المقالاتسلايدكُتاب

فيلم تاج: الفيلم الذي لم يقدم أي شيء

 

 

لو سألتني عن أفضل مطرب ظهر في السينما خلال العشرين سنة الأخيرة، سأجيبك إنه تامر حسني، لأن تامر لديه قبول كممثل، وربما تامر الممثل لديه قاعدة جماهيرية مختلفة عن قاعدته الجماهيرية كمطرب، وحمادة هلال الذي ينحج دراميا في الفترة الماضية لم يلاق نفس النجاح سينمائيا، لكن تامر حسني يحقق إيرادات جيدة للغاية، ووفقا للمعلن، وليس ما يعلنه هو وفريق عمله.

تامر حسني يطل علينا في فيلمه الجديد “تاج”، بفيلم من اللا شيء عن اللا شيء، أراد تامر حسني أن يقدم في الفيلم كل شيء، فلم يقدم أي شيء.

قصة الفيلم شديدة السذاجة، وإذا تغاضينا عن القصة، فالسيناريو لم يداري عوار القصة، بل فضحه، شخصيات كاريكترية كارتونية، لن أحرق عليك الفيلم (الذي ستجد قصته بالكامل في التريلر)، لكني تخيل معي شخصية دينا الشربيني، شخصية تظهر في الفيلم كله في خمس أو ست مشاهد وهي بطلة الفيلم الأولى بالمناسبة، دينا تنبهر بكل شيء، وتضحك من كل شيء، ووقعت في غرام تامر حسني من اللحظة الأولى، بلا أي مبرر ولا أي شيء، هنا المنطق مقتول من اللحظة الأولى.

دينا الشربيني: تامر حسني مش بينام بسبب "تاج".. وهذا اسمي ووظيفتي في الفيلم  | خبر | في الفن

مثلا تقول دينا الشربيني لتامر حسني، أنا بعمل حمام كريم، فيرد عليها: حمام كريم، أنا قلت إنك مش بتعملي حمام عادي زينا”، هذا الإفيه المستهلك من أيام ما قبل موجة مسرح مصر، أمات دينا الشربيني من الضحك، والحمد لله تم إنقاذها، وفي سياق أخر، تسأله” عجبتك المدرسة، فيقول لها: “عجبتني لدرجة إني بفكر أمشي”، فتضحك حتى يظهر بلعومها.

كارتونية شخصية المدرس الذي يكره تاج، كارتونية شخصية عمرو عبد الجليل، كرتونية القصة، كرتونية كل شيء، الفيلم لم يبذل أي جهد في إقناع أي شخص بأي شيء، لماذا كل هذا؟، لأن تامر حسني هو كاتب القصة، وهو منتجها وهو من يختار المخرجة (سارة وفيق التي قدمت معه من قبل فيلم مش أنا” هنا تامر صاحب الصوت الواحد، الذي لن يقول له أد هذا المشهد يحتاج لتعديل، وكما تعلم السلطة المطلقة مفسدة مطلقة (وانا هنا بتكلم عن الفن علشان لو حد فهم حاجة تاني).

أي عمل لا بد أن يستهدف جمهوره، ليعرف اللغة الذي يخاطبه به، فلو كان جمهور الفيلم الجمهور العام بما فيه الأطفال، فلا يجب أن يتم وضع هذا الكم الكبير من الايحاءات فيه، هل جمهور الفيلم محبي الأفلام الرومانسية، فالمشاهد الرومانسية في الفيلم تصيبك بالغثيان من لا مصداقيتها.

أم دينا الشربيني لم تشاهده سوى مر  واحدة في حياتها، وعندما يتم إتهامه بالسرقة، تقول: “تاج مش ممكن يعمل كدا”، يا سيدتي الفاضلة من أين أتيتي بهذه الثقة، كفاكي استخداما لريكسونا التي تمنحك كل هذه الثقة، إذا كان استخدام أفيه ريكسونا مع كلمة الثقة، أصابك بالغثيان، فالكثير من شاكلة هذه الإفيهات موجودة في الفيلم.

لا يوجد إخراج في الفيلم، كل فرد في الفيلم يفعل ما يحلو له، هناك مشاهد مقحمة في سياق الفيلم، لو تم حذفها لن يتأثر الفيلم بأي شيء، لا يوج رتم، والموسيقى التصويرية التي وضعها تامر حسني نفسه كانت سيئة للغاية وكان هناك “اسهال” في استخدام الموسيقى التصويرية، وسوء استخدام الموسيقى التصويرية يقتل الغرض الذي صنعت لأجله، أو هو محاولة رخيصة للتأثير فيك.

وهو واحد من فرص تامر حسني المهدرة في السنوات الأخيرة، أخر فيلم استمتعت به لتامر حسني كان فيلم البدلة، رغم قصته المسروقة بوضوح من فيلم  Let’s Be Cops وإصرار تامر حسني إن يكتب على الفيلم قصة تامر حسني، كما فعلها في فيلم نور عيني المسروق من قصة المسلسل الكوري “قصة حب حزينة”، ولكن هذه الأفلام كانت “متدارية”، وراء سيناريو متماسك إلى حد ما، وهو ما نفتقده في الفيلم، مثلا تاج حسني أول بطل عربي خارق، إذا ما الذي كانت تفعله شرطة مكافحة الخوارق كانت تكافح من قبل ظهور تاج؟!!

لا يوجد خلاف بين تاج وهارون في بناء الشخصية ولا حتى البناء العضلي، وليس هناك أي مجهود لإظهار الاختلاف، لا يوجد مبرر لشر هارون، شخصية ساندي التي قدمتها في الفيلم ليس لها أي مبرر، والذي كتبها، مشهد الختام في النهاية شديد السوء، وشديد العباطة، على كافة الأصعدة، أين أختفى الجد، ولماذا وصع أحفاده أمام ملجأ.، أسئلة كثيرة ستخرج من الفيلم بلا إجابة لها.

حذف تامر حسني جملة دينا الشربيني التي بروزها في الإعلان، عندما يسقط من أعلى، فتقول له: “تاج هو احنا كدا هنتجوز عادي” هو أمر جيد للغاية، ومشهد نويل روبنسون اليوتيوبر الألماني الذي ظهر في الإعلان لم أشاهده في الفيلم. 

النقطة المضيئة في الفيلم كانت مشاهد الجرافيكس، وهي ليست فتحا بالمناسبة كما قرأت، هي جيدة وجيدة هنا لحداثة عهدنا بهذا المجال، لكن جمل من نوعية فيلم تامر حسني غير صناعة السينما العربية، هي جمل عبيطة وساذجة، وقائلها لا يعرف شيء عن السينما العربية والسينما المصرية، نحن الدولة الثانية في العالم التي تقام فيها سينما بعد فرنسا، وإيراد السينما كان المصدر الثاني للدخل القومي بعد القطن، وللأسف ضاع القطن وضاعت السينما.

عندما قدم تامر حسني فيلم سيد العاطفي مع بلال فضل مؤلفا، قرأت خبر عن تعلم تامر حسني السيناريو من بلال فضل لكي يكتب أفلامه بنفسه، لكن يبدو أن بلال فضل لم يعلمه جيدا، أو لم يعلمه من الأساس، الفيلم حاول يقنعك إنه من الممكن أن تصبح هيرو حتى لو كنت زيرو، لكن الفيلم نفسه كان “زيرو” كبير.

الفيلم مهلهل جدا على مستوى السيناريو، فتاج البطل الطيب الجميل الحلو، يقيم علاقة مع صديقة شقيقه التؤام، لكي يأخذ منها الكتاب، ثم تقول له: “هارون إنت عجبتني قوي”، فيقول لها: “طيب قولي بقى لهارون، على موضوع إني عجبتك قوي”، هذا ما فعله البطل الطيب!!!

لو كان لنا حق النصيحة على تامر حسني كوننا من جمهوره، فعليه أن يكتفي فقط بالتمثيل، لأن ما يقدمه كسيناريو في الثلاث أفلام الأخيرة شديد الضحالة، ولو كان هناك جزء ثاني لفيلم تاج كما يشير صناع العمل في أكثر من موضع منه، فعليه أن سند كتابته لمؤلف أخر، أيمن بهجت قمر الذي تعاون معه في البدلة، مثلا أراد أن أشاهد فيلم غنائي استعراضي لتامر حسني من إخراج مروان حامد، ستكون تجربة مختلفة.

 

بهاء حجازي

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!