم حكم عليه في سنة 1819 بالنفي إلى استراليا بتهمة سرقة ستة أزواج من الأحذية.

نفي بيرس غلى أرض فان ديمن، والتي تسمى حاليًا جزيرة “تسمانيا” وهي جزيرة تقع جنوب استراليا، وكان النفي إلى استراليا شائعًأ في ذلك الوقت، حيث كانت الإمبراطورية البريطانية تتخلص من مجرميها بالنفي إما لأمريكا أو استراليا، ولكن بعد أن أخذت الولايات المتحدة الأمريكية استقلالها، بدأ بريطانيا في تكثيف إرسال مجرميها إلى استراليا، حتى وصل عددهم إلى 16 ألف فرد، خمسهم من النساء، كانوا هم فيما بعد أجداد هؤلاء الاستراليون الحاليون.

وكان ألكسندر بيرس واحد من هؤلاء المنفيون.

هروب بيرس المدوي

في 18 مايو 1822 نشرت صحيفة هوبارت تاون خبرًا مفاده هروب اللص ألكسندر بيرس، وأعلنت مكافأة قدرها 10 جنيهات إسترلينيه، لمن يدلي بخبر عنه، وعندما تم القبض عليه وجه له اتهام بالفرار والتزوير، وهي جرائم خطيرة في ذلك الوقت، نقل على إثرها إلى جزيرة سارة في ميناء ماكوراي.

لم يردع ذلك بيرس، ولكن في 20 سبتمبر 1822 قرر الهروب مع سبة مدانين آخرين، من ميناء ماكوراي، وهم؛ ألكسندر دالتون، توماس بودنهام، ويليام كينيرلي، ماثيو ترافرز، إدوارد براون، روبرت جرينهيل وجون ماثر.

وعين جرينهيل – الذي كان يحمل فأسًا – نفسه قائدًا، بدعم من صديقه ترافرز، الذي ذهب معه إلى ميناء ماكواري لسرقة مركب شراعي.

كان هدف المجموعة الهرب من تسمانيا إلى الصين، وقد كانوا يعتقدون بسذاجة مثلما اعتقد العديد من أهل عصرهم أنه لا يفصل استراليا عن الصين سوى مضيق بسيط، ولكن الحقيقة أنه المسافة تصل إلى 5 آلاف ميل بحري.

الضياع في غابات تسمانيا

لم يستطع الثمانية الإبحار، وفور أن عبروا مضيقًا يسمى “أبواب الجحيم” تحطمت السفينة ورست على الجزيرة ثانية. ووجد الثمانية أنفسهم بلا مأوى، وكان أمامهم طريق واحد للهروب هو عبور غابات جزيرة تسمانيا حتى الوصول إلى مستعمرة هوبارت على الطرف الآخر من الجزيرة. أي أن عليهم السير نحو الشرق باستمرار من أجل الوصول إلى هناك.

كانت غابات تسامانيا ولازالت مناطق مجهولة إلى الآن، فهي موحشة، لم ينجوا أحد بعد الدخول إليها، ولم تكن السلطات تعرف عنها شيئًا بالفعل.

قاد جرينهيل المجموعة بالفأس، بدون طعام أو شراب، ولم يكن هناك فرائس يستطيعون أن يصطادونها أو يتغذوا عليها، ولم يكن معه أسحلة تساعدهم غير فأس بلا قيمة.

سيطر الخوف على الرجال،  وهم يمضون بلا هدى في الغابات، وصار الطريق أمامهم موحش لا بداية له ولا نهاية، فاستمروا لمدة 15 يومًا بلا طعام، ودفعهم إلى الهلوسة، وتوصلوا إلى قرار مرعب وهو أنه يجب على أحد أن يؤكل لكي يعيش البقية!

القرعة على الموت

كي يتم ذلك كان لابد من إجراء قرعة عن طريق أعواد قش، ومن يسحب أقصرها سوف يتم ذبحه وأكله من السبعة الآخرين، قام سجين يدعى توماس بودنهام بسحب أقصر قشة، وفي البداية ظن أن الأمر مزحة، ولكنه لمح تلك النظرات في عيون زملائه، وعرف أنهم بالفعل سيقتولنه، فحاول الهرب في الغابة ولكن السبعة لحقوا به، ثم عاجلوه بضربة الفأس. بعد ذلك قاموا بتقطيعه، ثم أشعلوا النار، وقاموا بطبخه ثم أكله، فلم يتركوا منه إلا الجلد والأظافر والشعر.

توماس بودنهام بعد أن خلعوا ملابسه استعداد لقتله وأكله
توماس بودنهام بعد أن خلعوا ملابسه استعداد لقتله وأكله

الضحية التالية

أكل السجناء السبعة، وعرفوا النوم بعد الشبع لأول مرة منذ أسبوعين، ولكن كان هناك ثلاثة منهم رفضوا ذلك الوضع هم  دالتون، وكينرلي، وبراون، وقرروا العودة إلى ميناء ماكواري وتسليم أنفسهم للسلطات، ولكن الثلاثة كانوا قد هلكوا في طريق عودتهم بالفعل.

بعد عدة أيام من المسير كان جرينهيل قد اتفق مع ماثيو ترافرز صديقه من البداية، فأصبح هناك ضحيتان محتملتان فقط هما بيرس وجون ماثر، في هذه المرحلة تم الاقتراع ووقع في القرعة جون ماثر فتم قتله، وأكله من قبل الثلاثة الباقين.

الحظ في خدمة بيرس

كان من الطبيعي بعد ذلك أن يكون بيرس هو الضحية، فجرينهيل صاحب الفأس وترافرز أصدقاء، ولكن ما حدث أن الحظ قد أعطى بيرس خدمة جليلة عندما عض ثعبان ترافزر، في البداية رفض جرينهل على حمله لمدة خمسة أيام، ولكن عندما تبين أنه لن يتعافى، قرر الاثنان قتله وأكله.

وبعد ذلك، أصبح هناك لعبة قط وفأر بين جرينهيل وبيرس، كان الاثنان يتضوران جوعًا، وبقي الاثنان ينظران إلى بعضهما البعض، حتى لا يستغفل أي منهما الآخر فيقوم بقتله، قاوم الاثنان النوم لعدة أيام، ولكن في لحظة ما سقط جرينهيل في وسنة خفيفة. ولم يتركه بيرس، فقام وأخذ الفأس منه وضربه به، حتى قتله، وطوال المساء ظل يأكل جسده!.

النجاة من الموت جوعًا

نجى بيرس عندما عثر في الأيام التالية على مخيم للسكان الأصليين، كانوا يضعون فيه الطعام، فسرق من طعامهم، واستطاع أن يكمل المسير حتى رأى أغنام، وعرف أن الراعي كان صديقًا قديمًا له. فعمل معه عدة أيام على سرقة الأغنام. ولكن تم القبض عليه في النهاية، وأعدم الراعي لتهربه من الخدمة العسكرية!

في المجمل، هرب بيرس لمدة 113 يومًا، قضى أقل من نصفها بقليل في البرية. عندما عاد بيرس اعترف للقاضي والقس روبرت نوبوود بقصة أكله للحوم البشر، ولكن القاضي لم يصدقه، وأرسل بيرس مرة أخرى إلى ميناء ماكواري.

الهروب الثاني

في نوفمبر من العام التالي، تمكن بيرس من الفرار مرة أخرى، وهذه المرة برفقة زميل مدان يدعى توماس كوكس. ومع ذلك، فإن حرية بيرس لم تدم طويلاً حيث تم القبض عليه مرة أخرى في غضون عشرة أيام فقط. وتم تقديمه بعد ذلك للمحاكمة في هوبارت. وكانت التهمة هي عثورهم في جيوبه على قطع من لحم بشري. فاعترف بيرس أنه قتل زميله توماس كوكس.

اعترف ألكسندر أنه قتل كوكس بعد أن أخبره الأخير أنه لا يستطيع السباحة، وعرف أنه سوف يعطل خطة هروبه فقرر التخلص منه وأكله قبل عبوره نهر كنيغز.

لاحظ المراقبون أن بيرس لا يتناسب مع الصورة النمطية لآكلي لحوم البشر. فهو قصير القامة نسبيًا يصل طوله إلى  قامته 160 سم فقط. وهي بنية أقل من المتوسط، إلا أنه كان يمتلك بنية قوية.

أمر إعدام ألكسندر بيرس
أمر إعدام ألكسندر بيرس

نهاية آكل لحوم البشر

في الليلة التي سبقت اعدامه اعترف ألكسندر بكل ما قام به أمام الأب فيليب كونولي، القس الكاثوليكي في المستعمرة، تم شنق ألكسندر بيرس في سجن هوبارت تاون في الساعة 9 صباحًا يوم 19 يوليو 1824، بعد تلقيه الطقوس الأخيرة من الأب كونولي.

وأمر القاضي بأن تسلم جثة بيرس إلى الهيئات الطبية للاستفادة منها في دروس التشريح حيث تزال جمجمته معروضة بمتحف بإستراليا.

اقرأ أيضًا: 

حكاية شفيقة القبطية.. الراقصة التي شربت خيولها شمبانيا وسرقها عشاقها

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!