الفنتقاريرسلايد

“نهر من الحليب”.. قصة وصية ابن سيد بدير بعد 40 يوم من استشهاده

 

ابني .. حبيبي .. يا نور عيني  .. بيضربوا بيك المثل

كل الحبايبب.. بتهنيني.. طبعا.. ما انا أم البطل..

كلمات كتبتها الشاعرة نبيلة قنديل واسمها الحقيقي سعاد وجدي، ولحنها زوجها الملحن علي إسماعيل، لتغنيها المطربة شريفة فاضل بعد استشهاد ابنها سيد السيد بدير، وهو ضابط طيار بالقوات المسلحة، أسقطت إسرائيل طيارته في 8 مارس سنة 1973 في الساعة العاشرة مساءا.

الزمن الجميل - صورة للفنان السيد بدير وزوجتة الفنانة شريفة... | Facebook

كانت الأغنية شديدة التأثير على شريفة فاضل التي فقدت وعيها وهي تغنيها، لكن إذا كانت شريفة عبرت عن حزنها بالغناء، فوالد الشهيد الفنان الكبير السيد بدير لم ينطق بكلمة ولم يزرف دمعة واحدة، وكان الجميع يخافون عليه من الموت بالسكتة القلبية، بسبب كتمان الحزن.

يحكي سيد بدير قصة استشهاد ابنه في حوار لمجلة الكواكب ويقول: “فى شهر مارس عام 1973 ذهبت إلى بيروت لكي أرفع دعوى ضد أحد معامل الأفلام التى كانت تستولى على نسخ من الأفلام التى تنتجها هيئة السينما ((شغل السيد البدير منصب رئيس مؤسسة السينما والمسرح والموسيقى بدرجة وكيل وزارة)، وتطبعها وتوزعها خلسة، وانتهت القضية يوم 7 مارس.

السيد بدير.. فنان شامل طرده فاروق من الإذاعة.. وفقد أحد ابنائه في الحرب  وآخر اغتاله الموساد

ويضيف: “ذهبت لكي أحجز تذكرة العودة، فقابلني أحد أصدقائي الموزعين اللبنانيين، ورفض مغادرة لبنان قبل أن أقضي معه يومين، وحاولت أن أعتذر ولكنه أصر، بل ودخل إلى مكتب الحجز في شركة طيران الشرق الأوسط وطلب أن يؤجل الحجز، وسهرت معه ومع بعض الأصدقاء، وفي هذا الوقت سقطت طائرة ابني الطيار “السيد سيد بدير” يوم 8 مارس الساعة العاشرة مساء، أثناء مناورة عسكرية مع إسرائيل.

عاد السيد بدير للقاهرة يوم 10 مارس، دون أن يعلم بنبأ استشهاد ابنه، وذهب لمنزله، ولم يستطع أحد إبلاغه بالخبر، لكن في صبيحة اليوم التالي أخبره أحد أبنائه بالخبر، يقول السيد بدير: “لم أذرف دمعة واحدة على ولدي الشهيد، لكن انتابتني حالة اكتئاب وحزن شديدين، وظلت هذه الحالة فى اقصى حدتها لمدة ثلاثين يوما”.

سيد السيد بدير
سيد السيد بدير

لم يعرف السيد بدير ماذا يفعل، كل الأطباء حذروه من خطورة كتمان البكاء، لم يكن السيد بدير يكتم البكاء، لكن دموعه كانت عصية على النزول، ظل يستجدي الدموع، لكن لا حياة لمن تنادي، وظل الأمر على هذا الوضع لمدة شهر كامل، الاكتئاب والوحدة سيدا الموقف، والبكاء عصي على إطاعة أوامره بالنزول، حتى جاء الفرج.

جاء الفرح للسيد بدير الكوميديان الذي أضحكنا طويلا، عن طريق حلم زاره فيه ابنه الشهيد، يقول السيد بدير: “رأيته جالسا في صالة منزل كبير وكانت الإضاءة فيه شديدة جدا، والأنوار قوية وكبيرة، وأمامه حمام سباحة صغير، وقد شمر عن ساعديه وقدميه، وهم بالغطس فى هذا الحمام الذي كان يمتلئ بالحليب الأبيض، بدل المياه، وعندما رأني قال لي: شايف يا بابا أنا فين؟! شايف الأنوار دي كلها! أنا مبسوط وسعيد لأنك لم تبك علي، بس أرجوك كلم ماما، وقل لها لا تبك كثيرا فأن هذا يزعلني، ويؤثر عليّ، أنا عارف يا بابا انك تحب “السيد البدوي” أرجوك أن تسافر إلى طنطا وتزوره، وأن تذبح هناك “عجلا” كبيرا وتوزعه على الفقراء والغلابة”.

ولأول مرة يستيقظ السيد بدير ويشعر إنه في حال أفضل، وفي أربعين ابنه زار السيد البدوي، وفعل ما طلبه منه ابنه، يحكي عن هذا الموقف: “فجأة وجدتنى أبكي بشدة لأول مرة وأنا أمام ضريح السيد البدوي، وعدت من طنطا مباشرة إلى المستشفي لكي أدخل لأول مرة في حياتي غرفة الأنعاش مصابا بهبوط فى القلب، وقضيت أسبوعين فيه.

وفاة السيد بدير

 

تزوج السيد بدير عام ١٩٣٧ من إبنة عمه لينجب منها سامح و سميحة و سميرة و سمير و سعيد ثم تزوج من المطربة شريفة فاضل لينجب منها سيد و سامى، وكلهم بحرف السين، حيث كان يسعي لتأسيس إمبراطورية سين.

ورحل السيد بدير في 30 أغسطس 1986، بعد صراع  طويل مع المرض، وكان آخر أعماله المسلسل الشهير “لا يا بنتي العزيزة” مع عبد المنعم مدبولي في سنة 1979، وكان الكبر ظاهرا جليا عليه، ولعب فيه شخصية رجل عجوز كفيف، وشارك في سنة 1980 مع محمد عوض في فيلم “عمل إيه الحب في بابا”.. وكانت وفاته تسبق استشهاد ابنه الثاني بـ 3 سنوات.

استشهاد سعيد السيد بدير

سعيد السيد بدير
سعيد السيد بدير

في 14 يوليو سنة 1989، بعد 3 سنوات من رحيل السيد بدير، استشهد ابنه العالم المصري سعيد السيد بدير، وهو عالم مصري تخصص في مجال الاتصال بالأقمار الصناعية والمركبات الفضائية خارج الغلاف الجوي، ورحل سنة1989 بالإسكندرية في واقعة يصفها الكثيرون أنها عملية اغتيال من قبل الموساد، حيث تم العثور على جثمانه ملقيا في الشارع في الإسكندرية.

والقصة إنه في أكتوبر عام 1988م اتفق معه باحثان أمريكيان لإجراء أبحاث معهما مقابل الحصول على الجنسية الأميركية وأجر مالي ممتاز عقب انتهاء تعاقده مع الجامعة الألمانية، وهنا اغتاظ باحثو الجامعة الألمانية وبدأوا بالتحرش به ومضايقته حتى يلغي فكرة التعاقد مع الأمريكان.

وذكرت زوجته أنها وزوجها وأبناؤهم كانوا يكتشفون أثناء وجودهم في ألمانيا عبثاً في أثاث مسكنهم وسرقة كتب زوجها، شعر بأن حياته وحياة أسرته باتت في خطر، فكتب رسالة إلى الحكومة المصرية يطلب فيها حمايته، تلقى سعيد اتصالاً من السلطات في القاهرة تطلب منه عودته فوراً إلى أرض الوطن.

عاد لأرض الوطن بالفعل، حتى تلقى قسم شرطة شرق في الإسكندرية بلاغاً عن سقوط شخص من أعلى عمارة في شارع طيبة بكامب شيزار في ما يبدو أنه انتحار، لذا تم التحقيق في الإسكندرية، حيث وجدوا الغاز مفتوحاً في شقته وكأنه أراد الانتحار بالغاز وعندما فشل ألقى بنفسه من العمارة، كذلك وجدوا وريد يده مقطوعاً أيضاً، فكأنه أراد الانتحار بطرق الموت كافة، ولم يتم الإعلان عن من وراء قتله، وهناك مصادر أشارت إلى احتمالية قيام أجهزة المخابرات باغتياله، لكن تبقى قصة وفاته لغزا كبيرا.

أقرا أيضا 

“سري للغاية”.. قصة محمد سيد صابر أشهر جاسوس في الألفية
المصادر 

قصة حلم السيد بدير – شهريار النجوم – تفريغ لمجلات قديمة 

أرشيف الصحافة المصرية 

قصة أغنية أم البطل – موسوعة الأغاني

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!