تقاريرسلايد

“لموا الكراريس والدم”.. عندما قصفت إسرائيل مدرسة إبتدائية في الشرقية

في 8 أبريل سنة 1970، وقعت مذبحة مدرسة بحر البقر الابتدائية والتي مر عليها 53 سنة، لذا ربما لا يعرفها الكثير من الأجيال الجديدة.

ووجب التحذير أن التفاصيل صادمة.

في قرية بحر البقر، التابعة لمركز الحسينية في محافظة الشرقية، حملت المدرسة اسم القرية، مدرسة بحر البقر الابتداية، وقعت النكسة في يونيو سنة 1967، واجتاح جيش الاحتلال مصر، لتبدأ بعدها فورا حرب الاستنزاف بين الطرفين.

وكان صباح 8 أبريل سنة 1970 صباحا عاديا، الفلاحين في حقولهم، المدرسين في مدارسهم، والأطفال يظنونه يوما دراسيا عاديا، لكن فوجئ الأطفال بطائرات من طراز فانتون تابعة لجيش الاحتلال الاسرائيلي تقصف المدسة، مما أسفر عن استشهاد 30 طفلا في التو واللحظة، وإصابة 50 طفلا بإصابات بالغة وخطيرة، وأصيب مدرس و11 شخصاً من العاملين بالمدرسة وتدمير مبنى المدرسة كما يظهر في الصور.

أدانت مصر الحادث ووصفته بالوحشي، واتهمت اسرائيل انها شنت هجوم على منشأة مدنية، وردت إسرائيل بأن المدرسة عبارة عن قاعدة عسكرية مخفية، وقتها أدان العالم الواقعة، وأضطر نيكسون لوقف صفقة طائرات لإسرائيل بعد ضغط الشغب الأمريكي، وطلبت الولايات المتحدة الأمريكية من إسرائيل تقليل الغارات على مصر، ووقتها انتهت مصر من بناء حائط الصواريخ المصري في شهر يونيو سنة1970.. بعد شهرين من الواقعة.

كانت المدرسة عبارة عن دور واحد به ثلاثة فصول وغرفة المدير وعدد تلاميذها مائة وثلاثون طفلا (سنهم من 6 سنوات لـ 12 سنة).. ولحسن الحظ غاب في يوم المذبحة 44 طالب، حيث حضر 86 طالب فقط الدوام المدرسي وقتها.

تخيل شعور طفل 6 سنوات، ذهب للمدرسة ليتعلم حروف الهجاء، يجد فوق رأسه 5 طيارات فانتون يقصفون مدرسته لتصبح كوم من الركام فوق رأسه، خمس قنابل (تزن 1000 رطل) وصاروخين تم إلقائهم على المدرسة، ووقتها صرفت الحكومة 100 جنيه للشهيد و10 جنيه للمصاب، وعندما وصلت وزارة الداخلية، وجدت كراسات التلاميذ مفتوحة وعليها آثار دمائهم، ووجدوا كراسة لتلميذ كتب فيها “أنا أحب بلدي”، لكن دم الطفل غطى على كلمة بلدي، في رمزية واضحة أن الدماء غطت البلد بالفعل، لكنها تركت كلمة “الحب”.

جمعت الحكومة متعلقات الأطفال، وتم عمل متحف عبارة عن فصل بالمدرسة، كُتب عليه متحف شهداء بحر البقر.. وسنة 1973، تم نقل متعلقات الأطفال لمتحف الشرقية القومي، الموجود في قرية هرية رزنة في الزقازيق.

وقت الحادث، كان المصريون يستمعون للراديو، فقطعت الاذاعة المصرية الإرسال، مع صوت بيان عاجل، وقال مذيع الراديو:”أيها الأخوة المواطنون، جاءنا البيان التالي.. أقدم العدو في تمام الساعة التاسعة و20 دقيقة من صباح اليوم على جريمة جديدة تفوق حد التصور، عندما أغار بطائراته الفانتوم الأمريكية على مدرسة بحر البقر الإبتدائية المشتركة بمحافظة الشرقية وسقط الأطفال بين سن السادسة والثانية عشر تحت جحيم من النيران”.

الأقباط متحدون - في مثل هذا اليوم.. مجزرة تلاميذ مدرسة بحر البقر الابتدائية

وبعد إذاعة البيان، تخيل معي الهلع الذي أصاب الأهالي على أبنائهم في مدارسهم، وهل ضربت إسرائيل بحر البقر فقط، أم ضرب مدارس آخرى، لكي يخرج الناس للشوارع بحثا عن أطفالهم.

وقتها كان نيكسون هو رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، وأرسل أهالي الأطفال رسالة رمزية لنيكسون وزوجته بات نيكسون: “هل تقبلين أن تقتل طائرات الفانتوم أطفال أمريكا؟! أنتِ الأم لجولى وتريشيا (أبناء نيكسون) والجدة لأحفاد.. فهل نستطيع أن نذكر لكِ ما فعله زوجك مستر نيكسون؟”..

 مجزرة بحر البقر (3)

وكتب صلاح جاهين قصيدة غنتها شادية بلحن جنائزي تقول فيها
الدرس انتهى لموا الكراريس
بالدم اللى على ورقهم سال..
في قصر الأمم المتحدة
مسابقة لرسوم الأطفال..
إيه رأيك في البقع الحمرا
يا ضمير العالم يا عزيزى..
دى لطفلة مصرية سمرا
كانت من أشطر تلاميذي

وكتب الشاعر فؤاد حداد

محافظتي الشرقية ومدرستي
مدرستي بحر البقر لإبتدائية..
كراستي مكتوب عليها تاريخ اليوم
مكتوب على الكراس إسمي
سايل عليه عرقي و دمي
من الجراح اللي في جسمي.

أغنية يا بلادي من فيلم العمر لحظة بطولة ماجدة

 

رواية المصابين

وقال أحمد علي الدميري( 58 عاما) أحد المصابين في المذبحة الإسرائيلية لصحيفة الوطن المصرية: “قبل القصف بثواني سقط قلمي الرصاص على الأرض فانحنيت أسفل المقعد الدراسي وحدث القصف في هذه اللحظة.. أصيبت في القصف وتم نقلي إلى مستشفى الحسينية المركزي وأصبت بغيبوبة لمدة نحو شهر، وأصبت في الرأس والوجه وقام الرئيس الراحل محمد أنور السادات (نائب رئيس الجمهورية) بزيارة المصابين في مستشفى الحسينية المركزي وعدد من المسؤولين والفنانة الراحلة أم كلثوم ووفود عربية وأجنبية.

ويضيف: “بعدها تم اصطحابنا لنادي الجزيرة في القاهرة لقضاء فترة من الوقت للتخفيف عليهم، وتم تقسيم الأطفال لمجموعات لزيارة الدول الأوروبية للتخفيف عنا، فسافرت مع زميلي السيد جمعة وأمينة عبدالرحمن وليلى دنيال، إلى ألمانيا الشرقية بينما زار آخرون بلغاريا والاتحاد السوفيتي ثم عدنا جميعا بعد إعلان وفاة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر.

وفي حرب أكتوبر سنة 1973، اسقطت مصر طائرة إسرائيلية في بورسعيد، وكان الطيار الذي يقود الطائرة، هي الطيارة “آمي حاييم “.. واعترفت أنها شاركت في القصف على المدرسة.، واعترفت إن إسرائيل كانت تعلم إن الموقع مدرسة أطفال وليس موقع عسكري.

وبعد 43 سنة من الكارثة، في سنة 2013، رفع اهالي ضحايا الحادث دعوى قضائية يطالبوا اسرائيل بتعويض مادي ومعنوي على غرار التعويضات التي أخذتها إسرائيل على ضحايا الهولوكوست، وكما توقعت لم يحدث شيء في الدعوة.

 

أقرا أيضا

 القصة الأصلية لعمرو طلبة.. البطل الجقيقي لمسلسل العميل 1001

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!