حقق علي ربيع نجاحا كبيرا في تياترو مصر، وزاد النجاح بشكل كبير في مسرح مصر ليجد نفسه بين عشية وضحاها بطل يتصدر الأفيش، غالبية جمهوره من صغار السن، ممن تربوا على إفيهات مسرح مصر، التي غالبا ما تكون كوميديا قائمة على التنمر والقلش، الأولى جريمة، والثانية لا عمر لها.
في فيلم بعد الشر، سليمان أو سولي الذي يهرب من زوجته فرح “رنا رئيس”، فيجد نفسه عالقًا في علاقة عاطفية مع مريم “ميرنا نور الدين”، ولا يستطيع الزواج منها بسبب تعويذة سحرية، يتحول فيها لشئ مختلف في كل مرة يقول فيها بحبك، فيخوض العديد من المواقف الكوميدية رفقة صديقه المقرب مشمش “أوس أوس.
الفيلم كان من بطولة مي عمر وهنا الزاهد مع علي ربيع، لكن مع الاعتذارات، تم استبدال الثنائي بميرنا نور الدين ورنا رئيس، وسواء كان الاختيار الأول أو الثاني فالنتيجة لن تفرق كثيرا، خاصة أن الرباعي ممثلات يؤدون الأدوار المطلوبة منهم فقط لا غير، فلا مجال للتجويد كثيرا، وإن كان وجود هنا الزاهد ومي عمر يفيد الفيلم أكثر من حيث الناحية التسويقية، ولا أعلم سبب اعتذارهما، وأكثرهم تميزا هي ميرنا نور الدين، التي تمتلك وجه سينمائي مريح يذكرك بنجمات أفلام الزمن الجميل.
من حيث الحبكة، فحبكة الفيلم جيدة وتصلح لعمل فيلم كوميدي قوي، لكن صناع العمل قرروا الاكتفاء من جملة عمل فيلم كوميدي قوي بـ “عمل فيلم” فقط، لكن الفيلم بلا شك أفضل بكثير من فيلم زومبي الذي قدمه المؤلفان وليد أبو المجد وأمين جمال مع علي ربيع العام الماضي، لكن الفيلم شابه الكسل في تصميم مواقف كوميدية، واعتمدنا على كوميديا الآفية أو ما يمكن تسميته بالضحك على الواقف.
مثلا هناك مشهد لعلي ربيع وهو يتشاجر مع شاب أسمر، فيقول علي ربيع، إيه اللي جابه هنا مش كان في الزمالك (يقصد شيكابالا)، ويكمل: “طيب سيبني يا رب تاخدوا الدوري”، وما أن يضربه يقول له: “الدوري في الجزيرة”، هل أضحكك الأمر؟، حسنا لماذا لا تضحك عندما يكون الأمر سخرية منك على شكلك وعلى هيئتك وعلى وزنك.
القصة أيضا تعاني من افتقار للمنطق، يقول علي ربيع لرنا رئيس في إحدى جمل الفيلم :”هو الجواز مش بالعافية يعني”، حسنا، تابع معي: “علي ربيع “سولي أبو لبن”، قابل فرح “رنا رئيس”، وأحبها، ووصل الأمر للزواج، في حفل الزفاف، يحضر ضابط ويخبرهم أن سولي مطلوب القبض عليه وإنه مجرم خطير، ونكتشف أن الضابط ليس إلا صديقه وقد خطط لذلك لكي يهرب من الزواج”، ومع ذلك تنتظره رنا حتى يتم الافراج عنه، ثم تكتشف خدعته فتقرر إفساد حياته، هنا يا صديقي أنت الجاني وليس المجني عليه، وهو ما لم يمنطقه صناع الفيلم.
عمرو عبد الجليل: لا تعليق.
بيومي فؤاد: لا جديد يذكر ولا قديم يعاد، هو بيومي فؤاد في كل أفلامه وأعماله، وأقسم لك أن بيومي فؤاد قدم هذا الدور بنفس الافيهات بنفس الطريقة في 20 فيلم على الأقل.
الفيلم لن يميتك من الضحك، وستجد نفسك تبتسم في موقف أو اثنين، لكن هذه الكوميديا تجد رواجا كبيرا في الخليج، لذا لا تتعجب إذا أخبرتك أن الفيلم حقق قرابة 20 مليون جنيه في السعودية فقط، ويتصدر قائمة الأفلام المصرية المعروضة هناك متفوقا على كل الأفلام، نتيجة لحب الخليج لمسرح مصر، الذي كان الجمهور السعودي من أكبر مستهدفيه، خاصة أن التجربة المسرحية معروضة على شاشات إم بي سي، ناهيك عن عدد من العروض التي قدمها الفريق في السعودية (رامز جلال وعلي ربيع من أكبر النجوم جماهيرية في السعودية).
أزمة علي ربيع نفسه في الاستسهال من حيث الأداء، علي ربيع الذي ظهر في تياترو مصر قبل عشر سنوات، هو علي ربيع الذي تشاهده في بعد الشر، بلا تغيير يُذكر، في سنة من السنوات قدم علي ربيع إعلان لشركة موبينيل ظهر به بعدد من الشخصيات، هذا الإعلان به تجديد بكل أفلام علي ربيع.
لكن أكثر ما يميز علي ربيع قلة ظهوره، فهو مقل في اللقاءات التلفزيونية، لا يتواجد على السوشيال ميديا، لا يرد على الشائعات ولا يدخل في مهاترات، وهذا شيء إيجابي للفنان، الفنان يقل بريقه بتواجده الدائم بلا سبب.
أغنية الفيلم “سطلانة”، والتي غناها محمود الليثي وحمدي بتشان وعبد الباسط حمودة وحسن الخلعي، لم تضف للفيلم أي شيء، مجرد حشو، ولو تم حذفها من الفيلم لن يتأثر، وستشعر إنها مقحمة، وحتى كأغنية هي أغنية سخيفة، وقارنها مثلا باستعراض العقلاء في فيلم المليونير لإسماعيل ياسين، ولحنها المميز “والنبي ناولوني الولاعة.. عايز أولع روما بحالها”، ستشعر صدقا بجملة محمد حمزة الخالدة: “شوف بقينا فين يا قلبي”.
الفيلم من حيث الإيرادات، حقق المرجو منه وأكثر، فهو يحقق أرقام جيدة في السوق المصري، هو الثالث في الإيرادت بعد هارلي ويوم 13، ويتفوق على شيكو بفيلم ابن الحاج أحمد، وفي السوق الخليجي يحقق أرقام جيدة للغاية، بما يعني استمرار تجربة علي ربيع كمتصدر لأفيش الأعمال السينمائية، فعليه أن يطور مناطق الضحك لديه، ولا يستهسل الضحك النابع عن الآفية لأنه أقلها عمرا.
ضيوف الشرف لم يضيفوا للفيلم كثيرا، خصوصا سليمان عيد الذي يقدم مشهد لا قيمة له مقارنة بموهبته، ولا أعرف ما هي آلية سليمان عيد لاختيار أدواره، لا يوجد دور من الأساس، أما مشهد علاء مرسي فالمشهد نفسه سيء كتابة وتنفيذا، وعلاء استسهل قولبة نفسه في هذه الشخصية، وسيخرج بعد 3 شهور في برنامج من برامج قناة الحدث التي لا يشاهدها سوى علاء مرسي نفسه ويخبرنا إنه أهم ممثل في مصر وإنه أحب ميرفت أمين في صمت ليظل في قولبة نفسه ممثلا وضيفا، لكن تظل مكالمة علاء مرسي مع موظف خدمة عملاء البنك أهم ما قدم في تاريخه.
أما محمد أنور هو الممثل الوحيد الذي يقنعني كضيف شرف في أي فيلم عنه كممثل، اتذكر مثلا مشهده في فيلم جحيم في الهند، وليلة هنا وسرور وعمهم، ولم يحرك ساكنا بداخلي في مسلسل إسعاف يونس من بطولته.
مخرج الفيلم أحمد عبد الوهاب في أول تجربة معروضة له كمخرج (أخرج فيلم مستر أكس لأحمد فهمي لكن لم يتم عرضه)، قدم نفسه كمخرج جيد، ويمكنه أن يكون إضافة للمخرجين في مصر.
أما وليد أبو المجد مؤلف الفيلم فيظهر في مشهد في الفيلم بلا حرق لمن لم يشاهد الفيلم، وهو ممثل جيد وكوميديان لديه قدرات لم تكتشف، وأتمنى لو ركز في التمثيل أكثر لأن بداخله كوميديان كبير كممثل، لكن الشخصية نفسها، لم يبرر صناعها سبب تواجدها في المكان وسبب انتقام “الفيلن” منها.
ربما أبرز ما لفت نظري في الفيلم هي علاقة مشمش “أوس أوس”، بحبيبته “ملك قورة”، وهي علاقة تثير الضحك فعلا، بسبب تصميمها بشكل جيد، ما عدا ذلك، ينضم الفيلم لقائمة الفرص المهدرة في السينما المصرية لإنتاج فيلم كوميدي يعيش، والأعمار بيد الله.
حفظ الله الوطن ونادي بلدية المحلة
بهاء حجازي
أقرأ أيضا
