تقاريرسلايد

جونز تاون.. أكبر عملية انتحار جماعي في التاريخ

جونز تاون.. أكبر عملية انتحار جماعي في التاريخ

كتب – أحمد المرسي

 

عاقبت جميع الأديان على جريمة الانتحار، باعتبارها جريمة في حق الانسان ضد نفسه، والله، ورغم ذلك فإن حوادث الانتحار عبر العالم لا تنتهي، ولكن أن يكون هذا الانتحار انتحارًا جماعيًا، يؤدي بأن يقتل أهل مدينة كاملة أنفسهم، فذلك لا يحدث إلا مرات مذكورة في التاريخ، وهذا ما حدث مع أهل مدينة “جيانا تاون”.

الأب الروحي وكنيسة الشعب

تبدأ القصة بظهور الأب جيمس جونز أو من عرف فيما بعد باسم جيم جونز. وهو رجل مهتم بالدين المسيحي. من المذهب البروتستانتي.

بحسب أصدقائه فقد كان جيم مهووسا منذ الصغر بالدين والموت. بل إنه كان يقيم جنائز لحيوانات صغيرة. بل وقاع بطعن قط صغيرة بوحشية.

قرأ في شبابه الكثير من الأفكار الخاصة بغاندي وماركس وهتلر وستالين. وتعدد قراءاته الدينية رغم أنه لم يكن له صفة رسمية. وفي عام 1972 افتتح جونز معبدًا في لوس أنجلوس. واستطاع بسبب جاذبيته وكاريمزماته الكبيرة أن يكون الكثير من الأتباع له. فتوافد عليه الكثير من الاتباع. من كل الأجناس.

ادعى جيم جونز قدرته على قراءة الأفكار وحديث الروح. مما جذب إليه الكثيرون. وعلقهم به فقام بتأسيس مذهبه الديني “معبد الشعوب Peoples Temple”. وهي طائفة مسيحية اشتراكية. ووصل عدد اتباعها إلى ثلاثة ملايين شخص. من جميع الأعراض.

المسيح الجديد

عرض جونز نفسه باعتباره مسيحًا جديدًا. وقد سيطر على الكثير من السياسيين ورجال الأعمال والمال. وقد لاقت أفكاره الداعية إلى الإخاء بين اعضاء الجنس البشري قبولًا كبيرًا بين اتباعه. فقد دمج السود في صلاته مع البيض. وهو ما كان لا يحدث في الولايات المتحدة الأمريكية في ذلك الوقت.

دعى المسيح الجديد أتباعه إلى السفر إلى غيانا. بعد أن سيطر على الرئيس الأمريكي كارتر وزوجته. فأقنع الأخير حكومة غيانا بإعطاء جونز رقعة زراعية كبيرة. لينشأ عليها مدينته الفاضلة.

وبالفعل تحققت مساعي جونز. وانتقل معه أكثر من ألف مواطن أمريكي. تابعين له. بأسرهم الكاملة. وقام جونز ببناء مستعمرة كبيرة خاصة به. ذاتية الحكم وبعيدة تمامًا عن سيطرة غيانا. واسماها جونز تاون. استمر بنائها 4 سنوات

المخابرات الأمريكية وجونز تاون

لم يكن مجتمع جونز خافيًا على المخابرات الأمريكية. وقد صورت المدينة أكثر من مرة بأقمارها الصناعية. وقد وصفت برقية من سفارة أمريكا في غيانا لوزارة الخارجية ما يجري في عام 1978. ووصفت أنه مجتمع مستقل بذاته. وذلك لأن المنطقة نائية بالكامل. وأن السكان مكتفون ذاتيًا. ولا يسعون إلى الدخول في أي نشاطات مع المجتمعات التي تجاورهم. وهو مجتمع أمريكي كامل على أرض أجنبية.

تلقى جونز العديد من الاتهامات في أمريكا لأناس قالوا أنه اختطف أطفالهم قهرًا. وأن الأشخاص الموجودين في الجزيرة يمارس عليهم نوعًا من العنف. والتعذيب الجسدي. وأن المعبد يتم فيه ممارسات غير آدمية وفاضحة. وامتدت الاتهامات لجونز بأنه يقوم بإلقاء خطب محرضة. ضد الحكومة.

في عام 1978 قامت الحكومة الأمريكية بإرسال عضو من الكونجرس للتحقيق في ذلك الأمر.

ليو ريان

سافر عضو الكونجرس ليو رايان إلى غيانا ومعه عدد من عائلات أعضاء من الطائفة سافروا مع جيم جونز. وبعض الصحفيين من أجل تغطية الوضع هناك.

لم يسمح لمجموعة ريان بالدخول إلى جونز تاون، ولكن تم السماح لذلك في النهاية. كان كل شيء في البداية طبيعيًا بحسب شهادات الصحفيين. وقد كانت الأيام الأولى للزيارة هادئة عندما بدأ بعض أفراد جونز تاون في ابداء رغبة في العودة معه إلى الولايات المتحدة الأمريكية. وهو ما أثار غضب جيم.

كان هناك أكثر من 12 شخصًا طلبوا من ريان العودة. وبينما كان ريان في طريقه للعودة، صعد العديد من أعضاء الطائفة الذين أرادوا المغادرة لأحدة الشاحنات. لمرافقته لأمريكا. ولكن هاجمه أفراد مسلحون وأطلقوا النار عليه. ثم نصبوا له كمينًا وفتحت النيران على مهبط الطائرات الذي كان من المقرر أن يغادر منه هو ورفاقه. فقتل خمسة أشخاص. من بينهم رايان و3 صحفيين. وأصيب 11 آخرون.

الانتحار الجماعي بأمر السيد

بعد قتل عضو الكونجرس وبعض ممن كانوا معه. أصدر جونز أوامره عبر اللاسلكي بالانتحار. وأخبرهم أن جيشًا سيأتي للقضاء عليهم بعد أن قتل رايان.

وتقول الشهادات أن جونز كان قد درب أعضاء طائفته أكثر من مرة على تلك العملية. وهو ما سمي “الليلة البيضاء”.

وكان يتم تنفيذ الليلة البيضاء بشكل أسبوعي. حيث يجتمع أفراد الطائفة ويشربون عصيرًا قيل له أنه ممزوج بالسم. كاختبار على ولائهم.

وبالفعل تم اعداد الشراب الممزوج بسيانيد البوتاسيوم. وتم حقن الأطفال بالسم في البداية. ثم تناول البالغين العصير معًا. وكان انتحارًا جماعيًا هذه المرة. فمات أكثر من 930 شخصًا في نفس الساعة.

وفي النهاية قام جونز بإطلاق الرصاص على نفسه فلقى مصرعه على الفور.

الناجون يحكون قصتهم

لم ينجو من تلك المجزرة إلا 100 شخص لا غير. وقد اكتشف المسؤولون بعد ذلك وجود مخبأ للأسلحة، ومئات من جوازات السفر، و500 ألف دولار أمريكي.

يقول الصحفي كراوس، الذي نجا من الكمين وكان أول صحفي يُسمح له بالذهاب إلى مسرح الانتحار الجماعي، إنه حتى الكلاب والشمبانزي ماتت إلى جانب سكان المجمع. وأضاف: أنه عندما شاهد الأثر والجثث أن جونز كان يقصد هذا فإنه لم يرد حتى أن تشهد الحيوانات على الرعب الأخير.

بينما تقول سكرتيرة جونز التي كانت خارج المدينة في تلك اللحظة، أنها لو كانت موجودة ورأت 900 شخص أحببتهم يقتلون أنفسهم فإنها لن تكون متأكدة من رغبتها في البقاء على قيد الحياة بعد ذلك.

The mass suicide of the religious cult, The Peoples Temple, led by Jim Jones, 1978, Jonestown, Guyana. (AP Photo)

ولازال الناجون من تلك المجزرة يجتمعون في 15 نوفمبر من كل عام. وهو تاريخ الحادثة عند النصب التذكاري لضحايا الحادث من أجل إحياء ذكراهم.

أقرأ أيضًا:

مارجريت فهمي.. قضية مقتل الأمير الشرقي على يد ابنة السائق الفرنسية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!