تقاريرسلايد

هل حاول أبو العربي قتل الرئيس مبارك في بورسعيد ؟

حكم الرئيس الراحل محمد حسني مبارك مصر من سنة 1981 بعد اغتيال الرئيس السادات في حادث المنصة الشهير، وحتى 11 فبراير سنة 2011 بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير، وخلال مدة حكمه تعرض مبارك لمرات عديدة من محاولات الاغتيال الفاشلة.

وهي جزء من مشروع كتاب لي، عن محاولات اغتيال الجالس على عرش مصر من محمد علي وحتى حسني مبارك، ربما يصدر قريبا، في هذا المقال سنخصصه عن واحدة من أغرب محاولات حسني مبارك في بورسعيد، المحاولة التي دفع ثمنها المحافظة بأكملها.

في سنة 1999، كان الرئيس مبارك في جولة في محافظة في بورسعيد لتفقد المشروعات الاقتصادية في منطقة شرق التفريعة، وكان مبارك لا يرتدي القميص الواقي، ومتأثرا بالصيغة الناصرية لاستقبال الجماهير، خرج مبارك في سيارة مكشوفة، وكان شعب بورسعيد يقف على الجانبين، ويفصل بين مبارك وشعبه الآف من عساكر الأمن المركزي.

كان الحرس يحيط من مبارك، حتى خرج من بين الناس شخص اسمه السيد حسين محمود سليمان لكن الصحافة أطلقت عليه اسم “ابو العربي”، نظرا لأن هذا الاسم الأكثر شيوعا في بورسعيد، حتى أصبح اسم أبو العربي ملاصقا للواحد من أهالي بورسعيد في السينما والتلفزيون، وقدم هاني رمزي فيلم السيد أبو العربي وصل، كرمز للبورسعيدي.

تمكن أبو العربي من اقتحام موكب الرئيس مبارك، ووفقا للرواية الرسمية، كان يمسك في يده “مطوة – ألة حادة تشبه السكين، يمسكها الشبيحة في منطقة الشرق الأوسط، ومنها مصر”، وقطع أصبع قائد الحرس المرافق للرئيس، فصفته الحراسة في الحال، واتضح بعد ذلك أن أبو العربي مختل عقليا.

فتش عن الحرب

ووفقا للرواية الرسمية، كان أبو العربي يعانى من خلل نفسى بعد عودته من حرب الخليج الأولى (حرب الخليج الأولى يقصد بها حرب صدام ضد إيران، وحرب الخليج الثانية، حرب صدام ضد الكويت)، وكان أبو العربي مجندا فى الجيش العراقى للمحاربة ضد إيران وكان تسليحه في الخدمات الطبية، ومن كثرة مشاهد الدم التي تشبع بها أصيب بلوثة عقلية.

انتهت الحرب وعاد أبو العربي لبورسعيد وكان يعاني مشاكل نفسية بالغة الخطورة، حتى وجد نفسه وجها لوجه أمام مبارك في الواقعة الشهيرة، وبعد هذه الحادثة تم إقالة مدير أمن المحافظة والمحافظ، وبعدها أصبح هناك عُرف عندما يزور مبارك مركز أو محافظة، يتم جمع كل المرضى النفسيين والمختلين عقليا في قسم الشرطة، ثم يتم الإفراج عنهم بعد انتهاء الزيارة، كان في قريتنا شخص اسمه عطا، هذا الشخص كان يتم القبض عليه مع كل زيارة للرئيس أو رئيس الوزراء أو أي شخص مسئول، وهو لا يمكنه نطق اسمه بشكل صحيح.

 

ووقتها أصدر اللواء حبيب العادلي قرارا بإقالة رئيس جهاز أمن الدولة اللواء محمد العزبي وتعيين اللواء صلاح الدين مصطفى لاتهام العزبي بالتقصير في حادث بورسعيد، وتم تحويل اللواء حسن عبد المطلب عتمان مدير أمن بورسعيد للتحقيق واقالته من عمله، في وضع يشبه ما حدث في مذبحة إستاد بورسعيد في 1 فبراير سنة 2012.

وحملت القضية رقم 1109 لسنة 1999 حصر أمن دولة عليا، ولأول مرة في محاولات اغتيال مبارك، يكون المسئول شخص وليس جماعة إرهابية، لكن وسائل الإعلام العالمية خرجت برواية مختلفة عن الرواية الرسمية للدولة، وهي إن أبو العربي شخص بسيط، كان يحمل ورقة عبارة عن مظلمة لمبارك لكن الحرس تغابي في رد الفعل، وهذا الكلام يجافيه الصواب قليلا لأن قائد الحرس أصيب بالفعل في أصبعه.

زيارة الرئيس لبورسعيد 28/12/2009

شاهد عيان

وحكي اللواء رأفت الهجيري الحارس الشخصي للرئيس مبارك الواقعة وقال:”كنا ماشيين في شارع 23 يوليو، والتعليمات الأمنية إن الرئيس ميفتحش الشباك، لكن مبارك أصر على فتح الشباك، لحد ما ظهر أبو العربي وفي إيده مية نار ومطوة، وقام قائد الحرس، اللواء حامد شعراوى، بوضع يده أمام المعتدى ليتلقى الضربتين الثانية والثالثة بدلا من الرئيس، ويفقد أحد أصابعه، ولم تستطع سيارة التأمين ضرب الرصاص حتى لا تصيب من بسيارة الرئيس فنزل ضابط من سيارة التأمين وتمكن من الامساك بالجانى الذى كان متعلقا بسيارة الرئيس، وألقى به على ظهره فوق الطريق، ولكنه كان يحول النهوض مرة أخرى، فضربه الضابط وأطلق عليه طلقة رصاص”.

وأضاف: “قمنا بإنزال الرئيس من السيارة وتوجهنا به إلى مكتب المحافظ، وحضر الطبيب الدكتور طه عزيز بعد 10 دقائق ومعه طاقم تأمين من القوات المسلحة، وقام بتنظيف الجرح، ويومها أصر صفوت الشريف على أن يلقى الرئيس مبارك خطابه لطمأنة الشعب، والحمد لله أن جرح الرئيس كان سطحيا، وغادرنا بورسعيد بعدها إلى شرم الشيخ”.

ونشرت وقتها صحيفة الوفد التابعة لحزب الوفد “هو معارض بس مش قوي يعني”، إن القاتل كان بلطجي انتخابات ويزور الانتخابات للحزب الوطني، وكان مسئولا عن مدرسة ناصر الإعدادية بنات بحي الكويت في بورسعيد، وكان يدخل اللجنة بـ كلاب وأي شخص يريد كسب أصوات هذه اللجنة يعطيه أموالا، وسيضمن كسب أصوات هذه اللجنة.

رواية شاهد عيان أكتر

حرس الرئيس ضرب المواطن بالشلوت.. ايه اللي حصل مع مبارك بالمنصورة | اوان مصر

وفي سنة 2007 نشرت صحيفة الدستور المصرية تحقيقات مع عساكر أمن مركزي كانوا متواجدين في الحادث، وهم كمال ميخائيل ومصطفى محسن، وهم من مسئولي الحراسة في الشارع وكانوا عساكر أمن مركزي، وقالوا: “أبو العربي كان فعلا معاه ورقة ومكانش معاه الة حادة، وانهم كانوا شادين حبل علشان يفصلوا العربية عن الناس وإن أبو العربي اتكعبل في الحبل فوقع فبقى جنب عربية الرئيس وان الحراسة ضربته بالنار، وطلقة عورت قائد طقم الحراسة ودا سبب الدم اللي كان على جاكيت الرئيس في الصور”، وهذه الرواية تبناها شعب بورسعيد.

بورسعيد تستقبل مبارك: رصف وإنارة وبوابة خاصة | المصري اليوم

وكما قاطع مبارك أفريقيا بعد حادث أديس أبابا، قرر معاقبة بورسعيد وتهميشها بعد الحادث، فصدرت مجموعة من القوانين ضد الحركة التجارية ببورسعيد وهي مصدر الدخل الوحيد للشعب البورسعيدي، ومنها اتفاقية عدم قصور الاستيراد على محافظة بورسعيد، وإصدار القرار الجمهورى رقم 469 لسنة 2001 لفرض التعريفة الجمركية على سلعة الملابس الجاهزة، ثم قانون رقم 5 لسنة 2002 والخاص بإلغاء المدينة الحرة ككل بأسلوب تدريجى فى يناير 2007، وتخفيض الحصص الاستيرادية الواردة للمدينة بنسبة بواقع 10% سنويا، ولم يزر مبارك بورسعيد إلا بعد عشر سنوات من الحادث، ووقتها تحولت المدينة لقطعة من باريس، جملة نظافة وتشجير قبل الزيارة بأسبوع، ووقتها قال النائب البورسعيدي البدري فرغلي: “ياريت الرئيس يزور بورسعيد كل شهر لكى نستمتع بالنظافة التى نراها حالياً، التى جعلت شارعى 23 يوليو ومحمد على كأنهما فى باريس، هل يعرض قيادات الحزب الوطنى مشاكل المحافظة على الرئيس مبارك أم أنهم يجملون كل شىء ويقولون له (كله تمام يا ريس)”.زار مبارك بورسعيد في ديسمبر 2009، وبعد 13 شهر من الزيارة حدثت ثورة يناير.

بعد ثورة يناير

وبعد ثورة يناير 2011، تقدم أحمد قزامل، نقيب المحامين ببورسعيد، ببلاغ إلى النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود، يتهم فيه الرئيس المخلوع حسني مبارك ونجله جمال، ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلى وصفوت الشريف الأمين العام الأسبق للحزب الوطني، بالقتل العمد لحسن محمود سليمان، الشهير بـ ”أبو العربي”، بعد أن تم اتهامه بمحاولة اغتيال مبارك أثناء زيارته لبورسعيد يوم 6 سبتمبر1999.

وقال قزامل الذي كان وكيلا عن أسرة أبوالعربي، إن حرس مبارك قتلوا أبو العربي، واطلق وسائل الإعلام في تلويث سمعته، وقام جهاز أمن الدولة بمنع أسرة المجني عليه من الظهور في الأماكن العامة أو التحدث إلى أحد، واستند قزامل في بلاغه إلى شهادة الجنود الذين كانوا في موقع الحادث وقتها، وأكدوا أن أبو العربي لم يكن يحمل آلة حادة في يده.

وقال قزامل في شكواه غن الطبيب الذي صاغ أول تقرير طبي حول أبو العربي وأكد فيه إنه ليس مختلا عقليا كما أدعي البعض، غادر بورسعيد ورحل إلي السعودية بأوامر من أمن الدولة، واستند لاقوال المقدم محمد سالم إمام شعلان، مدير إدارة البحث الجنائي ببورسعيد وقت الحادث، والذي قال إنه جري تصوير الحادث على إنها محاولة اعتداء علي الرئيس ، وأن الجاني أصاب الرئيس في يده وأن اندفاع المواطن إلي نهر الطريق كان عملا مدبرا وخطة مرسومة، ولكن الحق أن تصوير الواقعة علي هذا النحو ليس له أصل ثابت في أوراق الدعوي ومستنداتها وإنما هو تصوير صحفي وإعلامي مختلق.

هذا كل ما ورد في قصة أبو العربي، برأيك.. هل كان أبو العربي ينوى قتل مبارك فعلا؟

 

أقرأ أيضا

حكاية صورة.. عندما قتل إيفان الرهيب ابنه؟

لماذا تلد الأمهات على ظهورهن.. رغم أنها ليست الطريقة الصحيحة للولادة!

“كان كالأفلام”.. قصة الزواج الثاني لهشام سليم

وصية حسن عابدين وحوّل القصري وأمنية شادية.. حكاية 22 صورة نادرة

ندمت بسبب الخادمة ورفضت الزواج من الفنانين.. حكاية منيرة سنبل بطلة شارع الحب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!