تقاريرسلايد

“مماليك فرنسا”.. عندما شارك المصريون في صنع مجد نابليون بونابرت

"مماليك فرنسا".. عندما شارك المصريون في مجد نابليون بونابرت

كتب – أحمد المرسي

 

طوال سنوات اعتبرت الحملة الفرنسية نقطة تحول كبيرة في التاريخ المصري، على جميع من الاصعدة الاقتصادية والسياسية والثقافية، وقد درسنا جميعًا تلك الحملة بمجيء نابليون إلى مصر ولكن دائمًا ما يغفل التاريخ من تم تسميتهم بـ “مماليك فرنسا”.

القط القصير والمماليك

كان نابليون بونابرت قائد فذ. ورغم أصوله الإيطالية إلا أنه استطاع بسرعة أن يحصد إعجاب الشعب الفرنسي في فترة من أهم الفترات في تاريخه، وهو فترة الثورة الفرنسية وما بعدها، وبذلك استطاع أن يتحول بسرعة من مجرد ضابط مدفعية إلى أشهر غازي في التاريخ. ومن مجرد رجل قصير في المجتمعات الراقية الفرنسية تطلق عليه النساء لقب “القط القصير” إلى إمبراطور فرنسا.

كان نابليون في عام 1798 على رأس حملة عسكرية أتت خصيصًا لاحتلال مصر. والتي كانت في ذلك الوقت تحت الحكم العثماني، ولكنها بشكل ما تتمتع باستقلال ذاتي. برئاسة المماليك. عندما وصل بونابرت لمصر تولى المماليك مهمة الدفاع عن البلاد أمامه. ورغم من الهزيمة التي انهزموها إلا أن مظهرهم الفروسي الجذاب، بخيولهم العربية الأصيلة، وملامحهم القاسية، والملابس الشرقية، والعمامة، والسيف المحدب، كل ذلك كان مثار إعجاب بالنسبة لنابليون بونابرت الرجل الذي كان يحب الشجاعة والشجعان.

كتيبة المماليك الفرنسية

أعجب بونابرت بشجاعة المماليك، فقرر ان يقوم بتجنيدهم في جيشه، وقد بدأ بذلك بالفعل بشراء عدد كبير منهم. وعندما سافر إلى فرنسا سرًا وترك أمور الحملة للجنرال كليبر، استمر الأخير في الاعتماد عليهم كقوة ضاربة في جيشه المنظم.

في العام 1801 وبضغط إنجليزي كبير. اضطر الفرنسيين إلى العودة لبلادهم، وحل محلهم العثمانيون من جديد. وعند خروجهم خرج معهم عدد كبير من هؤلاء المماليك بالإضافة لعدد كبير من الأقباط. بقيادة المعلم يعقوب، صاحب أول مشروع استقلال وطني.

المصريون في فرنسا

كان على متن أحد السفن المغادة بالحملة الفرنسية أكثر من 500 مصري. وقد نزلوا بعائلاتهم في مارسيليا، وتم تسكينهم في ثكنات خاصة بالقرب من مارسيليا. وفور نزولهم قام بونابرت بتجنيدهم في الجيش تحت اسم مماليك الحرس الإمبراطوري. أو Mamelouks de la Garde Impériale.

كانت الفرقة المصرية ذات مظهر جذاب، شرقي جميل، كان يدخل الدهشة والاعجاب على الشعب الفرنسي كله في الاستعراضات العسكرية، بالسروج الموشاة ذات الشراريب، والازياء العسكرية اللامعة المبهجة المذهبة، والأسلحة التي لا يعرفونها. والعمامات التي صارت موضة في المجتمع الباريسي. ترتديها النساء.

ميدان المعركة

لم تكن حياة تلك الفرقة العسكرية الذين تم تجنيدهم بهذه السهولة في أوروبا. حيث أنه لم يمضي وقت قليل حتى صاحبوا نابليون في غزواته. خاصة معركة أوسترليتز الشهيرة. على الحدود الروسية. وهي المعركة التي مهدت لاحتلال روسيا سنة 1805. والتي كان فيها النصر بسبب المماليك المصريين. بقيادة الجنرال جان راب.

في عام 1808 شارك مماليك الجمهورية الفرنسية في قمع التمرد الذي قام به الاسبان. بعد مذبحة قام بها الثوار بحق الفرنسيين. لاعتقادهم ان نابليون يستعين بالمسلمين لاحتلال البلاد. وهو الحكم الذين كانوا يقولون أنهم تخلصوا منهم بعد خروج العرب من الأندلس. وهو الحدث التاريخي الذي سجله فرانسيسكو غويا في أحد لوحاته الشهيرة.

لوحة فرانسيسكو غويا
لوحة فرانسيسكو غويا

لم تستمر تلك الانتصارات طويلًا حيث هزم نابليون في واترلو عام 1815 بعد ذلك. وتم نفي الامبراطور حتى فارق الحياة. وقد تشرد المماليك المصريون بعد ذلك في أنحاء فرنسا وتقطعت بهم السبل.

النهاية الدموية

لم تكن نهاية المماليك المصريون جيدة على كل حال. فبعد انهيار حكم نابليون. انتشر في فرنسا ما يسمى بـ “الارهاب الابيض”. وهو حركة عنيفة ضد كل ما هو “بونابرتي”. ولذلك فقد قتل عدد كبير منهم ومن عائلاتهم في مارسيليا. ذبحًا في الشوارع. وقد حفظت لنا السجلات الفرنسية تلك الأحداث الدموية.

Horace Vernet (French, Paris 1789–1863 Paris).Portrait of a Mameluke, said to be Roustam Raza (ca. 1781–1845), 1810.Oil on canvas; 29 1/2 x 24 1/4 in. (75 x 61.5 cm).The Metropolitan Museum of Art, New York, Partial and Promised Gift of Kenneth Jay Lane, 2014 (2014.435.3).http://www.metmuseum.org/Collections/search-the-collections/439337

رستم رضا

كان رستم رضا واحد من أشهر مماليك فرنسا. وقد كان الحارس الشخصي لنابليون بونابرت نفسه. تم شراؤه كعبد في القسطنطينية وكان مملوكًا للشيخ البكري. الذي كان صديق للنابليون. وقد سافر معه. وخدمه 15 عامًا. وكان يرتب له ثيابه وسلاحه. وينام عند غرفة نومه.

تزوج رستم ابنه أحدى بنات خادمات الإمبراطورة جوزفين. ولكن بعد نفي نابليون رفض رستم رضا أن ينتقل مع الإمبراطور لمنفاه في جزيرة ألبا. خوفًا من أن يتهم بتسميمه من قبل الإنجليز. وقد اتهمته الصحافة بالجحود في تلك الفترة. والحقيقة أنه رفض الانتقال إلى منفى الامبراطور لأنه لم يكن يريد مفارقة زوجته وأولاده. وقد توفى في دوردان في عام 1845. بعد أن كتب مذكراته التي شرح فيها حياته بجوار أشهر الرجال في عصره.

موسى زميرو

يعتبر موسى زميرو الفلسطيني الأصل  واحد من أشهر مماليك فرنسا.  انخرط في الجيش الفرنسي كنافخ للبوق وقد شارك في معركة أبو قير ضد العثمانيين. مع سفر المماليك إلى مارسليا تم استبعاده من العمل العسكري لصغر سنه. ولكن تك قبوله في عام 1808. وشارك في كل الحملات العسكرية. وتزوج من فرنسية في مولان. ثم في عام 1825 أصبح مدير للبريد. وظل حتى مات في 1873. وكان آخر المماليك الذين سافروا مع بونابرت في تلك المغامرة غير المحسوبة. ولازال قبره معروفًا إلى الآن.

 

 

أقر أيضا

عندما أشتكى رئيس وزراء إسرائيل للسادات من الشعراوي

نفسي أبقى مضيفة .. صورة نادرة لسوزان مبارك عمرها 67 سنة

صاحبة أغرب طلاق ورفضت العالمية بسبب الإسلام وقصتها مع عبد الناصر.. حكايات لبنى عبد العزيز

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!