المقالاترياضةكُتاب

رائد عزاز يكتب: “القلب يعشق كل جميل”

 

احتفلت الأمة الأسلامية الأسبوع الماضي بوقفة عرفات التي تنفتح معها أبواب السماء لتلقي الدعاء من ملايين الموحدين الطامعين في رحمة رب عفو كريم.

كنت واحد من حجاج بيت الله عام ٢٠٠٧ و مازلت حتي اليوم أتذكر كل التفاصيل التي تقترن في ذهني دائما برائعة بيرم التونسي و أم كلثوم (القلب يعشق كل جميل)، خصوصا المقطع المؤثر الذي عبر بدقة عن حالة الشجون التي عشتها  هناك: (دعاني لبيته لحد باب بيته .. و أما تجلالي بالدمع ناجيته).

وفي فترة أقامتي بالأراضي المقدسة لم تخلو من عدة مواقف طريفة لها علاقة بكرة القدم و نجومها..أذكر منها:

 لقاء بأبو تريكة 

— في أثناء تواجدي بمشعر مني أتجهت نحو الحمام الموجود داخل مجمع الخيام المكدس، لكنني تهت عن الطريق فأقتربت من شخص يقف بظهره وحيدا و سألته فأستدار نحوي ليرد و كانت المفاجأة أنه النجم محمد أبو تريكه الذي لاحظ تدقيقي الشديد في ملامح وجهه فأبتسم بهدوء و هو يقول بتواضع :(أيوه أنا محمد) ثم أشار بيده نحو المكان المطلوب فشكرته و مشيت. خلال عودتي من رحلة الحمام الشاقة عزمت علي تبادل أطراف الحديث معه , إلا أنني وجدته هذه المرة بصحبة وائل رياض و هادي خشبة وسط مظاهرة حاشدة من الحجاج المصريين و العرب الذين تخلوا عن حالة الروحانية بعد فك الإحرام و تسابقوا لألتقاط الصور مع اللاعبين ومحاصرتهم بأسئلة كروية من عينة: (هو ليه مانويل جوزيه مصمم يلعب بدون ليبرو في الدفاع؟).

— أحد أصدقائي العاملين بفندق شهير في المدينة المنورة دعاني لحضور حفل عشاء خاص كانت الأدارة ستقيمه علي شرف ثلاثي الأهلي المقيم بالفندق وبالطبع وافقت دون تردد لكن زوجتي أعترضت بشدة و صرخت بانفعال : ( هي الكورة ورانا ورانا…أحنا لازم ننام بدري علشان نصحي لصلاة الفجر)..بالطبع أستجبت صاغرا للفرمان الصارم و أتصلت بصديقي من أجل الأعتذار فأخبرني أن الحفل تم إلغاءه بناءا علي رغبة أبو تريكه و رفيقيه الذين فضلوا التفرغ لتأديه العبادات في هدوء بعيدا عن صخب التكريمات و ضجيج المعجبين.

حتى مطلع الفجر

— الخيمة المخصصة للرجال من مجموعتنا خلال أيام التشريق كانت صغيرة جدا، فأتفقت مع بعض الزملاء علي التوجه إلي فندق الأقامة ب مكة عقب منتصف الليلة الثانية، لكننا لم نجد مواصلات متاحة فقررنا قطع المسافة سيرا علي الأقدام. خلال الطريق شاهدنا عدد من الشباب يلعب مباراة كرة في أحد الطرقات فتوقفنا للمشاهدة قبل أن يهتف واحد منا : تلاعبونا ياكباتن؟ فرحبوا بالفكرة ليبدأ الجميع في (تشمير) الجلاليب إلا أنا متحججا بمعاناتي من شد عضلي فأختاروني حكما للقاء بعد أن تعهدت بألتزام الحياد التام…أندمجنا في المواجهة الحماسية و لم نستفق إلا علي صوت أذان الفجر الذي أصابنا بالخجل من أنفسنا فأقمنا الصلاة مكاننا ثم تابعنا المشي إلي مقصدنا دون أن نتبادل كلمة واحدة.

— حينما كنت أنتظر داخل صالون الحلاقة الممتليء عن أخره، سمعت نقاشا محتدما بين أثنين من العاملين الهنود لم أفهم منه شيئا لكن أسترعي أنتباهي تكرار أسم مارادونا عدة مرات علي لسان أحدهما , و عندما حان دوري للجلوس أمام الحلاق الذي يحمل نفس جنسيتهما و يتحدث العربية , دفعني الفضول لسؤاله عن معني الكلام و سبب الخلاف , فرد ضاحكا : ( دول مجانين …كل واحد بيشجع نادي و يؤكد أنه الأفضل رغم أن فريقي أنا هو اللي فاز بالكأس!) و قبل أن أستفسر منه عن علاقة مارادونا بالموضوع كان قد أنهي مهمته السهلة في أزالة شعر رأسي القليل بالموس ثم دفعني برفق كي أنهض و أفسح المجال لزبون أخر.

حقيقة هدف طلعت يوسف

— عقب خروجي من صلاة الجمعة بالمسجد النبوي التقيت مصادفة بالمدرب الكبير طلعت يوسف فقمت بتحيته بحرارة و هو الأمر الذي أثار أستغرابه حيث أنه كان وقتها غير معروف أعلاميا كما هو الأن. الحوار المقتضب بيننا أقتصر علي  تبادل الأمنيات ب حج مبرور , لكن قبل أن أودعه بادرني بسؤال: (أنت عرفتني أزاي؟) فأجبت بسرعة : (أشهر من نار علي علم يا كابتن) و أنتهزت الفرصة بعدها كي أستطلع رأيه عن صحة هدفه المثير للجدل خلال نهائي كأس مصر أمام الأهلي عام 1976 حين طار حذائه أثناء تسديده علي المرمي فأبتسم قائلا : أنت جاي تسألني بعد أكتر من تلاتين سنة… الجون سليم لأن الجزمة أتخلعت بعد الشوطة ما طلعت من رجلي.

— تصادف موعد أقامة كلاسيكو الدوري الإسباني بين البارسا و الريال في نفس توقيت مغادرتنا صوب مطار جدة من أجل أستقلال طائرة العودة للقاهرة , غير أن مشرف المجموعة أستجاب لتوسلات معظمنا بتأخير تحرك الأتوبيس حتي يتسني لنا متابعة أحداث المباراة من خلال الشاشة الكبيرة الموضوعة في بهو الفندق الذي قام موظفوه بتنبيهنا أكثر من مرة لخفض أصواتنا التشجيعية دون جدوي مما دفع المدير لغلق التليفزيون و أجبارنا علي الرحيل فورا بسبب الضوضاء التي أثرناها داخل محيط الشارع بأكمله.

(الأراء الواردة في هذا المقال، تعبر عن وجهة نظر صاحبها، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع)

مقالات آخرى للكاتب

 

رائد عزاز يكتب “جوارديولا عندنا… يادي الهنا!”

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!