تقاريرسلايد

قصة سوزان بوتر.. أول امرأة تحول نفسها إلى جثة رقمية

من أجل الطب

كتب أحمد المرسي

 

طوال الخمس سنوات الأخيرة من حياتها كانت سوزان بوتر تحمل في جيبها ورقة، مكتوب فيها:”أنا سوزان بوتر.. عندي أمنية أن تستخدم جثتي في مشروع الإنسان المرئي، في أغراض طبية، وعند وفاتي أخبروا الدكتور “فيكتور إم سبيتزر”، فلا يوجد إلا 4 ساعات فقط لنقل الجثة”.

بهذه العبارة القصيرة كانت سوزان بوتر تدخل التاريخ. عبر كونها أول أمرة تقوم بالتبرع بجسدها كجثة رقمية، من أجل المساعدة في تطور الطب. وكان هذا يعني بالضرورة أن يقطّع جسدها إلى 27 ألف قطعة.

مشروع الجثة الرقمية

يعتمد مشروع الجثث الرقمية هو مشروع بدأ في عام 1993. عن طريق قيام فريق طبي بتحنيط جثة رجل محكوم عليه بالإعدام من أجل استخدام جثته وأعضاءه عن طريق الكمبيوتر، من أجل الدراسة. لحقه امرأة كانت مصابة بمرض القلب. وبعد وفاتها تم تقسيمها ورقمنتها لغرض دراسة الطلبة.

وفي عام 2000 قرات سوزان مقالًا عن ذلك المشروع. وأخذت القرار بالتبرع بجسدها بعد الموت. لتكون أول امرأة حية تشارك بجسدها في المشروع. تطوعًا وبمليء إرادتها.

من هي سوزان بوتر؟

ولدت سوزان بوتر في ألمانيا النازية، وخلال الحرب العالمية الثانية. تركها والداها، وهربا إلى الولايات المتحدة الأمريكية. لم تنسى سوزان ما حدث. وقالت في اكثر من لقاء تلفزيوني أنها لن تسامحهما.

سافرت سوزان إلى نيويورك، وهناك إلتقت بهاري بوتر، وتزوجته وأنجبت منه طفلين.

عندما تبرعت سوزان بجسدها، كان يعتقد أنها ستموت بعد عام واحد. ولكنها فاجئت الجميع أنها ماتت بعد 15 عامًا.

سنوات قبل الوفاة

في 2004 قابلت سوزان الطبيب فيكتور سبيتزر. الرجل الذي سيشرف بعد ذلك على تقطيع جسدها. وكان هو عالم يتطلع لإنجاز طبي، فيما كانت هي امراة تطوعت لمشروع سيكتمل بوفاته. والحقيقة أنها منذ تلك اللحظة عاشت لهذا الرجل. وتوطدت العلاقة بينهما. فأصبحا صديقين.

زارن سوزان الغرفة (NG 004) التي سيحتفظون فيها بجثتها. في جامعة كولورادو” الأميركية ورأت شفرات المنشار التي ستقطع لحملها، وتقسمه إلى شرائح بسمك الورقة، للتوصير الفوتوغرافي. وتحدثت مع طبيبها طويلًا. شمت رائحة الكحول الذي سيغرقون جسدها فيه. وطلبت منهم أن تتم عملية تقطيع جثتها أثناء تشغيل الموسيقى. وجسدها محاط بالورود.

سجلت سوزان كل شيء لطلاب كلية الطب. الذين أصبحوا أصدقاء لها. يحبونها. ويجلسون معها يتجاذبون أطراف الحديث. على أمل أن تعطيهم كل المعلومات التي يريدونها بعد ذلك عنها. وعن أحوالها النفسية.

 

البداية الجديدة لسوزان

في يوم 16 فبراير 2015. في تمام الساعة 5:15 صباحًا لفظت سوزان بوتر أنفاسها الأخيرة عن عمر يناهز 87 عامًا. في مركز دنفر هوسبيس لرعاية المرضى الميؤس في شفائهم.

تم تشخيص سبب الوفاة بالإتهاب الرئوي. وكانت جثتها بطول 155 سم. وعرض 48 سم من الكوع إلى الكوع. وتم تجميدها في درجة حرارة تصل إلى 26 درجة مئوية تحت الصفر.

بعد عامين استخدم الطبيب سبيتزر ومساعده منشار خاص فقطعوا جثة السيدة إلى 4 قطع. كخطوة تمهيدية ستتم عبر سنوات أخرى.

مستقبل سوزان

في خلال سنوات قادمة. وبعد أن يتم تقطيع حثة سوزان إلى آلاف القطع والشرائح. سيقوم سبيتزر بإعادة تركيب جسد “بوتر” في هيئة رقمية. ستتيح للطلاب في كلية الطب. دراستها بشكل دقيق.

يقول روبرت جرا الأستاذ الفخري: إن التشريح هو قانون الطب. والموتى يعلمون الأحياء. هذه هي العقيدة.

اقرأ أيضًا: 

فيكتور نوار.. تمثال تتحرش به النساء في باريس

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!