الأخبارتقاريرسلايد

هوارد كارتر أمام نفسه.. كيف يتحول العالم إلى صائد كنوز

هوارد كارتر أمام نفسه.. كيف يتحول العالم إلى صائد كنوز

كتب- أحمد المرسي

 

“في البداية لم أر شيئاً، وتسرب هواء ساخن من الحجرة تسبب في إهتزاز لهب الشمعة، أما الآن عيناي تتكيفان تدريجياً مع الضوء بدأت تفصيلات الحجرة في الداخل تتضح ببطء بين الضباب .. حيوانات غريبة تماثيل ذهب..في كل مكان رأيت بريق الذهب..

وفي اللحظة الراهنة لابد أن يكون الخلود قد تجلى أمام الآخرين الذين وقفوا على مقربة من المشهد. أصابني الذهول بشلل في لساني، وعندما عجز لورد كارنارفون عن تحمل الإثارة أكثر من ذلك سألني في قلق:

-هل تستطيع أن ترى شيئاً؟

عجز لساني ألا أن يقول:

– نعم، أشياء مذهلة.

.. وعلى ضوء الشمعة المضطرب رأيت ما لم يره إنسان على إمتداد ثلاثة آلاف وخمسائمة عام أنه أعظم ما أكتشفه رجال الآثار .. كان يوم الأيام.. أروع أيام حياتي.. ولا أعتقد أني سأراه مرة أخرى!..”

بهذه الكلمات الشغوفة واللهجة الحماسية، عبّر رجل الآثار والمكتشف هوارد كارتر عن سعادته عندما دخل مقبرة توت عنخ آمون الشهيرة في عام 1922، المقبرة التي اكتشفها، وتقع بوادي الملوك بمصر، على ضفة النيل الغربية المقابلة لمدينة الأقصر اليوم.

وترجع شهرة المقبرة  بين المقابر الأخرى لأنها أول مقبرة يتم فتحها على حالها منذ دفن الفرعون فيها، حيث لم تمتد إليها يد بشر من المصريين القدماءحتى فتحها المغامر البريطاني على عكس المقابر الأخرى التي دائماً ما كانت تمتد إليها أيدى لصوص الآثار قبل المكتشفين!

هوارد كارتر و الصدفة!

لا يمكن ذكر مقبرة توت عنخ آمون إلا ويتم معها ذكر هوارد كارتر المكتشف البريطاني الذي قام بأعمال الحفر، والإستكشاف برعاية وتمويل اللورد “كارنارفون”، والحقيقة أن كليهما لم يكن له شغف بالآثار!

ولد كارتر في عام 1873 في قرية بإنجلترا تعدادهها 25 ألفا، لأب فقير لم يستطيع إرساله إلى المدرسة فتعلم في البيت، ولقنه أبوه فن الرسم بالألوان المائية.

وكان متوقع أن يظل كارتر طوال حياه يحترف هذه المهنة مثل أبيه فيرسم اللوحات ويبيعها، ويمضي حياته في قريته الفقيرة، أو القرى المجاورة، أو إذا ذاعت شهرته وحالفه الحظ ينتقل إلى  لندن ولكن ضربة الحظ جاءت من مكان آخر، حيث كان الأستاذ “بيرسي نيويري” المنقب عن الآثار يحتاج إلى شخص ينقل له اللوحات الموجودة على جدران المعابد والآثار المصرية التي ينقب عنها في بني حسن، وإقترح عيه أحد الأصدقاء أن يصطحب “هوارد كارتر” معه، وهكذا دخل كارتر عالم الآثار المصرية عن طريق هذه المصادفة الغريبة!

وينتقل كارتر إلى مصر بعمر 17 عاماً فقط، ويعمل بعد ذلك مع واحد من أكبر رجال الآثار في هذا العصر وهو السير ويليام «فلاندرزبيتري» ولمدة 7 سنوات كاملة، وهو ما يؤهله بعد ذلك في عام 1899 ليعين – وعمره 25 عاماً- مفتشاً للآثار في صعيد مصر والنوبة، ليشرف على العديد من الحفريات ويشترك فيها،ولكنه يفقد هذا العمل بسرعة في نوبة غضب عندما يقوم بضرب أحد الفرنسيين السكارى الذين إقتحموا خيمة بعض النساء الإنجليزيات السائحات!

ووجد هوارد نفسه في عمر 29 عاماً عاطلاً عن العمل، فتوجه للأقصر وعمل مرشداً للأفواج السياحية يقف على باب فندق ونتر بالاس يبيع رسوماته المائية،

كان ذلك حال كارتر عندما إلتقى اللورد كارنافون، وهو ثري بريطاني كان يعيش في بريطانيا ويمتلك عزبة كبيرة، وينفق أمواله على إقتناء السيارات ومراهنات سباقات الخيول، عندما أقنعه أحد الأصدقاء أن مكسب الآثار يكون أفضل من مراهنات الخيل، وحصل بعد ذلك من اللورد كرومر على دعوة منه للتنقيب عن الآثار في مصر.

أعمال الحفر

استعان اللورد كارنافون بكارتر من أجل البدء في عمليات الحفر في وداي الملوك، على أمل العثور على قبر أحد الفراعنة القدامى، ليحصل به على شهرة كبيرة .

وبدأت أعمال التنقيب بطرق بدائية في وادي الملوك، وبطريقة يدوية، بالفؤوس والمعاول والقفف والتراب ينقل بعيداً، فيتم إزالةالتراب، فإذا وجد ما يدلل على وجود قبر استمروا في الحفر، ويتم الحفر في فصل الشتاء فقط، ويمتد لمدة 7 شهور، ويسمى هذا موسماً، ويتقاضى العامل 3 قروش يومياً ويتكلف تأجير مئات العمال للعمل موسماً واحد 5000 جنية!

ولأن ملابسه الأنيقة كانت تتلوث بالتراب والرمال فقد قرر اللورد أن يقوم بالعودة إلى بريطانيا ليستمتع بالأجواء الخضراء بعزبته، على أمل أن يأتيه هوارد كارتر بعد ذلك بخبر عبر البحر.

ولم يجد كارتر شيئاً، في كل موسم يبدأ فيه بالعمل، وعلى مر خمس سنوات كاملة لم يصل إلى أي نتيجة،ومع ذلك ظل امتياز التنقيب يجدد لدى الحكومة المصرية سنوياً بإسم اللورد كانارفون، الذي لم يفقد الأمل.

وإجمالاً فقد تم خلال هذه السنوات الخمس 200 ألف طن من الرمال والحصى دون أن يعثروا على شيء، حتى مل اللورد، وإستدعى كارتر للقاءه في عزبته في إنجلترا عام 1922، وببساطة أخبره أنه لن يمول عمليات التنقيب بعد الآن!.

قال اللورد أنه تخلى عن البحث عن ملوك مصر، وأن الأزمة الإقتصادية في أعقاب الحرب العالمية جعلت الاستمرار في التنقيب غير ممكن، لقد أنفقت 50 ألف جنية في مواسم حفر بلا نتيجة، وقال كارتر أنه لا يزال يأمل في العثور على قبر فرعوني سليم، واخذ يتكلم عن الشتاء القادم، ولكن اللورد قاطعة قائلاً:

– يجب أن نتوقف!.

كان كارتر يتوقع ما سيفعله اللورد، فطلب منه أن يسمح له بالحفر دون تمويل منه ، فاللورد كارنوفون كان صاحب الترخيص الذي ينتهي في 16 نوفمبر 1923 ولذلك يجب أن يستمر الحفر باسمه.

قال هوارد له أنه سوف يتكفل بكل التمويل على نفقته الخاصة، ونظر في عيني اللورد متابعاً:

– إذا لم أجد شيئاً فأنا الخاسر الوحيد، وإذا وجدت شيئاً فإن الإكتشاف سيكون بإسمك!.

وعندما شعر اللورد بإصراره، مط شفتيه وهو يحاول الإقتناع، فطرق كارتر الحديد وهو ساخن مستطرداً:

– عام واحد فقط!

فوافق اللورد كارنارفون على دفع كل النفقات!

العثور على الفرعون!

عاش هوارد كارتر أعزب لا يؤنس وحدته أحد في العشة التي بناها في وادي الملوك فوق أحد التلال وأطلق عليها اسم “قلعة كارتر”، وقبل أن يسافر إلى لندن في آخر أجازاته قال للجميع أنه لن يعود إلى مصر وحده بل سيعود ومعه رفيق.

وأعتقد الجميع أنه سوف يتزوج ، ولكن عندما رست به السفينة الفرنسية في ميناء الإسكندرية كان معه عصفور “كناري” ذهبي في قفص صغير، فتفاءل خادمه بالعصفور ولونه الذهبي وغناءه، وقال له :”سنجد قبراً مليئاً بالذهب!

وفي يوم 4 نوفمبر وصل كارتر على ظهر حماره إلى منطقة الحفر، فوجد العمال صامتين على غير عادتهم، فأسرع إليه رئيس العمال وهو يصيح في حماس:

“وجدنا درجة سلم، وسط الصخور!”

كان ذلك يعني أن هناك سلالم أخرى إلى قبر، وهنا بدأ الحفر بجنون، وفي صباح اليوم التالي تم إكتشاف 4 درجات أخرى، فعرف كارتر أنه سوف يجد فرعوناً يتبع الأسرة الثامنة عشر، لأن هذه هي طريقة الدفنالتي عرفت بها  هذه الأسرة، وفي المساء أصبح عدد السلالم 16 درجة، قبل أن يجد هوارد كارتر المدخل إلى المقبرة!

التسلل خلسة لمرقد الفرعون!

وفقاً للقوانين لم يكن على كارتر فتح المقبرة إلا بحضور اللورد الذي يمول تلك الأعمال، والأهم من اللورد مندوب من مصلحة الآثار المصرية، بحسب القوانين التي وضعها ماسبيرو، ولذلك فقد أرسل كارتر إلى اللورد في بريطانيا في البداية بأنه اكتشف اكتشاف يستوجب قدومه.

وكان على كارتر إنتظار اسبوع كامل حتى يصل اللورد مع ابنته من انجلترا، وكان هذا في ذلك الزمان يعني أن يسافر اللورد من عزبته في بريطانيا إلى فرنسا و يستقل قطار من الساحل الغربي إلى مدينة مارسيليا ثم الباخرة مرة أخرى إلى الإسكندرية ومنها يركبون قطار آخر من  الإسكندرية إلى الأقصر!

ولك أن تتخيل كيف كان يشعر هوارد كارتر وهو غير قادر على فتح أقفال المقبرة المختومة بختم الفرعون “توت عنخ آمون” ليرى ما تحتوي من الكنوز التي لم يلمسها إنسان من قبل سوى أيدي المصريين القدماء!

وعندما وصل اللورد إلى الأقصر مع ابنته كان على كارتر أن ينتظر “ركس انجلباك” مفتش الآثار من أجل التفتيش على المقبرةأثناء دخول المقبرة في صباح اليوم التالي، ولذلك بعث بمذكرة مقتضبة إليه يبلغه أن كل شيء أعد للدخول ، ولكن بدلاً من أن يرسل كارتر المذكرة إل مقر إقامة المفتش أرسله إلى مصلحة الآثار مساءاً حيث لا يوجد أحد!.

وفي ذلك المساء انصرف العمال، وبقى كل من كارتر واللورد وابنته وأحد المساعدين وهو كالندر.

وفي اليوم التالي كان انجلباك في مهمة بقنا، ولذلك تخلف عن الحضور في اليوم المحدد ، وجاء بدلاً منه موظف صغير في المصلحة اسمه ابراهيم حبيب افندي ، وعندما علم انجلباك بما حدث هرع إلى الأقصر من أجل الحضور لأنه شعر أن هناك خدعة ما، وعندما نزل منطقة الحفر وجد فجوة في الباب الخارجي، فصرخ في كارتر:

– “هذا خرق للعقد!”.

وقال له كارتر :

– “لقد أحدثنا فتحة صغيرة فقط لننظر منها إلى الداخل، ولم يتم المساس بالإختام في الأعلى”.

ورد انجلباك:

” لكن احد الأختام الموجودة على الركن الأسفل نزع وأعيد”

ولم يرد كارتر عليه، وابلغ أنجلباك عن شكوكه إلى ويجين السكرتير بدار المندوب السامي، وسجل شكواه في مذكرة رسمية، وقال أن هذا استخفاف شخصي به!

وكان أنجلباك كان محقاً ففي مذكرات ميرفن هربرت وهو أخ غير شقيق للورد كارنارفون قال أن ايفلين ابنه اللورد قالت أن أباها وكارتر دخلوا المقبرة ليلة الكشف، ودخلوا حجرة الدفن، وفتحا ثقباً في جدار المقبرة، وقاما بسده بعد ذلك، ولم ينتظروا مندوب مصلحة الآثار ، وقالت أن العمال كانوا يعرفون هذا ولكنهم لن ينطقوا بحرف!

وقالت إيفلين الثرثارة أن كارتر كان عصبياً للغاية يوم إفتتاح غرفة الدفن أمام مندوب المصلحة خوفاً من اكتشاف الثقب، وظهر وكأنه «تلميذ صغير يخفي أمراً»!

في تلك الليلة وقف كارتر كالصنم، لا يريد الدخول، ولم يُعرف في النهاية من قام بإقناعه بدخول القبر، هل كان اللورد أم ابنته ايفلين؟ ولكن ما هو معروف أنه تحرك بعد ذلك بحماس وأخذ يضرب بالمطرقة الجدران مع مساعده كالندر ، حتى اتسعت لدخولهم، وهناك أحضروا المصابيح الكهربائية للدخول وكانت إيفلين أول من دخل إلى المقبرة لصغر حجمها ومن ثم دخلوا هم تباعاً!

ويصف لنا توماس هوفنج مدير متحف المتروبوليتان فى نيويورك ما حدث في تلك الليلة قائلاً كما أورد  في كتابه:

أن هذا الكشف كان مفاجأة سعيدة بعد سنوات من اليأس والإكتئاب، والمواسم العارية منذ عام 1907 حتى عام 1922.

إن مساحة الحجرة 12 قدماً عرضاً و 26 قدماً طولا وإرتفاع السقف 7 أقدام ونصف القدم.

إن عصور مرت دون أن تطأ قدم إنسان المكان الذي يقفون فيه الآن، ومع ذلك يبدو الأمر كما لو كان بالأمس فقط.

لقد تحققوا أنهم صنعوا تاريخاً، وأنهم على وشك حل أكبر لغز في علم الآثار وتاريخها كله، بالإضافة إلى التوتر الذي أصابهم بإعتبار أنهم صائدو كنز، وكانوا أيضاً خائفين أن يضبطوا متلبسين.

بإختصار كانوا في حيرة، إنهم علماء، ويجب أن يكونوا حذرين، ولكنهم لا يستطيعون مقاومة إغراء جمع هذه التحف!

لقد أحسوا أنهم إقتربوا من مشاعر قدامى اللصوص الذين سرقوا مقابر الفراعنة من قبل.

فتنتهم رائحة القبر.. العطور القديمة والزيوت . ورائحة الأخشاب والورود التي إحتفظت بأوراقها . وأمامهم كل شيء .. التماثيل والمقاعد .. والسلال والمصابيح والذهب، والمجوهرات .. والقلادات ، والأواني، وكل شيء.

دخل كارتر الممر .. ثم إلى حجرة الدفن حيث تابوت الملك، وأخذ الجميع ما أخذوه من القبر  وأغلقوه ثانية، ثم عادوا إلى الأقصر على ظهور الحمير .. صامتين!

المقبرة والعالم؟

يقول الكاتب الصحفي المصري محسن محمد أن أنباء اكتشاف المقبرة قد غطت في وقتها على أحداث كبيرة في العالم، مثل مظاهرات الهند، والثورة في ايرلندا، والصراع داخل الكرملين، ومعارك العرب والصهاينة في فلسطين، والحرب الأهلية في الصين، وأزمة وزارة البرتغال، وضعف الفرنك الفرنسي وادانة ناشر صحفي أمريكي لأنه أعلن عن كتاب لتنظيم النسل، واعتبار نظرية داروين غير شرعية وغير قانونية في ولاية فلوريدا، وزحف موسوليني على روما وتشكيل حكومة فاشية، وإعلان مصطفى كمال أتاتورك للجمهورية التركية، وقيام اتحاد الجمهوريات السوفيتة وجمهورية أيرلندا.

وزحف الفرعون المصري الذي رحل قبل 3000 عام إلى الصفحة الأولى من صحف العالم، وفرض اسم مصر على الدنيا التي أصبحت تهتم بمقبرة بمدينة الأقصر بصعيد مصر ، دفن فيها توت عنخ آمون!

سعد زغلول والمكتشف؟

في ذلك الوقت كان الزعيم المصري سعد زغلول يرأس أول وزارة برلمانية في تاريخ مصر منذ سبعة آلاف عام، ولاحظ الباشا أن هوارد كارتر يدخل المقبرة كأنها ملكه الخاص، يفتحها حين يشاء ويغلقها حين يشاء، فأرسل ينبهه أن المقبرة ملك مصر، وأنه يجب أن تفتح في حضور مندوب الحكومة المصرية وأنه من الواجب أن يخضع لتعليمات الحكومة، وعندما رفض كارتر هذا، أمر سعد زغلول بمنع كارتر من دخول المقبرة.

وهاجت الصحف الأوربية وماجت ونعتت سعد زغلول بأنه ناكر للجميل، وأنه يعامل المكتشف العظيم وكأنه لص من لصوص الآثار، وهذا شيء لا يليق برجل له حظوة في الأوساط العالمية الدولية.

كشف السرقة!

كان توماس هيوفنج هو اول من اكتشف سرقات هوارد، وكتب كتاباً عن تلك السرقات، بعنوان “توت عنخ آمون:القصة التي لم تنشر من قبل” وقد تأخرت هذه الحقيقة كثيراً، وإن كان سعد زغلول قد اكتشفها من وقت طويل وهاجمه الجميع!

وتوماس هوفنج كان قد عمل بمتحف المتروبوليتان الشهير في أمريكا، لمدة أكثر من 16 عام وعمل مديراً للمتحف لمدة 10 أعوام، وهو الذي نظم عرض 55 قطعة من آثار الملك الطفل في ست مدن أمريكية عام 1977، بمناسبة مرور 55 عاماً على اكتشاف المقبرة،  وقد جاءت جميع تلك الآثار من مصر في الوقت الذي كانت مصر تقوم فيه بعمل معارض لتعريف العالم بآثارها القديمة، وهو ما كان سبب إكتشافة لجريمة السرقة.

بدأ هوفنج تنظيم العرض بفتح الصناديق القادمة من مصر، ليجد أن بعض الآثار التي وردت من هناك، تشبه مجموعة من الآثار المحفوظة بمتحف المتروبوليتان، ولا خلاف بينهما تماماً، وهنا إنتابه الشك، وشعر بضربات قلبه تخبطه في صدره بقوة ، فقارن الرجل الصور والوصف، فوجدها متطابقة وكأنها توأمها،  وكي يزيل الشك بدأ يقرأ الوثائق الموجودة في نيويورك عن وصول تلك التحف إلى المتحف، ومع كل قطعة كان يكتشف الحقيقة، حيث بتتبع بسيط عرف أن الشخص المسؤول عن وصول هذه القطع إلى المتحف كان قريب زوجة اللورد كارنوفون، وبعدها سافر هوفنج إلى مصر ورأى 500 قطعة من قطع آثار توت عنخ آمون المحفوظة في المتحف المصري، كما شاهد المقبرة في الأقصر.

ويكتشف هوفنج أن آثار توت عنخ آمون التي تم تهريبها كانت كثيرة وهي موزعة على أربعة متاحف أمريكية عشرون منها في المتروبوليتان والبقية بمتحف بروكلين ومتحف كانساس سيتي ومتاحف أخرى!

لعنة الفرعون !

عندما فتح هوارد كارتر مقبرة الملك توت عنخ آمون قرأ باللغة الهيروغيليفة عبارة واحدة هي :”سيضرب الموت بجناحيه السامين كل من يعكر صفو الملك”!.

وكان هذا معروفاً حيث اعتاد المصريين القدماء وضع مثل هذه العبارات لإخافة لصوص المقابر في عصورهم، ولكن يبدو أنه كان شيئاً حقيقياً في هذه العبارة على كل من اكتشفوا هذه المقبرة.

في اليوم الأول لإكتشاف المقبرة، أرسل هوارد كارتر مساعده إلى بيته على التله لإحضار شيئاً ما، ولكن عندما وصل إلى المنزل، كان هناك ثعبان كوبرا عند الشباك يأكل عصفور الكناري الخاص بكارتر والذي اصطحبه معه من إنجلترا، وقد قتل بالفعل الكوبرا ولكنها كانت بالفعل قد قتلت الكناري الذهبي!.

ومن المعروف أن ثعبان الكوبرا يوجد على التاج الذي يوضع فوق رأس تماثيل ملوك مصر، و هذه كانت بداية انتقام الملك من الذين أزعجوه في مرقده.

بعد أيام كان اللورد كارنارفون قد سافر إلى إنجلترا، وهناك قابل ملك بريطانيا، وأصبح اسمه على كل لسان،ولكنه لم يهنأ بالشهرة حيث أرسل له اللورد لويس هامون والمعروف بقراءة الكف أن أميرة مصرية قديمة تراءت له  قد تراءت محذرة اللورد لأن دخول المقبرة سيعرضه للمرض، وسيطاردة الموت في الأقصر إذا استمر في الحفر بالوادي، وكان كارنارفون يعرف هامون، فهو الذي تنبأ بيوم وفاة الملكة فيكتوريا، واغتيال ملك ايطاليا ومحاولة اغتيال شاة ايران في باريس، وكان هذا بدأ يثير خوف اللورد، ولكنه قال في عصبية كما يروي ابنه بعد ذلك:”يجب أن أتم ما بدأت، إنها مغامرة أتحدى فيها القوى الخفية”.

وعندما عاد اللورد إلى الأقصر مرة أخرى، كانت الضربة الثانية حيث اكتشف إن ابنته إيفلين ذات الواحد والعشرين ربيعاً واقعة في حب الكهل هوارد كارتر في التاسعة والأربعين، وهنا ثار غضب اللورد واقتحم خيمة هوارد وواجهه، ولكن هوارد قال له في برود، إن كانت هي واقعة في الغرام فإنا لا أبادلها هذا الشعور، وكان رد اللورد أن هذا يزيد شغفها به.

STC163173 Howard Carter (1873-1939) and a group of Europeans standing beside the excavations of the Tomb of Tutankhamun, Valley of the Kings (gelatin silver print) by Burton, Harry (1879-1940); Private Collection; The Stapleton Collection; American, out of copyright

والحقيقة أن إيفلين كانت مغرمة بالحالة التي اثارتها الصحف حول المغامر هوارد كارتر وليس أكثر كما توضح الرسائل بعد ذلك، ولكن هذه الواقعة تسببت في عداء بين اللورد وكارتر والقطعية، حيث لم يرى أيهما الآخر بعد ذلك عندما تطورت إلى الأمور إلى طرد كارتر للورد من خيمته!

بعد ذلك وأثناء تجواله في الأقصر قرصت بعوضة خد اللورد، وفي المساء كان يحلق اللورد ذقنه فجرح الجرح بالموسي، وكانت هذه بداية النهاية، حيث أصيب بالحمى ، وأخذته ابنته إلى القاهرة من أجل تلقي العلاج، وكانت ترسل الرسائل متوالية إلى كارتر تخبره فيها أن ابيها في حالة خطرة ويهزي وان أسنانه تتساقط، كما أنها أرسلت إلى أمها في إنجلترا، لتأتي على قدم السرعة، وأيضاً لأخيها الذي كان ضابطاً في مستعمرات بريطانيا في الهند!

وعندما وصل الابن إلى مصر ، هرع إلى الفندق الذي يموت فيه اللورد، وفي الطريق إلى حجرة أبيه، انقطعت الكهرباء عن القاهرة بالكامل، وطفئت الأنوار في الفندق، وفي القاهرة كلها، فأضاء بطاريته ليجد أمه راكعة بجوار السرير تبكي ، وتصلي، وقتها عرف أن ابيه قد مات وبعد دقائق عادت الأنوار مرة أخرى!

في نفس اللحظة كان كلب اللورد الأثير يعوي بشكل غريب في حديقة قصر اللورد في عزبته ليموت بعدها بدقائق!

بعد يومين من وفاة اللورد ونشر الصحف للخبر وجد الابن اتصال من الجنرال اللنبي يخبره يستدعيه فيه على وجه السرعة ويخبره أن إنقطاع التيار وقت وفاة والده كان معدوم السبب وقد تأكد نفسه بالذهاب إلى محطة الكهرباء، وقد عاد ايضاً بدون تدخل!

عندما استعدت الزوجة الوفية إلمينا لنقل جثة زوجها عبر البحر إلى إنجلتر، لغى عدد كبير من الركاب حجز سفرهم خوفاً من اللعنة، وبعد بشهور وصلت رسالة من سيدة مجهولة لابن اللورد تحذره من زيارة قبر أبيه أن نهايته ستكون سيئة إن فعل، فلم يزر قبل والده طوال حياته!

توالت بعد ذلك أحداث الوفاة لكل من ارتبطت اسماءهم باكتشاف المقبرة، وأولهم كان رجل أعمال جورج جاي جولد  الذي مات في الريفيرا الفرنسية يوم 16 مايو 1923 بعد أن زار القبر، وبعده توفي الأمير المصري علي كامل فهمي في 10يوليو 1923 قتلاً بالرصاص على يد زوجته الفرنسية، وكان أحد الزوار، وبعده العقيد أوبري هربرت عضو في البرلمان أخ كارنافون الغير شقيق، إذ أصبح أعمى تماماً وتوفي في الـ 26 من العمر في 1923 بسبب تسمم الدم!

وقتل زائر القبر ورجل الأعمال الأمريكي ولف جويل بالرصاص في جوهانسبرج في نوفمبر 1923، و توفي السير ارشيبالد دوغلاس ريد ، وهو الطبيب الذي قام بعمل الأشعة السينية لـمومياء توت عنخ أمون، في يناير 1924 م من مرض غامض!

وقتل أرثر كراتندن ميس وهو عضو في فريق كارتر عام 1928 بسبب تسمم الزرنيخ، ومات السكرتير الشخصي لكارتر في 1929 بعد العثور عليه مخنوق في سريره!

أما عن كارتر نفسه فقد توفي بعد صراع طويل مع المرض في عام  1939 وكان آخر من مات هو إيفلين ابنه اللورد بعد مرض استمر 10 سنوات كاملة!

 

أقر أيضا

عندما أشتكى رئيس وزراء إسرائيل للسادات من الشعراوي

نفسي أبقى مضيفة .. صورة نادرة لسوزان مبارك عمرها 67 سنة

صاحبة أغرب طلاق ورفضت العالمية بسبب الإسلام وقصتها مع عبد الناصر.. حكايات لبنى عبد العزيز

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!