في 19 يوليو 1937، ولد الفنان الكبير محمد أبو الحسن في القاهرة، وترك تاريخا فنيا مليئاً بالكوميديا والفن بأدوار رغم صغرها إلا أنه استطاع ترك بصمة بها، ولعل جميعنا يتُذكر دوره الخالد في مسرحية “سك على بناتك”، مع رائد الكوميديا فؤاد المهندس.
تخرج محمد أبو الحسن عبدالله، في كلية الزراعة في عام 1960، وعمل مهندسًا زراعيًا بمديرية التحرير (جنوب محافظة البحيرة في مصر)، لكن حبه للفن دفعه للسعي وراء العمل الفني، بعد أن برزت موهبته من خلال المسرح الجامعي، فُعين في التليفزيون في برامج الأطفال، حيث عمل بالإخراج والتمثيل.
ثم قدمته الفنانة نجوى سالم (واحدة من أفضل الفنانات على المستوى الإنساني ونهايتها حزينة للغاية رغم أياديها البيضاء على الجميع)، من خلال فرقتها المسرحية، في مسرحية (حاجة تلخبط) في عام 1971، واشترك بعد ذلك في عدد من المسرحيات منها (المتزوجون (كان يلعب دور قبل أن يترك المسرحية ويذهب الدور لمحمد التاجي)، من أجل حفنة نساء، حاول تفهم يا ذكي)، لكن دوره الأبرز على اﻹطلاق في مسرحية (سك على بناتك)، ولعل الصدفة لعبت دورا كبيرا في قيام أبو الحسن بهذا الدور.
الصدفة لعبت دورها
كان الفنان أسامة عباس يقدم دور حنفي في المسرحية التي كتبها لينين الرملي وأخرجها فؤاد المهندس، لكن لظروف مرض والدته تغيب الفنان أسامة عباس عن العرض، وكان أبو الحسن في المسرحية يقدم دور رئيس السفرجية في المشهد الافتتاحي، ولأن أبو الحسن كان يحفظ المسرحية، فقدم دور حنفي إنقاذا للموقف، وبالفعل قدم أبو الحسن الدور وأجاد به، الأمر الذي جعل فؤاد المهندس يصور المسرحية بمحمد أبو الحسن، ليخلد محمد ابو الحسن في واحد من أشهر أدواره على الإطلاق.
وقدم أبو الحسن للتليفزيون العديد من الأعمال كمسلسلات (الوسية، المال والبنون، على هامش السيرة)، لكن ظهوره المميز في فيلم 442 مع سمير غانم ويونس شلبي، كان دورا كوميديا استطاع أبو الحسن فيه أن يثبت نفسه وسط كوكبة من عمالقة الكوميديا.
فترة المرض وسهير رمزي
داهم أبو الحسن المرض في عام 1986، إذ فوجئ أثناء عمله بآلام شديدة في القلب على إثرها تم نقله للمستشفى و استدعت حالته السفر إلى باريس لإجراء جراحة تغيير لسبعة شرايين في القلب، تكفلت الفنانة سهير رمزي بتكاليف العملية بسبب تقديرها لفن محمد أبو الحسن، لكن تدهورت حالته الصحية، حتى أنه خلال الفترة الأخيرة من حياته ظل طريح الفراش، لا يسأل عنه أحد.
وبعد سنوات من الغياب، بكي محمد أبو الحسن، وبمنتهي المرارة قال في آخر لقاء له مع الإعلامي معتز الدمرداش، إنه يعمل في التلفزيون منذ زمن الأبيض والأسود، وكل راتبه 6 الاف جنيه فقط لا غير، ينفقهم على علاجه، وقال وهو يبكي، “أنا فنان سابقا ومتسول حاليا”.
واشتكى أبوالحسن من إهمال الفنانين له في مرضه ومن إهمال نقابة الممثلين، وقال إن الفنانة سهير رمزي هي الوحيدة التي وقفت بجانبه، وتحملت تكاليف علاجه، وسط إهمال كبير من باقي النجوم ممن زاملهم في الأعمال الفنية المختلفة، وكان آخر ظهور تلفزيوني له في مسلسل “ابن النظام”، من بطولة الفنان هاني رمزي، تأليف مهدي يوسف وإخراج أشرف سالم، وسيت كوم الشركة تأليف وإخراج معن القطامين.
أما آخر ظهور سينمائي له، فكان في فيلم صرخة نملة من بطولة عمرو عبدالجليل ورانيا يوسف وحمدي أحمد، وظهر محمد ابو الحسن كضيف شرف الفيلم، وظهر جليا عليه آثار المرض والتعب، الفيلم الذي كتبه المؤلف طارق عبد الجليل (الشقيق الأكبر لعمرو عبد الجليل)، وأخرجه سامح عبد العزيز،، عُرض بعد ثورة يناير مباشرة، فلم يحقق النجاح المرجو منه سينمائيا، لكنه لاقى قبول كبير عند عرضه تليفزيونيا.
وظل المرض ينهش في جسد محمد أبو الحسن الهزيل، وتنكر له الجميع، وقال أبو الحسن في تصريحات لموقع مصراوي في أخر حوار له إنه كان صديق شخصي للفنان عادل إمام فقد كان عادل إمام في كلية الزراعة جامعة القاهرة، وكان محمد أبو الحسن في كلية الزراعة جامعة عين شمس، وكان محمد أبو الحسن نجم الفرق الجامعية، فتقرب منه عادل إمام _ على حد قوله_ لكن إمام رد الجميل بأن ” طفشه ” من مسرحية مدرسة المشاغبين، حيث كان مرشح لدور أحد التلاميذ، وقال أنه إمام لا يحب العمل مع أي شخص ساعده قبل الشهرة، وظل يشعر بقلق شديد من وجودي ولم يهدأ له بال حتى دفعني للانسحاب من العرض، وكانت حياتي ستتغير تماما لو اشتركت في هذه المسرحية.
كان الألم والمرض والنكران يحيطون بمحمد أبو الحسن حتى وافته المنية يوم الثامن من يونيو من عام 2014 نتيجة اﻹصابة بأزمة قلبية، ليرحل حنفي نسيب الدكتور رأفت، حنفي الذي فشل في الإمساك بيد “فوزية”، ولا يعرف من هي “ميرفت أمين”.
