تقاريرسلايد

مقتل زينب.. امراة واحدة مقتولة لكن بجثتين

مذكرات سيدني سميث

 

كانت “زينب” امرأة تبلغ من العمر أربعين عامًا، تعيش في أحد القرى الريفية في مصر، في بدايات القرن العشرين، وزوجها متزوج عليها امرأة ثانية.

لم تكن تلك القضية، ففي تلك الفترة كانت تكثر الزيجات من امرأتين، ففي الطبقات الأرستقراطية كان يتم الزواج من امرأة أخرى تكون حملًا على زوجها من حيث النفقات، ولكن كان هذا يكسبه مظهرًا اجتماعيًا كبيرًا، وفي الأرياف كان الزواج من امرأة ثانية يعني إضافة يد عاملة أخرى إلى الأسرة.

في ذات يوم تشاجرت زينب مع زوجها، ومن ثم اختفت، لم يعرف أحد مكان زينب في القرية كلها، لتبدأ التحقيقات وتفصح عن واحدة من أكثر جرائم القتل غموضًا.

جثة زينب

يروي لنا القصة الطبيب الشرعي البريطاني سيدني سميث، في كتابه الصادر عن دار المصرية اللبنانية بعنوان “قاريء الجثث” ومن ترجمة الأستاذ مصطفى عبيد.

يقول سيدني أن البوليس المصري اعتقل زوج زينب مباشرة بعد اتهام اسرتها له بقتل ابنتهم. ولكن لم تسفر التحقيقات عن شيء. فأطلقوا سراحه.

ظلت أسرة زينب تظن أن الزوج هو قاتل ابنتهم. وظل شقيق القتيلة الأعمى “سعيد” يدور حول بئر عند أطراف القرية، ويشمشم، ويحفر بجوار البئر، معتقدًا أن أخته مدفونة في تلك البقعة. وبعد ستة أيام أخبر الشرطة أنه متأكد من أن أخته ملقاة في ذلك البئر.

توجهت فرقة من البوليس إلى البئر وبالفعل تم إخراج شوال به بعض الحجارة وبقايا جثة متآكلة بسبب الماء. وتعرف أهل الضحية عليها، وقالوا أن القتيلة هي زينب.

في التخشيبة

تم إدخال زوج زينب مباشرة إلى السجن، ومواجهته بالاتهام بقتل زوجته. ومن أجل الحصول على اعتراف منه، أدخل البوليس معه في السجن مخبر متخفي، قام بعمل صداقة مع المتهم، فاخبره المتهم أنه بريء من ذلك، وأن الجثة التي وجدت في البئر ليست جثة زينب، وأن أهل زوجته هم من وضعوها في ذلك المكان من أجل إلصاق التهمة به، وأنه متأكد من ذلك، فسأله المخبر كيف هو متأكد، فأخبره أنه يعرف مكان جثة زينب!

سأله المخبر عن المكان فقال له أنها ملقاة في مصرف مسجد القرية الوحيد، وسأله المخبر: كيف عرفت ذلك. وأجابه لأن أهل زوجته الثانية هم من قتلوها!

مصرف مسجد القرية

توجهت الشرطة إلى المصرف، وتم فتحه لمدة ثلاثة أيام، إلى أن ظهرت بالفعل جثة امراة متحللة، على الفور تم إخبار أهل زينب بإيجاد جثة ابنتهم، ولكن بعد المعاينة قال أهل زينب أن هذه ليست ابنتهم وأن ابنتهم هي تلك التي وجدت في البئر. وأصبح لدى الشرطة معضلة كبيرة، فهناك جثتين وقتيلة واحدة، إذًا من تكون المرأة الأخرى؟!!

عم فودة وفاطمة

مع تعقد القضية قام رجل يدعى فودة بإبلاغ الشرطة أن ابنته فاطمة التي ماتت ودفنها قد اختفت من قبرها، ولا يعرف أحد اين ذهبت.

على الفور قال زوج زينب أن الجثة التي وجدت في البئر هي جثة فاطمة، وأن أهل زينب قد سرقوها من أجل إلصاق التهمة به، فبدون جثة ما كان هناك قضية، وهم قد سرقوا تلك الجثة من أجل إلصاق التهمة به، وخلق قضية. ولكن هذا الإدعاء لم يفلح. لأن فودة قال أن هذا مستحيل، حيث أن ابنته ماتت بعد العثور على الجثة التي في البئر بالفعل!

الطبيب الشرعي البريطاني

على الفور تم استدعاء سيدني سميث الطبيب الشرعي البريطاني والذي يعمل مع النيابة، من أجل فحص الجثتين ومن أجل حل تلك القضية الغريبة.

فحص سيدني الجثتين، وعثر على عدد كبير من الأدلة، كان أولها ان الجثة المتحللة في المصرف كانت لامرأة قد حلقت شعر العانة الخاص بها، بينما الجثة في البئر كانت لامراة لم تحلق شعر عانتها، واستدل من ذلك على أن المرأة التي وجدت جثتها في المصرف كانت متزوجة، أم المراة الثانية لم تكن متزوجة. كما تقتضي عادات الفلاحين في ذلك الوقت.

ولذلك مال سيدني إلى أن الجثة التي في المصرف هي جثة زينب بالفعل، أكد ذلك وجود بقايا ملابس على جثتها المتحللة، بينما كانت الجثة الثانية التي وجدت في البئر عارية، مما يؤكد انها بالفعل كانت قد تم تعريتها وتغسيلها ولفها في كفن، ودفنها، وتم إخراجها بعد دفنها وتخليصها من الكفن، وهو ما يدل أن تلك الجثة من الممكن أن تكون لفاطمة.

في الجثة التي وجدت في المصرف عثر على الجمجمة وقد فقدت عدة أسنان وهو ما يؤكد أنها كانت كبيرة السن أو وصلت للأربعين، بينما كانت الجثة العذراء الثانية كاملة الأسنان، وبسؤال أخت فاطمة عن طولها أختها قالت “في مثل طولي” ووجد أن طولها كان خمسة أقدام، وهو نفس طول الجثة التي وجدت في البئر.

استنتاجات بوليسية

مع جمع الدلائل عن الجثتين، تبين أن ما حدث كان كالآتي، هو أن فودة كان قد باع جثة ابنته لأهل زينب، الذين قاموا بإلقاء الجثة في البئر، وأدعوا انها جثة ابنتهم من أجل عمل قضية أمام البوليس واتهام زوج ابنتهم في قتلها. لأنه بدون جثة لم يكن يوجد قضية. وبعد أن تم الكشف عن الجثة الحقيقية في المصرف، لم يستطع أهل الضحية أن يكذبوا أقوالهم الأولى فأصروا عليها.

مع سجن زوج زينب اعترف أنه هو من قتلها بالفعل وألقاها في المصرف، وليس أهل زوجته الثانية، وبذلك حلت قضية غريبة وأن أغرب قضايا القتل في القرن الماضي!

 

اقرأ أيضًا: 

عائلة فوكس.. ثلاثة شقيقات احترفن تحضير الأرواح بالمصادفة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!