الفنسلايد

“كل دا كان ليه”.. أسباب فشل الجزء الثاني من مسلسل رمضان كريم

قدم المنتج أحمد السبكي في سنة 2017 مسلسل رمضان كريم، وهو أنجح مسلسلاته على الإطلاق من وجهة نظري، وهو من تأليف أحمد عبدالله، وإخراج سامح عبدالعزيز، ليقدم في إطار درامي كوميدي، أحداث مسلسل رمضان كريم.

أتخذ المسلسل من الزمن بطلاً له، البطل هنا ليست القصة، البطل هي حكايات شهر رمضان، شهر رمضان نفسه هو البطل، من خلال قصص بسيطة مغزولة بعناية ومتشابكة بتعقيد ممتع، سرد لنا أحمد عبدالله في 30 حلقة حكايات مصرية خالصة، كل قصة من قصص المسلسل، تصلح لعمل مستقل، لذا فأنت أمام عمل دسم للغاية، عمل به في كل حلقة أكثر من حدث، وكل هذه الأحداث تتشابك وتتقاطع بمنتهى السلاسة دون لوي عنق الأحداث.

فشعر الناس أن مسلسل رمضان كريم، معبر حقيقي عنهم، يعبرعن مشاكلهم وأزماتهم، عن أفراحهم وأحزانهم، فأحبوه وتعلقوا به، لكن كما يبدو أن هناك جهة ما هدفها تدمير كل شيء جميل، قرر السبكي إنتاج جزء ثانٍ من العمل، على أن تكون الأحداث بعد مرور ست سنوات على أحداث الجزء الأول، ومع كل حلقة من المسلسل، تجد نفسك تقول بصوت جارة سلطان في غبي منه فيه “يخربيتك يا إسماعيل بوظت الولا”.

لكن لماذا لم ينجح الجزء الثاني من المسلسل؟، دعنا نجيب عن هذا السؤال بشيء من التفصيل

في البداية، كانت أزمات المسلسل كثيرة، الممثلون يعتذرون، المنتج يهاجم الممثلين، القنوات ترفض عرض المسلسل، والسبكي يتوعد القنوات بالندم؛ لأن المسلسل “سيكسر”، الدنيا، لكن هذا لم يحدث للأسف، ويمكننا أن نقول تمخض الجبل طويلاً فولد فأراً.

غاب من فريق العمل، روبي وشريف سلامة وريهام عبدالغفور ومحمد محمود وسهر الصايغ ومحمود الجندي وشيرين الطحان ومحمد الشرنوبي، وهو كاست مسلسل كامل، ولا يمكن الاستغناء عنه وتعويضه بهذه السهولة، كما أن المسلسل تم بعد 6 سنوات، ومن كان يقبل بالبطولة الجماعية أصبح بطلا بمفرده، وكان من الممكن أن يتم استبدال الممثلين مع البقاء على أدوارهم، لكن المؤلف اختار التخلص من شخصياته، وبناء شخصيات جديدة، كانت جميعها بل استثناء أقل من المتوقع.

محمود الجندي بـ شريط أسود في الجزء الثاني من مسلسل رمضان كريم - بوابة  الشروق - نسخة الموبايل

حاول أحمد عبدالله درامياً حل غياب فريق الجزء الأول، فمثلاً مات الحاج كريم “محمود الجندي”، في سياق المسلسل، ولم يُستبدَل بممثل آخر، وزوج رضا “ريهام عبدالغفور”، من الشيخ “محمد الشرنوبي”، وهاجر الثنائي للخليج، بينما باع المعلم الحناوي القهوة وغادر المنطقة هو وزوجته، لكن هذا لم يمنع حنين الجمهور لأبطال الجزء الأول.

وأضاف أحمد عبدالله شخصيات للمسلسل، منهم الشيخ صبيح – بيومي فؤاد، وهو مسجون يخرج من السجن مع خميس – صبري فواز، لينخرط في حياة الحارة ويخطط لسلب خيراتها بطرق ساذجة وبدائية، وكذلك شخصية المعلمة “سلوى خطاب”، التي تشتري القهوة من المعلم الحناوي، ويخطط خميس للزواج منها، لكي يرث القهوة بمن عليها.

وأضاف أيضا شخصية ويزو وزوجها، وهما مذيعان في إذاعة محلية وهي ابنة شقيقة رمضان “سيد رجب”، والتي يعزمها وليد رمضان لكي تقضي شهر رمضان مع الأسرة، وتربي الأسرة الجديدة كلب، أفرد له أحمد عبد الله مشاهد أكثر بكثير من أبطال المسلسل، لكن هل كان هذا الخيط الدرامي فعالا، للأسف لا، الأمر أشبه بتسويد الصفحات لكي نملئ فراغ.

رمضان كريم» يخرج من ورطة الاعتذارات بشخصيات جديدة.. تفاصيل كاملة

تعرف، هناك مرات كثيرة يكون التوفيق حليفك، فكلما سرت في طريق وجدت كنزا، ومرات لا يحالفك الحظ، فكل الخيوط الدرامية التي حاول بها أحمد عبد الله إنعاش العمل الدرامي كلها باءت بالفشل.

الكاتب لم يكن في لياقته الذهنية، هناك تشويش واضح في القصة والسرد، مشاهد طويلة في بعض الأحيان لا يوجد أي مبرر لها درامي، ولا تؤدي الغرض منها، حتى فكرة تناول الحارة بأكملها للفول المخلوط بحبوب الهلوسة، كان من الممكن استغلالها في مواقف صارخة تُفجر الكوميديا لكن هذا لم يُستَغل بالشكل الأمثل، وأكثر مثال يبرز ذلك، هو مشهد صبري فواز وبيومي فؤاد على المقهى، والذي كان طويلاً وسخيفاً في آن واحد.

المخرج سامح عبد العزيز

في العرض الأول لفيلم “أحلام الفتي الطائش”، قالت زوجة سامح عبد العزيز، سامح لديه الكثير ما يقدمه، وهو ما تحقق بالفعل، لكن سامح عبد العزيز هذا العام، قدم مسلسل رمضان كريم ومسلسل جميلة لريهام حجاج، وهو الأمر الذي أخذ من كليهما، فسامح عبدالعزيز من أهم مخرجي مصر حالياً، لكن توزيع جهده بين مسلسلي جميلة ورمضان كريم، أضر كثيراً بمسلسل رمضان كريم، ولا استطيع الحكم على مسلسل ريهام حجاج لأنني لم أشاهده.

السبكي: الرجل الذي أضر بنفسه

كان المنتج أحمد السبكي قبل عرض المسلسل يهدد كل من رفض العمل في المسلسل بالفشل، ويتوقع نجاح المسلسل بشكل أسطوري، وإنه سيفوق الجزء الأول بكثير، وعندما سألوه عن أبطال الجزء الأول، وكيف أصبح الواحد منهم بطلاً في مسلسل مستقل، هاجمهم السبكي، وقال إنهم لا يستحقوا أن يصبح أبطال لأي عمل “مش هما دول اللي يتعملهم بطولة لوحدهم”.

الأمر الذي رفع سقف التوقعات للمسلسل، وهو ما تحطم على صخرة الحلقات الأولى من المسلسل التي جاءت أقل بكثير من المتوقع، أقل حتى من أي مسلسل لأحمد عبد الله بعيدا عن رمضان كريم، ومن أقل مسلسلات سامح عبد العزيز بعيدا عن مسلسلات ريهام حجاج لأنني لم أشاهدها.

مواعيد عرض مسلسل رمضان كريم 2 الحلقة 19.. مسلسلات رمضان 2023 - الأسبوع
كما أن المسلسل لم يصمم من البداية لكي يكون له جزء ثانٍ، وبعد نجاح المسلسل فكروا في إنتاج جزء ثانٍ منه، وهو الأمر الذي تبرز معه مشاكل كثيرة في الكتابة وبناء الشخصيات، فالمؤلف عندما يصمم عمله لكي يكون متعدد الأجزاء يكتب الشخصيات والمواقف بحيث تكون ممتدة، فيترك الكثير من الخطوط الدرامية بلا حل في انتظار الجزء الثاني لكي يشوق الجمهور لها، لكن في الجزء الأول انتهت كل الخطوط تقريباً.

وعن الكوميديا، فعول الجزء الثاني على ويز في الجزء الثاني مع بيومي فؤاد في استنباط مواقف كوميدية، فكانت كل كوميديا بيومي فؤاد في أن يقول في ختام كل مشهد سبح، بينما ويزو ظلمت نفسها وظلمتنا عندما صنفت نفسها كوميديانة.

بدء تحضيرات الجزء الثانى من مسلسل «رمضان كريم» (صور) | مبتدا

والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة، لماذا ننتج جزءاً ثانياً من مسلسل ليس لدينا جديد لنقدمه على مستوى القصة؟، ومعظم نجوم العمل غابوا عنه، لو أنتج السبكي مسلسل جديد بكاست المسلسل الحالي ربما لاقى نجاحاً أكبر بكثير، وجعبة أحمد عبد الله ملئية بالحكايات التي لا تنضب.

في النهاية، مسلسل رمضان كريم الجزء الثاني ليس عملاً سيئاً للغاية، لكن الست سنوات كانت كفيلة بتغيير الكثير، تغيير الجمهور نفسه، الذي لن يرضى بطبخ الأونطة له في هيئة جزء ثانٍ من مسلسل يحبونه، رمضان كريم 2 عمل جيد لكنه عمل أزمته الكبرى من أن صناعه ربطوه بعمل ناجح للغاية في جزئه الأول، فكان النجاح بعيداً كل البعد عن صناع الجزء الثاني، وعلى السبكي أن يسأل نفسه “كل دا كان ليه”؟

أقرأ أيضا

العام الأسوأ في حياة معالي زايد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!