تقاريرسلايد

الوصية الأخيرة لهتلر.. هل تغير نظرتنا له؟

هذا ما قاله عن اليهود

كتب – أحمد المرسي

في يوم 30 أبريل 1945، وعن عمر يناهز 56 عامًا، أطلق أدولف هتلر النار على رأسه في قبر تحت الأرض أسفل مبنى المستشارية في برلين. بعد أن حاصره الحلفاء في عاصمة إمبراطوريته برلين.

لم تكن إيفا براون زوجة هتلر حتى آخر أيامة، بل كانت صديقته، ولكن وفي القبو المجهز لإدارة المعارك والمحصن ضد الغارات قرر هتلر أن إيفا التي فضلت الموت معه تستحق أن تكون زوجته. قبل موتهما بيوم واحد.

لم يكن هتلر وحده في ذلك الخندق الذي تحت الأرض، والذي لم يبقى منه شيء إلى الآن سوى أطلال بسيطة، كان مع سكرتيرته الخاصة، وحلاقه، وطباخته، وعدد من الخدم، والقادة العسكريين.

مخبأ هتلر
مخبأ هتلر

كانت برلين في تلك الأثناء تسقط، تتعرض لغارات شديدة، ومن الشرق يزحف إليها جيش سوفيتي منتقم، ومن الغرب يتقدم جيش أمريكي بريطاني. وكان هتلر يفكر في مصير حليفه الإيطالي بينيتو موسوليني الذي علقه الطليان من قدميه بجوار حبيبته كالماشية في محطة بنزين، ثم سحلوهما جثتيهما في الشوارع، ليركلها العامة ويدهسونها بالأقدام. ولهذا أمر رجاله بعد موته أن يحرقوا جثته. وجثة زوجته!

جثة موسوليني وحبيبته بعد أن مثل بهما الجماهير الغاضبة
جثة موسوليني وحبيبته بعد أن مثل بهما الجماهير الغاضبة

في يوم 29 أبريل وفي نفس اليوم الذي تزوج فيه إيفا، وقبل 24 ساعة من انتحاره طلب هتلر سكرتيرته تراودل يونغه، داخل قبوه، وقام بإملائها، وصيته الأخيرة.

السكرتيرة الصغيرة

لم تكن تراودل يونغه سوى فتاة شابة، انضمت للعمل في مكتب أدولف هتلر في عمر 22 عامًا، في أواخر عمرها كتبت: لقد كنت في الثانية والعشرين من عمري، ولم أعرف أي شيء عن السياسة، لم تثر اهتمامي.

تراودل يونغه
تراودل يونغه

ولكنها بعد ذلك كانت تشعر بالذنب لأنه راق لها أكبر مجرم في التاريخ، وقالت أنها كانت معجبة به، وكان يعاملها كابنته، وظلت معه حتى النهاية الحزينة، وقالت أنه كان يرفض قطف الورود، لأنه لا يريد أن يكون محاطًا بالجثث. وقد كان في أواخر أيامه يقضي وقته شاردًا قليل الكلام.

تزوج هتلر إيفا براون يوم 29 أبريل بعد أن طلبت منه ذلك، لكي يكون زواجهما رسميًا وقد وافق على ذلك تكريمًا لها، بعد أن اختارت أن تموت معه حبًا. ولم تهرب من برلين.

الوصية الأخيرة

في يوم 29 أبريل، بينما برلين يتم قذفها وبعد احتفال الزواج المشوب بالحزن والابتسام، استدعى هتلر تراودل، من أجل كتابة وصيته، التي قال فيها:

اني اعترف بكامل قواي أني تزوجت المرأة – لم يذكر اسم ايفا براون – التي اختارت الموت معي على عار الهزيمة والاستسلام، وأوصى هتلر أن يحرق جسديهما بعد الانتحار.

إيفا براون
إيفا براون

وأوصى أن يتم إرسال مجموعته الفنية لمعرض رسوم في مدينته الأم لينتز على نهر الدانوب، وأن يتم توزع متعلقاته الشخصية على أقاربه ومعاونيه، وأن يقوم القائد النازي مارتن بورمان بتنفيذ تلك الوصية.

كان هتلر موقنًا بنهاية الرايخ الثالث، وقد ذكر عدد من التعيينات التي يجب أن تخلفه، فعين كارل دونتز رئيس للدولة، وجوزيف جوبلز مستشارًا له، وقال أنه لم يكن يريد الحرب مع الأمم الأخرى، وألقى باللائمة على اليهود الذين أشعلوا هذه الحروب. قائلًا:

من الخطأ أن يقول أحد أني أو أي أنسان ألماني آخر قد أردنا الحرب في عام 1939 ولكن ساسة العالم هم من أرادوا ذلك، والذين كانوا من أصل يهودي، أو يعملون لخدمة المصالح اليهودية، ويقول أنه قبل قيام الحرب قدم اقتراحات الى بريطانيا من أحل حل المشكلة البولندية الالمانية ولكن تم رفضها،

نهاية الفوهرر

في ظهر اليوم التالي، تناول أدولف هتلر وجبته النباتية – كان نباتيًا – ورفضت زوجته إيفا تناول الطعام. كانت تلك آخر وجبة طعام في حياة هتلر.

تقول السكرتيرة الشابة أنها كانت تلعب مع أولاد جوبلز – وزير الإعلام النازي- وفجأة سمعت صوت طلقة عالية الصوت وقريبة جدًا. فصمت الجميع، بعد أن تردد صدى الرصاصة، وصرخ هيلموت ابن حوبلز الصغير لاهيًا: “إصابة مباشرة”، وعلقت: لم يكن يعلم كم كان محقًا. لقد مات الفوهرر.

أطلق هتلر الرصاص على رأسه، مباشرة، وحمله اثنين من ضباته ملفوفًا في بطانية عسكرية رمادية، وغطوا بها وجهه المشوه من الرصاصة، ولكن من في القبو عرفه الناس من السروال الأسود والحذاء.

أما إيفا براون فقد كانت نهايتها أكثر هدوءًا حيث انتحرت في ثوب قاتم بالسم، وفور موتها وضع الاثنين في حفرة تحت القصف الروسي، ثم صبوا عليهما البنزين، واشعلوا النيران فيهما، وانسحب المشيعون لملجأ الطواريء، ومن هناك أدوا التحية النازية “هايل هتلر”، ثم بدأت القذائف الروسية تدك الحديقة الخاصة بمبنى المستشارية.

سقوط المعبد

كان الروس يدخلون المدينة عندما قرر جوبلز وزير الإعلام الانتحار هو كذلك مع زوجته، وقتل ابناؤه الستة بالسم كذلك. قتل بعض القادة بعد دخول الروس برلين في المخبأ، وهم يحاولون الهروب، وسجنت تراودل التي كانت تنوي الانتحار. ولكن إيفا براون قبل موتها، قالت لها أنجي بحياتك. ونهتها عن فعل ذلك، لتقع أسيرة لدى السوفييت، فتعرضت لمحاولة اغتصاب جماعي، نتج عنها شرخ في جمجمتها، وسجنت في معسكر سوفيتي، ثم رجعت لألمانيا لتعيش حياة مغمورة. ولكن سلطت الأضواء عليها في عام 2002 عندما نشرت مذكراتها بعنوان “حتى الساعة الأخيرة”. والتي تحكي فيه عن حياتها في النازية، ولكنها سرعان ما ماتت في المستشفى بميونخ عن عمر 81 عامًا بمرض السرطان. قائلة: الآن بعد أن تركت قصتي. أستطيع أن أترك حياتي.

تقول تراودل: يجب علينا الاستماع إلى ضمائرنا، وأن نتحلى بشجاعة الاعتراف بأخطائنا، والتعلم منها، لقد صدمت بعمق الجرائم والفظائع التي ارتكبتها النازية، عن قتل 6 ملايين يهودي، وأناس من أعراق أخرى، ولكني لا أرى أي رابط بين ذلك وبين عملي مع هتلر. أنا مرتاحة الضمير، ولا يمكن لومي شخصيًا لأني لم أكن أعلم عنها شيئًا. لم أكن واعية لحجم ما حدث، ولكني في يوم وقفت أمام اللوحة التذكارية التي صنعت لصوفي شول في شارع فرانز رأيت أنها ولدت في نفس سنة ميلادي، وأعدمت في نفس السنة التي بدأت أعمل فيها مع هتلر لأنها عارضته سياسيًا، في تلك اللحظة شعرت بالذنب، وأنه لا يمكني تبرير أخطائي بصغر سني، لأنه كان من الممكن أن أدرك الحقائق عن طبيعة عملي.

أقرأ أيضًا:

الهولوكوست.. لماذا أحرق هتلر اليهود؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!