كتب – أحمد المرسي

يمتلأ التاريخ بالعديد من القصص التي تحتوي على الموعظة، من تلك القصص ما ورد في التوراة عن قصة إليفانا والمرأة يهوديت، والتي وقعت أثناء السبي البابلي لنبوخذ نصر الثاني.

نبوخذ الملك

في بحر عام 500 ق.م كان نبوخذ نصر ملكًا جبارًا، لا تصمد أمامه مملكة، وفي أحد الأيام استدعى هذا الملك البابلي قائده المظفر إليفانا”. وطلب منها أن يجهز جيشًا، ويغزو أورشاليم أو بيت المقدس.

كانت أورشاليم في ذلك الوقت مدينة عبرية، ولم تكن تملك من القوة شيء في مواجهة جيش إليفانا القوي، ولهذا فقد فضلوا أن يغلقوا أبواب المدينة في وجهه. كي لا يدخلها.

في الحصار

حاصر إليفانا المدينة، وقطع عنها الإمدادات، واجتمع شيوخ اليهود يتفقون فيما بينهم. فاتفقوا أنه إذا ما مر خمسة أيام، ينتظرون خلالها المدد من الله، فإذا لم ياتي يفتحون أبواب المدينة، ويسلمونها لإليفانا.

يهوديت الأرملة الجميلة

من بين سكان المدينة الواقعين في الحصار وشظف العيش، كانت تعيش يهوديت. أرملة جميلة. مات زوجها منذ 3 سنوات بضربة شمس، أثناء موسم الحصاد.

لم تنتظر يهوديت قرار الشيوخ، ويذكر أنها قامت بارتداء أجمل ما لديها من ملابس، ومشطت شعرها، وأخذت خادمتها، واتجهت نحو باب المدينة.

عندما رأى الحراس يهوديت خارجة منعوها. ثم استشاروا الشيوخ، ورجال الدين، فسمحوا لها بالمرور، فخرجت تحمل الفاكهة والخمر إلى حيث معسكر البابليين.

في معسكر إليفانا

عندما اقتربت يهوديت من معسكر إليفانا ضمن جيشه المحاصر، تعجبوا، ثم أبلغوا قائدهم إليفانا. الذي طلبها للحضور إلى خيمته.

منذ وقعت عينا إليفانا على يهوديت كان قد أعجب بها، وعندما سألها عن سبب خروجها من المدينة، قالت له أنها مجرد أرملة يهودية، ولا تريد الموت داخل المدينة عندما يدخلها البابليون، وفضلت أن تسلم نفسها، وتأخذ حماية القائد العظيم إليفانا.

تأمل إليفانا يهوديت من رأسها لأخمص قدميها، وبرقت عيناه، ثم قرر أن يجهز لها خيمة خاصة لها ولخادمتها. وأمر مساعده بوغا، أن يسهر على تلبية طلباتها.

ليلة بين العدو

لم تمر الليلة الأولى إلا وإليفانا يفكر في يهوديت، لم تفارق عقله منذ رآها، ولهذا وعندما انتصف الليل، فقد طلب من مساعده بوغا ان يحضرها لخيمته، وقد تم له مراده.

وقررت يهوديت أن تقضي ليلتها مع العدو، ولكن قبل أن تدعه يمسها، طلبت منه أن يشرب الخمر، وقد فعلت حتى الثمالة، وعندما لم يعد فيه قدرة على التحرك، وقبل طلوع الشمس، أخرجت بمساعدة خادمتها السيف، ثم أمسكت رأسه وجزت عنقه. وذبحتاه، ثم أخذت الرأس مع خادمتها، وخرجت تتخفى في الظلام نحو المدينة.

صباح اليوم التالي

عندما استيقظ المعسكر، ونظروا إلى سور المدينة التي يحاصرونها، لفت انتباههم هذا الصاري الذي ارتفع فوق سورها، وعندما دققوا النظر وجدوا رأس القائد إليفانا معلقة من شعرها!

في ذات اللحظة كان بوغا يستيقظ، ويرتدي ملابسه العسكرية، ولكن عندما استأخر قائده، دخل عليه الخيمة، وهناك وجد جسده بدون رأس!

ما مصير المدينة؟

عندما رأى الجنود رأس قائدهم معلقة في الهواء، هربوا، ولكن هذا لم يكن ما يخيف نبوخذ نصر، الذي ثار غاضبًا فور أن علم بالخبر. وجهز جيش آخر، ثم غزا المدينة مرة أخرى، فيما يعرف في التاريخ باسم “السبي البابلي”.

ويعتبر السبي البابلي واحد من الأحداث العظيمة في التاريخ، حيث قام نبوخذ نصر انتقامًا لقائد بإخراج اليهود من أرضهم، وحولهم إلى عبيد يخدمون في بابل.

أقرأ أيضًا:

لماذا تلد الأمهات على ظهورهن.. رغم أنها ليست الطريقة الصحيحة للولادة!