تقاريرسلايد

الرئيس التركماني.. هكذا يكون الجنون

قصة من أغرب قصص الحكام في العصر الحديث وواحد من مصابي جنون العظمة ممن وصلوا لكرسي الحكم.

ربما لم تسمع بدولة اسمها تركمانستان من قبل، وبالطبع لم تسمع برئيسها صابر مراد نيازوف، واحد من أكثر الشخصيات المثيرة للجدل في التاريخ، وبلوة ستجعلك تحمد الله على بلوتك.

ولد صابر نيازوف في سنة1940 ، مات والده في الحرب العالمية الثانية، وفي سنة 1948 حدث زلزال مدمر في بلده (تركمانستان – إحدى دول الاتحاد السوفيتي) مات بسببه كل أهله تقريبا، وبقى وحيدا مشردا.

(الاتحاد السوفيتي كان اتحاد مجموعة دول وكانت القوى العظمى الأولى في العالم، ثم تم حله في التسعينات، ليتحول العالم كله نحو قوى جديدة هي الولايات المتحدة الأمريكية، أو كما قال الرئيس السادات 99% من أوراق اللعبة مع أمريكا).

دخل صابر الملجأ، حتى قرر أحد أقاربه أن يربيه مع أبنائه، ودرس في مدرسة ليننجراد للعلوم التطبيقية وحمل شهادة جامعية في الفيزياء والرياضيات، حتى هنا نحن أمام حياة رتيبة عادية، وتحدث ألف مرة كل ساعة، لكن الأمر اختلف كليا عندما بدأ صابر العمل في السياسة، والحقيقة هو لم يكن سياسيا ناجحا في بدايته، حتى أن البعض كان يتنمر عليه بسبب فشله السياسي.

بدأ صابر العمل السياسي في لجنة تركمان التنفيذية سنة 1959 ( كان عمره 19 سنة).. وبدءا من سنة 1962 انضم للحزب الاشتراكي التركمانستاني، وتدرج في المناصب حتى وصل لمنصب رئيس الحزب سنة 1985، ثم في خطوة مفاجئة أصبح رئيس تركمانستان لكن تحت مظلة الاتحاد السوفيتي، ولقب نفسه بـ تركمانباشي أي والد التركمان.

كانت تركمانستان تابعة للاتحاد السوفيتي فكانت دولة شيوعية، فتقربا من قيادات الاتحاد السوفيتي قرر نيازوف إغلاق كافة المساجد، وضيق على حرية العبادة، وكان المصلي في تركمانستان كبائع المخدرات كلاهما مطلوبا، ومع انهيار الاتحاد السوفيتي أعلن نيازوف نفسه رئيسا لجمهورية تركمانستان وحامي الاسلام والمسلمين، وأعاد المساجد مرة آخرى.

وأصدر القرارت الآتية:
قرار جمهوري : اسمي تركمنباشي.. وتعني والد وأب لكل التركمان.

قرار 2: قراراتي محصنة ولا تراجع فيها، وكل من يعارضها، لا يلوم إلا نفسه.

قرار 3: صنع تماثيل ذهبية لنفسه في كل الميادين، وحاوط الشعب التركماني بصوره في كل مكان، في أي مكان تذهب إليه ستجد صورة له، (التماثيل الذهبية استهلكت ربع ميزانية الدولة).

قرار 4: ألف كتاب روح نامة (روخنامة).. ووضع في الكتاب كل أفكاره “الهطلة”، وأصبح الكتاب يُدرس في المدارس في كل المراحل التعليمية.. ويُخفظ مثل القرآن.. في واقعة شبيهة بواقعة الكتاب الاخضر الذي ألفه القذافي (سجلت حلقة عنه ستنزل قريبا، وبالمناسبة الكتاب لا يوجد به خرافات، من التي تنتشرة على الإنترنت).

وقال نيازوف إن كل من يقرأ هذا الكتاب ثلاث مرات سيكتشف ثروة روحية، وسيزداد ذكاءا وفطنة، وسيكون مصيره الجنة، قبل أن يضع نسخة من هذا الكتاب في صاروخ فضائي روسي ليدور حول الأرض فيه.

– وضع أغرب تقويم في الدنيا، حيث وضع أسماء عائلته بدلا من شهور السنة، فأصبح اسمه هو بدلا من شهر يناير، وسمي شهر أبريل باسم شهر الأم، لكن في موقف تاريخي رفض البرلمان تسمية شهر أبريل باسم الأم، وقالوا : “هنسميه سلطانة على اسم أم الرئيس”.

أه اومال انت فاكرها سايبة ولا إيه؟

– قرار 6 : ممنوع تربية الشارب واللحية، وأعطي الشعب أسبوعا لحلاقة اللحية والشارب، وأي فرد سيتم مسكه بلحية أو شارب، سيتم لزق إستيكر عليه، وإذا كررها سيتم ترحيلك لقسم الشرطة.

في اليوم الثاني لمكوثك في قسم الشرطة، يأتي الحلاق لحلق شعرك، ثم تدفع غرامة، وتدفع للحلاق، وتنظف حمامات قسم الشرطة، ولو تكرر الأمر سيتحول الأمر لقضية ويتم سجنك، عبث وعته وللأسف كان له مؤيدين، وعقليات قذرة، تقول حتى الآن ولا يوم من أيامه.

– لا يوجد قانون، فالقضاء يحكم وفقا لكتاب روح نامة، ووعد الشعب أن من يحفظ الكتاب سيدخل الجنة، لأن الكتاب عبارة عن فتح من الله عليه.

– وضع صورته على كل شيء، من أكياس الخضار، حتى المشروبات الكحولية، يعني لو قررت أن تذهب لتشرب وتنسي هذا الهم، ستجد طلته البهية على زجاجة الخمر.

وعدل الدستور، ووضع فيه مادة تخص فترات الحكم، هي أن يظل يحكم البلاد حتى توافيه المنية، وطبق قاعدة جميلة تقول “طول ما فيا الروح محدش يقولي روح”.

واقتصاديا، كانت الدولة خامس أكبر احتياطيات العالم من الغاز الطبيعي، ويصدروا الغاز لروسيا وايران والصين، ومع ذلك كان الشعب يعيش في فقر، لأنه يحتكر الثروة لنفسه.

وتوفي نيازوف في 21 ديسمبر 2006، عن 66 سنة وخرج الشعب التركمانستاني ليشيعه بالآلاف.. وكان يقول مؤيدوه: “ولا يوم من أيامه.. دي تماثيله الدهب بتزغلل العين.. دا كان بيحلي الخمرة اللي صورته عليها”…

وعين الشعب التركماني (قال يعني الشعب بيعين) رئيس مؤقت اسمه جوربانجولي برديمخمدوف وكان طبيب الأسنان الخاص بالرئيس الراحل ويقال إنه ابن غير شرعي له، لكن لماذا لم يمسك رئيس البرلمان الدولة، الإجابة لأن الرئيس الجديد “برديمخدوف” أقال رئيس البرلمان “افيزجلدي اتاييف”، لإتهامه بعمل توتر قبلي، وحاكموه بتهمة منع ابنه من الزواج من فتاة تنتمي لقبيلة مختلفة، ورفعوا عنه الحصانة.

وفي سنة 2007 تم انتخاب جوربانجولي برديمخمدوف” رئيسا بنسبة 101٪ لأنه كان واخد مستوى رفيع، وفي أول تصريح له، قال: “أنا همشي على خطي الرئيس الملهم نيازوف”.. والناس هناك قالت له ما له وعليه ما عليه برضه.

وفي قرار ثوري، كرّم محمدوف، سلالة كلاب ألاباي المفضلة لديه بنصب تمثال ذهبي عملاق لها، والذي يبلغ طوله 19 قدما (6 أمتار) في العاصمة عشق أباد، وكلاب ألاباي هي إحدى فصائل الكلاب التركمانية التي تربى في المنزل وتستخدم ككلاب للرعي في آسيا الوسطى.

وتندرج تحت التراث الوطني للبلاد، وهذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها تكريم السلالة من قبل الرئيس فقد خصص كتابا بأكمله العام الماضي لكلاب ألاباي.

وأبيض شعر الرئيس، فطالبت السلطات التركمانستانية موظفي الدولة، ممن تخطوا سن الأربعين، بصبغ شعرهم باللون الرمادي حتى يصبح بنفس لون شيبة شعر رئيس الجمهورية ” قربانقلي بردي محمدوف”، وإذا قام الرئيس بزيارة إحدى المناطق، فلابد وأن يرى موظفين شيّبًا فقط، وكانت مؤسسات الدولة، والمدارس والمستشفيات قد اضطرت في عام 2019 إلى شراء صورة جديدة لبيردي محمدوف وهو بالشعر الرمادي، بعدما زحفت الشيبة على شعره الأسود في الأصل.

ناهيك طبعا على الفتاوي الحساسينية (نسبة لسعيد حساسين)، ومنها أنه منع لقاحات كورونا وطلب من الشعب شرب العرقسوس.

تركمانستان تحتفل بإجازة جديدة تم استحداثها لتكريم سلالة أصلية من الكلاب - BBC News عربي

وفي مارس2022، ترك محمدوف الحكم لابنه سردار بردي محمدوف، وكان والده عينه في أكبر 3 مناصب في البلاد، بعد تعيينه نائبًا لرئيس الوزراء، وعضوية مجلس الأمن القومي، ورئيسًا لهيئة الرقابة العليا، وتعتبر رئاسة هيئة الرقابة العليا أهم منصب في البلاد وأهم جهاز حكومي للرقابة على الشؤون المالية والاقتصادية.

ويعطينا ويعطيك طولة العمر.. القصة دي انت شفتها قبل كدا متنكرشز. خليها في سرك بقى.

 

بهاء حجازي

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!