تقاريرسلايد

مصطفى محمود.. قصة رجل ألحد على سجادة الصلاة

قصة حياة مصطفى محمود من المهد للحد

كتب – أحمد المرسي

إذا سألت أحدهم عن الدكتور مصطفى محمود. سيخبرك أنه واحد من أهم علماء مصر. رغم أن الكثير منهم لم يقرأوا له أي كتاب من الكتب. وقد يرجع ذلك إلى قصته ذاتها. أو برنامجه “العلم والإيمان”

طفولة حافلة

ولد مصطفى محمود في 20 ديسمبر 1921. من الأشراف. نسبه ينتهي إلى علي زين العابدين. من ميت خاقان في المنوفية. كان والده هو الزوج الثالث لأمه. وكانت أمه الزوجة الثالثة لوالده. وكان مولودًا تؤام مع أخ له. ولكنه توفي في صغره.

كان ضعيفًا. يسهل إصابته بالأمراض. لم يكن يشارك الأطفال في لعبهم أثناء الصغر. وقد دفعه ذلك إلى التأمل. تأثر بالبطولات العسكرية للإسكندر وخالد بن الوليد وحياة العلماء كإينشتاين وغيرهم.

جمعية الكفار

درس مصطفى محمود في الكتاب. ثم انتقل للمدرسة الابتدائية، وهناك سأل أسئلة تدور عن الله. فضربه الأستاذ. فترك مصطفى المدرسة وهرب. ولم يعد لها إلا بعد أن ترك المدرس المدرسة وتم نقله.

من هنا بدأت رحلة مصطفى مع الشك المنهجي. وقام بتأسيس جمعية الكفار. وكان يناوش بها بعمر 12 سنة. الشيخ محمود في المسجد الذي كان يصلي فيه. وقد اعترف فيما بعد أن تلك الجمعية ليست من بنات أفكاره ولكن من نتاج حركة قادها سلامة موسى وغيره من المفكرين. تعتمد على أفكار شارلي شيمل وداروين. وكانت أفكار الجمعية ضد الأديان بشكل عام. وذات مرة أمسكوه في المسجد وتعرض للضرب الشديد.

بدأ في تلك الفترة التعمق في دراسة الكيمياء والفيزياء والفلسفة. والتثقف في الأديان جميعها. وقام بعمل معمل صغير في قبو المنزل. وقام بالعديد من التجارب التي كادت تقتله. وقد كان أهله يريدون له العمل في مجال الحقوق. لكي يصبح باشا. ولكنه لم يكن يريد ذلك. ولكنه تمسك بحلمه بدخول كلية الطب بجامعة القاهرة. وكان هذا رغبة منه في البحث في أصل الأشياء. ودراسة جسم الإنسان.

قتل الشك

كان الشاب يخاف من المشرحة في البداية. ولكنه تغلب على خوفه من هذا. للدرجة التي لازم فيها المشرحة. حتى أنهم ذات يوم أغلقوا عليه الباب وغادروا. وظل ينادي حتى فتح له الحارس باب المشرحة. فصارت حكاية حكاية تندر. حتى سموه “المشرحجي”.

تخصص الطبيب بأمراض الصدرة. ومن حبه في الجثث. اشترى مصطفى محمود حثة بـ 50 قرشًا وأخذها للمنزل بغرض الدراسة. وعندما شاهدتها أمه في غرفته فقدت وعيها وعندما أفاقت رفضت وجودها. حتى أقنعها بأنه يجب أن يحتفظ بها لأجل أغراضه الدراسية. فقالت له أنه ستمتنع عن الدخول للغرفة وتنظيفها. حتى تخرج تلك الجثة منها.

حياة الصعلكة

في تلك المرحلة من مراحل حياته، تعلم محمود الموسيقى. وتعلم العزف على الناي. ومن خلاله عرف الأسطى عبد العزيز الكمنجاتي. والراقصة فتحية سوست. وهي فرقة لإحياء الأفراح والطهور. فلازمهم. وبدون مقابل مادي. لكي يجرب فقط لا غير.  وكان عبد العزيز الكمنجاتي يذهب له البيت. ويطلب الدكتور. الذي يعمل في وراء عالمة وهو طبيب.

بداية عمل محمود بالكتابة والأدب بدأت من المرحلة الثانوية. عندما أعلنت المدرسة عن أفضل قصة بالإنجليزية عن أكثر الأحلام رعبًا ففاز بالمسابقة. والحقيقة أنها لم تكن قصة من خياله. ولكن قصة حقيقية تعرض لها. حيث أنه قبل المسابقة بأسبوعين. تعرض لوعكة صحية شديدة. وعندما أحضروا طبيب من أجل يفحصه كان سمعه ضعيفًا فلم يسمع نبضات قلبه. فظن أنه مات. وعلى هذا جهزوا له الكفن. وقاموا بتغسيله ولفوه فيه. وقبل دقائق من دفنه. استطاع عن طريق الصراخ أن ينقذ نفسه ويخرج من ذلك الكفن. ومن ذلك اليوم تعاملت الأسرة معه باعتباره “ملبوس”!.

صار عالمنا يهوى العزف على العود. وترك الدراسة بالطب. وعمل صحفيًا بجريدة النداء. وعاش حياة الصعلكة. والسهر. حتى هاجمه التيفود. وعندما دخل مستشفى العباسية وتم حجزه. قرر العودة لدراسة الطب بعد ذلك. تعرف على كامل الشناوي الشاعر والصحفي الشهير. والذي جعله ينشر مقالاته في آخر ساعة. وعرف في ذلك الوقت يوسف إدريس.

الله والإنسان

بعد ثورة يوليو 1952. كان محمود مرحب بالتمرد. على الملك الفاسد. لأنه كان متمردًا بطبعه. وبسبب تلك المقالات. المتحررة وبعد فترة على عزل الملك غضب عليه الضباط الأحرار. وقد مارس الطب في مصجة ألماظة. وفي تلك الفترة قام بكتابة كتابه “الله والإنسان. وهو الكتاب الذي تسبب في ثورة كبيرة. وتسبب له في أزمة مع الأزهر الذي اعتبر الكتاب دعوة للكفر.

بناء على تقرير من الأزهر. تقدم مصطفى محمود إلى المحاكمة. وتم مصادرة الكتاب.

لم يقف الأمر عند ذلك بعد تلقي الجمهور للكتاب. وحالة الجدل التي صنعها ذلك الكتاب. فصدرت فتوى بتكفريه. وخرج بعض الشباب من الجماعات الإسلامية لاغتياله. ويعتبر هذا الكتاب أحد أسباب شهرته وانتظر الكثيرون كتاباته. ولكن أزمته صعدت لذروتها عندما كتب مقالين هاجم فيه هتلر وعبد الناصر. ووصفه فيه بدراكولا العصر الحديث. وتسبب ذلك في مصادرة أعداد روزاليوسف. وهو ما تسبب في استدعاءه من قبل إحسان عبد القدوس. رئيس تحرير المجلة وأخبره أن الأوامر جاءت من الرئاسة بأن يظل في منزله.

بدأ  يكتب في تلك الفترة كتابة عدة من الكتب انتقد فيها الاشتراكية والدكتاتورية، وكتب كتابه “الإسلام والماركسية”. وثلاثة مسرحيات كان بطلهم عبد الناصر هم “الإنسان والظل” و”الإسكندر الأكبر” و”الزلزال”. ولم يتم طبعهم إلا في عهد السادات.

استمرت تلك المرحلة حتى تم التوسط بين محمود وعبد الناصر عن طريق هيكل.

زيجات مصطفى محمود

النساء في حياة مصطفى محمود 5 نساء فقط. أمه وأخته وزوجته الأولى وابنته منها. وزوجته الثانية. وكانت الزوجة الأولى عن طريق الكتابة. حيث أبدت هي إعجابها بكتاباته. وبالفعل عندما رآها أعجب بها. وتزوجها. في عمر الـ 40. وكانت هي بعمر 25 عامًا.

كان مصطفى محمود في تلك الفترة قد جرب كل أنواع الخمور والمحرمات. وقال أن زوجته كانت تمنعه من ذلك. واستمر زواجه بسامية التي تصغره بـ 15 عامًا. التي أصبحت تشك فيه. وهو ما جعله يتركها ويسافر لاماكن عديدة بدونها.  اثمر زواجه عن أدهم وأمل وبسبب غيرة سامية عليه تم الطلاق. ولكن اعترف بعد ذلك مصطفى محمود أن سامية هي حب حياته الأول والأخير. ولكن غيرتها كانت لا تطاق. بعد ذلك تزوج مصطفى محمود من السيدة سعاد واستمر الزواج 4 سنوات. وانفصل عنها سنة 1984 بسبب عصبيته. ومنذ ذلك اليوم قرر اعتزال النساء. ولكن علاقته بسامية ظلت مستمرة. حتى خلال فترات مرضه. كانت هي من تداويه وتسهر على مرضه.

ومنذ طلاقه عاش في غرفة صغيرة فوق جمعية مصطفى محمود. ولم يكن يغادر ذلك المكان. وعندما عرض عليه السادات وزارة العدل. قال له أنه فشل في إدارة أسرته. فكيف ينجح في إدارة وزارة كاملة.

حوار مع صديقي الملحد

بعد علاقته الجيدة مع السادات. عرض  عليه الأخير إعادة نشر كتابه “الله والإنسان”. ولكن مصطفى محمود طلب منه نشر كتابه الأشهر “حوار مع صديقي الملحد”.

في عام 1976 قرر مصطفى محمود في انشاء مستوصف خير. مستوحى من المؤسسات الكنسية التي تقوم فيها بخدمة المجتمع.

كان مصطفى محمود أول من أطلق على مصر “دولة العلم والإيمان”. وهو ما أعجب السادات. فقرر وقتها أن يحول ذلك إلى برنامج. ولكن رفض مصطفى محمود بسبب خجله. فجاؤوا بالإعلامي عبد الرحمن علي. ولكنه رفض. فاضطر مصطفى محمود لتقديم أشهر برنامج علمي في العالم العربي. وقد وصلت عدد حلقاته إلى 400 حلقة.

وفاته

يقول أدهم أن نظام مبارك منع مقالات كثيرة لمصطفى محمود وأن برنامج العلم والإيمان تم إيقافه بسبب إسرائيل. التي لم تكن راضية عن ذلك. وعن ما لاقته حلقاته في إسرائيل نفسه. وكان ذلك تصريح من الإعلامي وائل الإبراشي.

في الساعة 7 والنصف صباحًا في 31 أكتوبر 2009. توفي مصطفى محمود. عن عمر يناهز 87 عامًا. وشيعت جنازته من مسجد بحي المهندسين. ولم يحضر الجنازة الرئيس مبارك. بما يناسب قيمة مصطفى محمود.

على الرغم من أن مصطفى محمود يعتبر أشهر من خاض رحلة الشك إلى الإيمان. وهي تلك الرحلة التي وثفها في كتاب له بنفس العنوان. إلا أنه كما قال عنه البعض كان رجلًا ألحد على سجادة الصلاة.

 

اقرأ أيضًا:

موت فان جوخ: كشف جريمة قتل بعد قرن ونصف

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!