تقاريرسلايد

تجربة مليجرام.. اخرج الوحش الذي بداخلك

تسعي التجارب التي تقام على البشر لقياس استجابات الإنسان المختلفة، والبحث في مكنونه، وأسرار النفس البشرية التي لا تنضب، الأسرار التي لا يتوقف الإنسان ككائن معقد على الإتيان بالجديد منها، ومن أهم هذه التجارب تجربة ميلجرام التي تقيس مدى “الانصياع والطاعة”. 

العالم الأمريكي “ستانلي ميلجرام” والذي سميت التجربة باسمه، حاول فهم العنف الذي ارتكبته البشرية بعد الحرب العالمية الأولى والثانية، ليفهم عقلية من أطاعوا الطغاة في تلك الحروب على الرغم من أن أفعالهم تُناقض ضمائرهم ومبادئهم، أي أن الشخص الذي يتحلى بالمبادئ، لماذا يشارك في قتل الآلاف من البشر، وكان الغرض من التجربة أن يجيب عن سؤال “هل هناك إحساس مشترك بأخلاقية تلك الجرائم عند الذين تورَّطوا بها؟؟

فكرة التجربة 

تم جمع المشاركين في التجربة من خلال إعلان نشر في جريدة يطلب أفراداً للمشاركة في دراسة تجريها جامعة ييل، وأجريت الاختبارات في غرفتين في قبو تابع للجامعة. 
ونصَّ الإعلان على أن التجربة تستغرق ساعة واحدة مقابل 4.5 $ (تعادل 50$ عام 2022). وكان المشاركون رجالاً ما بين 20 ـ 50 عاماً ينتمون إلى مختلف المستويات الاجتماعية والثقافية، منهم من لم ينه تعليمه الثانوي، وآخرون أتموا الدكتوراه.

undefined

أما فكرة التجربة فتشمل ثلاثة مشاركين، يكون الرئيس والمعلم “المتطوع” في نفس المكان، ويجلس التلميذ في غرفة أخرى، على أن يتمكن المعلم من سماعه، يقرأ المعلم على التلميذ مجموعة من المفردات ويطلب منه حفظها، وعند كل خطأ يقع فيه التلميذ على المعلم يستخدم بشكل متصاعد جهازًا للصعق الكهربائي تتراوح شدته بين 30 إلى 450 فولتًا.

وكان جهاز الصعق الكهربائي لا يعمل، ولكن التلميذ كان يمثل الإصابة والالم بالتزامن مع أصوات صراخٍ مسجلةٍ مسبقًا، ومع ارتفاع فولت صعق الكهرباء يبدأ التلميذ بضرب جسده في الحائط والشكوى من مرض في قلبه بشكل تمثيلي.

حسنا، من المفترض أن يتوقف الشخص الذي يقوم بالصعق لأن المصعوق يتألم، لكن التجارب التي تكررت على مجموعات مختلفة من البشر  من فئات مختلفة ثقافيا ومجتمعيا، كانت صادمة، حيث استمر البشر بالصعق طالما جاءتهم الأوامر من سلطة شرعية، وهي في هذه الحالة العالم الذي يرتدي معطف الطبيب الذي يمثل السلطة الشرعية في التجربة.

دخلك بتعرف تجربة ميلجرام في إطاعة السلطة؟

 وكانت نتائج التجربة كالتالي: 

–  65% من المشاركين في التجربة وصلوا لأقصى درجة من الفولتية في صعق الكهرباء، وهي 450 فولتًا.

بل وخذ هذا الأمر المحزن، أظهر بعضهم استمتاعه بسماع صوت صراخ التلاميذ، فكلما أبدى المتطوع تردده في صعق التلميذ بالكهرباء، جاءته أوامر من الطبيب أن يتابع من خلال كلمات تحفيزية تخلي مسؤوليته من أي ظروف قد تحدث للتلميذ.

وإذا أبدى المشارك في أي مرحلة من مراحل الاختبار رغبته في التوقف، كان (المشرف) يوجه إليه سلسلة متتابعة من التنبيهات، وفق التسلسل التالي:

1 ـ الرجاء الاستمرار.

2 ـ الاختبار يتطلب منك أن تستمر، استمر رجاء.

3 ـ من الضروري أن تستمر.

4 ـ ليس لديك خيار، يجب عليك الاستمرار.

إذا ظل المشارك عند رغبته في التوقف بعد ذلك، يتم وقف الاختبار، وإلا فإن قيامه بتوجيه الصعقة ذات الشدة 450 فولت يعتبر جرس النهاية للاختبار، ومع تنفيذ المشارك لها يتم التوقف.

تجربة ميلغرام : التجربة التي صدمت العالم - كابوس

 لتظهر التجربة إن البشر لديهم القدرة على إيذاء أشخاص لا يعرفونهم من دون سبب مقنع ما داموا يتلقون الأوامر من سلطة شرعية تخلي مسؤوليتهم مما يفعلونه، وهو ما يحدث في حالة الجيوش والشرطة، فعسكر الأمن لن يشعر بأي ألم عند ضرب متظاهر أو مواطن لأن السلطة الأعلى والشرعية التي يتم زرع في عقلها إنها تحمي استقرار البلد، أمرته بفعل ذلك. 

وكذلك تفسر التجربة مدى درجات انصياع الشعوب للسلطات والجرائم البشعة التي يرتكبها الجيوش والشرطة في أهلهم وأقاربهم تحت حكم العديد من الأنظمة الديكتاتورية.

 وفي كتابه “الانصياع لللسلطة”، يقول مليجرام: “قول ملغرام: النتائج كما تابعتها في المختبر، مقلقة، إنها ترجح أن الطبيعة البشرية غير جديرة بالاعتماد عليها لتبعد الإنسان عن القسوة، والمعاملة اللاإنسانية، عندما تتلقى الأوامر من قبل سلطة فاسدة. نسبة كبيرة من الناس مستعدون لتنفيذ ما يؤمرون دون أخذ طبيعة الأمر بعين الاعتبار، وبدون حدود يفرضها الضمير، مادامت الأوامر تصدر من سلطة شرعية.

وإذا تمكن في هذا الاختبار، مشرف مجهول، من أن يوجه الأوامر لمجموعة من البالغين لقهر رجل في الخمسين من عمره، وإخضاعه لصعقات كهربائية مؤلمة رغم احتجاجاته ومرضه لا يسعنا إلا أن نتساءل عما تستطيع الحكومات بما لها من سلطات أوسع بكثير أن تأمر به .

 

فيديو لتجربة مليجرام 

 

المصادر 

اختبار ملغرام – ويكبيديا. 
تجارب تثبت أنك ستكون شريرًا عند أول فرصة متاحة لذلك – نون بوست. 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!