المقالاتتقاريرسلايد

دكتور محمد كامل يكتب “عبثية الدراما بين المسلمين والأقباط’

“هذا المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر المنصة”

من الطبيعي بل والضرورى أن يقدم الفن صورة واقعية لما يحدث في المجتمع كى يتسم العمل بالمصداقية ويمس وجدان المشاهد، لذلك لابد ألا تختلف تلك الصورة المقدمة فى العمل الفنى عن الحقيقة التى يجدها المتلقي فى يومياته، عندما سلطنا الضوء على بعض تلك المتغيرات وجدنا اختلاف واضح يصل لحد السذاجة فى كثير من الأطروحات التى يتناولها الفن سواء دراما أو سينما، من تلك الأمثلة مناقشة أو طرح موضوع الوحدة الوطنية الذى أرى وبكل صراحة سذاجة درامية مقدمة من معظم الأعمال تصل لحد الخيال، يرى المسيحيون والمسلمون على حد سواء اختلاف تام فى تلك الرؤية عن الحقيقة، للأسف تتعامل الدراما مع بعض القضايا الحساسة بطريقة فجة وغير ملائمة للواقع، تشعر وكانك فى مدينة فاضلة بعيد كل البعد عن حياتك الشخصية، كي لا أُتهم بالقاء عبارات مرسلة سأذكر لكم بعض الامثلة من الدراما، كثير من الاعمال الفنية سواء فى السينما أو الدراما بدون أى مناسبة أو سابق إنذار تجد وضع أسرة غيرة مسلمة فى الفيلم وتقوم تلك الاسرة بفعل ما لا يفعله أحد على وجه الأرض مع الابطال المحوريين، والعكس بالطبع إذ تجد بطلا مسيحي وهناك الصديق المسلم الذي على استعداد أن يأخذ من قوت بيته ليساعد صديقه، مشهد لا نجده فى الحقيقه بين الاخوه الأشقاء كي أصدقه دراميا بين أصدقاء، تجد فى مسلسل الشهد والدموع أحد أهم علامات الدراما فى الثمانينات الجار المسيحى الذى مستعد أن يضحى بنفسه من أجل جاره فى طرح غريب ومباشر يختلف مع رسالة الفن التي من المفروض ان تقدم لنا الفكرة والهدف بطريقة غير مباشرة، تشعر وكانك داخل كتاب قراءة يحكى لك قصة ثم يتكلم على التآلف الوطنى مباشرة ويعطي لك الدروس المستفادة، فى الحقيقة لم يجد الناس هذا فى الشارع ومناقشة موضوع الوحدة الوطنية لا يُطرح هكذا، بعض المشاهد الكوميدية التى تثبت ان الدراما فى واد وحياة الناس فى واد أخر هو وجود صديق للبطل ملازم له يفاجئ الجميع فى النهاية أنه على غير دينه !! ساخص بالذكر مثالين الأول من الدراما مسلسل فارس بلا جواد الذى قام ببطولته الفنان محمد صبحى كان له رفيق فى الدرب من المقاومة ضد الإنجليز ومن المؤكد أن تلك المقاومة استمرت سنوات، فترة كافية للتعارف بين أفراد المقاومة والعلم الكامل بحياة بعضهم البعض، إلا أن تحدث عملية نوعية من المقاومة يُقتل فيها هذا المناضل، ويحدث الانبهار الدرامي حيث يصلى أثناء موته فلاحظ أحدهما انه غير مسلم ويقول ( أول مره أعرف أنه مسيحى) هنا يرد محمد صبحى ليزيد المشهد عبثية وخيال ( من امتى بنسئل حد عن دينه) هذا مقبول لو أنكم حديثى التعرف منذ أيام ، أسابيع، لكن تريد أن تقنع المشاهد أن هناك مجموعة مناضلة منذ سنين فجاءة يُكتشف أن أحدهم غير مسلم !!! كيف هذا ؟ لم تمر عليهم صلاة جمعة واكتشفوا أن صديقهم لا يصلى، لم يتكلموا مرة عن أى شىء فى الدين، لم يصوموا رمضان !! منتهى السذاجة والسطحية فى عرض الفكرة، المثال الثانى فيلم امريكا شيكابيكا، محمد فؤاد مع رفقته ضل بهم الطريق فى اوربا والحدود لمدة أسابيع وفق سياق الفيلم وفى النهاية مات أحدهم ( رجل مُسن) ثم نجد محمد فؤاد ينظر لعماد رشاد أحد رفقاء الرحلة يصلى صلاة المسيحيين، يندهش وكأنه لم يعرفه إلا من دقائق ويأخذه فى حضنه، بغض النظر عن معنى العناق ودلالته، رفقاء مع بعض لمدة شهور فى أوقات اليوم الخمسة ولم يتعرف أحد منهم اي شىء عن الأخر، عرف أنه غير مسلم صدفة عند وفاة أحدهم، نعتبر أن محمد فؤاد وكل من معه لا يصلى طيلة تلك الفترة، أيضا الصديق المسيحي طيلة أشهر لم يصلي صلاته ولا مره، خلل درامي وتباعد زمني كبير عن الواقع. لم تقدم الدراما الواجب عليها فى كثير من القضايا حيث أن تقديم أى موضوع بطريقة ركيكة غير ملائمة للواقع تعد سقطة غير مقبولة. لو ابتعدنا عن الدراما واتجهنا لتراثنا وجدنا الطرح الأمثل لكل تلك القضايا. حدثنا السلف والسابقين الكثير والكثير …لو حكيت قصة عمر والقبطى لكان خير من كل تلك الملفات والدورانات التى اُتخذت درامياً لو كلمت الناس من خلال الدين عن أمر الإسلام بالعدل مع المسيحين والبر لهم لوجدت معاني أعمق ودلالات أوضح حيث أن البر شامل كل انواع الفضل والخير، بالطبع سيكون خير من وضع شخصية غير مسلمة ليس لها مكان درامى فى عمل تقوم بالتضحيات الرهيبة من أجل البطل المسلم أو العكس لكى تثبت للناس تلاحم قوى الشعب فى مشهد يندهش منه الصغير قبل الكبير ، إذا أردت أن تعلم الناس معانى التسامح وقبول الأخر لا تختلق لهم خيالات درامية من صنع الأوهام وتفرضها على عقولهم، حدثهم فقط عن حياة أطيب الخلق وأشرفه، ذكره بوصايا المصطفى وأوامره الذى قال فى إحداها فى أوجز ما قيل عن العدل والبر مع المسيحين وغير المسلمين عامة.

(ألا من ظلم معاهدا أو انتقصه حقه، أو كلفه فوق طاقته، أو أخذ له شيئا بغير حقه، فأنا حجيجه يوم القيامة).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!