بعد ظهوره في “معكم”.. بائع الحليب الذي أصبح أشهر قضاة العالم

هذا الرجل، ربما يكون الرجل الأشهر في أمريكا، أو قل القاضي الأشهر في العالم، بسبب مواقفه الإنسانية في أحكامه، التي تقترب من الشكل الدرامي أكثر منها قضايا في محكمة، هو الأمريكي فرانك كابريو.

 

 

ولد فرانشيسكو كابريو، والمعروف أكثر باسم فرانك كابريو في 23 نوفمبر 1936، في أسرة مكوّنة من ثلاثة أبناء والده أنطونيو كابريو ووالدته فيلومينا كابريو في حيّ فيدرال هيل في بروفيدنس، كان والده مهاجرًا إيطاليًا من تيانو ( مقاطعة كازيرتا) وتعودُ أصول والدته إلى مدينة بروفيدنس بالولايات المتحدة، عملَ والده في البداية كبائعٍ متجول وتخصص في بيعُ الفواكه والحليب.

التحقَ كابريو بالمدرسة العامّة في بروفيدنس؛ وكان يغسلٍ الصحون ويلمّع الأحذية لكسبِ مزيدٍ من المال، ومن هذه المهن البسيطة احتك بالبسطاء، هذا الاحتكاك الذي سيظل في ذاكرته طويلا، ويكتسبه منه حكمته وخبرته في الحكم على الناس.

تخرّجَ في المدرسة الثانوية في عام 1953، ثمّ التحقَ بكليّة بروفيدنس التي نالَ منها شهادة البكالوريوس، ليعمل كمُدرّسٍ في مدرسة الأمل الثانوية في بروفيدنس برود آيلاند قبلَ أن يتلحقَ بكلية الحقوق بجامعة سوفولك في بوسطن ليصيرَ محاميًا.

شغلَ كابريو منذ عام 1985 منصب قاضي محكمة في بلدية بروفيدنس، وترأسّ عددًا من المؤتمرات وشاركَ في عدّة مناسبات، وحصل فرانك على الدكتوراه الفخرية في القانون من كلية الحقوق بجامعة سوفولك في عام 1991 وكلية بروفيدنس في عام 2008، وكذلك حصل على الدكتوراه الفخرية في الخدمة العامة من جامعة رود آيلاند في عام 2016، وفي  2018 حصلَ كابريو على جائزة دائرة المنتجين في مهرجان رود آيلاند السينمائي الدولي.

 

 

حيث عمل قاضيا غير متفرغ بمحكمة البلدية عام 1985، حيث استمع لقضايا غير جنائية، وبعد بضع سنوات بدأ شقيقه جو تسجيل وقائع الجلسات، وأسمى البرنامج “كوت إن بروفيدنس”، لكن النقطة الأشهر في حياته عندما شارك في 24 سبتمبر 2018، في برنامج “اعتُقلَ في بروفيدنس”، وتعرّف عليه الجمهور الأمريكي ثمّ زادت شهرته بعدما تمّ تداول فيديوهاته على مواقع التواصل في مُختلف بلدان العالم، ليصبح القاضي الأشهر في العالم، حيث حقّق البرنامج نجاحًا كبيرًا وتم تمديدهُ لموسمٍ ثاني عُرض في يناير 2019.

يقول كابريو في حوار لصحيفة “ديلي ميل” البريطانية، إنه تعلم الرحمة من والده، الإيطالي المهاجر والذي عمل كبائع الحليب، حيث كان هو الآخر يدفع فواتير زبائنه ممن لا يستطيعون السداد، على الرغم من بساطة حاله.

واحد من القاطع الشهيرة لكابريو، فيديو لسيدة تراكمت عليها مخالفات بقيمة 400 دولار، وأثناء استجوابها في المحكمة انفجرت في البكاء بعدما حكت قصة ابنها الذي قتل، وعن الصعوبات التي واجهتها في العودة لحياتها الطبيعية بعد هذا الحادث الأليم، وحصد هذا الفيديو على ما يقارب الـ170 مليون مشاهدة، وأجمالا يتابع قناة البرنامج على اليوتيوب 2 مليون و300 ألف مشترك، وتم تأسيسها سنة 2015، وحققت مشاهدات تعدت النصف مليار مشاهدة.

معظم المخالفات التي يستعرضها كابريو تكون مخالفات غير جنائية، تكون لمخالفة سرعة، أو ركن السيارة في مكان غير مخصص للركن، ومعظم المتهمين من المهاجرين، سواء من العرب أو الأفارقة، مرة من المرات، وقفت أمامه سيدة سورية لكنها لا تتحدث الإنجليزية، وجلبت ابنتها الصغيرة لكي تترجم لها، بعد نهاية الترجمة، طلب القاضي من الطفلة الحكم على والدتها، فأسقطت الفتاة الحكم.

وعن أسباب تعامله مع المتهمين بهذه الطريقة، يقول كابريو: “يجب أن أضع في اعتباري ما إن كان الشخص مريضا أو والده أو والدته توفوا، وما إن كان أطفالهم يتضورون جوعا، القاضي يجي ألا يضع شارة أسفل الروب، بل قلب”.

 

 

 

عن حياته الشخصية، يقول كابريو إنه تزوج من جويس إي كابريو منذُ أكثر من 50 عامًا، ولديهم خمسة أطفال منهم: فرانك ت. كابريو، ديفيد كابريو، ماريسا كابريو بيسيه، جون كابريو وبول كابريو، بالإضافةِ إلى سبعة أحفاد.

 

 

واحدة من القضايا الشهيرة التي تناولها كابريو هي قضية لأب يبلغ من العمر 96 عاما، وقف يدافع عن نفسه، في قضية سير بسرعة قصوى في منطقة مدارس، وقال إنه كان يسير بسرعة لمحاولة الوصول بابنه المريض (صاحب الـ 60 عاما)ـ إلى المستشفى لإنقاذ حياته من نوبة قلبية خاصة وأنه يعاني من الشلل ومن ذوي الاحتياجات الخاصة ولأنه مصاب بالسرطان، فلم يجد القاضي الرحيم أمامه غير اسقاط التهمة وبراءة المتهم، وبكي الأب وهو يسمع النطق بالحكم، وأبكي كل من شاهد الفيديو.

وقال القاضي في كلمات بسيطة ومؤثرة للرجل الذي قارب من إكمال قرن من الزمان: “إذا كنت أنت في التسعين وقلقا على ابنك صاحب الـ 63 عاما لأنه مريض، فاتمنى أن أكون أنا كذلك مع أبنائي، لقد سقطت عنك التهمة لأنك أب رحيم، ثم أشار القاضي لابنه الذي كان يتواجد في قاعة المحكمة، وقال للمتهم: “أنظر هذا أبني، ربما يقول الآن، أبي هل ستكون رحيما بنا مثله عندما تصل للتسعين، أنت تجعل مني مثالا سيئا لأبني”، ثم ضحك.

 

ويدين كابريو بالفضل لما وصل له، إلى السيدة والدته التي كانت تتدخر من قوتها لكي توفر له نفقات الكلية، حيث قال لها إنه لا يستطيع دفع مصاريف كلية الحقوق، وسيؤجل الدراسة حتى يكمل النفقات فقالت له لا لن تفعل، وأخرجت له أوراق إيداع بقيمة 25 سنت (قرش)، و50 سنت، وأكبر قيمة إيداع قامت بها كانت بـ 5 دولار، يقول كابريو وهو يبكي: “هي سيدة عظيمة، لا أنساها أبدا، لقد ضحت بثمن علبة عصير لكي توفر لي نفقات تعليمي، وقد حققت حلمي وحلمها”.

 

أقرا أيضا

أخطاء تاريخية وقضاء ومدحت صالح.. أزمات مسلسل السندريلا