الأخباربث عاجلتقاريرسلايد

قتل جماعي بعد منتصف الليل.. آخر يوم في حياة عائلة رومانوف

قتل جماعي بعد منتصف الليل.. آخر يوم في حياة عائلة رومانوف

كتب – أحمد المرسي

السماء تكتسي بالغيوم الرمادية. يوم كئيب آخر من أيام مدينة “يكاترينبرج” الروسية.

تصل الراهبات يوميًا في كل يوم في السادسة صباحًا من دير قريب ليحضرن البيض. من أجل افطار عائلة الإمبراطور الروسي رومانوف الأسيرة لدى الثوار البلاشفة. بعد أن ثاروا عليه وعزلوه.

زوجته وأبناءه الصغار بداخل هذا البيت الريفي على أطراف القرية.

في مساء يوم 15 يوليو، قام الضابط وسيم طويل القامة يدعى ياكوف يورفسكي. بتسليم طلب مكتوب إلى الراهبات لإحضار عدد أزيد من البيض عن كل مرة؛ 50 بيضة،مما اثاء استغراب الراهبات!

ما لم يكن يعلمنه الراهبات أن البيض هذه المرة لم يكن لأسرة القيصر الأسيرة، ولكن لإطعام الرجال الذين تم احضارهم لإعدامهم!.

الثورة البلشفية:

في عام 1917. قام الشعب الروسي بثورة على حاكمه. في جميع أنحاء البلاد. وهو ما أجبر القيصر نيقولا الثاني على التنازل عن العرش. منهيًا فترة حكم طويلة حكم فيها آل رومانوف روسيا تمتد إلى أكثر من 300 سنة.

بعد الثورة تم وضع الأسرة كلها في قصر قديم يعود للأمير ألكسندر ثم بعد ذلك تم نقلهم إلى سيبيريا. وأخيرًا تم نقلهم على يد الثوار الروس إلى بيت في ياكتنبرج.

السبب في إعدام أسرة رومانوف:

بعد نجاح الثورة في أكتوبر من عام 1917. كانت البلاد على وشك الحرب الأهلية. فمن يريد عودة القيصر للحكم. ومن يرفض عودته من جديد.

وبقي القيصر تحت الإقامة الجبرية فترة طويلة لتحديد مصيرة. مما دفع بعض العائلات المالكة الأوروبية والتي تربطها صلات قرابة. بأسرة رومانوف في الدخول بمفاوضات مع الثوار من أجل الإفراج عنه.

ولكن مالت الكفة إلى الرأي الذي أيد إعدامه. مخافة أن يعود رومانوف مرة أخرى ويطالب بشرعية حكمه. ولهذا لم يروا مفر من إعدامه مع كامل أسرته.

كان في الأسر كل من الإمبراطور نيقولا رومانوف. وزوجته. وابنه أليكسي المصاب بأحد أمراض الدم. وبناته الأربعة. أولغا 22 عامًا. وتاتيانا 21 عامًا. وماريا 19 عامًا. وأنستازيا 17 عامًا. بالإضافة إلى طبيب العائلة. وخادم وطباخ.

الحياة تحت الإقامة الجبرية:

في الأساس كان البيت الذي تم احتجاز أسرة رومانوف فيه ملكًا لمهندس يدعى نيكولاي إيباتيف. وكان مهندس في السكة الحديد. ولكن عندما قامت الثورة البلشفية أمره الثوار بمغادرة البيت والهرب خلال 48 ساعة. وإلا تم قتله.

وكانت حياة القيصر وعائلته تحت الإقامة الجبرية عذاب حقيقي. وكان كل صباح تأتي أربع نسوة قرويات لتنظيف البيت، وتساعدهن الأميرات الأربعة الجميلات والمشهورات في أوروبا بالجمال واللباقة. وكانت القرويات ينتهزن الفرصة لتصبير الأميرات الجميلات قائلات: “لن تعانين تحت نير هؤلاء الوحوش طويلا. رضاءًا لله”.

وعانت الأميرات من تحرشات الجنود داخل المنزل الكبير. ومن الشعارات السياسية المؤذية التي ترتسم على جدران الحمام. والتي تطعن في شرفهن. وكثيرًا ما كن يصرخن في وسط الليل بعد أن يقتحم جندي ثمل حجرهن.

قبل الوصول إلى ياكتربينرج أمرت الأم الأميرات الصغيرات بخياطة جواهرهن الملكية في فساتينهن الداخلية. لإخفاءها عن الجنود الطامعين.

في ليلة الاعدام:

في ذلك الصباح تم تقديم وجبة طعام للأسرة مكونة من الشاي والخبز الأسود الخشن.

وبعدها خرج الأميرات في نزهة. وكانت تلك النزهة بموعد. إذ لا يسمح لأي شخص بالخروج من العائلة إلا في تلك الساعة. وإلا تم إطلاق النار عليهم.

في الساعة 12 :

أخبر الجنرال يوروفسكي أحد ضباطه بأنه ستتم عملية الإعدام في تلك الليلة. واختار إحد عشر رجلًا للقيام بتلك المهمة الدموية. كما حدد الغرفة التي سيتم فيها الإعدام وهو غرفة القبو. لأنها بعيدة تضاء بمصباح واحد. ويسهل اخفاء صوت إطلاق النار فيها والحد منه كي لا يصل للقروين. كما أن أرضيته من ألواح الخشب. وهو ما سيسهل تنظيف الدماء فيها.

في تلك الساعة بدأوا بتوزيع المهام عليهم. وقد تم تكليف رجل يدعى بيتر إيرناكوف، بالتخلص من الجثث. وقد كان هذا الرجل سارق لأحد البنوك ورزح في السجن 9 سنوات تحت حكم القيصر. ولهذا كان لديه الرغبة الشديدة في الانتقام.

في الساعة 4 عصرًا:

شاهد الفلاحون الحراس خارج المنزل يجهزون مدافعهم الرشاشة والبنادق. وعرفوا أن شيء ما سيحدث.

الساعة 8 مساءًا:

كان أفراد الأسرة يتناولون العشاء في هدوء. وهم لا يعرفون ما هو مصيرهم. في نفس الوقت كان الرجال المكلفون بالإعدام يسكرون في الأسفل من أجل اكتساب الشجاعة اللازمة لتنفيذ عملية المجزرة الجماعية.

الـ 10 مساءًا:

ذهب أفراد أسرة رومانوف للخلود للنوم. وكان الجنراي يوروفسكي يعرف أن الليل في الصيف قصير للغاية في جبال الأورال. ولهذا كان عليه أن ينفذ العملية خلال 7 ساعات فقط قبل شروق الشمس.

الواحدة بعد منتصف الليل:

كان طبيب العائلة بوتكين يغط في نوم عميق، عندما شعر بالهزة العنيفة. فتح عينيه بصعوبة. فرأى الجنرال بقامته المديدة أمامه. نظره له بتساؤل، ولكن الأخير قال له أن عليه أن يسارع ويرتدي ملابسه، وأن على الأسرة كلها التجمع في القبو. لان هناك إطلاق نار في الشوارع وخطر كبير على القيصر وعائلته. وربما اضطروا لنقلهم خارج القرية.

الثانية قبل الفجر:

شعر أفراد العائلة بالقلق عندما أيقظهم الطبيب بوتكين. وبدأوا في جمع ملابسهم. وأحضروا كل ما يعتزون به. وحمل الإمبراطور نيقولا ابنه المريض أليكسي ونزل به إلى القبو.

في الوقت الذي اجتمعت فيه العائلة في قبو المنزل أمر الجنرال بيتر إيرماكوف الرجل المكلف بنقل الجثث بإدارة محرك السيارة التي من المفترض أن تنقل فيها جثث القتلة. وقد تم اخبار القيصر وعائلته أن تلك السيارة ستستخدم في نقلهم لبر الأمان. ولكن الحقيقة أنه كان يشعل محركها ليغطي صوته المفزع على صوت الرصاصات في وسط الليل.

عندما رأى الجنود القيصر نازلًا للقبو، رفض اثنين منهما الاشتراك في عملية الإعدام، وإطلاق النار على الأميرات.

واقنع يروفيسكي القيصر والعائلة بأن التجمع في القبو كان لالتقاط صورة تذكارية لهم من أجل توثيق اقامتهم في هذه المدينة.

ولكن عندما دخلوا القبو. فوجيء القيصر وابناءه وزوجته بالباب يغلق ويورفسكي يمسك بمسدسه. وخلفه رجاله. ويقرأ عليه من ورقة مكتوبة ما يلي:

بناء على أن أقاربك من الأسر المالكة الأخرى بدأوا في الهجوم على روسيا السوفيتية، قرر الاتحاد السوفيتي الحكم عليك بالاعدام.

 

وهنا ارتسمت ملامح الذعر على القيصر، وقد عرف نيتهم الحقيقة فإلتفت بجزع لعائلته وهو يصرخ: ماذا؟!

ولكن قبل أن يقول كلمة أخرى أعطى الجنرال الأمر بإطلاق النار عليهم. فانطلقت الرصاصات من مدافعهم الرشاشة. وكان أول من أصيب هو نيقولا الذي اخترقت الرصاصات جسده فمات على الفور. وتناثر دمه على ابنه الطفل أليكسي. وضرب الرصاص الأميرات ولكنه لم يؤذيهن لأن الألماس الذي كن يخطنه في فساتينهن حماهن. ولكن قتل الطبيب بوتكين والطباخ.

كان الضوء شحيحًا ولذلك بعد أن انهى الضباط دفعة الرصاص الأولى في مدافعهم توقفوا وسط الجص المتساقط من السقف، والأدخنة، وهو ما منعهم من الرؤية السليمة

الـ 2:30 صباحًا:

خرج الضباط خارج الغرفة. وأخذوا يسمعوا من الخارج أصوات البكاء والعويل من الداخل. مما جعلهم يدركون أنه لازال البعض أحياء، فدخلوا مرة أخرى لينهوا مهمتهم.

كان الأمير أليكسي الصغير يبكي ملوث بالدم. يمسك بكرسي يحتمي به، فأطلقوا النار عليه. وكانت الأميرات الأربعة يصرخن بعد أن فشلت الرصاصات في النفاذ إلى أجسادهن، فاضطر الجنود إلى طعنهن بالخناجر.

2:45 صباحًا:

هدأت الجلبة. وتم لف أشلاء عائلة القيصر. في ملاءات السرائر، وتم أخذهم إلى السيارة، حيث وقف مسؤول بلشفي أمام الجثث المتشابكة والتي صفيت دمائهم، وقال بأسف: إذن هذه نهاية سلالة رومانوف، صحيح؟ لم يكن يصدق ما يراه بعينيه.

قام الحراس بتجريد الجثث من الخواتم والحلي، مما أضطر الجنرال إلى أمرهم بالتوقف ولكنهم لم يفعلوا، مما دفعه لأن يستل مسدسه، ويطلق النار في الهواء لمنعه من مواصلة النهب!.

العام 1991:

بعد مرور سنوات طويلة على تلك الليلة الدموية. استخرج علماء الأنساب رفات أسرة رومانوف، ومن خلال فحص الجثث. والعظام والأسنان، قال أحد الأطباء الامريكيون أن الأميرة أنستازيا غير موجودة. مما يعزز فكرة هروبها.

بعد تلك الأخبار ظهرت العديد من النساء اللواتي ادعين انهن انستازيا، ومن بينهن آنا آندرسون. والتي ادعت أنها الأميرة انستازيا وأنها عاشت طوال حياتها هاربة، بعد محاولات انتحار طويلة. ولكن في سنة 1995 تم اجراء فحص جيني لجثتها بعد أن ماتت ولم يجدوا صلة جينيه تربط بين آنا وعائلة رومانوف. على الرغم من مطابقة تقاسيم الوجه والجمجمة للاميرة المفقودة.

وكان الأطباء الذين انقذوها بعد أحد محاولات انتحارها سنة 1933 بإلقاء نفسها في نهر لندن، قد جزموا بان أنا هي الأميرة انستازيا لانهم وجودوا آثار رصاصات على جانهبا.

في عام 2008 تم العثور على جثتين محترقتين بالقرب من المكان الذي دفن فيه جثث عائلة رومانوف. وأكدت الأدلة الجينية أنها تعود للامير أليكسي والأميرة انستازيا.

17 مايو 1918:

الجو البارد لم يمنع الراهبات في ياكترنبرج من احضار البيض للأميرات الجميلات، ولهذا فقد سرن وهم يحملنه أسفل أذرعهن، ولكن عندما اقتربت من بيت المهندس نيكولاي إيباتيف، منعهن الجنود، وعندما قلن للحرس أنهن جئن بالبيض للأميرات، قال لهم الجنود أن لا يأتوا مرة أخرى.

 

أقرأ أيضا

حكاية صورة.. عندما قتل إيفان الرهيب ابنه؟

لماذا تلد الأمهات على ظهورهن.. رغم أنها ليست الطريقة الصحيحة للولادة!

“كان كالأفلام”.. قصة الزواج الثاني لهشام سليم

وصية حسن عابدين وحوّل القصري وأمنية شادية.. حكاية 22 صورة نادرة

ندمت بسبب الخادمة ورفضت الزواج من الفنانين.. حكاية منيرة سنبل بطلة شارع الحب

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!