تقاريرسلايد

جهيمان العتيبي.. نادى بالمهدي المنتظر وأحتل الحرم المكي

هكذا تم القضاء عليه

كتب – أحمد المرسي

الحرم المكي هو أقدس الأماكن بالنسبة إلى المسلمين. وجائت كلمة الحرم من كلمة “حرام”. والسبب هو تحريم القتال بداخله. حيث أنه مكان معصوم من كل سوء. ولكن بعض من أساؤوا فهم الدين طوال التاريخ كانوا يتجاهلون ذلك. فمنهم من قذفه بالمنجنيق. كالحجاج بن يوسف الثقفي. ومنهم من أباح دم الحجاج بداخله وسرق الحجر الأسود كالقرامطة. ومنهم من احتله بقوة السلاح كما فعل جهيمان العتيبي عام 1979.

جهيمان العتيبي

ولد جهيمان في منطقة تدعى ساجر. وقد كانت أشبه بمستوطنة أنشأها الملك عبد العزيز آل سعود وسموها بالهُجر. وأسكن فيها قوة من البدو التابعين له. واسماهم الإخوان او إخوان من أطاع الله. حاربوا بقيادة رجل يدعى سلطان بن بجاد مع عبد العزيز حتى استقر له الحكم. ولكن مع توقف عبد العزيز عند حدود المملكة العربية السعودية. ثار عليه الإخوان. مطالبين إياه بإكمال الغزو “الفتوحات” نحو الكويت والعراق. وهي المناطق التي كانت واقعة تحت الانتداب البريطاني. وبناء على المعاهدة بينه وبين البريطانيين سنة 1929 رفض عبد العزيز. وهو ما تسبب في صراع بينهم. انتهى في معركة السبلة. حيث ألقى القبض على بجاد وسجن حتى مات. ويقال أن ممن قتل في تلك المعركة كان والد جهيمان نفسه.

تلك النشأة في هذا المكان زاد من سخط جهيمان على آل سعود. وقد درس الشاب حتى المرحلة الرابعة. ثم انتقل للمدينة حيث درس على يد الشيخ عبد العزيز بن باز الشهير. وهناك تعرف على محمد بن عبد الله القحطاني. تلميذ بن باز. وتزوج أخته. وتزوج محمد القحطاني من أخت العتيبي.

المهدي المنتظر

في عام 1400 من الهجرة. وفي مخيلة العتيبي مستندًا على الحديث الوارد في كتاب الملاحم :”يبعث الله على رأس كل مائة عام من يجدد لهذه الأمة أمر دينها”. فقد تصور جهيمان أن الفرصة سانحة لظهور المهدي المنتظر. ولأن أغلب المصادر كانت تقول أن المهدي سيكون اسمه محمد. فإنه حاول اقناع صهره محمد بن عبد الله القحطاني بأنه المهدي المنتظر.

لم يكن محمد بن عبد الله القحطاني مقتنعًا بما يقوله العتيبي. ولكن مع حديثه عن رؤى كان يراها. واثباتات حاول إلصاقها به صدق. واتفقا. ولأن النبؤة وبحسب ما ورد في كتب التراث الإسلامي. من أن المهدي يلوذ بالمسجد الحرم. فقد بدأ الاثنان حركتهما من هناك. لتبدأ بعد ذلك أحداث الحرم المكي الشهيرة!.

احتلال الحرم المكي

بعد صلاة الفجر. في 20 نوفمبر 1979 دخل جهيمان العتيبي مع جماعة من المسلحين. جماعة السلفية المحتسبة. والتي كان من منظريها ابن باز والشيخ الجزائري. وقد تنكروا في البداية في جماعة مصلين يحملون نعوشًا للصلاة عليها. ولكن فور الدخول. أظهر السلاح الذي معه وقام باحتجاز آلاف المصلين الموجودين في المسجد عن طريق 200 مسلح. ليعلن للناس عن ظهور المهدي المنتظر. صهره “محمد بن عبد الله القحطاني”. ويجبر كل الموجودين على مبايعته باعتباره المهدي المنتظر. وعلى الفور تمركز المسلحون فوق المنابر. والمآذن. حيث وجد المصلون أنفسهم داخل الحرم.

فتوى المقاومة

لأن المسجد الحرام حرم فيه القتل والقتال. وقبل أن تبدأ قوات الأمن السعودية بالهجوم. طلبت الحكومة من الشيوخ الإذن بالتدخل العسكري. وقد تم هذا لها عن طريق أصوات 32 من كبار العلماء. الذين أجازوا استخدام القوة ضد حركة جهيمان العتيبي.

عملية التحرير

بدأ محاولات التحرير مع أول يوم لاحتلال. وقد تبادل المتمردون إطلاق النار مع قوات الأمن السعودية. مما تسبب في سقوط ضحايا. لتبدأ السلطات السعودية بالاستعانة بطيارين أمريكين. قاموا بالتحليق فوق الحرم عن طريق الهليوكوبتر. ليتم تصوير تحصينات المهاجمين. والأضرار التي تم إلحاقها بالحرم.

في اليوم التالي وعن طريق عملية اقتحام. استمر المهاجمين بدفع القوات السعودية. ومع تبادل إطلاق النار سقط ضحايا من الطرفين. ولكن في اليوم الثالث حدث ما لم يكن متوقعًا. حيث أصيب محمد بن عبد الله القحطاني وقُتل. وهو ما أحدث هزة في نفوس أعوانه. فإن المهدي المنتظر لا يجب أن يموت. وبهذا فهو لم يكن إلا مجرد رجل موهوم ضيعم ورائه!.

محمد عبد الله القحطاني بعد قتله
محمد عبد الله القحطاني بعد قتله

التدخل الفرنسي

تقول المصادر أن المملكة العربية السعودية قد استعانت في النهاية بمساعدات فرنسية من أجل تحرير الحرم المكي. وتم ذلك عن طريق الاتصال بالرئيس الأسبق فاليري جيكسار ديستان. الذي وجه الأمر لاثنان من أمهر رجال مقاومة الإرهاب لديه. وهو الكابتن بول باريل. وواحد من أشهر القناصين في العالم وهو كريستيان لامبرت.

سافر الفريق على وجه السرعة إلى الطائف. ولأنهم لم يكونوا مسلمين. فإن الفريق الفرنسي قد أدار المعركة عن بعد. وكانت خطتهم هي تسريب الغاز المخدر من أسفل الحرم. وعند طريق طوابق سفلية منه. وهو ما سيتسبب في خنق الموجودين. مع تنفيذ عملية اقتحام شاملة. دربوا الجنود والضباط السعوديين عليها.

في صبيحة يوم 4 ديسمبر 1979. بدأت العملية الشاملة عن طريق حصار الحرم من كل الجهات. مع إطلاق الغازات على المسلحين. وانتهى الأمر بالسيطرة على كل من في الحرم، وقتل أغلب المتمردين وأسر البقية الباقية، ومنهم جهيمان العتيبي.

الأرقام الرسمية

تقول الأرقام الرسمية الصادرة عن الحكومة السعودية أن عدد القتلى كان 127 من المتمردين. وحوالي 100 من القوات الأمنية مع عدد كبير من الجرحى. ولكن الأرقام غير الرسمية تقول أن عدد الضحايا من المدنيين والمصلين قد وصلت إلى 5 آلاف نفس.

ما بعد الحادثة

تم أسر جهيمان العتيبي وتم اصطحابه إلى أحد الفنادق من أجل تصويره وأخذ لقاءات صحفية معه. وهناك جاء الملك خالد بن عبد العزيز ودخل عليه. وسأله: لماذا فعلت هذا يا ولدي؟ فأجابه جهيمان “قدر الله وما شاء فعل”. وكررها بصوت خافت أكثر من مرة. في إشارة إلى أن ما حدث كان بمشيئة الله وأنه مسير وليس مخير في هذا.

بعد شهرين تم تنفيذ أحكام الإعدام في كل من شاركوا في هذه العملية. حيث تم تقسيمهم إلى 4 مجموعات. وتم إعدام كل مجموعة منهم في مدينة مختلفة. وكان الإعدام علنيًا. وبدأ بإعدام جهيمان العتيبي نفسه.

اتهامات لعائلة بن لادن

بعد العملية تم إلقاء القبض على محروس بن لادن الأخ غير الشقيق لأسامة بن لادن لتعاطفه مع الإرهابيين. ولكن تم إطلاق سراحه فيما بعد. حيث نشر أنه كان عميلًا مزدوجًا. والحقيقة أن مؤسسة بن لادن والمسؤولة عن توسعة الحرم في ذلك الوقت. قد أمدت الحكومة السعودية بخرائط الحرم. وهو ما سهل على الأمن مطاردة العناصر المسلح الذين حاولوا الهروب من الحرم عن طريق أقنية الماء. وهو ما منعته الحكومة عن طريق ضخم الماء فيها ومنعهم من الهرب.

ولكن ظل تعاطف الإهاربي الشهير أسامة بن لادن مع جهيمان العتيبي واتباعه. حيث قال في أحد خطبه أنه كان من الممكن حل الأزمة بغير قتال. وأن الموجودين لم يكونوا يملكون غير أسحلة خفيفة وبنادق صيد. ولكن عدو الله فعل ما لم يفعله الحجاج من قبل، ودفع بالمصفحات لداخل الحرم. وأضاف أنه لا زال يذكر أثر المجنزرات على أرض الحرم.

تغير السياسات الداخلية

يقول أغلب المحللين والمؤرخين أن حادثة جهيمان العتيبي قد أخرت النهضة السعودية سنوات طويلة. حيث أنه وقبل الحادثة كانت تقوم بقفزات نهضوية كبيرة. منها ظهور المرأة على شاشة التلفزيون كمذيعات. وغيرها من مظاهر الحداثة. ولكن بعد تلك الحادثة تحول مسار التنمية إلى مسار آخر. تسبب في انتشار الأفكار السلفية للعالم العربي بالكامل.

وكتب ياروسلاف تروفيموف الكاتب الروسي أن الطريقة التي تم التعامل بها مع الحركة الجهيمانية هي التي تسببت في ولادة تنظيم القاعدة في النهاية.

 

أقرأ أيضًا:

قرون حيوانات وأعمال سحر.. “بالصور” هذا ما وجدوه داخل بئر زمزم

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!