تقاريرسلايد

في تابوت الشاه.. قصة السيف الذي صنع أزمة دبلوماسية

 

في سة 2018، عُثر بالقرب من طهران على رفات لشاه إيران الأسبق رضا بهلوي، والد الشاه المخلوع الراحل محمد رضا بهلوي، الموميا المكتشفة كانت محنطة، وحدث خلاب بشأن هويتها، وهل هي للشاه أم لا..

 

ووضعت صحيفة شرق الايرانية كاريكاتيرا لمومياء على صفحتها الأولى وأشارت إلى الروايات المتناقضة حول هوية الجثة، هذه ليست المرة الأولى التي يثار الجدل فيها حول “‫رضا شاه”، الذي حكم إيران من سنة 1925 وحتى نفيه خارج البلاد سنة 1941، وتولي ابنه وولي عهده محمد رضا بهلوي الحكم بعده.

 

مات رضا بهلوي في جوهانسبرج في جنوب إفريقيا في عام 1944، ورفضت القوى الاستعمارية التي كانت تحتل إيران، وهي بريطانيا والاتحاد السوفياتي، أن يدفن في إيران، فقدمت الأسرة المالكة في مصر  (أسرة الملك فاروق)آنذاك مقبرة الرفاعي مكانا لدفن صهرها الذي كان نجله الشاه محمد رضا متزوجا من ابنتهم فوزية‬.

كتاب طلاق إمبراطورة كريم ثابت دار الشروق Arabic Book Paperback Novel Empress  Divorce Karim Thabet DAR Al Shorouk: bonballoon: 0769897131043: Amazon.com:  Books

 

وبني وقتها ضريح للملك الراحل في مقبرة الرفاعي التي هي في الأصل مقبرة تابعة للأسرة المالكة، و‎‏في مايو 1950، لكن ربما سألت نفسك لماذا يقبل شاه إيران أن يدفن والده خارجها، الإجابة في كتاب إيران فوق البركان للأستاذ محمد حسنين هيكل، والذي يقول: “سأل الأب الابن: «هل تستطيع الاحتفاظ بالعرش؟.. لم يقل الابن شيئا، واستمر الأب فى كلامه: أنا لم أفشل فى الاحتفاظ بالعرش، لكن قوى أقوى مني أحكمت الحصار حولي، لقد احتفظت لك بالعرش، فهل تستطيع أن تحتفظ به؟.. لم يملك الابن إلا أن يومئ برأسه موافقا، واستمر الشاه رضا قائلا: انصت يا بنى، لا تقاوم، فنحن والعالم أجمع نواجه عاصفة أقوى منا جميعا، فاحن رأسك لها إلى أن تمر».. ثم أضاف: «انجب ابنا، انجب ابنا»، وخرج الأب إلى رحلة المنفى التى انتهت به فى جنوب أفريقيا ميتا، ربما ما فعله الابن هو تنفيذا لوصية والده: ” لا تقاوم”.

رضا بهلوي في جنوب افريقيا قبل وفاته

وبعد طلاق محمد رضا بهلوي والأميرة فوزية نقل رفات الملك الأسبق إلى إيران، حيث أرسل الملك بعثة ملكية لمصر للتفاوض على نقل رفاته مع مصر، وظل الموضوع متداولا لشهورا، ثم شيع في جنازة مهيبة في إيران ثم دفن وبني له ضريح، ولكن نقل الجثمان لم ينج من إثارة الجدل، إذ إن بعض متعلقات الشاه التي دفنت معه في مصر كانت مفقودة، تحديدا سيفه المرصع بالألماس.

أزمة السيف

وفقا لـ«هيكل»، فالشاه رضا بهلوي عندما خرج إلى منفاه، أخذ سيفا جميلا قديما مرصعا بالأحجار الكريمة، انتقاه من خزانة الإمبراطورية الإيرانية، وعندما مات وضعت أرملته هذا السيف بجانبه فى التابوت، ولما رفضت السلطات الإنجليزية والروسية التى تحتل البلاد طلبها بدفنه فى إيران جاء التابوت إلى مصر، ووضع مؤقتا فى مسجد الرفاعى، وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية أصبح من الممكن دفنه فى إيران.

 

انتقل التابوت إلى طهران، وعند فتحه لم يجدوا السيف.. كانت «تاج الملوك» متأكدة من وجود السيف داخل التابوت لأنها وضعته بنفسها، وخمنت أن التفسير الوحيد لاختفائه هو أن يكون فاروق قد سمع عن ذلك السيف، وأمر بفتح التابوت ورأه فأعجبه واستولى عليه.. ويقول هيكل عن ذلك: “كان تخمينا صحيحا”.

 

ووفقا لمقال ذات يوم للكاتب الصحفي سعيد الشحات، فأن فاروق سرق سيف شاه إيران، وينقل الشحات عن الكاتب أحمد بهاء الدين، القصة، قائلا: «أمر فاروق أن تقام لدفن الشاه جميع الشعائر التى تقام لدفن ملوك مصر.. وأرسلت إيران بعثة دبلوماسية كبيرة لحضور الجنازة والدفن، وجئ بجثة الشاه، وأمامها من يحمل سيف الميت، سيف من الذهب الخالص مرصع بالأحجار الكريمة، وانتهى الدفن، وتلفت أعضاء البعثة يريدون السيف ليحملوه إلى ولد الفقيد، فلم يجدوه، واضطر رجال الحاشية – وهم يعرفون – إلى أن يمثلوا دور أفراد العصابة، ويتساءلوا مع السائلين: أين السيف؟”.

الأميرة فوزية وشاه إيران.. زواج سياسي انتهى بأزمة دبلوماسية - بوابة الشروق  - نسخة الموبايل

ويضيف بهاء الدين: “اتجهت الأنظار إلى القصر، وتوجهت إليه البعثة بالسؤال..فجاء الرد: مولانا الملك احتفظ بالسيف فى حجرته الخاصة، وسينتهزون الفرصة لتذكير جلالته بالسيف وعرض الأمر على مسامعه الكريمة، وعادت البعثة إلى إيران، وثار الشاه لهذه السرقة الوضيعة التى امتدت إلى الأموات، وأصر على أن يسترد السيف، واتصلت المكاتبات حتى ضاق فاروق بالأمر، وقال: «قولوا له أننى لم أر السيف ولم أسمع به ولا أعرف عنه شيئا”.

حدثت الثورة وترك فاروق حكم مصر، وركب يخت المحروسة نحو إيطاليا، وتولى حكم مصر الضباط الأحرار، وزادت المطالبات باسترداد السيف، حتى تولي جمال عبد الناصر حكم مصر وعاد السيف لشاه إيران، الذي وضعه في تابوت والده، لكن عندما عُثر على رفات الشاه لم يجدوا السيف.

الغريب في علاقة مصر بإيران، إن مصر تقاربت جدا مع إيران في فترة الملك فاروق، ثم تنافرت في عهد فاروق، ثم حدث نوع من العلاقات المتوازنة قليلا في فترة عبد الناصر، وفي فترة حكم السادات حدثت متانة في العلاقات بسبب صداقة الشاه مع السادات، ومع قيام ثورة الخميني، لم يجد الشاه مكانا يلجأ له سوى مصر، فقبل السادات طلبه للجوء السياسي في مصر، الأمر الذي جعل إيران تقطع العلاقات مع مصر، وظلت العلاقات مقطوعة لأكثر من 40 عاما.

السادات وشاه إيران.. صداقة صنعها القدر.. الضابط أنور السادات فى عرض عسكرى  تحية لضيف الملك فاروق الذى تزوج الأميرة فوزية! - الأهرام اليومي

عاش الشاه هنا مع زوجته فرح بهلوي، ورحل في  27 يوليو 1980، وحضر السادات جنازته العسكرية، ثم رحل السادات نفسه في أكتوبر 1981.

معلومة × صورة.. قصة وفاة شاة إيران فى مصر وجنازته العسكرية عام 1980 - اليوم  السابع

فسمت إيران شارعا باسم خالد الاسلامبولي قاتل السادات، وسمته بالبطل، وضعت السلطات الإيرانية جدارية ضخمة جديدة في أحد شوارع العاصمة طهران تحمل صورة الإرهابى الإسلامبولى، فى عام 2001. ويظهر الإسلامبولي في الصورة خلف قضبان حديدية وهو يحمل نسخة من القرآن الكريم. وقد كتب في أعلى اللوحة: أنا قتلت فرعون مصر. وفى عام 2008 عرض تليفزيون إيران فيلما وثائقيا مسيئا لمصر عن حادثة اغتيال السادات أطلق عليه “اعدام فرعون”.

بالصور..إيران تستغل شوارعها لمكايدة خصومها السياسيين.. أطلقت اسم قاتل  السادات "الإسلامبولى" على أهم شوارع طهران.. والشيعى "النمر" على شارع  السفارة السعودية.. و"الخليج الفارسى" لأحد شوارع سفارات الخليج - اليوم السابع

وفى فبراير 2013 كان محمود أحمدي نجاد أول رئيس إيراني يزور مصر منذ 1979.

أما بالنسبة للابن الذي طلب رضا بهلوي من ابنه محمد أن ينجبه، فقد انجب محمد رضا بهلوي من الأميرة فوزية فؤاد طفلة واحدة وهي الأميرة شاهيناز بهلوي. (ولدت في 27 أكتوبر 1940)، ثم تزوج من ثريا اسفندياري وطلقها في 4 مارس 1958 بعد أن تبين عدم قدرتها على الإنجاب، وقبل الطلاق أرسل إليها من يقنعها ليتزوج بأخرى وأن تبقى على ذمته ولكنها رفضت، ثم تزوج للمرة الثالثة والأخيرة من فرح بهلوي.

وقد انجب من زوجته الثالثة ولي العهد رضا بهلوي الثاني (مولود في 31 أكتوبر 1960)، وغادر إيران في سن الـ17 من عمره للدراسة في الولايات المتحدة، وعاش بالمنفى في أمريكا بعدما أطاحت ثورة 1979 بوالده، وانجب منها أيضا الأميرة فرحناز بهلوي (مولود 12 مارس 1963)، وتلقت تعليمها في مصر ثم واصلت تعليمها في الولايات المتحدة، والابن الثالث هو الأمير علي رضا بهلوي (مولود 28 أبريل 1966 – ومات منتحرا في 4 يناير 2011) ثم الأميرة ليلى بهلوي (27 مارس 1970 – 10 يونيو 2001) ماتت منتحرة أيضا.

ويبقى السؤال: “أين السيف الآن”.

ألبوم صور

رفات الشاه مع صورة لجثته

 

رفات الشاه
الأميرة اشرف بهلوي تؤام محمد رضا بهلوي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!