عمرها الفني القصير، تأثيرها ممتد، مشاهدها رغم صغرها إلا أنها طويلة الأمد، ونهاية مأساوية، هذه باختصار قصة حياة حنان الطويل، الست كوريا، بطلة عسكر في المعسكر.
بحسب المتداول عنها عبر مواقع الإنترنت، ولدت حنان في سنورس بالفيوم، في 12 فبراير 1966، باسم طارق، وتم تسجيلها كولد، لكن ما لم يلاحظها الأهل وقتها إن ابنتهم كانت فتاة، وتحتاج لعملية لكي تنعم بحياة الأنثى، لكنهم صمموا على أنها ولد، ورفضوا مناقشة الفكرة من الأساس.
كبر طارق وهو يصارع الانثى التي بداخله لكي يقمعها، لكن رغبتها في الحياة كانت أكبر من القمع، لذا عندما كبرت قررت عمل عملية تصحيح جنسي، الأمر الذي أدخلها في حرب مع أهلها، بين محاربة لها تارة، ومقاطعة لها تارة أخرى.
وأطلقت على نفسها اسم حنان الطويل، وبدأت حياتها الفنية ضمن فرقة فنون استعراضية، وأظهرت مواهب كبيرة في التمثيل والرقص، وأضافت إليهما الغناء لتنجح اختباراتها أمام لجان الاستماع وتصبح عضوا في نقابة المهن الموسيقية، وكانت حنان الطويل تحلم بالعمل في المسرح الاستعراضي، وترددت الأقاويل عن تبني شريف عرفة لموهبتها كفنانة إستعراضية، وكانت متأثرة بالمسرح الاستعراضي خاصة بعد مشاهدة “مولد يا دنيا” بطولة ليلى علوي ، وأميرة حبي أنا بطولة سعاد حسني، وكانت تري إنها يمكنها عمل أدوار استعراضية كسعاد حسني.
وعرفها الجمهور لأول مرة في دور صغير لم يتجاوز المشهد الواحد في فيلم (عبود على الحدود) مع الفنان الراحل علاء ولي الدين من إخراج شريف عرفة، وظهرت كزبونة بمحل الكوافير الذي يمتلكه والد كريم عبد العزيز.
بعدها شاركت حنان في بطولة مسرحية حكيم عيون مع علاء ولي الدين وأحمد حلمي، ثم قدمت حنان بعد ذلك أدوار صغيرة في السينما، لكنها كانت كفيلة بأن تجعل الجميع يتذكرها، مثل دور ميس انشراح في فيلم (الناظر) وهو أكثر أدوارها شهرة بسبب مساحة الدور، ولعبت بعد ذلك دور موظفة الشهر العقاري العصبية في (عايز حقي) وجملتها الشهيرة: “هو البانجو اشتغل هنا كمان”، وكذلك دورها الشهير في فيلم 55 أسعاف، الذي لم يُكتب له النجاح جماهيريا.
ثم قدمت حنان الدور الأشهر في مسيرتها، والمحزن إنه الدور الأخير أيضا،دور، مدام كوريا في (عسكر في المعسكر) والتي تغني وترقص فيه، وقدمت دويتو رائع مع صلاح عبد الله.
وتوفيت حنان الطويل في عام 1 ديسمبر 2004 عن عمر يناهز 38 عاماً، وهنا تبدأ الدراما الحقيقية في حياتها، فلا يعلم أحد على وجه الدقة كيف رحلت الفنانة حنان الطويل، فدعنا ننقل كل هذه الروايات.
بعد عملية التصحيح يصاب المرء بالاكتئاب نتيجة الأدوية التي يحصل عليها، لذا عانت كوريا من الاكتئاب والوحدة بحكم هجران أهلها لها، وكذلك الألم الناتج عن نظرة المجتمع لها، حيث أن الأطفال كانوا يضربونها بالحجارة، فور أن يعرفوا بقصة تحولها.
الموت صعقا بالكهرباء
من أشهر الروايات تداولا حول وفاة حنان الطويل، إنها ماتت أثناء جلسة كهرباء بمستشفى الأمراض العصبية والعقلية التي دخلتها بسبب الضغط النفسي الذي مرت به.
– الانتحار
أيضا واحدة من الروايات المتداولة، هي انتحار حنان الطويل نتيجة معاناتها من الاكتئاب الحاد، إثر مضايقات الجيران لها، الأمر الذي وصل لطلبهم مستشفى الأمراض العقلية لها.
ومعنا شهادة من الفنانة لقاء الخميسي التي شاركت معها في فيلم “عسكر في المعسكر”، تقول لقاء في حوار تلفزيوني عن المضايقات التي كانت تتعرض لها حنان الطويل: “أنا معنديش تفاصيل عن موضوع التحول، لكن اعتقد انه اه وانا كنت بحبها جدا وكانت طيبه وبتجبلي هدايا وكانت عايزة حد يطبطب عليها وكويس انك سألتني لانه انا عايزه اقول انه لازم نقبل الناس زي ماهما لانه اختياراتهم دي قصتهم مع ربنا اما احنا قصتنا في الدنيا اننا نقبل بعض زي ما احنا.. فهي انتحرت لانها اكتشفت انه الناس مش قبلاها و انا كنت بشوف في التصوير حاجات كتير كانت بتضايقها”.
وأضافت لقاء الخميسي: “وأذكر إن كان فيه مرة كانت عايزة ملابس فراحت تجيبها من الناس المسئولة عنها، فكان فيه راجل لوحده في الأوضة فهي دخلت، فهو تصور إنها داخله تتحرش بيه وده مكانش حقيقي، فطلع برا وصرخ، فهي انهارت وقعدت تعيط وتقول ليه الناس شيفاني كده؟ انا كنت بحبها بصراحه هي كانت طيبه قوي الله يرحمها”.
أقرأ أيضا: نهاية بائسة للمليونير الخفي .. حكاية علي الكسار
وبعد الوفاة، تواصل الدكتور أشرف زكي نقيب المهن التمثيلية بأهلها لكى يستلموا الجثمان، لكنهم رفضوا استلامها، وهي الحقيقة المؤكدة في ذلك الأمر، ويرفض النقيب أشرف زكي الحديث عن هذا الأمر.
في الحوار الوحيد مع حنان الطويل لصحيفة الرياض السعودية، قالت: ” كنت دائما أشعر أنني غريبة عن عالم الرجال وعندما كان يراني الناس يشعرون نحوي بالشفقة لأني حسب المظهر رجل، لكن تسيطر عليّ سلوكيات أنثوية سواء في أسلوب الحديث أو حركاتي أثناء المحادثة لدرجة أنني كنت أربي شعري مثل الفتيات وأميل إلى استعمال أدوات «المكياج» مثلهن، ما جعل الناس في حيرة من أمري”.
منى هلا تحيي ذكراها
أحيت الفنانة منى هلا، ذكرى حنان الطويل، وكتبت: “النهاردة عيد ميلاد الممثلة الجميلة حنان الطويل .. خلونا نفتكرها و نفتكر إن اللى قتلها الجهل و الكره و التخلف… حنان أول ممثلة تخضع لعملية تحول جنسى أو تصحيح الجنس من ذكر لأنثى و ناس كتير بتقول إنها انتحرت عشان كانوا بيتريقوا عليها بس محدش أكد المعلومة، وسواء ماتت موتة عادية من الحزن و الإكتئاب أو أنتحرت فهى أكيد ماتت بسبب كراهية و غباء و جهل و تطرف الناس اللى حواليها، ألأف رحمة ونور يا حنان وأكيد انتي في مكان أحسن من مستنقع البشرية اللي احنا فيه”.
قصتها في فيلم سينمائي
المؤلف أحمد عبد الله الذي عملت حنان الطويل معه في أفلام 55 أسعاف وعبود على الحدود والناظر، تأثر بقصتها وكتبها في فيلم المحكمة، وقال إنه استوحى إحدى قصص الفيلم من تأثره بحياة الممثلة “حنان الطويل” التي كانت ولداً ثم تحول إلى فتاة، وعانت من ظروف صعبة بعد ذلك قادتها إلى الانتحار.
