تقاريرسلايد

ظنوها “عفريت”.. تعرف على قصة أول سيارة في مصر ولما منع الخديوي من قيادتها

من غير اسم الاتوموبيل لسيارة؟

كتب – أحمد المرسي

قد تكون مشاهدة السيارات الآن أمرًا طبيعيًا. فيوجد في مصر حاليًا اكثر من 10 مليون، ولكن منذ 120 عامًا كان الأمر غير مألوف. للدرجة التي كان الناس فيها عندما يشاهدون كتلة المعدن تلك يعتقدون أنها “عفريت”.

عرفت السيارات لفترة طويلة داخل مصر باسم “أتوموبيل”، ولم يتم تعريب الكلمة إلى “سيارة” أو “عربية” إلا متأخرًا. وكلمة أتوموبيل هي اللفظة الفرنسية للاختراع الجديد وقتها.

في التقرير التالي نرصد لكم تاريخ السيارات في مصر من أول من قادها.

أول سيارة في العالم

كان كارل بنز هو مخترع السيارة. وقد كان ذلك عام 1885، وسجل بنز براءة اختراعها بعد ذلك بعام. وقد صنع بنز سيارته لتعمل بمحرك جازولين. في ألمانيا.

أول سيارة دخلت مصر

بعد 5 سنوات، وفي عهد الخديو توفيق. دخلت أول سيارة مصر. وكان من أحضرها هو الأمير عزيز حسن. حفيد الخديو إسماعيل.

وكان الأمير قد سافر لإنجلترا من أجل اكمال دراسته بجامعة أكسفورد. ومنها لألمانيا، حيث عمل كضابط في الجيش الإمبراطوري. وهناك رأى السيارة التي كانت من ماركة “دي ديون بوتون”. فأحضرها معه إلى مصر.

وجاءت السيارة محملة على باخرة، ولم يكن الهدف هو استخدامها كوسيلة مواصلات، ولكن وسيلة ترفيهة وتسلية.

وقام الأمير عبد العزيز بأول رحلة بالسيارة عبر الريف من القاهرة لإسكندرية. وانطلقت السيارة بسرعة 20 كيلو متر تقطع الطريق عبر الأراضي الزراعية. حيث لم تكن الأرض قد مهدت بعد.

وكانت سرعة 20 كيلومتر سرعة كبيرة بالنسبة للفلاحين الذين لم يشاهدوا غير سرعة الحمير والخيول. وعندما رأى الفلاحين تلك الآلة المرعبة، السريعة التي تنطلق في الأرض بعجلاتها. اعتبروا أنهم رأى “عفريت”!.

وأخذت السيارة مدة تجاوزت 10 ساعات. في مسافة لم تتعدى 210 كيلومتر. قتلت خلالها عدد لا بأس به من المواشي. وأفسدت الكثير من المزروعات.

الخديوي والأتوموبيل:

في عام 1909 اشترى الخديو عباس أول سيارة. وقادها عبر شوارع القاهرة، واستخدمها في التنقل بين سرايا عابدين والأوبرا، وكذلك سرايا القبة.

ولكن لأجل السرعة الجنونية التي كان الخديوي يقود بها السيارة داخل المدينة اجتمع مجلس النظار. وأرسلوا رئيس الوزراء له كي يطلب منه الكف عن القيادة، خوفًا على حياته.

الأتوموبيل والشعب:

تذكر الوثائق التاريخية أن أول من اشترى السيارة من عامة الشعب كان معاون البوليس محمد خورشيد بك. وكان ذلك أثناء رحلة في أوروبا، وعاد بها من هناك.

ويذكر لنا أحد الصحفيين الذين جربوا ركوب الأتوموبيل في بداية ظهور تجربته على صفحات جريدة “المقطم” قائلًا:

“رأيت منذ مدة أن أركب أتوموبيلًا، فقصدت موقفا وامتطيت صهوة أحد المقاعد، وحرك السائق قطعة حديدية بجواره، فسمعت دويا قبيحا. وشممت رائحة كريهة، وارتج كل جسمي. وتجمدت. وهبت رائحة الدخان فاستعذت بالله. ومالت السيارة لليسار فوقعت على جانبي. كأننا في حلقة ذكر. ثم وصلنا محطة مصر فنزلت وأنا ألعب الأتوموبيل ومخترعه وصانعيه وراكبيه”.

ولم ينسى الصحافي أن يسمى مقالة “أسوء اختراع في العالم”.

الاتوموبيل والحرب العالمية الأولى:

انتشر اختراع الأتوموبيل بشكل كبير. ولكنه اقتصر على الفئات الغنية والخواجات حتى الحرب العالمية الأولى عام 1914. وقتها شح الوقود المستخدم لمحركات السيارات. ولذلك قلت أعداد الاتوموبيلات في البلد. ولكنها عادت بقوة بعد عام 1918.

العربجية يتظاهرون بسبب الأتوموبيل:

كان ظهور الأتوموبيل بمثابة أزمة كبيرة في مصر. حيث أنه قطع أرزاق عربجية الحناطير. فانصرف الناس عن ركوب الحنطور إلى ركوب الأتوموبيل التاكسي.

ولم يجد عربجية الحناطير إلا أن يلجأوا إلى زعيم الأمة وقتها سعد زغلول. فتجمهروا أمام منزله، وطالبوه بأن يمنع ركوب الأتوموبيل. ويخرج هذا الاختراع الكريهة من البلد.

وخرج الزعيم المحبوب من شرفة منزله ووجهة كلمة للمتجمهرين أمامه، قائلًا: “أنا عربجي مثلكم، والحكومة هي الحنطور، والشعب هو الراكب الوحيد، وواجبي أن أصل بمصر والسودان للاستقلال التام عن الإنجليز، والفارق أني لا أحمل كرباج”.

وأضاف بلهجته الودودة: أنتم اشتركتم في الثورة، وضحيتم بقوتكم، من أجل حرية مصر، ولكن ماذا لو كان أصحاب عربات الكارو طالبوا بمنع الحنطور؟ وأصبح شعبنا الوحيد في العالم الذي ينتقل بالكارو فقط، فهل كانت مصر ترتقي؟ إذا كنتم تريدون لمصر أن تتقدم بسرعة الحنطور سأخضع لرأيكم؟ ولكني أعرف أنكم تريدون لها أن تتقدم بسرعة الأتوموبيل.

فما كان منهم إلا أن وافقوا وانصرفوا راضيين.

مذكرات عربجي:

لم تكن السيارات في البداية تخضع لأي قواعد مرورية في البداية، ولهذا كانت تكثر الحوادث في الطرقات داخل القاهرة. وكانت الضحية دائمًا الحيوانات التي تجر عربات الكارو والحنطور.

توثق لنا كتاب “مذكرات عربجي” والتي دونها الممثل الشهير سليمان بك نجيب تجربة العربجية مع الأتوموبيل، في مذكرات أحدهم، حيث أنه كان قد فقد الأحصنة التي تجر عربة الحنطور الخاصة به.

فيقول في أحد الفصول المعنونة بـ “الموت نقاد على كفه عربات يختار منها الجياد”. ويقول:لقد رأيت بعيني الأتوموبيل يلمس الترام فيوقفه ثم يخرج من حدود الشارع إلى رصيف قهوة بعابدين فيصدم بالعامود الحامل لأسلاك الترام، كل هذا أين؟ أمام قسم عابدين!

وقد كان هذا العربجي نفسه ضحية أحد الحوادث حيث قال: كنت أخذ الملف، وبدون إنذار ولا نفير بسرعته المدهشة، دهسني “هذا البيت المتحرك ثقيل الظل” أنا وعربتي وجوز الخيل، وطواها تحت عجلاته التي لا ترحم.

من سمى الأتوموبيل سيارة؟

عرفت السيارة لوقت طويل باسم أتوموبيل، ولكن أحمد زكي باشا، “شيخ العروبة” هو من اقترح اسم “سيارة” في جريدة مصر بتاريخ 1901. وعلى الرغم من أن كلمة سيارة لم تستخدم بكثرة على ألسنة المصريين، ولكنها كانت العبارة المستخدمة في أغلب المكاتبات إلى وقتنا هذا.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!