الفنسلايد

وصفوه بالشيطان.. البطل الحقيقي لفيلم “في بيتنا رجل”

وصفوه بالشيطان.. البطل الحقيقي لفيلم "في بيتنا رجل"

قدم عمر الشريف رائعته الشهيرة “في بيتنا رجل”، والتي تجسد سيرة مناضل مصري يناضل من أجل نيل حرية بلاده من الاحتلال الإنجليزي، وهي قصة حقيقية للمصري حسين توفيق، لكن مع اختلافات جذرية.

من هو حسين توفيق ؟

حسين توفيق، سليل عائلة أرستقراطية، أبوه توفيق باشا أحمد، كان وكيل أول وزارة المواصلات، وأمه كوثر أحمد عبد الكريم با يزيد. ذات أصول تركية، مثقفة وتتقن التركية والانجليزية وبالطبع العربية. وكان “حسين توفيق”، الفتي المدلل الذي لا يرد له أمر ولا يُرفض له طلب.

تلقى الصبي حسين تعليما متميزا، فدرس فى مدرسة الفرير بالخرنفش، وانتقل بعدها لمدرسة فؤاد الأول الثانوية، ومنها بدأ الشعور الثوري فيه بالزيادة، ففى هذه الفترة اشترك مع زملائه التلاميذ فى حرق أكثر من ثلاثين سيارة من سيارات الانجليز. ثم كون جماعة سرية من التلاميذ، لتطهير البلاد من المحتل الانجليزى ولقتل اليهود، وقام بعمليات نوعية يهاجم فيها ضباط وعساكر الانجليز القاطنين فى ثكنات المعادي حيث يسكن. لم يكن الاعتداء على الإنجليز فقط ولكن على بعض اليهود ممن يتعاونون مع الإنجليز.

لقاء السادت وتغيير حياته

كانت عمليات حسين توفيق تتسم بالعشوائية، عمليات غير مخطط لها تخضع للصدفة، لكن البداية الحقيقية لحسين توفيق كانت عندما قابل شاب اسمر اسمه أنور السادات (رئيس الجمهورية فيما بعد)، ليتدربوا على القنابل وعلى تنفيذ العمليات الكبرى باغتيال الشخصيات الضالعة في العملية السياسية.

حسين توفيق

التخطيط لقتل النحاس باشا

كانت البداية بالتخطيط لقتل مصطفى النحاس باشا رئيس وزراء مصر منطلقين من قاعدة تقول إن “قتل إنجليزى واحد يساوى قتل ألف يهودى، وقتل مصرى واحد متعاون مع الإنجليز، يساوى قتل ألف إنجليزى”.. ذهبا إلى شارع قصر العيني لقتل مصطفى النحاس باشا الذي كان خارجا من بيته لكي يلقى كلمة بمناسبة المولد النبوي.

ألقى حسين توفيق القنبلة على سيارة النحاس باشا، لكن سائق السيارة فوجئ بالترام الذى أمامه يكاد يصطدم به، فأدار دريكسيون السيارة بسرعة كبيرة، ليتحاشى الاصطدام بالترام، لكنه فى التوقيت نفسه، تحاشى الاصطدام بالقنبلة التى وقعت بالقرب من السيارة، بحيث أصبح هو والسيارة والنحاس باشا، بعيدين تماما عن دائرة انفجار القنبلة، حتى إن شظايا القنبلة أصابت أتوبيسين وسبارات كانت مارة في نفس المكان.

فشلت العملية وفر السادات الذي كان يراقب الموقف من الناحية الآخرى ليلحق به حسين توفيق، ليقرر الثنائي تأجيل خطة مقتل مصطفى النحاس ويقررا قتل أمين باشا عثمان.

قتل أمين عثمان

في 5 يناير 1946، وبينما كان أمين باشا عثمان وزير المالية السابق فى حكومة الوفد السابقة، يهبط من سيارته في شارع عدلى، متجها إلى نادى النهضة (نادي الرابطة المصرية البريطانية) الذى كان يرأسه، كان الأسانسير معطلا، فاضطر إلى صعود الدرج، وقبل أن يضع رجله على الدرجة الثالثة، سمع صوتا من الخلف ينادى عليه:

“أمين باشا عثمان”..

فنظر أمين عثمان ليجد الشاب حسين توفيق ابن العشرين عاما ينظر إليه وفي يده مسدسه، وأطلق عليه ثلاث رصاصات استقرت في بطه، ووضع بعدها حسين يده في جيبه وقرر المشي في شارع عدلي كأي إنسان عادي، ثم جرى الناس خلفه فأطلق عليهم النار، ثم ألقى قنبلة ولاذ بالفرار.

لكن تم القبص عليه، واعترف بكل شيء، وذكر أسماء أصحابه، فتم القبض عليهم، وهم:
– محمد إبراهيم كامل .. (أصبح وزيرا للخارجية فيما بعد واستقال فيأزمة وزارة الخارجية في فترة كامب ديفيد)
– محمد أنور السادات (أصبح رئيسا للجمهورية، وكان اسمه الحركى الحاج محمد).

حصل السادات وإبراهيم كامل على البراءة، لكن ما هو مصير حسين توفيق؟

حصل حسين توفيق على عشر سنوات سجن، ولا يتحدث الكثير عن سيرته بعد ذلك سوى انه هرب من السجن، لكن ما الذي حدث بعد ذلك؟.

محاكمة قتلة أمين عثمان

القصة خلدها إحسان عبد القدوس، في روايته الشهيرة “في بيتنا رجل”، التي حُولت بعد ذلك لفيلم سينمائي من بطولة عمر الشريف، حيث التقى إحسان عبد القدوس بحسين توفيق في فترة هروبه من السجن، حيث أقام في شقته فى شارع قصر العينى، ثم تسلل خارج البلاد، متجها إلى سوريا.

الشيطان في سوريا

تزوج حسين توفيق من السورية سعاد المصري، وانجب منها ابنه عبد الرؤوف، لكن حسين توفيق لم يتوقف عند ذلك، بل قابل عبدالقادر عامر الهارب هو الآخر إلى سوريا، وقررا بالاتفاق مع جماعة سورية “تنظيم القوميين العرب بسوريا” هدم المعبد اليهودي في سوريا على من فيه من المواطنين ممن لا علاقة لهم لا بالسياسة ولا بغيرها، وألقى بالفعل قنابل أودت بحياة الكثير من الأبرياء، لينال شهرة كبيرة في سوريا ويستخدمه السياسيين لتصفية حساباتهم مع خصومهم، ولقبوه بالشيطان.

وقرر حسين توفيق التصعيد باغتيال العقيد أديب الشيشكلي رئيس أركان الحرب السورية، ربما سألت نفسك عن السبب لكن ليس هناك أي سبب سوى تعطش حسين توفيق للدم، فهو لا علاقة له بالصراعات السورية السياسية ولا هو طرف فيها من الأساس.

لكن فشلت عملية الاغتيال وتم القبض عليه هو ورفاقه، وحكم عليهم بالإعدام… هل انتهت القصة؟ .. لا لم تنتهى، حيث قامت ثورة يوليو وبدأ نجم عبد الناصر يرتفع في البلاد العربية، وخاصة في سوريا التي سيتوحد معها في دولة واحدة فيما بعد، ليتم العفو عنه بتدخل جمال عبد الناصر شخصيا، واعتقد أن تدخل جمال عبد الناصر جاء بناء على نصيحة من أنور السادات، الصديق المشترك بين الثنائي.

عاد حسين توفيق لمصر، وانجب ابنتيه وفاء وكوثر، وانتهى الاحتلال الانجليزي، وعليه أن يستريح، يبدأ حياته ويرعى زوجته وأبنائه، لكن حسين لا يعرف الراحة، وأصبح لا يجيد الابتعاد عن مسدسه، فقرر اغتيال جمال عبد الناصر نفسه.

وفي سنة 1965، وقعت وثائق في يد أمن الدولة، لتنظيم يحاول قتل الرئيس عبد الناصر لأنه فرط في السودان، واعترفوا بأن قائدهم هو حسين توفيق، فتم القبض عليه واعترف بتخطيطه لقتل عبد الناصر، فُحكم عليه بالأشغال الشاقة المؤبدة.

يموت عبد الناصر ويتولى السادات الحكم، فيرسل له حسين توفيق التماسا بالإفراج عنه، ويذكره بنضالهما القديم، لكن السادات عرف أن حسين توفيق وصل لطريق اللا عودة وأنه سيفكر في اغتياله لو أفرج عنه، فقرر رفض الالتماس، وبعد وفاة السادات يتولي مبارك الحكم رفض هو الآخر التماس حسين توفيق، حتى خرج حسين توفيق بعد انقضاء مدته في سنة 1983، ولم يكن أحدا في انتظاره، ليخرج كبيرا كهلا متثاقلا، ويموت بعدها بشهور.

لكن في حوار لمها توفيق ابنة شقيق حسين توفيق، تقول إن السادات هو من أفرج عن عمها، ولم يشهد حسين توفيق عصر حسني مبارك من الأساس. 

رأي الطب النفسي.

يحكي الدكتور محمد كامل بك الخولي أول مدير مصري للسرايا الصفرا في مذكراته: “لما أغتيل أمين عثمان أحيل القاتل حسين توفيق لمستشفى المجاذيب للكشف عن قواه العقلية، فكشفت عليه وخرجت بأن هذا الشاب مصاب بنقص عقلي وخلقي، وهو مصاب بمرض التقلب الانفعالي.

فيلم في بيتنا رجل، يحكي عن إبراهيم حمدي الذي ينجح في اغتيال رئيس الوزراء المتعاون مع الاستعمار، ويتمكن من الهروب بعد إلقاء القبض عليه ويلجأ إلى منزل زميله الجامعي محي الذي ليس له نشاط سياسي، وتقبل اﻷسرة بعد تردد إيوائه، ويعرف عبدالحميد ابن عم سامية الذي يود الزواج منها في نفس الوقت بوجود إبراهيم، فيستغل الموقف للتعجيل بعقد قرانه على سامية التي ترفضه، عن قصة إحسان عبد القدوس، وسيناريو وحوار يوسف عيسى وسيناريو إخراج هنري بركات.

 

المصادر

– مذكرات دكتور محمد الشماع – السرايا الصفرا.
– حسين توفيق.. البطل الحقيقى لفيلم «فى بيتنا رجل».. كيف جنده السادات؟ – السمّاح عبد اللخ – الاهرام.
– “حسين توفيق .. تفاصيل الشخصية الحقيقية التي مثلها “عمر الشريف” بفيلم “في بيتنا رجل” – وسيم عفيفي – الميزان.

حوار مها توفيق ابنة شقيق حسين توفيق

أقر أيضا

نفسي أبقى مضيفة .. صورة نادرة لسوزان مبارك عمرها 67 سنة

صاحبة أغرب طلاق ورفضت العالمية بسبب الإسلام وقصتها مع عبد الناصر.. حكايات لبنى عبد العزيز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!