الفنتقاريرسلايد

ثلاثة متطابقين غرباء.. قصة أغرب من أفلام الخيال العلمي

ما ستقرأه الآن، هي واحدة من أغرب التجارب العلمية، تجربة التوائم الثلاثة، وهي واحدة من القصص التي ستتوقف عندها كثيرا.

فى يوم 12 يوليو 1961 أنجبت طالبة جامعية ثلاث توائم، كانت الأم لا تستطع تربتها، خاصة مع تملص الأب من الأبناء، فلم تتمكن من الاحتفاظ بهم أو رعايتهم وعرضتهم للتنبي، وهي قصة شائعة في الدول الغربية، حيث يتم عرض الأبناء للتبني، وتقوم الأسر الراغبة في التبني في تبني الأطفال.

فى هذا الوقت، كان عالم النفس الأمريكى “بيتر نويبارو”، يفكر في أكثر الأفكار الجنونية، وهي مدى تأثير الطبيعة البيولوجية على الأشخاص، ومدى تأثير التنشئة، لمعرفة كيف سيؤثر وضع الأشقاء فى بيئات مختلفة على شخصياتهم مستقبلاً، وهذه الفكرة قتلت بحثا في أبحاث نظرية بسبب صعوبة العثور على فأر تجارب بشري يقبل بهذه التجربة، وفي الأفلام المصرية، عندما يكتب المؤلف عن ضابطة شرطة، تكون باحثة ماجستير، وتكون رسالتها في تأثير البيئة على الإنسان، ويكون الضابط الذي يزاملها في القسم غير مقتنع بهذه النظرية ويري إن المجرم ولد مجرما، راجع معي نبيلة عبيد (الضابطة وفاء) في  فيلم الصبر في الملاحات، وهيدي كارم (الضابطة سارة) في اللص والكتاب.

لكن لنترك السينما المصرية، ونذهب إلى هوليود، فالتوأم الثلاثى كانوا خيارًا مثاليًا للتجربة، فدفع للسيدة أموال، وأخذ هو الأبناء، وقام بتوزيعهم على عائلات مختلفة، ليدرس تأثير البيئة والتنشئة على ثلاث توائم متطابقين، أي إذا عرض الطفل لبيئة مختلفة كيف سيؤثر ذلك عليه.

كان الثلاثي بعد التبني يحمل اسماء  (بوبي) و(إدي) و(ديفيد)، ولم يعرف أيا منهم أن له شقيقان، لكن القصة تكشفت بمحض الصدفة، فالسبل تفرقت بالثلاثي.

وبعد قرابة عشرين عاما من عرضهم للتبني، التحق روبرت شافران أو بوبي بكلية في مقاطعة “سوليفان” فى نيويورك، وفي يومه الأول، وجد شاب اسمه “مايكل دومنيتز” يعامله بلطف شديد، وهو لطف غريب على المجتمع الأمريكي، تفاعل بوبي معه، لكن مايكل ناداه باسم إدي جالان، وهو اسم شقيقه، حيث كان مايكل يعرف إدي من مرحلة التعليم قبل الجامعي.

لم يصدق مايكل الشبه وأصر على جمع الثنائي معا، وهما تؤام متطابق لا يمكنك التفريق بينهما، وبالتحاليل اكتشف الثنائي إنهم أخوة، كان لقاء الثنائي شافران وجالان حديث وسائل الإعلام وظهر الثنائي على الهواء مباشرة، لتزداد الإثارة عندما تلقا اتصالا من شاب آخر يقول إنه توأمهما الثالث، واسمه ديفيد

لقاء التوائم كان حديث المجتمع الأمريكي الشاغل فى الولايات المتحدة، اكتشف الثلاثي إنهم  متشابهين في كل شيء في الملابس التي يفضلونها، في الأطعمة التي يحبوها حتى في نوع السجائر الذي يدخنونه، رغم إنهم لم يلتقوا سويا.

بل اكتشف الثلاثي إنهم ضحية تجربة علمية، قام بها  دكتور “نيوباور”، الذي اختار أسر الأبناء الثلاثة بعناية، فكل الأسر لديهم ابنة في الثانية من العمر، حتى يضمن أن يتعرض الثلاثي لنفس المؤثر الخارجي، فلو نشأ أحدهم في أسرة بها طفلة، وآخر لا، فهذا سيؤثر على التجربة.

واكتشف الثلاثي أن الأسر التي تبنتهم لا تعلم شيء عن وجود توائم لهم، كما أن  دكتور “نيوباور”، اتفق مع الأسر على زيارة مركز تنمية الطفل في مانهاتن مرة سنويا، لكي يسجل بنفسه ما حدث للأطفال، وأن الأطفال يذهبون سنويا لنفس المركز لكن في مواعيد مختلفة، ولم يحدث أن تقابلا

تغير اسم مركز تنمية الطفل لاسم المجلس اليهودي لخدمات الأسرة والطفل، ورحل  دكتور “نيوباور” لكنه لم يعترف أن ما فعله جريمة، بل كان يري إن ما فعله هو أفضل شيء في حياة الثلاثي.

عاش الثلاثي سويا، وأقاما مشاريع اقتصادية لكسب العيش، لكن في سن الثالثة والثلاثين، انتحر إيدي الذي عانى من مشاكل نفسية حادة، ولم يستطع التأقلم مع حياته الجديدة، قرر إنهاء حياته سنة 1995، ليترك أشقائه في آسى دائم حزنا عليه.

يحاول الثنائي الحصول على تعويض مادي من المجلس اليهودى لكن المجلس يرفض فكرة التعويض، ويري أن الأبحاث كانت لخدمة البشرية، ولا يود ما يلزمهم بدفع أية تعويضات، كما طلبوا من المجلس الإفراج عن وثائق التجربة لكن المجلس رفض أيضا.

وثقت قصة حياة الثلاثي في الفيلم الوثائقي Three Identical Strangers، أو “ثلاثة متطابقين غرباء”، من بطولة ادوارد جاللاند ودايفيد كيلكان، وتم عرض الفيلم لأول مرة في مهرجان سندانس السينمائي لعام 2018،  حيث فاز بجائزة لجنة تحكيم الأفلام الوثائقية الأمريكية الخاصة لرواية القصص.  كان الفيلم مرشحًا لجائزة أفضل فيلم وثائقي في حفل توزيع جوائز الأكاديمية البريطانية السينمائية ال 72 . وكان أيضًا ضمن القائمة القصيرة التي تضم 15 فيلمًا تم وضعها من أجل نيل جائزة الأوسكار لأفضل فيلم وثائقي ، من بين 166 مرشحًا، ورفض المجلس اليهودي المشاركة في الفيلم، اتمنى أن يوافق المجلس اليهودي على أي شيء قبل أن نموت، لماذا كل هذه البلطجة يا أيها المجلس اليهودي.

لكن وكالة يونايتد برس إنترناشونال، اكتشفت أن الأخوة كان لهم أخ رابع، وهو تؤامهم الرابع، لكنه مات فور ولادته، وكانت أمهم عزباء ولم تتحمل فكرة أن تربيهم بمفردها، فقررت عرضهم للتبني، حتى وقع الثلاثي في قبضة  دكتور نيوباور، والثلاثي  عمداً مع عائلات ذات أنماط تربية ومستويات اقتصادية مختلفة، أحدهم وضع عمدا في مستويات اقتصادية مختلفة، أحدهم في أسرة من  الطبقة العاملة وآخر في الطبقة المتوسطة، وآخر في طبقة الأغنياء.

والثنائي حاليا في الثانية والستين من عمرهم.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!