تقاريرسلايد

موسى الدرقاوي.. قصة الرجل صاحب الجمجمة رقم 5942

كتب – أحمد المرسي

ولد موسى بن الحسن الدرقاوي في قرية من قرى دمياط في مصر، في الغالب عام 1796، وقد توفي والداه وهو طفل صغير، ولذلك تولى أمر تربيته جده الحسن الجندي الرازي، وألحقه في شبابه بجيش محمد علي باشا، هذا الجيش الفتي الذي كان يصارع به الدولة العثمانية في ذلك الوقت.

بعد إصابته بالمرض توجه إلى سوريا، حيث تعلم العلوم الشرعية، ثم توجه للمغرب ومكث فيها سنتين، قبل أن يسافر إلى الجزائر وتحديدًا في الأغواط، وظل بها لمدة عامين تحديدًا في مدينة مسعد سنة 1831. حيث رحب بها سكانها وأصبح لها الكثير من المريدين، بعد أن نشر المذهب الصوفي على الطريقة الشاذلية. ومن هنا بدأت حكايته التي أودت بحياته!.

بو حمار

في سنة 1834 كان موسى الدرقاوي يعيش ف يعين الخضرة، وقد أصبح له أتباع كثر يسمون بالدرقاوية، وهي الطريقة التي لاقت رواجًا كبيرًا، خاصة في أفكارها التي عارضت توقيع الامير عبد القادر الجزائري معاهدة “دي ميشال” مع الفرنسيين.

رفض موسى الدرقاوي توقيع معاهدة سلام مع المحتلين، واعتبر معاهدة دي ميشال بين الأمير وفرنسا تحالفًا مع الكفار، ولم يفهمها كتفكير استراتيجي لإيقاف الحرب لفترة. فبدأ في تجييش مريديه من أجل محاربة عبد القادر.

الأمير عبد القادر الجزائري
الأمير عبد القادر الجزائري

في خلال مسيرته نحو العاصمة لمحاربة الفرنسيين وإسقاط عبد القادر، كان أتباعه يزدادون، واستطاع تعبئة القبائل هناك، وسار بهم صوب المدية في 3 آلاف فارس وألفين من المشاه، وعندما المدينة في 1835 سماه الناس “بو حمار” لأنه دخل المدينة على حمار برفقة جيشه.

التجييش لحرب المحتلين

دارت المعركة بين موسى والأمير عبد القادر بالقرب من “وامري” واستمرت 4 ساعات، هزم فيها الدرقاوي، وقام الجنرال الفرنسي “ماري مونج” بمطاردته، حتى وصل إلى مدينة مسعد وبقي فيها 3 سنوات. ثم توجه بعدها إلى الشيخ أحمد بوزيان. والذي كان يريد قتال الفرنسيين.

بوزيان
بوزيان

عرف الفرنسيون بما ينوي بوزيان القيام به من تجييش القبائل والصوفية من أجل إعلان الثورة، فقرر محاصرتهم في الواحات، وأعطيت الأوامر بإبادة جميع سكان الواحة من رجال وأطفال ونساء وشيوخ، وهو ما حدث بالفعل، فتم ضرب المدينة بالمدافع، وتم عمل مذبحة هناك، ومات في تلك المذبحة كل من أحمد بوزيان، وابنيه، والحاج موسى الدرقاوي، وقام القائد الفرنسي هيربيون بقطع رؤوس الثلاثة، وتعليقهم على أحد أبواب بسكرة ليكونوا عبرة لمن يفكر في الثورة على فرنسا.

فيما بعد تم إرسال رؤوس المتمردين، ومن بينهم جماجم بوزيان، وبو بغلة، وشريف تبسة، وموسى الدرقاوي إلى فرنسا، حيث تم عرضها في متحف باريس، مع عدد من الأساور والمصابيح التي نهبت من المقابر الأثرية للمنطقة.

إعادة الجماجم

حصلت جمجمة موسى الدرقاوي على الرقم 5942 وبقيت معروضة في فرنسا 170 عامًا، حتى عام 2020، عندما تم إعادتها في عيد الثورة الجزائرية، واستقبلت رفات الشهداء التاريخيين في مطار هواري بومدين، بالجزائر العاصمة، بحضور الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، في مراسم رسمية، ونقل إلى قصر ثقافة “مفدي زكريا” حتى يتمكن المواطنين إلقاء نظرة أخيرة عليها، قبل أن توارى الثرى في مربع الشهداء بمقبر العالية.

وقال محمد بن الأمين الدرقاوي، أحد أحفاد موسى درقاوي قال أن موسى الدرقاوي لم يرى ابنه، حيث أنه مات قبل أن يراه وقبل أن تلد زوجته، فأنجبت ابنه بعد استشهادة بشهرين، وأنجبت ولد اسمته أبو بكر، سار على نهج أبيه، ونشر طريقته الصوفية في الجزائر بين الناس، وأنجب أبو بكر ذلك ولدًا سمى أحمد الأمين.

وكان إحساس الذهول هو المسيطر على محمد عندما وقف أمام جمجمة جده، وقال: تخيلت مسيرته ونضاله امام عيني”.

وقال الحفيد أنه جذور العائلة مصرية تعود إلى مدينة دمياط ولكن لا يوجد تواصل بين فرع العائلة في مصر والجزائر، وعلق: “نتمنى نتمني أن يكون هناك لقاء يوما ما نستجمع فيه تاريخ العائلة ويكون هناك تواصل مستمر، ونتمي زيارة مصر قريبا”.

اقرأ أيضًا: 

جيتي البخيل.. عندما يتفوق حب المال على حب العائلة

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!