بث عاجل

إلسي كوخ.. قصة أول مجرمة حرب في التاريخ

حوكمت 3 مرات

كانت إلسي كوخ فتاة لطيفة وديعة تبلغ من العمر 15 عامًا، درست في مدينة “دريسدن” الألمانية، وكان والدها يعمل مشرفًا على العمال في أحد المصانع، درست المحاسبة، ثم بعد ذلك إلتحقت للعمل ككاتبة بيانات على الآلة الكاتبة، ولم تكن تعلم أنها ستتحول إلى أول مجرمة حرب.. في التاريخ!

طفولة بريئة

كانت طفولة إلسي طفولة بريئة، عاشت أغلبها خلال الحرب العالمية الأولى، فقد ولدت في عام 1906، وشهدت هزيمة ألمانيا في الحرب، وما تبعه من أزمات اقتصادية، في عام 1932 إلتحقت إلسي بالحزب النازي الألماني، وبعد ذلك بعامين إلتقت بـ “كارل أوتو كوخ”، آمر أحد أشهر السجون الألمانية، ثم بعد عامين بالضبط تزوجته، وتحديدًا في عام 1936.

تبعت إلسي حبيبتها كارل أوتو كوخ لمعسكر الاعتقال بوخنفالد، بعد أن تم تعيينه كقائد لهذا المعتقل، وتزوج الاثنان رسميًا في عام 1937.

جرائم الحرب

كانت إلسي تهوى امتطاء حصانها في السجن، وتلتقط المساجين عشوائيًا من أجل جلدهم، واتهمت بعد الحرب بأنها كانت تختار المساجين الموشومين لقتلهم، ثم الحصول على جلودهم الموشومة، وجعلها أغطية للمصابيح، كذلك كان لديها هوية جميع الأدمغة الشرية لتصنع منها رؤوس بشرية مقلصة.

وشهد سجينان، هما “جوزيف أكرمان” و”غوستاف فيجرر”، أنهما شهدا تحضير غطاء عاكس للضوء على أحد المصابيح من جلد الإنسان لتقديمه إلى إلسي كوخ في أغسطس 1941 تقريبًا.

إلقاء القبض عليها

في عام 1943 ألقت الشرطة النازية القبض على زوج إلسي كارل أتو كوخ وعليها، بتهمة الثراء غير المشروع والاختلاس وقتل السجناء. وتبين ان كارل قام في عام 1940 بتشييد صالة ألعاب داخلية كلفت 62 ألف دولار. وحكمت المحكمة على كارل بالإعدام، وعلى إلسي بالسجن، حيث سجنت حتى عام 1944، ثم أطلق سراحها لعدم كفاية الأدلة.

اعتقال على يد الحلفاء

عندما خرجت إلسي من السجن عام 1944 من السجن دخل الحلفاء برلين وأعادوا إلقاء القبض عليها مرة أخرى، فقدت للقضاء أمام محكمة أمريكية.

ووجهت إلى إلسي عدة تهم منها قتل المساجين واستخدام جلودهم، وقيل أن تلك التهمة ملفقة لها، كما اتهمت باستخدام السخرة في المعسكر، والاعتداء على النزلاء، حكمت المحكمة الأمريكية في داخاو على إلسي بالسجن 8 سنوات، على يد القاضي كلاي، الذي قال أنه لم يكن هناك أي تهمة تدين إلسي ولم يكن هناك أي أدلة ضدها، سوى شائعات تقال، وتم تخفيض الحكم إلى 4 سنوات.

أثار تخفيض الحكم ثورة على كلاي بشكل كبير، واتهموا القضاء الامريكي بأنه قضاء عاجز عن إصدار الأحكام السليمة، وقال كلاي أن إلسي هي امراة بغيضة ولكنها لم ترتكب أي جرائم ضد جنود أمريكيون أو حلفاء، وتبقى جرائمها ضد الألمان مجرد شائعات.

خرجت إلسي من السجن في عام 1949، لكن هذه لم تكن النهاية، فقد عادت السلطات الألمانية، وألقت القبض عليها مرة أخرى، وتعرضت للمحاكمة للمرة الثالثة.

المحكمة البافارية

وقفت إلسي هذه المرة أمام محكمة بافارية، ووجه المدعي العام البافاري يوهان إلكو إلى كوخ خمسة وعشرين تهمة جنحة تتعلق بإيذاء جسدي خطير، والتحريض على إيذاء جسدي جسيم في عدد من القضايا وتهم بالتحريض على الشروع في القتل.

فتتحت الجلسة في 27 نوفمبر 1950 أمام المحكمة الجزئية في أوغسبورغ واستمرت سبعة أسابيع، وتم خلالها الاستماع إلى 250 شاهداً، من بينهم 50 شاهداً للدفاع. بدأت صحة كوخ العقلية تتدهور، مما أدى إلى انهيارها في المحكمة في أواخر ديسمبر 1950. ومرة أخرى في يناير 1951 شهد 4 شهود في الادعاء أنهم رأوا إلسي تختار السجناء الموشومين، الذين قتلوا بعد ذلك. ومع ذلك اسقطت النيابة تلك التهمة.

في 15 يناير 1951، أصدرت المحكمة حكمها، في قرار مؤلف من 111 صفحة، وحكمت عليها بالسجن المؤبد. بسبب الادانة في 7 تهم تحريض على القتل.

ووصفت محكمة أوغسبورغ جرائم كوخ في بوخنفالد بأنها فظيعة بشكل خاص لأنها “قمعت عن عمد أي شعور بالرحمة والشفقة لديها كامرأة…” ولكنها بدلاً من ذلك أطلقت العنان لسعيها إلى السلطة والهيبة، غطرستها وأنانيتها”. لم تعترف كوخ بذنبها، واستأنفت الحكم ولكن دون جدوى.

نهاية إلسي كوخ

كان لدى إلسي وكارل كوخ ابن اسمه أرتوين (مواليد 1938)، وابنتان، جيزيلا (مواليد 1939) وجودرون (مواليد 1940). وتوفيت جودرون بسبب الالتهاب الرئوي عندما كان عمرها أربعة أشهر في فبراير 1941؛ وانتحر أرتوين عام 1964؛ وتوفيت جيزيلا عام 2021. وانجبت إلسي داخل السجن ابن اسمه أوي، أخذه منها السلطات ووضعوه في أحد الملاجيء، ولم يتعرف على أمه إلا بعد أن كبر.

في 1 سبتمبر 1967 شنقت إلسي نفسها في سجن النساء، وماتت عن عمر يناهز 60 عامًا، بعد أن عانت من الأوهام العقلية، وأصبحت مقتنعة بأن الناجين من معسكرات الاعتقال سوف ينتقمون منها في زنزانتها، وكتبت رسالة انتحار قالت فيها لابنها أوي: “ليس هناك طريقة أخرى، الموت بالنسبة لي هو تحرر”.

في عام 1971، سعى ابنها أوي إلى إعادة محاكمة والدته، عن طريق وثائق قدمها محاميها السابق، من أجل محاولة تغيير موقف الناس تجاهها.

اقرأ أيضًا: 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!