تقاريرسلايد

لودجر سيلباريس: الرجل الذي نجا من نهاية العالم

عن طريق سلوكه السيء

كتب – أحمد المرسي

إن الكوارث الطبيعية هي واحدة من الأشياء المرعبة التي لديها قوة تدميرية هائلة، فبسهولة يتم القضاء علينا، لمجرد أنها أرادت أن تهز كتفيها، ولكن لودجر سيلباريس تغلب على ذلك.

لقد أزهقت الكوارث الطبيعية عبر التاريخ العديد من الأرواح البشرية، ولكن يبدو أن هناك دائمًا قصص أمل مخبأة وسط الحطام. حتى في أسوأ الكوارث، حيث تبرك قصص النجاة والمعجزات.

وتعتبر الانفجارات البركانية مثالًا واضحًا وخطيرًا على تلك الكوارث الطبيعية، وواحدة من أشهر تلك الثورات البركانية المدمرة هي ثورة بركان  جبل بيل في 8 مايو 1902. حيث قضى البركان على بلدة “سان بيير” بأكملها، في المارتينيك، في منطقة البحر الكاريبي.

وخلف البركان 30 ألف قتيل، ولكن ورغم هذا الكم الهائل من القتلى فقد استطاع رجل واحد يدعى لودجر سيلباريس أن ينجو بعمره بسبب الصدفة المحضة.

ليلة انفجار البركان 

كان لودجر سيلباريس، قد قضى مساء يوم 7 مايو 1902، يشرب الخمر بكثرة وهو ما تسبب في حالة من الثمالة، وتم القبض عليه بسبب سلوكه المخمور غير اللائق.

وكعقاب له، تم احتجاز الرجل في زنزانة تشبه الكهف، سيئة التهوية والإضاءة، ولكن هذا رغم كونه مصير مخيف إلا أنه كان ضربة الحظ التي أنقذته من الموت المحقق.

علامات الثوران من جبل بيليه

من المؤكد أنه لو كان هناك بركان سيثور، فعلماء البراكين المعاصرين سيشاهدون ذلك، وسيقومون بإخلاء المنطقة، ولكن في عام 1902 لم يكن هناك تلك الخبرة، ولم يتم بذل أي محاولة لتحذير السكان المحليين.

وكان البركان قد بدأ بالفعل إظهار علامات النشاط لمدة أسبوع قبل الإنفجار الفعلي، وكان هناك رماد في الهواء، وانتقل الناس من سفوح جبل بيلي إلى المكان الذين ظنوه أكثر أمانًا وهو قلب مدينة سان بيير. ولكن هذا لم يفيد أبدًا، فقد كان حجم الثوران ضخمًا بشكل لا يمكن التنبؤ به، وحتى سانت بيير لم يكن لديها أي فرصة للنجاة في موجهة الحمم الحارقة.

وفقًا للعديد من المصادر، عندما بدأ الانفجار الفعلي، غطى الرماد والدخان من القمة البركانية السماء لمسافة 80 كم. وكانت سان بيير تحت هذه السحابة، ولكن بحلول الوقت الذي أدرك فيه السكان ذلك كان الأوان قد فات. وانبعثت الحمم والغازات بسرعة 670 كم / ساعة، محى المدينة، وقتل الجحيم أي شخص اقترب منه في ثوان، ووصل هذا الخليط القاتل إلى 1000درجة مئوية، ولم يكن لدى سكان المدينة أي فرصة وتم حرقهم أحياء وخنقهم بالأبخرة.

لم ينج من ذلك اليوم الرهيب سوى عدد قليل من سكان سان بيير، وكان لودجر سيلبيريس واحدًا منهم. تبدو قصة بقائه على قيد الحياة مذهلة بقدر ما هي حقيقية.

كيف نجا سيلباريس؟

وكان لويز أوغست، أو لودجر كما أصبح معروفا بعد الحادثة، رجلا يبلغ من العمر 27 عاما في ذلك الوقت. كان لديه سجل لدى الشرطة باعتباره مجرمًا يفتعل العديد من المشاكل بسبب الشرب، ومن العدل أأن نقول إن الشرطة لم تتفاجأ بالعثور عليه في زنازينهم مرة أخرى في ذلك اليوم.

مما لا شك فيه أن الشرطة سئمت من سلوكياته التخريبية المستمرة، فألقته في زنزانة تشبه الكهف حتى لا يتمكن من خلق المزيد من الإزعاج في المدينة. ولكنهم دون قصد أنقذوا حياته.

وكانت الزنزانة مبنية تحت الأرض، بلا نوافذ، ومساحة داخلية صغيرة جداً: مثالية للحبس الانفرادي. لم يكن هناك سوى شق ضيق في الباب لا يواجه الخارج بل ينفتح باتجاه البحر. وكانت تلك الزنزانة وكأنها بنيت لتجريد أي إنسان من إنسانيته، ولكنها دون دراية منهم وفرت الحماية الممتازة ضد الانفجارات البركانية.

على الرغم من أن زنزانة لودجر كانت محمية بشكل جيد من الرماد والحرارة بسبب كونها مبنية نصفها تحت الأرض، إلا أنه لم يهرب تمامًا. لقد خرج من الزنزانة حياً ولكنه خرج بعد أربعة أيام بحروق فظيعة، عندما عثر عليه فريق الانقاذ.

حظ لودجر

ارتفعت الحرارة داخل الزنزانة إلى ألف درجة في غمضة عين، ولم يكن لودجر يعلم أن البركان قد ثار، لكنه رأى لمحة من الضوء الساطع والرماد الساخن جدًا يدخل إلى الزنزانة الصغيرة. فقام بتلويث ملابسه بلبول من أجل تخفيف الحرارة.

تم معالجة لودجر وإنقاذه من الحروق وعاد بصحة جيدة، ولم يتوقف حظه عند هذا الحد ولكن تم العفو عنه وإطلاق سراحه بعد ذلك.

علاوة على ذلك، فإن تجربته المروعة في بلدة سان بيير جعلته مشهورًا. وتم تعيينه من قبل سيرك “بارنوم وبيلي” الشهير للسفر معهم ورواية هروبه المروع والمعجزة من نهاية العالم.

تم تسليط الضوء على اسم لودجر لأنه ادعى أنه الناجي الوحيد من ذلك اليوم المروع في المارتينيك. لكن الحقيقة هي أن هناك ناجين آخرين من الحادث فروا من المكان في الوقت المناسب.

على سبيل المثال، نجا بعض البحارة من الثوران بالإبحار بعيدًا عن سان بيير قبل أن تصل العاصفة البركانية إلى ذروتها. ومن ناحية أخرى، فر العديد من الأشخاص مصابين بجروح وحروق في أجسادهم. وتوفي معظم هؤلاء الناجين بعد فترة وجيزة متأثرين بحروقهم وإصاباتهم.

 

أقرأ أيضًا: 

“أنت حلو في كل وقت”.. رحلة روان من عروس بلقاس لقتيلة المحلة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!