بث عاجلسلايدلقطات

كيف أظهرت الدراما حكام الأسرة العلوية؟

 

كيف أظهرت الدراما حكام الأسرة العلوية؟

حكام مصر في الدراما (2)

عند الإجابة على هذا السؤال نجد أن الدراما المصرية خلال العصر الناصري قد تناولت ما قبلها -بالطبع- بنوع من التزييف والتشويه للأسرة العلوية وعصرها حيث إظهاره عصراً مليئ بالفساد والاهمال دون أية إنجازات وهو ما ظهر جلياً في فيلم ألمظ وعبده الحامولي من إنتاج عام 1962، فقد أظهر الخديوي إسماعيل والذي جسده الفنان الكبير حسين رياض شخصية ثانوية كشخص كل دوره في الحياة هو اللهو حيث يطارد المطربة الناشئة ليحرمها من حبيبها المغني الشهير، وإسقاط كل معاني البزخ والسفه في عصره.

ولكن بعد دراما العصر الناصري وتوجهاتها المباشرة، أصبحت هناك انفراجة في تناول الأسرة العلوية وحكامها، خاصة مع التناول المحايد لهم دون تحامل أو تشويه. ولكن عندما نتحدث عن محمد علي باشا رأس الأسرة العلوية ورغم كونه مؤسس مصر الحديثة وصاحب إنجازات معمارية وإدارية، إلا أن الاعمال الدرامية التي تناولت قصة حياته وانجازات عصره محدودة. فقد ظهر محمد علي باشا في عدة أعمال مسرحية أشهرها مسرحية “رجل القلعة” وقدمت مرتين فى المرة الأولى قام بتجسيده الفنان القدير يوسف شعبان وقدمه على المسرح القومى وفى إعادة تقديم المسرحية مرة أخرى قدمه الفنان توفيق عبد الحميد على مسرح الغد. أما على مستوى السينما فقد جسده بيومى فؤاد بشكل ساخر في فيلم “الحرب العالمية الثالثة”.  وعلى مستوى الدراما التلفيزونية، فمازال مشروع “محمد على” الذى ألفته الكاتبة لميس جابر عام 2010 من بطولة زوجها يحيى الفخراني مقيد التنفيذ وكان مكتوبا فى البداية كفيلم سينمائى لكنه فيما بعد تحول لعمل درامي. بالاضافة إلى ذلك، كان هناك مشروع سابق لمسلسل عن محمد علي كتبه محمد أبو العلا السلامونى عام 2001 يرصد من خلاله أهم 40 عاما فى تاريخ مصر ولكن كلاهما بقي قيد الأدراج نظراً لارتفاع التكاليف الانتاجية نظراً لثراء عصر محمد علي وزخم أحداثه.

أما الخديوي اسماعيل حفيد محمد علي باشا، لم تعرف الأسرة العلوية نموذجاً جدلياً مثلما كان هذا الرجل، فهو الرجل الذي أكمل مشوار جده في إقامة دولة عصرية متطورة وأسس القاهرة على طراز حديث عرفت بالقاهرة الخديوية وأنشأ العديد من المشروعات التنموية مثل الاصلاح التشريعي وإنشاء المجلس النيابي وبناء عدد من القصور ودار الأوبرا وتطوير السكك الحديدية وإنارة الشوارع بالغاز وافتتاح قناة السويس بالاضافة إلى إنشاء العديد من المدارس والمعاهد وتعلم الفتيات على نفقة الدولة. ومثلما شوهت الدراما هذا الرجل في فيلم ألمظ وعبده الحامولي كما ذكرت، كان الانصاف حاضراً حين ظهر في رائعة الكاتب محفوظ عبد الرحمن “بوابة الحلواني” 1992-1994 وجسده الفنان محمد وفيق. وفي  مسلسل “علي مبارك” 2008 فقد ظهر الخديوي اسماعيل كشخصية ثانوية جسدها أحمد وفيق بينما كان التركيز على شخصية علي مبارك رائد التعليم في عصر الخديوي.

في حين أن أسوأ نسخة قدمت له كانت في مسلسل “سرايا عابدين” 2014 من تأليف الكويتية هبة مشاري حمادة والتي تعمدت تشويه صورة الخديوي اسماعيل بشكل فج جسده الممثل السوري قصي خولي باعتباره شخصا غارقا في الملذات لا يعبئ سوى بالنساء، في محاولة لتقليد المسلسل التركي حريم السلطان إنتاج عام 2011 الذي يتناول حرملك السلطان سليمان العثماني، وهو الأمر الذي دفع الملك فؤاد الثاني حفيد الخديوي اسماعيل بإصدار بيانا غاضباً مما يحدث من تشويه لصورة الخديوي مؤكدا علي أن جده هو صاحب الإنجازات الأكبر في نهضة مصر الحديثة.

وعندما نصل إلى الملك فاروق الأول، آخر من حكم فعلياً من أسرة محمد علي باشا، نجد أن شخصية الملك فاروق قد ظلت محرّمة على التناول الدرامي والسينمائي المصري، حتى قرر صانعوا الدراما الإفراج عنها بعد أن كان مجرد ظهور صورة له على سبيل المصادفة في أفلام ما قبل الثورة عند عرضها في التلفزيون امرًأ غير مرغوب فيه، حتى وصل الأمر في وضع علامات على صوره التي تظهر في أفلام الأربعينيات! وكان أكثر من جسد الملك فاروق في الدراما كان بسام رجب في أكثر من عمل أشهرهم مسلسل أم كلثوم لما فيه من شبه كبير بينه وبين الملك. كما جسد الملك في فترة شبابه عدد من الفنانين مثل أحمد الفشاوي في مسلسل “الجماعة” وحسام فارس في “ملكة في المنفى” ومحمد البياع في “رجل من هذا الزمان” ووائل نور في مسلسل “رد قلبي”. على أن أشهر عمل جسد قصة حياة الملك بقدر كبير من الحيادية والانصاف كان مسلسل يحمل إسمه من بطولة السوري تيم الحسن من تأليف لميس جابر عام 2007. وقد امتدح النقاد هذا العمل باعتباره نقلة فنية نوعية في تكنيك صناعة المسلسلات المصرية ذات الطابع التاريخي وخاصة في تناول التاريخ الحديث.

ومع عرض المسلسل، أثار عاصفة من الجدل غير مسبوقة على مستوى الدراما العربية، فقد انقسمت الآراء بشدة حوله بين مؤيد ومعارض، حيث وجد الفريق المؤيد للعمل أنه أعاد اكتشاف شخصية آخر ملوك مصر وعصره، ورد الاعتبار للحقبة اللبيرالية والتي تعد من أثرى فترات تاريخ مصر الحديث على مستوى الحراك السياسي والإجتماعي، بعيداً عن الصورة النمطية لفترة ثورة يوليو التي عملت على تشويه الملك في صورة الشخص الفاسد  والعصر المظلم والتي عاش فيها الشعب المصري مآس كبيرة على حد زعمها، بينما عارض مؤيدو ثورة يوليو المسلسل باعتباره محاولة لتبييض عصر ملئ بالمعاناه والظلم حسب تعبيرهم.

أما على مستوى السينما، فقد جسد الملك فاروق الممثل الكبير فاروق الفشاوي في فيلم “امرأة هزت عرش مصر” ورغم عدم التشابه الشكلي بين الرجلين، إلا أن الفشاوي قد أجاد الدور بشكل لافت للأنظار دون الحاجة إلى تقريب الشكل بينه وبين الملك الحقيقي.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!