الباش مهندس لم يمت.. تعرف على النهاية الحقيقة لدعاء الكروان

اشتري الفنان فريد الأطرش حقوق رواية دعاء الكروان لعميد الأدب العربي الدكتور طه حسين، لكنه اقتنع بعد ملائمته لدور الباش مهندس، فتنازل عن حقوقها، وقامت الفنانة فاتن حمامة ببطولة الفيلم ورشحت الفنان احمد مظهر.

يحكي فيلم دعاء الكروان، حول (هنادي) التي تعمل خادمة عند مهندس الري، وتقع في حب ذلك المهندس الأعزب، لكنه يعتدي عليها ويحطم حياتها؛ فتُقتل هنادي أمام شقيقتها (آمنة) على يد خالها لتطهير عارها، ووقتها تقرر (آمنة) الإنتقام لأختها من ذلك المهندس، فتلتحق للعمل كخادمة في منزله بعد شقيقتها، ثم تشرع في إحكام خطتها للانتقام منه، وينتهى الفيلم بمقتل الباش مهندي عندما يطلق الخال النار على آمنة فيتلقى هو الطلقة بدلا منها.

يقول الدكتور طه حسين في نهاية الفيلم بصوته: “دعاء الكروان، اترينه كان يرجع صوته هذا الترجيع حين صرعت هنادي في ذلك الفضاء العريض”.

النهاية الأصلية للقصة

يقول الدكور طه حسين أن الرواية عن قصة حقيقة قرأ عنها، وفي نهاية الرواية لم يمت المهندس، حيث تسامت «آمنة» على مشاعر الانتقام من المهندس الذي أغوى شقيقتها وقتلت على يد خالها في ذلك الفضاء العريض بسببه، وغلبها الحب فعاشت معه، بعد أن تم نقله للقاهرة.

ويطلب المهندس من آمنة الزواج، ويقول طه حسين في الفصل الخامس والعرين من الرواية: “قال لي وهو يضحك: فإنك تظنين أني أعبث، وتقدرين ما بينك وبيني من الفرق الاجتماعي، متى تزوج السيد الغني المترف من خادمه الشقية الفقيرة البائسة! أليس هذا هو ما تقدرين؟ فأريحي نفسك إذن من كل هذه الخواطر؛ فقد رأيت منذ موقفنا ذاك في المدينة أني لست سيدًا كغيري من السادة، وقد رأيت أنا منذ عرفتك أنك لست خادمًا كغيرك من الخدم، لقد دهشت حين رأيتك تنتظرينني إلى آخر الليل على غير ما تعودت من الفتيات اللاتي سبقنك إلى خدمتي، ولكني لم أكن أقدر أنك ستثيرين في نفسي ألوانًا أخرى من الدهش”.

ثم يقول

“أتقبلين؟ قلت في صوت ليس أقل من صوته هدوءًا ولا حزنًا: فإن سيدي يعلم أن ليس إلى هذا من سبيل. قال: تفكرين في أبويَّ! فإني قد فكرت فيهما قبلك وقد حزمت أمري، وما أشك في أنهما لن يمتنعا علي، ولو قد فعلا لعرفت كيف أمتنع عليهما، ولكنهما لن يفعلا، فهل تقبلين؟ قلت: ليس إلى ذلك من سبيل. قال: فمن حقي عليك أن أفهم هذا الامتناع، إنك لتعلمين أن فراقًا بيننا مستحيل، وإني لأعلم كما تعلمين أن ليس لقلبينا رضًا إلا في الزواج. قلت: فقد قُضي على قلبينا ألا يرضيا. قال: ومن ذا الذي قضى عليهما هذا العذاب المتصل؟ وهممت أن أجيب ولكن صوتي يحتبس، ودمعي ينطلق، وإني لأراني أهمُّ بالانصراف، وإني لأراه قد نهض من مجلسه متثاقلًا وسعى إليَّ متباطئًا حتى ردني في هدوء ودعة، ثم عاد إلى مجلسه وقال: أترين إليَّ كيف أملك نفسي! ألا تفكرين في تلك الثورة الجامحة التي شقيت بها وقتًا طويلًا؟”.

ثم حكت له قصتها من البداية للنهاية، وبعدها تنتهى الرواية نهاية مفتوحة، حيث يظل الاثنان بلا افتراق ولا لقاء، لا نعلم هل يتزوجا أم سيفترقا.

وتقول آمنة:

ثم انقطع الحديث بيننا فلم يقل شيئًا ولم أقل شيئًا، وأطبق على الغرفة صمت هائل رهيب! غرقنا فيه يقظين كما يغرق النائم في نوم بريء من الأحلام.

ولكن صوتك أيها الطائر العزيز يبلغني فينتزعني انتزاعًا من هذا الصمت العميق، فأثب وجلة مذعورة، ويثب هو وجلًا مذعورًا، ثم لا نلبث أن يثوب إلينا الأمن ويرد إلينا الهدوء، فأما أنا فتنحدر على خدي دمعتان حارتان. وأما هو فيقول وقد اعتمد بيديه على المائدة، دعاء الكروان! أترينه كان يرجِّع صوته هذا الترجيع حين صُرعت هنادي في ذلك الفضاء العريض؟!

وهنا يختم طه حسين روايته ذاكرا وقت كتابتها في سبتمبر 1934، ومكانها في القاهرة في منزله.

ووفقا لموقع السينما دوت كوم، فتم تصوير معظم أحداث الفيلم بالاستراحة الخاصة بعميد الأدب العربي د. طه حسين بقرية تونة الجبل إحدى القرى التابعة لمركز ملوي بمحافظة المنيا بصعيد مصر، وقد أهديت هذه الاستراحة له من عالم الآثار د. سامي جبرة، ويقول د. طه حسين أنه استوحى أحداث القصة من وقائع حقيقية جرت بمركز مغاغة بالمنيا في وقت سابق.

 دعاء الكروان في حياة طه حسين

ودعاء الكروان هي رواية نشرت عام 1934 في عصر الملكية، كتب وطه حسين في مقدمة الكتاب إهداء للكاتب عباس العقاد.

إلى صديقي الأستاذ الكبير عباس محمود العقاد
سيدي الأستاذ
أنت أقمت للكروان ديوانًا فخمًا في الشعر العربي الحديث، فهل تأذن في أن أتخذ له عشًّا متواضعًا في النثر العربي الحديث، وأن أهدي إليك هذه القصة. تحية خالصة من صديق مخلص.

طه حسين

واستوحى الشاعر اللبناني خليل مطران قصيدة من أجواء الرواية يقول فيها

دعاء هذا الكروان الذي… خلدته في مسمع الدهر،
له صدى في القلب والفكر من… أشهى متاع القلب والفكر
لكنه مشج بترجيعه… لما جرى في ذلك القفر.

وتقول السيدة سوزان زوجة عميد الأدب العربي، في مذكراتها الشهيرة “معك” عن كروان طه حسين: “كان يقول ها هو ذا طيري العزيز الذي يملأ الفضاء بغنائه الفرح منذ بدأت الكتابة لك. إن ذلك يغمرني بالفرح”.

وفي مقطع تالي من الكتاب تقول: “كان طه الذي أحب دوماً عصفور بلده هذا يستقبل تحيته كل مساء بفرح، ويظن أن صرخة واحدة أو خفقة جناح واحدة تجتاز السماء كلما مرْت طيور الكروان من فوقنا بسرعة. لم أكن الوحيدة التي سمعت بطريقة مختلفة هذا الكروان، الذي أوحى إلى طه بواحد من أجمل كتبه”.

رأي طه حسين في نهاية الفيلم

لم تعجب طه حسين نهاية الفيلم وكان ميالا أكثر للنهاية التي وضعها هو. فقال له ابنه الدكتور مؤنس: ” تلك النهاية تتوافق مع ميول الجماهير. فقد اختار هنري بركات أن ينتصر الخير دائماً على الشر وأن كل ظالم يجب أن يلقى مصيره. وأن يلقى المهندس الشاب مصرعه على يد الخال الذي قتل هنادي أيضاً. لم يقتنع طه حسين بالنهاية، واشترط (وفقا لرواية بركات  للمذيعة سلمى الشماع في البرنامج التليفزيوني “زووم” عام 1983 ) تصوير النهايتين ثم يختار بنفسه إحداها وبالفعل تم تصوير النهايتين، نهاية يموت فيها البطل ونهاية تنتهي بالزواج.

وفى العرض الخاص حضر عميد الأدب العربى وأسرته في قاعة النيل وعُرض المخرج الفيلم بالنهايتين أولا النهاية التي يُقتل فيها البطل، وثانيا النهاية السعيدة، لكن طه حسين رحب بالنهاية الجديدة المقترحة بعد نصيحة من الدكتور مؤنس نجل طه حسين.

وأخرج هنري بركات عملين من تأليف طه حسين هما دعاء الكروان، وفيلم الحب الضائع مع سعاد حسني ورشدي أباظة وزبيدة ثروت. ويقول بركات غن طه حسين لم يبدي رأيا في فيلم “دعاء الكروان”. لكن عندما ذهب له المنتج رمسيس نجيب للتعاقد على رواية “الحب الضائع”. قال له الدكتور طه حسين: “طالما يوسف جوهر اللي هيكتب وبركات اللي هيخرج فأنا واثق فيهم”. 

يقول هنري بركات: “معرفش أنا، يعني أنا عملت الحرام والباب المفتوح وفي بيتنا رجل. لكن معرفش فيه إيه في الحرام. أنا شايفه 15 مرة، أول ما يبتدي الفيلم بلاقيني قاعد وبتفرج. أنا ناسي الفيلم بس لما بيجي بلاقيني بشوفه، يمكن هو مس حاجة في المتفرج”.

في النهاية، انتهى الفيلم نهاية دراماتيكية، ليسجل الفيلم انتصارا معنويا للخير على الشر بوفاة المهندس. بعدما تطهر من ذنبه في التسبب في قتل هنادي لحماية شقيقتها “آمنة”. لتعيش آمنة طيلة حياتها تنتظر دعاء الكروان الذي يذكرها بمقتل شقيقتها وحبيبها. 

فيلم دعاء الكروان

المصادر 

 نسخة دعاء الكروان + مؤسسة هنداوي. 

-قصيدة دعاء الكروان خليل مطران. 

زووم׃ سلمى الشماع تلتقي مع هنري بركات مخرج فيلم ״دعاء الكروان״ عن رواية لعميد الأدب العربي طه حسين

أقرأ أيضا

“تماثلت للشفاء”.. قصة البطلة الحقيقية لمسلسل سارة وقصة الجزء الثاني منه

“من دمشق هنا القاهرة” .. هكذا رحل عبد الهادي بكار نجم الاذاعة السورية