في الشقة «103» شارع النزهة- الدور الثالث بجوار مدرسة الليسيه في منطقة مصر الجديدة، كان الفنان نظيم شعراوي يرقد مريضا لا يعرف أين هو ولا من هو ولا ما هو مرضه، فقد أصابه الزهايمر بعد مرض ضمور المخ، ليعيش فترة هي الأصعب علر زوجته وأبنائه وليد هشام.
في عيد ميلاده الأخير، جلست زوجته السيدة مديحة بجواره تبكي ، وقالت له: “أشكرك على حياتي الجميلة معك، ويكفي أنك لم تغضبني يوما ما، لذلك فأنا اعتبر يوم 15 يوليو من العام 1957 (تاريخ الزواج) هو أسعد أيام حياتي.
****
في 10 أكتوبر سنة 1922 (ينتشر على الإنترنت إن عيد ميلاده 7 يناير 1921 وهو تاريخ خاطئ)، ولد الفنان الكبير نظبم شعراوي، وهو واحد من عمالقة التمثيل في مصر،تميز بصوته الرصين، ورغم قلة ظهوره على الشاشة، إلا أنه يستطيع ترك بصمة في كل الأدوار التي قدمها، ومنها دور القاضي في مسرحية “شاهد مشافش حاجة”، ودور المحامي الكبير في فيلم”طيور الظلام”، وجملته الشهيرة “اشتغل يا حبيبي اشتغل”.
التحق نظيم شعراوي بالدراسة بمعهد خاص أسسه الريجيسير قاسم وجدي، وقاسم وجدي هو أشهر ريجسير في تاريخ السينما المصرية، ومهنة الريجسير كان صاحبها يقوم بإبلاغ الفنان مواعيد التصوير، كما يتولي اختيار الكومبارس للظهور في الأعمال الفنية، كما درس نظيم شعراوي في المعهد العالي للفنون المسرحية، ثم عمل فور تخرجه في مسرح رمسيس مع الفنان الكبير يوسف وهبي، في نهاية الأربعينيات، لينضم بعدها إلى المسرح القومي، وشارك في العديد من المسرحيات منها (مدرسة المشاغبين، شاهد ماشفش حاجة، ودور رشدي الحناوي في مسرحية الفلوس حبيبتي، ودور الدكتور الأباصيري والد بهجت الأباصيري في مسرحية “مدرسة المشاغبين”، واستيفانوف، أحد الثائرين على راسبوتين في مسرحية راسبوتين، ودور الخديوي في مسرحية سيدتي الجميلة، ومدكور صاحب الفندق في مسرحية “هاللو شلبي”.
واشتهر الفنان نظيم شعراوي في أعماله الفنية بأدوار مثل القاضي والضابط والوزير، حيث ساعدته ملامحه وبنيانه الجسماني على اتقان هذه الأدوار.
وفي السينما قدم دور طيار في فيلم فتاة من فلسطين عام 1948 كأوا إطلالة له على شاشة السينما، ثم شارك في عشرات الأعمال من أبرزها ( محروس بتاع الوزير، النوم فى العسل، الدموع الساخنة، طيور الظلام)، كذلك له العديد من الأعمال التلفزيونية منها (الأيام، سبع صنايع، إنها مجنونة مجنونة، والبحث عن السعادة)، وكان آخر أعماله دور قدري المنشاوي في مسلسل الرجل الآخر في سنة 1999، وظهر فيه وهو قعيد بسبب إصابته بالشلل، وربما ظن البعض أن جلوسه على كرسي متحرك في هذا الدور لم يكن لضرورة درامية فقط، وإنما لمرضه الفعلي وعجزه عن الحركة في الحقيقة.
وبعد المسلسل غاب 11 سنة، بدون عمل وكان يعاني من مرض الزهايمر والشلل، ووافته المنية في عام 2010 إثر معاناة مع مرض الزهايمر وعدد من أمراض الشيخوخة عن عمر ناهز 89 سنة، وقال الدكتور أشرف زكي نقيب المهن التمثيلة إن الفنان الكبير نظيم شعراوي رحل بضمور في المخ بعد صراع طويل مع المرض.
حيث عانى الفنان نظيم شعراوي من عدد كبير من الأمراض في أواخر حياته، حيث أصيب بالشلل وفقدان الذاكرة “الزهايمر”، بالإضافة إلى عدم قدرته على الكلام او حتى الإشارة، وقد رحل الفنان الكبير في 3 يونيو 2010.
وحكى الكاتب مؤمن المحمدي في كتابه ملح السينما، والذي حكي فيه عن عدد من الفنانين منهم نظيم شعراوي، أن نور الشريف عرف بمرض نظيم فصمم ع إسناد دور له في مسلسل الرجل الاخر كمساعدة له، ولم يعمل نظيم بعدها، وقبل هذا المسلسل قدم نفس الدور تقريبا مع عادل إمام في فيلم الواد محروس بتاع الوزير.
وكان عدد قليل من الفنانين يقومون بزيارته على رأسهم تامر حسنى ودلال عبد العزيز وروجينا وأشرف زكي، وفقا لرواية زوجته لليوم السابع.
وقالت زوجته في حوار للمصري اليوم إن الفنان الكبير كان يعاني من حالة نفسية سيئة، نتيجة لشعوره بالوحدة، عندما كان يسترد ذاكرته، لعدم سؤال أي من الفنانين عليه أو زيارة أي منهم له، موضحة: “منذ مرضه لم يهتم به أحد من وزارة الصحة، ولم يفكر أحد فى علاجه على نفقة الدولة أو تسفيره للعلاج خارج مصر، ولم أطالب بذلك لأننى لن أتسول الاهتمام من أحد”.
زفي حوار لها مع صحيفة الراي الكويتية، قالت مديحة شعراوي زوجة الفنان الراحل: “كانت حالته النفسية سيئة للغاية، فأحيانا يسترجع ذكريات الماضي وأجده يقول كلهم أولادي فأين هم الآن؟ ويقصد من ذلك حاجته لسؤال الفنانين عليه”.
عمل نظيم شعراوي كثيرا مع الفنان عادل إمام، خاصة في دور القاضي في شاهد مشافش حاجة، والأب في مدرسة المشاغبين، ودور المحامي في طيور الظلام، وتوقع البعض أن يسأل عنه عادل إمام في رحلة مرضه الطويلة، لكن زوجته تقول: “للأسف لم يزره عادل إمام، وهذا شيء مؤسف، من فنان كبير بحجم الزعيم عادل إمام، عدم السؤال من جانب الفنانين، مسألة طبيعية لأن الوسط الفني غلب عليه الجحود ونكران الجميل وتجاهل الزمالة”.
الغريب إن عادل إمام غاب عن عزاء الفنان نظيم شعراوي، الأمر الذي فتح باب التساؤل عن تجاهل الفنان عادل إمام للفنان الراحل الذي جمعتهما صداقة ومشوار فني ممتد.
كان أكثر المترددين على الفنان نظيم شعراوي، هو الفنان القدير محمد الدفراوي، والذي يعتبر الصديق المقرب لشعراوي وهو دائم السؤال عليه (رحل سنة 2011)، لكن أكثر ما فاجئ زوجته هي زيارة من الفنان تامر حسني الذي كان في بداية مشواره الفني، حيث اتصل تليفونيا في البداية، ثم ذهب في زيارات متعددة للمنزل، وقال له: “أنا زي ابنك وموجود في أي وقت، على الرغم من عدم وجود أي سابق معرفة بين الثنائي”.
تواصلت أسرة برنامج البيت بيتك مع الفنان نظيم شعراوي للاطمئنان عليه، وفي منتصف المكالمة، لم يعرف نظيم شعراوي مع من يتصل ولا مع من يتحدث، وكان يتحدث وكأنه لا يعرف من هو بالأساس، فأغلقت زوجته الهاتف منهية المكالمة حتى لا يقل نظيم شعراوي ما لا يحمد عقباه على الهواء، في مكالمة أجراها الإعلامي محمود سعد لكي يطمئن على حالة الفنان الكبير، لكنها أقلقت جمهوره أكثر.
حفيدته فنانة
وحفيدة الفنان الكبير نظيم شعراوي الطفلة حنين ياسر شعراوي وهي الطفلة التي شاركت في مسلسل “واكلينها والعة”، بطولة شريف رمزي، وقامت بدور ابنة الفنانة مي سليم، كما شاركت من قبل في “حالة عشق، وبنات خارقات”.
