تقاريرسلايد

جو إريدي.. المتأخر عقليًا الذي ضحك عندما سمع حكم إعدامه

حصل على براءته بعد 72 عام

كتب – أحمد المرسي

جون أريدي.. قليلون هم من لم يشاهدوا فيلم “i am Sam”، وكذلك فورست جامب، فهما ملحمتين دراميتين، تتحدثان عن شخصين من ذوي الإعاقة العقلية في مواجهة عالم قاسي بارد، لا يعترف بوجودهم. ولكن ما حدث في كلا من الملحمتين الدراميتين ليس شيء بجوار قصة جون أريدي. الشاب الذي أعدم رغم أنه يعاني من التأخر عقلي.

من هو جون إريدي؟

بعد الحرب العالمية الأولى، وبسبب الاضطهاد الذي حدث على أيدي الدولة العثمانية لمسيحيّ سوريا. هاجر زوج وزوجته من عائلة إريدي إلى الولايات المتحدة الأمريكية. وهناك استقروا في  مدينة بويبلو في ولاية كولورادو. وعلى الرغم من الاضطهاد العرقي الذي تعرضا له في أمريكا. باعتبارهما مسيحيين شرقيين. إلا أن هذا كان أرحم من التهديد بالقتل الذي لاقوه في سوريا. وهناك استقر الأب في عمل بمصنع للحديد. وبقيت الأمر ربة منزل.

في عام 1915 ولد للزوجين السوريين طفل. اسموه “جو”. وكانا أسعد ما يكونان به. ولكن المشكلة أن الطفل بدأ يكبر. وبدأت علامات التأخر العقلي تظهر عليه. فهو لا يتحدث إلا كلمات معدودة. كما أنه لا يستطيع أن يندمج مع الأطفال في اللعب.

جو البطيء

مع الوقت وبذهابه إلى المدرسة. لم يستطع جو إجراء عمليات الحساب. أو كتابة الحروف. وهو ما تسبب في استدعاء مدير المدرسة لوالديه. وإخباره أن الطفل متأخر عقليًا. وأنه يتعرض للتنمر من قبل زملاءه. فأخذوه إلى مدرسة متخصصة. ولكن التنمر استمر على الطفل. بسبب قصر قامته. وأذنيه الكبيرتين. وكانت مشكلة التنمر تلاحق جو في كل مكان. حتى في الشارع. حيث سماع الناس ب slow jo أو جو البطيء. لأنه بطيء الفهم.

صدفة سيئة

عندما كبر جو.  عما شيالا في محطة النقل في جراند جنكشن. وأصبح على مشارف العشرينات. وبسبب الضغط النفسي الواقع عليه وكثرة التنمر. هرب جو من المدينة. وأخذ القطار إلى مدينة شايان في ولاية وايمنج.

وللصدفة السيئة فقد تم ارتكاب جريمة قتل في مدينته في ذات الساعة التي هرب فيها جو من المحطة. حيث دخل رجل على أختين. وقتل أحدهما في المنزل بينما كان والدهاهما غير موجودين. وأصاب الأخرى بجروح. وبسبب الإعلان عن حالة الاستنفار. شك شرطي في جو فور أن نزل من محطة القطار. وألقى القبض عليه.

عندما بدأ التحقيق مع جو. في تهمة قتل طفلة. لم يستطع أن يقول شيء غير “أنا جائع”. وهو ما أثار غضب الضباط. خاصة مأمور القسم “روي بست”. المعروف بقسوته. والذي ظنه يعبث معه. فقام بضربه مع رجاله. وهنا بكى جو. واضطر إلى التوقيع على اعترافه بالجريمة. والحقيقة أنه لم يعرف كيف يكتب اسمه. فكتب حرف واحد فقط منه.

المحاكمة

عندما بدأت المحاكمة بأوراق الاعتراف التي قدمها روي بست. بأنه قتل الطفلة بعصاة. أدانت المحكمة جو. ولكن مأمور مدينة بويبلو في ولاية كولورادو. قال أنه استطاع أن يجد قاتل الطفلة. وأنه رجل يدعى فرانك أجويلا. وأن الفتاة قتلت بضربة فأس في رأسها. وقد وجد ضابط الشرطة الفأس في منزلة. وأن فرانك بالفعل قام بالاعتراف بالقتل.

عندما عرف فرانك أجويلا أن هناك متهمًا آخر في القضية. قال أنه كان شريكه. كي يتم تخفيف الحكم عليه. وبذلك ظل “جو” مدان بالقضية. وعلى الرغم من أن حيلة فرانك لم تنجح حيث تم إعدامه كذلك. إلا أنه لم يعترف أن “جو” بريء. وظل روي بست على موقفه من أن الفتى قد اعترف بكل شيء. حيث أن اعترافه بأنه حصل على ذلك الاعتراف بالقوة يعني انهيار مسيرته المهنية.

الحكم بالاعدام

لم يفلح أحد في اثناء المحكمة على الحكم على جو إريدي بالإعدام. رغم علمهم أن نسبة ذكاءه هي 46 بينما تكون نسبة ذكاء الإنسان الطبيعي 100. وهو ما يعني أن جو متأخر عقليًا.

عندما نطق القاضي الحكم بالإعدام على جو ضحك. حيث أنه لم يكن يعلم معنى الكلمة من الأساس. ولم يفهم التهمة الموجهه له.

في السجن

دخل جو السجن في انتظار تنفيذ حكم اعدامه. والحقيقة أن جميع المجرمين الحقيقيين في السجن أحبوه. فعلى الرغم من قسوتهم. ولكن عقل الطفل الذي كان يعيش به جو. أجبرهم على حبه. فكانوا يساعدونه. بعد أن روأوا فيه براءة لم يروها من قبل.

اشترى له مأمور السجن ألعابًا وملأ بها زنزانة جو. وكان جو يحب قطارًا خشبيًا استمر باللعب به وهو لا يعرف مصيره في النهاية. وقد قال عنه سجانه أنه “أسعد سجين في طابور الإعدام”.

طوال 18 شهر عاشها جو في السجن. أسر قلوب كل من حوله. وفي يوم 6 يناير 1939 تم تنفيذ حكم الاعدام على الصبي.

الإعدام

عندما جاء يوم الإعدام. لم يكن جو يفهم ماذا سيحدث. وعندما سألوه ما آخر وجبة يريد أن يأكلها أخبرهم أنه يريد “الآيسكريم”. حيث أنهم طلبوا منه ألذ وجبة طعام يريدها. وقد اختار اختار طفل في الخامسة من عمره. وهو ما يناسب مستوى ذكاءه.

عندما جاء القس الذي سيلقن “جو” آخر كلماته. بكى. ولم يستطع أن ينطق كلمة. فظل يتلو صلاته أمام جو الذي كان يأكل الآيسكريم. وعندما انتهى وجاؤوا لاصطحابه لغرفة الإعدام. أعطى جو القس الآيس كريم. وطلب منه: “لو سمحت أحمله لي، لانهم سيعدموني، وسأعود لآخذه منك”.

سار جو إلى غرفة الإعدام مبتسمًا. ولكن عندما دخل غرفة الإعدام قال بخوف :”لا، لا جو لن يموت”. ويقول الشهود أنه أبدى مقاومة ضئيلة عندما جلس على كرسي الإعدام. حيث أنه بدأ يأن مثل الأطفال الصغار. ولكن عندما أمسك السجان يديه. شعر بالهدوء.

كان جو يمشي إلى غرفة الإعدام مبتسما، حال من يراه يعتقد أنه مجرم خطير ذو قلب ميت، لكن الحقيقية هي أن المسكين لم يكن يعرف حتى معنى الكلمة .

بعد ذلك قاموا بقتل “جو”، عن طريق الغاز. حيث مات عن عمر 23 سنة.

حكم البراءة

في عم 2007 قام بعض الناشطين بطلب إعادة محاكمة جون إريدي. وبعد 72 عامًا من إعدامه. وتحديدًا في 2011. تبين أنه أجبر على الاعتراف بجريمة قتل لم يرتكبها. وقامت محكمة كولورداو بتبرأته من التهمة التي قتل بسببها.

 

اقرأ أيضًا:

“فيديو”.. شاب تركي من تحت الأنقاض:”أنقذوني أرجوك”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!