تقاريرسلايد

” ابكِ كالنساءِ”.. هذا ما حدث لحاكم غرناطة بعد سقوط الإندلس

الجميع يعرف قصة سقوط الأندلس وتسليم غرناطة، يعرفون قصة بكاء «أبوعبدالله» سلطان غرناطة، وجملة أمه عائشة الشهيرة: “أجل فلتبك كالنساء، ملكا لم تستطع أن تدافع عنه كالرجال”، لكن تنقطع الروايات عند هذه الحكاية، ولا يعلم الكثيرون ماذا حدث له بعدها.

ينقل الأستاذ سعيد الشحات في كتابه “ذات يوم في ألف عام وأكثر”، الجزء الأول الصادر عن الهيئة العامة للكتاب ما حدث لأبو عبد الله سلطان غرناطة بعد ذلك، حيث انتقل نحو نهر شنيل فى طريق البشرات، لكي يقيم بها، بعد تسليمه المدينة في 25 نوفمبر 1491، لفرناندو ملك قشتالة.

حيث سمحت الاتفاقية بين أبي عبد الله وفرناندو، على أكثر من 67 بند منها أمين الصغير والكبير فى النفس والأهل والمال، وإبقاء الناس فى أماكنهم ودورهم ورباعهم وعقارهم، وإقامة شريعتهم على ما كانت عليه، ولا يحكم على أحد منهم إلا بشريعتهم، وأن تبقى المساجد كما كانت، وغيرها من الشروط.

وتضمنت الاتفاقية بند يخص أبي عبد الله، وهي: “حقوق وامتيازات ومنح تعطى لأبى عبدالله ولأفراد أسرته وحاشيته، وذلك متى نفذ تعهداته، وأبرزها، أن يأخذ أبوعبدالله ثلاثين ألف جنيه قشتالى ذهب، ويحتفظ بالأراضى والحدائق التى يملكها سواء فى غرناطة أو البشرات”

تحميل كتاب ذات يوم : يوميات ألف عام ... وأكثر - مج.1 pdf لـ ...

موسى بن أبى الغسان

أثناء توقيع الاتفاقية، كان الجميع يبكي، إلا “موسى بن أبى الغسان” وكان فارس غرناطة، الذي قال: “تركوا العويل للنساء والأطفال، فنحن رجال لنا قلوب لم تخلق لإرسال الدمع، ولكن لتقطر الدماء، فلنمت دفاعا عن حرياتنا وانتقاما لمصائب غرناطة، لنقاتل العدو حتى آخر نسمة، وإنه خير لي أن أحصى بين الذين ماتوا دفاعاً عن غرناطة من أن أحصى بين الذين شهدوا تسليمها”، وقتها صمت الجميع، حتى تحدث أبوعبدالله وقال: “الله أكبر، لاإله إلاالله، محمدا رسول الله، ولا رد لقضاء الله، تالله لقد كتب على أن أكون شقيا، وأن يذهب الملك على يدي”، ولكن اجتمع الرأي على أن المعاهدة أفضل ما قد يحصلون عليه.

فغادر المجلس يائساً حزيناً وذهب إلى بيته فلبس لباس الحرب وامتطى صهوة جواده، واخترق شوارع غرناطة ولم يره أحد بعد ذلك، وقد تناولت الكاتبة رضوى عاشور في رائعتها ثلاثة غرناطة سيرته، وهو قليل الذكر في المصادر العربية، ويكثر ذكر قصته في المصادر الأسبانية.

مصير أبي عبد الله الصغير

غادر أبو عبد الله مدينته وقصره ومعه أفراد أسرته وبعض حاشيته وكان موكبه حزينا صامتا ونكس أفراد الأسرة رؤو سهم وقبل أن يغادر أبواب المدينة ضج بالبكاء فقالت له أمه الجملة الشهيرة، وإن كانت بعض المصادر تنفي قصة البكاء وتنفي الجملة من الأساس، وأن صاحب هذه الرواية هو أنطونيو جيفارا الذى يعتبر الأب الروحى لفكرة تفوق العنصر الأوروبي.

لكن ما يهم إنه لم يتحمل العيش في البشرات أكثر من عام، فكتب إلى سلطان فاس وكان اسمه “أبي عبد الله الشيخ محمد”، وقال له في بكائية شهيرة وطويلة اسمها الروض العاطر الأنفاس في التوسل إلى المولى الأمام سلطان فاس، كتبها كاتبه محمد بن عبدالله العقيلي على لسانه:

“لا أنكر عيوبي، فأنا معدن العيوب، ولا أجحد ذنوبي، فأنا جبل الذنوب، إلى الله أشكو عجزي وسقطاتي وغلطاتي، فمثلي كان يفعل أمثالها، ويحمل من الأوزار المضاعفة أحمالها، ويهلك نفسه ويحبط أعمالها، عياذاً بالله من خسران الدنيا، وإيثار الجاحدين والمعتدين، قد ضللت إذاً وما أنا من المهتدين. وايم الله لو علمت شعرة فؤادي تميل إلى تلك الجهة لقلعتها، بل لقطفت ما تحت عمامتي من هامتي وقطعتها”.

ويطلب في نهاية الرسالة إن يسمح له الملك بالإقامة في فاس، فوافق الملك، وشحن أبو عبد الله عدته للسفر، وفي الطريق توفيت زوجته موريمة في اندرش مقاطعة المرية (المريا بها نادي اسباني حالي يمتلكه تركي آل الشيخ)، مما جعل الموقف بالنسبة لأبي عبد الله وعائلته أكثر حزنا ومأساوية، حيث دفنو موريمة في مسجد موندجر قبل الأبحار نحو المغرب.

وينقل سعيد الشحات في كتابه مصير أبي عبد الله، حيث يقول: عاش فيها يبكي على غرناطة، وبنى فيها قصورا تشبه قصوره في غرناطة، حتى مات سنة 940 ميلادية، تاركا ولديه يوسف وأحمد، وعدتى على أولاده وأحفاده عوادي الدهر، فعاشوا يستجدون الناس”.

 

أقرا أيضا

دخلت الإسلام وتزوجت مصري.. القصة الحقيقية لجوجو عميلة الموساد الإسرائيلي

المصادر

– كتاب ذات يوم في ألف عام – فصل 2 يناير – سعيد الشحات.

– ثلاثية غرناطة.. رضوى عاشور. 

– نص الروض العاطر الأنفاس في التوسل إلى المولى الأمام سلطان فاس.

-موسى بن أبي الغسان بطل في الرواية الإسبانية فانتبهوا له – الشرق الأوسط.

– أرشيف الإنترنت.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!