الفنسلايد

بعد 30 سنة من عرضه.. تعرف على مصائر أبطال فيلم الكيت كات

فيلم “الكيت كات” رائعة داوود عبدالسيد مخرجا ومؤلفا ومحمود عبدالعزيز ممثلا، عن نص بديع للرائع إبراهيم أصلان، رُشح له في البداية الفنان أحمد زكي، لكن أحمد زكي اعتذر فذهب الدور لمحمود عبدالعزيز، ويٌقال إن سبب الخلاف بين داوود عبدالسيد وأحمد زكي هو الأجر الذي سيحصل عليه زكي في الفيلم.

يقول أحمد زكي عن الفيلم بعدما شاهده مع محمود عبد العزيز: “شاهدت الفيلم مع محمود عبد العزيز في عرض خاص، ونسيت أنه محمود بجانبي، وكنت أركز مع “الشيخ حسني” وكل تفاصيل الشخصية، وصدقا عبد العزيز يستحق جائزة الأوسكار على هذا الدور.

البداية من الرواية

في سنة 1972، بدأ إبراهيم إصلان كتابة روايته الشهيرة “مالك الحزين”، واستمر في كتابتها حتى أبريل 1981 أي في حوالي ثمانية أعوام ونصف تقريباً. وتحتل المركز الـ 41 في قائمة أفضل مئة رواية عربية، وعندما حول داود عبد السيد الرواية لفيلم سينمائي بعنوان الكيت كات، عام 1991، أعطاها من روحه الخاصة، وصنع عالم يتشابك مع عالم إبراهم أصلان، فخرج عالما ساحرا، لا يمكنك أن تخرج منه بسهولة، عالم يعيش فيك بقدر ما تعيش فيه.

لكن بعد مرور 31 سنة، ما هي مصائر أبطال رواية إبراهيم أصلان، وفيلم داود عبد السيد.

(ملحوظة: عاش الكاتب إبراهيم أصلان مع كل أبطال الرواية، وشاهدهم رؤى العين، لذا فهو كتب عن أناس من لحم ودم وليس صورة من خياله أو حكاية رواها له أحد، حيث كان يعيش أصلان في منطقة الكيت كات).

– لو قرأت الرواية ولم تشاهد الفيلم ستجد أن بطل الرواية الأساسي هو يوسف ابن الشيخ حسني، وهو الشاب الجامعي الذي يغترب عن حياة الجامعة ويبحث عن هويته.

مصير الشيخ حسني

الشيخ حسني الحقيقي اسمه الشيخ عبدالمحسن موسى محمد، كان الأول على دفعته في معهد الموسيقى العربية سنة 1936، لكن تسبب إدمانه لمخدر الحشيش في طرده من المدرسة التي عمل بها مدرسا للموسيقى، وهو ما صرح به المؤلف إبراهم أصلان في ندوة عن الفيلم، كما كان يدرب أولاد الحارة على عزف العود، وترك الحارة التي كان يقطن بها، واتخذ من منطقة بولاق مكانا للعيش، بعيدا عن أعين من يعرفونه في إمبابة ثم مات، وحيدا وحزينا.

بعد وفاة زوجته عرضت عليه خالته تزويجه من ابنة خالته، وتزوجها بالفعل، واكتشف بعد الزواج أنها كفيفة، حيث كان يطلب منها بدلته البنية، بتأتيه بالبدلة الزيتية المخططة، وكان يعرفها من ملمس القماش، وفي مرة أصر على أن تعمل له شاي، فأحرقت الشقة، فقرر تطليقها.

وصل الشيخ حسني إلى مرحلة متأخرة من إدمان مخدر الحشيش، وقال سكان حي الكيت كات إن الشيخ عبدالمحسن باع بيته مرتين في يوم واحد من فرط تأثير الأفيون والحشيش عليه، وفي مرة بصم على العقد بصباع قدمه، وقد استدان من زميل له 35 جنيه، فذهب الدائن لشكوته في قسم الشرطة، فقال الشيخ حسني في محضر الشرطة الرسمي: “أنا اشتريت بالفلوس حشيش وشربته.. وأوعدك بأنني أسدد في أقرب فرصة”.

وفي نهاية حياته، طلب من أبنه أن يأخذ لمنطقة الكيت كات، وطلب منه أن ينبهه عندما يأتي شارع السوق، لكي ينظر منه للناس، وبالفعل، خرج للسوق، وأخرج نصف جسده من التاكسي، فأوقفه شخص اسمه عادل الشرباتي، لكن الشيخ عبد المحسن لم يتعرف عليه،وقال له: “يا عادل أنا عيان ورايح المستشفى، إبقى قول للناس بقى”، ليتوفي بعدها.

– الهرم

ربما كانت شخصية الهرم شخصية هامشية في الرواية، لكنها شخصية رئيسية في الفيلم، والهرم، و هو تاجر مخدرات بالفعل وطالب شركة الإنتاج بمكافأة 20 جنيها لاستغلال اسمه في الفيلم.

ولكن بعد وفاة زوجته، تغيرت حاله وأحواله،وأطلق لحيته وبدأ يجوب حواري إمبابة يوميا لدعوة الناس للخروج إلى صلاة الفجر منبها لهم وميقظا، وما إن تبدأ الصلاة يعود إلى بيته ولا يُصلي، في حالة غريبة لا تفسير لها.

شخصية الشيخ عبيد

الشيخ حسني بيوصل الشيخ عبيد الكفيف للشارع وكمان بيعمل فيه ...

شخصية الشيخ عبيد التي قدمها الفنان علي حسنين، هو شخصية حقيقية بنفس الاسم، وصادق الشيخ حسني لـ 7 سنوات من حياته، وخدعه مقنعًا إياه بأنه مبصر، وكانا يتوجهان إلى السينما إلى أن اكتشف الشيخ عبيد الأمر عندما انقلب بهما القارب عند مرسى الأوتوبيس النهري، كما أن مشهد الشيخ حسني وهو يقود الدراجة البخارية، هو مشهد حقيقي عاصره سكان الحي، لكن كان قائد الموتسيكل كونستابل في البوليس.

يوسف

على عكس الفيلم، فأن الشيخ حسني أنجب 4 أبناء وليس يوسف وحده، فعاش من عاش ومات من مات، لكنه لم يكن وحيد الابن كما الفيلم، وانقطعت سيرة أبنائه بوفاته.

أحداث فيلم الكيت كات تدور في إطار من الكوميديا السوداء، حول شخصية “الشيخ حسني” الذي جسد شخصيته الفنان القدير محمود عبد العزيز، الرجل الكفيف، الذي يعيش في منزل واحد مع والدته “أمينة رزق” وابنه الوحيد الشاب المحبط يوسف “شريف منير”، راصدًا الأوضاع اليومية سكان حي “الكيت كات” الذي يعيش فيه ونبض همومهم، ورغم فقدانه لبصره وعمله وزوجته، إلا أنه يرفض الاعتراف بعجزه وينطلق في ممارسة حياته الطبيعية كأحد المبصرين دون التخلي عن ابتسامته وضحكته التي رسمها على وجوه أغلب مواليد تسعينيات القرن الماضي، ويحتل فيلم ” الكيت كات 1991 ” المركز رقم 24 فى قائمة أفضل 100 فيلم فى ذاكرة السينما المصرية حسب إستفتاء النقاد بمناسبة مرور 100 عام على أول عرض سينمائى بالأسكندرية (1896-1996) وكان الإختيار بداية من عام 1927 حيث تم عرض أول فيلم مصرى (ليلي 1927) وحتى عام 1996.

والفيلم من إخراج وتأليف داود عبد السيد، وإنتاج حسين القلا، ومن بطولة محمود عبد العزيز، وأمينة رزق، وشريف منير، وعايدة رياض، ونجاح الموجي، وعلي حسنين. وقصة الفيلم من وحي رواية مالك الحزين للروائي إبراهيم أصلان.

وظل داوود عبدالسيد يبحث عن منتج للعمل لمدة 5 سنوات، ولم يوافق أغلبهم على بناء حارة متكاملة لتصوير أحداث العمل، حيث كانوا يرغبون في تصوير الفيلم بأحد الاستوديوهات، إلا أن أغلب مشاهد الفيلم تم تصويرها في شوارع حي الكيت الكات الحقيقية، وطلب أحد المنتجين أن يكون الشيخ حسني هو عادل إمام لكن رفض عبد السيد بشدة، فهناك خلاف حاد بين داود عبد السيد وعادل إمام، ولم يعمل الثنائي معا، حيث يرفض عادل إمام العمل مع جيل داود عبد السيد بسبب اهتمامهم بالقيمة الفنية على القيمة التجارية للعمل، والفيلم الوحيد الذي قدمه عادل إمام مع جيل عبد السدي كان فيلم الحريف، وهو الفيلم الذي لا يحبه عادل إمام، ولم يتكلم عنه بخير إلا بعد نجاحه تلفزيونيا.

في كتابه شيء من هذا القبيل تحدث أصلان عن رواية مالك الحزين وكيف كتبها وعن كواليس مشهد الشيخ حسني الشهير وهو يفضح أهل الحارة في الميكروفون في عزاء عم مجاهد، وهو السبب الذي جعله يترك الحارة بعدها.

كان المخرج داود عبد السيد تعاون مع الفنان محمود عبد العزيز في فيلم الصعاليك وأقتنع بموهبته الفنية، لذا كان ذلك السبب في ترشيحه للدور الصعب، ويقول: “أحضرت شيخًا كفيفًا لـ محمود عبد العزيز حتى يكون قريبا من الشخصية، وهو الشيخ الذي يقرأ القرآن في مشهد عزاء الشيخ مجاهد في الفيلم، وأعتقد أن محمود قام ببحث أكبر من ذلك، حيث كان نجماً كبيراً ويعرف كيف يكون الشخصية، وهو ما ظهر في الشكل النهائي لها في الفيلم”.

ذهب داود عبد السيد لفيلمه للرقابة، وكان وقتها يحمل اسم ” عرايا في الزحام”، أجازته الرقابة، لكن كتب الرقيب تعليقا عليه: “فيلم كئيب”.

 في النهاية، نحن أمام فيلم من وجهة نظري هو الأكمل في تاريخ السينما المصرية، فيلم “مفيهوش ولا غلطة”. 

 

المصادر 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!