التريندتقاريرسلايد

متلازمة ستوكهولم.. أزمة ركين سعيد في “سفاح الجيزة”

أزمة نفسية لها تاريخ

كتب – أحمد المرسي

يعرض الآن على منصة شاهد مسلسل “سفاح الجيزة”، وهو المسلسل المبني على أحداث واقعية، عن سفاح قتل صديقه ثم تطور الامر إلى أن يعيش بأكثر من شخصية ويقتل عدد من زوجاته والنساء في الحياة حوله، إلى أن سقط في قبضة العدالة.

ويلعب الفنان أحمد فهمي دور جابر في مسلسل سفاح الجيزة، الاسم الذي اختاره صانعوا العمل الدرامي، للقذافي، المجرم الحقيقي والذي حكم عليه بالإعدام.

ولفت نظر المشاهدين الشخصية التي تلعبها الممثلة الأردنية “ركين سعيد” والتي جاءت باسم “زينة”، حيث يحتجزها “جابر” في شقة منعزلة بدون أي أثاث، ومع ذلك يظهر انها واقعة في حبه وغرامه.

وترتكن شخصية “زينة” في المسلسل على شخصية واقعية، كانت أحد ضحايا السفاح، وتدعى في الحقيقة “نادين”، ويهمنا هنا تحليل شخصية زينة التي أثارت ردود فعل غريبة لدى المشاهدين.

وكانت ركين سعيد تعرف أن الشخصية سوف تثير الكثير من الجدل، حيث قالت في أحد تصريحاتها: “أتوقع أن يتعاطف المشاهدون مع زينة فهي مزيج ما بين الضحية والجلاّد، فليس هناك من أبيض وأسود في شخصية زينة، إذ أنها مليئة بالتحوّلات والانعطافات”. 

الصورة الحقيقة لنادين "زينة"
الصورة الحقيقة لنادين “زينة”

سفاح الجيزة وستوكهولم

وتسمى المتلازمة النفسية التي تصف حالة “زينة” في المسلسل بمتلازمة ستوكهولم، وهي متلازمة تعبر عن وقوع الضحية في حب جلادها وسجانها.

وقد اشتهرت تلك المتلازمة بعد واقعة حدثت في مدينة “ستوكهولم” العاصمة السويدية، مما دفع خبراء علم النفس بتصنيف هذا الاضطراب النفسي باسم المدينة التي وقعت فيها الحادثة.

واشتهرت تلك المتلازمة النفسية في عدد من الأعمال الدرامية كان أهمها المسلسل الإسباني المشهور “لا كاسا دي بابيل La Casa de Papel”، حيث يتعاطف الضحية مع الجاني ويشكل مشاعر إيجابية معه، على عكس المشاعر  الطبيعية التي تكون من الضحية للجلاد وهي مشاعر الخوف والاحتقار والكراهية.

سرقة بنك

بدأت القصة كلها في عام 1974 عندما قام مجموعة من الخاطفين بسرقة أحد البنوك في مدينة ستوكهولم، وكان من بين المختطفين السيدة الأمريكية باتي هيرست حفيدة الصحفي الشهير ويليام راندولف هيرست، والتي ورثت فيهما بعد صحيفة كاليفورنيا.

كانت باتي من ضمن مجموعة من الضحايا المختطفين، من عصابة مسلحة، تم احتجازهم لمدة 6 أيام، وقد تعرضت للضرب المبرح الذي أفقدها وعيها، وتم وضعها في غرفة مغلقة، معصوبة العينين، مهددة بالقتل، مربوطة اليدين، وقد ساوم الخاطفون أهلها على توزيع 70 دولار على كل شخص محتاج في مدينة كاليفورنيا، وهو ما كان سيكلف العائلة 400 مليون دولار.

اقترض والدها مليوني دولار وقام بالفعل بتوزيعها على فقراء كاليفورنيا، ولكنهم لم يفرجوا عن باتي، التي كانت قد ردأت تظهر تعاطفيًا مع الخاطفين، لدرجة أنها تورطت بالفعل معهم.

حب الجلاد

بدأت باتي تتعاطف مع الخاطفين بعد أن سمحوا لها بالخروج من الغرفة المظلمة، والأكل معهم، وفك عصابة عينيها، وتحدثت معهم في نقاشات سياسية، وعرفت أنهم مجموعة يسارية تسمى “جيش التحرير التكافلي”، أدت بها في النهاية لأن تصنع قنبلة مع العصابة.

تحولت باتي من ضحية مختطفة إلى عضو في العصابة، وبعد أن تم إطلاق سراحها، انضمت باتي إلى العصابة، وبعد شهرين من أخذها لحريتها، وانضمامها للعصابة، تم إلقاء القبض عليها والحكم عليها بالسجن 35 عامًا، ولكن خفف الحكم لـ 7 سنوات، ثم نالت عفوًا رئاسيًا من الرئيس كلينتون.

لم تكن باتي هي الوحيدة التي تعاطفت مع الخاطفين، حيث قال أحد الرهائن: لقد عاملون معاملة حسنة، خاصة زعيمهم “جان إيريك أولسون”.

وقالت إحدى الموظفات في البنك وهي “إليزابيث أولدجرين:”لقد كنت أعاني من رهاب الأماكن المغلقة، وكان لطيفًا من أولسون أن أمر بالسماح بمغادرتي القبو الذي تم سجن البقية فيه” على الرغم أنها كان يربطها بحبل في رقبتها.

تعاطف ضحايا البنك مع الخاطفين، للدرجة أنهم رفضوا أن يتحرروا من قبضتهم، واضطرت الشرطة من أجل تحريرهم إلا إطلاق غاز مسيل للدموع على القبو، من أجل أن يخرجوا منه!.

علماء النفس ومتلازمة ستوكهولهم

آثار هذا السلوك تعجب علماء النفس بشكل كبير، حيث يقع الشخص في حب مصدر التهديد المرعب عندما يقوم بمنحه أشياء تافهه مثل الطعام أو السماح له بدخول الحمام، باعتبارها رحمة كبيرة.

هذا السلوك دفع عالم نفس الجريمة دكتور نيلز بيجيروت لأن يصيغ مصطلح “متلازمة ستوكهولم” تبعًا لحادثة الاختطاف الشهيرة في مدينة ستوكهولم.

ولازالت المتلازمة حتى الآن خاضعة للدراسة بشكل كبير، ويرجعها العديد من خبراء علم النفس التطوري إلى التاريخ الطويل الذي تعرضت له الضحايا عبر التاريخ، وخاصة النساء.

فتقول النظرية أن النساء عشن فترات طويلة مسلوبات الإرادة لا هم لهم سوى الحفاظ على حياتهن، فالمراة في المجتمعات القديمة كانت تواجه الخطف، والأسر والاغتصاب، خاصة في المجتمعات البدائية، وقتل الأطفال، وكان هذا أمرًا شائعًا، ففي فترات طويلة من التاريخ كانت المراة تؤخذ كسبية وتباع كجارية، وكان عليها أن تندمج في مجتمع خاطفها من أجل أن تحافظ على حياتها، وتنجو. وهو ما طور لديها نمط يعرف لدى القبائل البدائية حتى الآن، وبعض الثدييات المتطورة.

ولازال الارتباط بالخاطف إلى الآن مستمر، وهو يحدث في كثير من الأحيان مع الزوجات اللواتي لديهن ميول مازوخية، المرتبطة بالعقاب. وكذلك تطور هذا السلوك لدى مجتمعات كاملة، خاصة في الدول التي يتفشى فيها النظم القمعية. فيعجب المواطنين في المجتمع في أحيان كثيرة في رموز تلك النظم القمعية، فيعتاد الشعب على القمع والذل لدرجة تجعله يخشى من التغيير ويدافع عن النظام القمعي الحاكم له فرحًا بمحاسنه القليلة.

 

اقرأ أيضًا:

 

بعد تجسيد قصته.. من هو قذافي سفاح الجيزة الحقيقي؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!